أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ندى أسامة ملكاني - ابن المقفع














المزيد.....

ابن المقفع


ندى أسامة ملكاني

الحوار المتمدن-العدد: 6217 - 2019 / 5 / 1 - 06:29
المحور: الادب والفن
    


الآداب السلطانية هو نمط من الكتابة السياسية شاع في العصر العباسي الأول، تدور حول العلاقة بين الحاكم والمحكوم منقولة بمعظمها عن السلطانيات الفارسية. وقد دشن هذه الإيديولوجيا السلطانية حسب تعبير محمد عابد الجابري ابن المقفع الذي عاصر أواخر العهد الأموي وعهد فتوة الدولة العباسية. أي أنه عاصر تحوّل دولة الخلافة إلى دولة الملك السياسي. وقد شهد المجتمع العربي الإسلامي في هذه الفترة اصطفافات اجتماعية جديدة، اتخذت طابعاً هرمياً: السلطان في القمة، الخاصة في الوسط، والعامة في القاعدة وفقا لمبدأ "إنزال الناس منازلهم". ويأتي الأدب السلطاني ليُكوّن الخطاب الإيديولوجي الذي يقوم بهمة تكريس هذا البناء الهرمي.
إن معظم الآداب السلطانية في الفكر العربي خلال العصر العباسي منقولة عن الثقافة الفارسية وذلك لسببين:
• أولهما أن العصر العباسي شهد انفتاحاً أكبر على الثقافات الأخرى، ولاسيما أن المجتمع الفارسي ودولته اندمجا في المجتمع العربي.
• وثانياً أن المجتمع العربي كان يتطور بالاتجاه نفسه الذي تطور نحوه من قبل المجتمع الفارسي: من دولة الدعوة إلى دولة السلطان. مع الإشارة إلى أن الدولة في التراث الساساني الفارسي هي دولة الفرد السلطان.
فجاء هذا النمط من الأدب ليعكس هذا التطور الجديد وليتم توظيفه كأداة إيديولوجية. فالتحديات السياسية التي واجهت الحكم الأموي ثم العباسي والمتمثلة في اتساع رقعة الخارجين على السلطة ثم جهود النظام العباسي في ترسيخ السلطة، فرضت الاستعانة بنوعية من الكتاب المثقفين ثقافة سياسية واسعة، وكان من أبرزهم ابن المقفع الذي استطاع أن يثبت حضوراً سياسياً متميزاً وكان من أهم أدواته توظيف التراث الفارسي ووضعه في خدمة الحكم، ومن أشهر مؤلفاته السلطانية رسالة الصحابة أو رسالة في الصحابة، والمقصود بالصحابة: صحابة السلطان أي تتناول بطانته ومن يستعين بهم في حكمه. وجاءت على شكل تقرير وجهه إلى الخليفة المنصور عن الأوضاع العامة في الدولة، ونصائح له في كيفية تسيير شؤون الحكم.
فمن هو ابن المقفع؟
هو روزبة بن داذويه، فارسي الأصل، ولد في البصرة في عام 106 للهجرة، وسمي أبوه بالمقفع، لأنه أثناء عمله في دواوين الخراج للحجاج، ظهرت عليه خيانة في أموال الدولة، فضربه الحجاج ضرباً مُبرحاً، حتى تقفعت يداه "يبست"، أما ابن المقفع الذي أسلم متأثراً بعيسى بن علي أحد أعمام أبي جعفر المنصور، فقد كُنّي ب عبد الله بن المقفع، وقد قتل على يد سفيان بن معاوية المهلبي والي البصرة بأمر من الخليفة المنصور. والسبب المباشر يعود إلى كتاب الأمان الذي خطه ابن المقفع لعم المنصور عبد الله بن علي، وفي هذا الكتاب يطلب ابن المقفع من المنصور أن يكتب بخط يده أنه إذا عاد عمه وغدر به الخليفة يكون الخليفة كافراً وخارجاً عن كل الأديان، نساؤه طوالق وعبيده أحرار، فأستشاط المنصور غضباً ثم أمر بقتله. وقد قطعه المهلب قطعاً ورماها في التنور في سنة 142 للهجرة، والآخرون أرّخوا مقتله بسنة 143، والبعض الآخر في سنة 145.
والمثير للقارىء هو أنه كيف لكاتب سلطان أن يقتل على يد السلطان؟.
يرجع البعض كطه حسين وهاني عبادي إلى أن سبب مقتله هو مُؤَلفه رسالة الصحابة.
فكيف تكون رسالة الصحابة وهي مصنفة بالإيديولوجية السلطانية التي تكرس تفوق الخليفة سببا لمقتله؟ وهنا لابد من الإشارة إلى أمرين: الربط بين اتصالات ابن المقفع بأعمام الخليفة المعارضين والصيغة الإصلاحية التي جاءت برسالة الصحابة على شكل نصائح للسلطان. فالباحث عمر فاروق فوزي في دراسته: "قراءات ومراجعات نقدية في التاريخ الإسلامي" يذهب إلى القول بأن ابن المقفع كان يميل إلى أعمام الخليفة المنصور المتمردين على حكمه إذ أثارت الرسالة عدة قضايا أهمها الدفاع عن الاستقراطية العربية ووضعهم في مراكز قيادية وفي ذلك الوقت كان أعمام الخليفة على رأس قائمة أشراف العرب. فالفكرة الجوهرية التي تعالجها الرسالة أن صلاح الناس لا يكون إلا بوجود الأمير.
وعلى صعيد اللغة والخطاب كانت الرسالة تأكيدا بأن السلطان هو صاحب القول الفصل في أمور الدين والقضاء وإذا كان ابن المقفع قد دشن الإيديولوجية السلطانية، إلا أن كتاباته حملت طابعاً إصلاحياً بإطار من الإبداع البلاغي، وبروز الذات الفكرية الخاصة به، ولكن مع التأكيد على تفوق السلطان على الخاصة والعامة. فهي ليست ثورية كما يدعي البعض، أولاً لأنها لا تخاطب عامة الناس، وثانياً، فهي تربط ربطاً عضوياً بين صلاح الناس وطاعة السلطان في جميع الأمور المتعلقة بالدين والعقل معاً، وتجب الطاعة دائماً بما أن السلطان لا ينهى عن الفرائض الشرعية ، ثالثاً، رسالة الصحابة تعكس هرمية المجتمع وتراتبيته وتحدد وظيفة العامة بالطاعة، ووظيفة الخاصة بحمل الناس على طاعة السلطان والطبقتين بحاجة إلى السلطان، إذا يقول في الرسالة: (وحاجة الخواص إلى الإمام الذي يصلحهم الله به كحاجة العامة إلى خواصهم وأعظم من ذلك. فبالإمام يصلح الله أمرهم...ويبين لهم عند العامة منزلتهم...) فتكون بذلك رسالة إصلاحيه ولكن يبقى الخليفة صاحب الأمر والنهي، فهي بموضوعها سلطانيه تبريرية إذ إن ابن المقفع يؤكد على طاعة السلطان في بنية اجتماعية هرمية تنزل كل إنسان منزلته .
.
المراجع:
- تاريخ الأدب العربي،العصر العباسي الأول، شوقي الضيف، الطبعة السادسة عشرة، دار المعارف
2- قراءات ومراجعات نقدية في التاريخ الإسلامي، فاروق عمر فوزي، 2007
3- نقد العقل العربي (3)، العقل السياسي العربي، محدداته وتجلياته، محمد عابد الجابري مركز دراسات الوحدة العربية،
4- الطاعة السياسية في الفكر الإسلامي، هاني عبادي محمد سيف، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، الولايات المتحدة الأمريكية، الطبعة الأولى، 2014



#ندى_أسامة_ملكاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية الخيار العقلاني في العلوم السياسية
- مدخل للمدرسة البنائية (الجزء الأول)
- الليبرالية
- النظرية النقدية في العلوم الاجتماعية
- البرادايم -النموذج- في العلوم الاجتماعية
- الحرية والحتمية في فكر كارل ماركس
- المرأة في لغة السياسة
- ما بين الإقصاء والتطرف...استلاب المواطن العربي


المزيد.....




- -طقوس شيطانية وسحر وتعري- في مسابقة -يوروفيجن- تثير غضب المت ...
- الحرب على غزة تلقي بظلالها على انطلاق مسابقة يوروفجين للأغني ...
- أخلاقيات ثقافية وآفاق زمنية.. تباين تصورات الغد بين معمار ال ...
- المدارس العتيقة في المغرب.. منارات علمية تنهل من عبق التاريخ ...
- تردد قناة بطوط كيدز الجديد 2024 على نايل سات أفلام وأغاني لل ...
- مصر.. نسرين طافش تصالح بـ-4 ملايين جنيه-
- الفنان عبد الجليل الرازم يسكن القدس وتسكنه
- أسعدى وضحكي أطفالك على القط والفار..تردد قناة توم وجيري 2024 ...
- منصة إلكترونية أردنية لدحض الرواية الإسرائيلية في الغرب.. تع ...
- “نزلها الان” تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 2024 لمشاه ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ندى أسامة ملكاني - ابن المقفع