أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رشيد الحيريش - فن الوجود














المزيد.....

فن الوجود


رشيد الحيريش

الحوار المتمدن-العدد: 6223 - 2019 / 5 / 8 - 10:09
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


: الى نضال الرهان الذي لا يخيب، الوطن الخافق في الفؤاد والساكن تحث المداد
إن إحدى عوائق فن الوجود ، هو الانخراط المباشر في الحديث التافه ، اذ تعني التفاهة حرفيا "المكان العام" وهي بالخصوص تشير الى ضحالة وسخافة ونقص القدرة ، أو الخصائص الاخلاقية ، أو بعبارة أخرى نقص في سيكولوجية العمق ـ والبحث عن الوجود الاصيل بتعير هيدكر ـ كما يمكن للفرد تعريف كلمة "تافه" بأنه اسلوب يهتم بالظاهر وليس الجوهر ، كما يمكن أن نضيف الى ما سبق أن التفاهة تنبع من اللا حياة ، اللا استجابة لكوامن الاسئلة الانطولوجية أو اي شيء لا يهتم بوضعية الانسان الضرورية وهي الولادة الكاملة °اريك فروم°
لقد عبر الراهب بوذا عن هذا الامر بقوله" لن اتورط بهذا الحديث التافه انه مبتذل دنيوي وليس مفيدا ، كما ان هذا لن يوصلني الى الحياد الكامل ، والموضوعية والسكون ، والطمأنينة ـ والمعرفة المباشرة والتنور والنيرفانا لن انخرط في حديث عن أشياء سخيفة مثل الثرثرة عما يفعله الملوك واللصوص والوزراء والمجاعات والحروب، حول الاكل والشرب والملبس والمسكن وحول التتويج والعطور والاقارب ، والسيارات والعري والمدن وحول النساء والخمر والثرثرة في الطرقات والكلام الحسن عن الاصدقاء وحول مختلف التفاهات والحكايات عن اصول العالم ،والحديث عن أشياء وقعت بهذا الشكل او ذاك "
لكن باستطراد لما سبق لبوذا يبقى الكلام في بعده النفسي والاجتماعي يساعد على تحمل الحياة القاسية ، وعلى تصفية الذهن ، بالحديث عن التواضع والقناعة والوحدة والعزلة ، وممارسات الطاقة والفضيلة والتركيز والحكمة والخلاص. هو كلام عن المعرفة والرؤية الموجودة في الخلاص .ان الاسئلة التي تعيد بناء معرفتنا بالوجود لهي افضل من الاجوبة المتوافرة لدى العامة اذ لكل شخص جواب نابع من تجربته ومن رؤيته الخاصة لاسئلة دائمة الطرح ، لكن القدرة على الوصول لاجوبة جوهرية هو ما ينقصنا
يميل المرء الى الاعتقاد بان معظم الناس يحتاجون الى الحروب والجرائم والفضائح ، وحتى الامراض ليجدوا مادة لاحاديثهم ، وبالتالي يتمكنوا من الحصول على ما يدفعهم الى التواصل ، وقد يكون الحديث الاكثر تفاهة هو حديث الشخص عن نفسه النابع من نرجسيته الساذجة ، حيث يدور هذا الحديث الابدي عن الصحة والمرض والسفر والمغامرات العاطفية ...بالاضافة الى مليون تفصيل من التفاصيل اليومية التي يعتقد انها هامة ـوبما ان المرء لا يمكنه الحديث عن نفسه طيلة الوقت دون ان يصبح مزعجا , فان عليه ان يتبادل الافضلية مع المستمع ـ وذلك باعلان جاهزيته للاستماع الى احاديث الاخرين عن انفسهم ، ان اللقاءات الاجتماعية الخاصة بين الافراد عبارة عن اسواق صغيرة يتبادل فيها المرء حاجته الذاتية الى الحديث عن شخصيته مع رغبة الاخر في الاستماع الى حاجات الاخرين اللذين يبحثون عن فرصة مشابهة ، ويحترم معظم الناس حالة التبادل هذه ، أما من لا يفعل .. ويريد ان يتحدث عن نفسه أكثر مما هو جاهز للاستماع الى الاخرين فهو "غشاش" وعليه ان يختار شراكة مع من هو اقل مرتبة منه ليتحمله
يصعب على المرء تقدير حاجة الناس الى الكلام عن انفسهم والى ان يجدوا من يستمع اليهم. وان كانت حسب اريك فروم هذه الحاجة موجودة فقط لدى النرجيسيين اللذين لا يشعرون بالكمال الا داخل انفسهم. فمن السهل فهمها لكن هذه الحاجة موجودة لدى الشخص العادي وذلك لاسباب مختلفة ومتاصلة في ثقافتنا ، فعصرنا الحاضر عصر الجماهير ، اي اجتماعي بجدارة بمواضيع التفاهة ، وقد عبر عن هذا الشكل دايفيد ريزمان بشكل واضح في كتابه "الحشد المتوحد" لقد اضحى الانسان المعاصر اكثر بعدا عن الوجود الاصيل وهو بذلك يجد عوائق شائكة ، فهو ينتابه الخوف من كل جانب ، الخوف من التواصل عن قرب مع الاخر ، وايضا خائف بالقدر نفسه من الوحدة ، وعدم وجود احد يتواصل معه ، وهنا يظهر بجلاء وظيفة التواصل التافه ، في الاجابة عن السؤال التالي كيف يمكن أن ابقى وحدي دون ان اكون وحيدا؟
اصبحنا الان نتحدث عن ادمان الكلام ،اذ اصح الكلام تعبيرا عن نقص في فهم الوجود ، وأصح دالا على الكينونة بمنطق الكوجيطو الديكارتي "أنا اتكلم اذن انا موجود " انا اتكلم اذن انا لست نكرة فقط يبقى البحث الى من يستمع الي ، فان حاولت فقط الحديث مع نفسي فسافقد عقلي ، ان وجود الاخر كمستمع يولد وهم الحوار بينما في حقيقة الامر ، ما هي الا مونولوجيا لا اكثر ،
وفي خضم هذه الاشكالات يبقى السؤال المطروح لماذا يهتم الاخرون الى تفسير لتصرفاتنا ، ان حاجة الاخرين الى فهم تصرفاتنا ينقص من حرياتنا ، هذا الشغف الفضولي لفهم كوامننا يعيق فن الوجود ، وبالتالي لا داعي لاي تفسير ولو ادى بنا ذلك الى وضعنا في موقع " الغير الاجتماعيين " او " الغير العاقلين" فنحن لسنا ملزمين لتوضيحات عن انفسنا او محاسبتنا امام احد ، مادامت افعالنا لا تؤديهم ، كم دمرت ارواح بسبب هذه الحاجة الى التفسير والتي يتوخى منها الفهم للاخرين / دعهم يحكمون ، فالانسان الحر عليه فقط ان يقدم تفسيرات لنفسه اي لعقله وضميره. انه نضال من اجل فن الوجود وتجنب التفاهة



#رشيد_الحيريش (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبقرية الجنون نيتشه
- أسطورة الإطار


المزيد.....




- مفاجأة غير متوقعة.. العثور على ضعف ما أبُلغ عنه من عدد حيوان ...
- جان نويل بارو يزور كييف بعد وابل من القصف الروسي
- سرعتها تفوق 700 كيلومتر في الساعة..كييف تعثر على حُطام المُس ...
- إيران تكشف عن موعد ومكان محادثاتها مع -الترويكا- الأوروبية.. ...
- ترقب بشأن تطور هجوم برشلونة بعد التحاق النجم الانجليزي راشفو ...
- استئناف المحادثات النووية بين إيران والقوى الأوروبية في إسطن ...
- عشائر بدو سوريا.. جذور عميقة في التاريخ وامتداد في الجغرافيا ...
- السجن ثلاث سنوات لطالب في كوت ديفوار بتهمة الإساءة للرئيس
- المحتوى المضلل يجد طريقه إلى -شات جي بي تي- بفضل المحتالين
- ما المواد -المتطرفة- التي أقرت روسيا تغريم الباحثين عنها؟


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رشيد الحيريش - فن الوجود