أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ندى أسامة ملكاني - مدخل للمدرسة البنائية (الجزء الأول)















المزيد.....

مدخل للمدرسة البنائية (الجزء الأول)


ندى أسامة ملكاني

الحوار المتمدن-العدد: 6195 - 2019 / 4 / 8 - 00:03
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


المدرسة البنائية في العلاقات الدولية
مدخل للمدرسة البنائية (الجزء الأول)
تتعدد النظريات والمقاربات الفكرية لقضايا العلاقات الدولية بوحدات تحليلها وبمنهجيتها وتفسيرها لطبيعة النظام الدولي وماهيته، وتشكل المقاربة البنائية إحدى المقاربات المهمة التي ظهرت في ثمانينيات القرن العشرين وتطورت في تسعينياته.فماهي تلك المدرسة، وبماذا تختلف عن المدرسة الواقعية والليبرالية؟ وما تأثير بُنية النظام الدولي حسب منظريها ومفكريها وماهي مفاهيمها الاساس؟ إليكم هذا المقال وسنتبعه بجزء آخر يتكلم عن مثالٍ تطبيقي مُحلل.
إنّ أهم من أسهم في تطوير المنظور البنائي في العلاقات الدولية هو "ألكسندر ويندت"، إذ يعد كتاب ويندت "نظرية اجتماعية في السياسة الدولية" من أهم الكتب الذي يرى فيه العديد من الأكاديميين مرجِعاً للنظرية البنائية( ). وقد أسهمت البنائية إسهاماً مهماً في نظرية العلاقات الدولية، مُضيفةَ بمقتربها السوسيولوجي وما يترتب عليه من استخدام مفاهيم سوسيولوجبة في السياسة الدولية بُعداً أبستمولوجياً جديداً يسهم في دراسة دوافع السلوك الدولي لوحدات النظام الدولي والأحداث والظواهر الدولية، وذلك بمفاهيم تحليلية أبعد من التركيز فقط على مفاهيم محددة كالمصلحة الوطنية والأمن القومي ببعدها المادي: كما فعلت الواقعية. فأضافت البنائية في تحليلها مفاهيماً كليةً (macro concepts ( تستوعب دراسة الأفكار والقيم والهُويات والبناء الاجتماعي ككل، كعوامل تدخُل في تشكيل الدوافع الرئيسة لسلوك الفاعلين في النظام الدولي بناء على التفاعل القائم، الدائم والمستمر، بين البنى والفاعلين الذين هم ليسوا فقط الدول بل أيضا – وفقا للمقترب البنائي- المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية أيضاً، وهذا دون التخلي عن اعتبار أن الدولة هي الفاعل الأساسي ودون إهمال دور المصلحة الوطنية. ولكن البنائية ركزت على أهمية التفاعل بين هذه المكونات والأفكار والهويات، وكيف تحدد الأفكار المصلحة، أي أن المصلحة بالمنظور البنائي مُكوّناً ذا وعاء اجتماعي.
وبشكلٍ مبسط فإن أتباع البنائية يعتقدون أن الهوية والأفكار والمصلحة، مفاهيم لا يمكن الحديث عن إحداها دون الأخرى( ).
بداية، تجدر الإشارة إلى أن البنائية هي مقترب أكثر من كونها نظرية. فهي مُقترب لأنها مدخلاً فكرياً يقدم منهجاً لدراسة العلاقات الدولية بمنظور سوسيولوجي، فالبنائية مُقتربٌ لم يدخل ميدان العلاقات الدولية حتى ثمانينيات القرن العشرين، لكن قبل ذلك كانت البنائية اتجاهاً أبستمولوجياً فلسفياً محور اهتمامه- كما ورد في الإنكلوبيديا( )- " كيف تتشكل المعاني لدى البشر في سياق العلاقة التفاعلية بين خبراتهم وأفكارهم"، فهي مُقترب يجعل من الممكن للباحث في العلاقات الدولية وضع أسس نظرية لظواهر السياسة الدولية وتمكنه من التنبؤ دون أن تقوم بحد ذاتها بدور التنبؤ بظواهر عامة.
• مفاهيم البنائية الأساس:
إن المفهومين الرئيسين التي تقوم عليها البنائية في العلاقات الدولية هما:
1- "البنية structure"
2- و "الفاعل : agent”، والتفاعل المستمر والدائم بينهما دون أن تفوق أهمية أحدهما أهمية دور الآخر، بل كلاهما، أي أن البنية والفاعل هما على على الدرجة ذاتها من الأهمية. فالبنية: هي المؤسسات والمعاني (القيم والأفكار والهويات) المشتركة والتي تشكل معا سياق الفعل الدولي، والفاعلون هم الوحدات التي تتفاعل مع بعضها ومع البنى الاجتماعية ضمن هذا السياق فتؤثر وتتأثر بها.
قد حددنا المفاهيم السوسيولوجية التي تقوم عليها البنائية في تحقيق العلاقات الدولية. سنتعرض في الجزء الثاني إلى المرتكزات التي تبني عليها البنائية اقترابها لفهم السياسة الدولية، بالإضافة إلى كيفية تطبيق التحليل البنائي لفهم السياسة الدولية.

المدرسة البنائية في العلاقات الدولية
مرتكزات المدرسة البنائية (الجزء الثاني)
سنورد في هذا الجزء مثالاً تطبيقياً لننتقل للناحية العملية في فهم النظرية البنائية وما تقوم عليه وبماذا تختلف في التحليل عن الواقعية والليبرالية في ميدان العلاقات الدولية، بالإضافة لمرتكزي البنائية.
حدد ويندت الفكرة الرئيسة التي تتمحور حولها البنائية في مثال عملي "” Concrete
"“500 British nuclear weapons are less threatening to the United States than 5 North Korean nuclear weapons”) (
إن 500 سلاحا نووياً بريطانيًا أقل تهديداً على الولايات المتحدة الأمريكية من خمسة أسلحة نووية تمتلكها كوريا الشمالية"
وهذا المثال يوضح مرتكزين تقوم عليهما البنائية في تحليل السياسة الدولية:
أولاً: تفسير القوة المادية لا يمكن أن يكون بمعزل عن المحتوى الاجتماعي: إن سلاح كوريا الشمالية النووي أخطر على الولايات المتحدة "مهما كان كمه" من سلاح بريطانيا "حتى لو كان عدد الأسلحة النووية بحوزة بريطانيا أكبر بكثير مقارنة مع ما تمتلكه كوريا الشمالية" لأن البنائية تفترض أن التهديد المادي أو القوة المادية بشكل عام لا يمكن أن تحلل بمعزل عن التاريخ والأفكار والقيم والتفاعلات المتبادلة بين الدول، فكوريا الشمالية عدوٌ تاريخي للولايات المتحدة وأي قوة مادية يجب أن تفهم في سياق التاريخ والأفكار والهويات والتفاعلات الاجتماعية المتبادلة.
إذن، المرتكز الأول للبنائية هو المحتوى الاجتماعي للقوة المادية في العلاقات الدولية.
ثانيا: تتأثر المصلحة الوطنية للدول بمؤثرات اجتماعية تسهم في تشكيلها: إن الفهم الاجتماعي للقوة، ينسحب أيضا على مفهوم المصلحة الوطنية، ففي المثال الذي طرحه ويندت، يكون للولايات المتحدة الأمريكية مصلحة وطنية في الوقوف بوجه كوريا الشمالية، لأن القادة الأمريكيين يدركون العلاقة "العدائية" معها، بينما ليس من مصلحتها احتواء بريطانيا لأن الولايات المتحدة الأمريكية تدرك المنافع المتبادلة بينها وبين بريطانيا، ليس انطلاقاُ من فهم المصلحة الذي تقدمه الواقعية، إنما من منطق العلاقات الاجتماعية "الصداقة، العداء" . فبدلاً من النظر إلى الدولة كمُعطى مسبق والافتراض أنها تعمل من أجل بقائها، يرى البنائيون أن المصـلحة والهوية تتفاعل عبر عمليات اجتماعية (تاريخية).
أي أن المرتكز الثاني للبنائية هو المحتوى الاجتماعي للمصلحة.
ثالثا: طبيعة النظام الدولي هي الأناركية (كما أكدت النظريات الواقعية والواقعية الجديدة) ولكن لا يمكن تحليلها دون النظر إلى العلاقة التفاعلية بين البنية والفاعلين، وبناء عليه، فإن الأناركية "غياب السلطة الشرعية المنظمة على الصعيد الدولي" يتم تحليلها وفقا للمقترب البنائي بفكرة التنافس على الموارد المحدودة، وهذا التنافس هو علاقة اجتماعية، تكون أفضل طريقة لتحليلها وفقا للمنطق البنائي هي بدراسة البناء الاجتماعي لهذه العلاقة. وفي هذا السياق، يقترح ويندت تصنيف علاقات التنافس وفقا لسلسلة ترتكز على متغيرات توضح الأفكار التي تتبناها الدول عن نفسها وعن غيرها، في الحد الأول من أقصى السلسلة توجد"العداوة" وحدها الآخر " الصداقة" وفي المنتصف "اللا مبالاة"( )
ومما سبق، يمكن تحديد فكرتين عامتين تدور حولهما البنائية في العلاقات الدولية بما يلي:
• أولا: البيئة التي يتشكل فيها فعل اللاعبين أو الفاعلين/الدول، اجتماعية بقدر ماهي مادية.
فالبنى المادية تأخذ معناها ضمن السياق الاجتماعي الذي تفسر من خلاله، وذلك بدوره يؤثر في فهم الفاعلين لمصالحهم الوطنية( ).
• ثانيا: في إطار عملية التفاعل بين البنية والفاعلين تكون إرادة الفاعل وقدرته في التأثير على المحيط موجودة وحاضرة ( الفاعلون ليسوا الدول فقط إنما غيرها من الفاعلين كالمنظمات غير الحكومية).
إن المقترب البنائي في العلاقات الدولية يحلل للعلاقات الدولية من زاوية البناء الاجتماعي للأحداث والمؤسسات والفاعلين، ونقطة البدء في هذا التحليل، هي الارتكاز على الافتراض الأبستمولوجي الفلسفي في أن الكيفية التي يفكر ويتصرف فيها الأفراد والدول في السياسة الدولية تعتمد على طريقة فهمهم للعالم من حولهم، وهوياتهم التي يحملونها والأفكار التي يكونونها عن غيرهم أي خبراتهم وأفكارهم المتبادلة. فالاعتقاد بأن البنائية تهمل دور القوة أو المصلحة هو مجرد ظن اعتباطي، لأن البنائية تُركز على الكيفية التي بها يتشكل هذان البعدان في العلاقات الدولية.
إن البنائية لا تدرس البناء الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية لمجرد دراستهما، إنما تدرس العلاقات الاجتماعية كمقترب لتفسير الكثير من الظواهر والأحداث والمفاهيم والسلوكيات على الساحة الدولية، وبذلك تكون البنائية مقترباً أبستمولوجياً معرفياً مهماً، يُمكّن الباحث في العلاقات الدولية من تفسير الظواهر المنفصلة أو السلوكيات المختلفة للفاعلين في الساحة الدولية بتوظيف هذا المدخل بتركيزه على الفيم والأفكار والتفاعلات المتبادلة.



#ندى_أسامة_ملكاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليبرالية
- النظرية النقدية في العلوم الاجتماعية
- البرادايم -النموذج- في العلوم الاجتماعية
- الحرية والحتمية في فكر كارل ماركس
- المرأة في لغة السياسة
- ما بين الإقصاء والتطرف...استلاب المواطن العربي


المزيد.....




- لمعالجة قضية -الصور الإباحية المزيفة-.. مجلس رقابة -ميتا- يُ ...
- رابطة مكافحة التشهير: الحوادث المعادية للسامية بأمريكا وصلت ...
- كاد يستقر في رأسه.. شاهد كيف أنقذ رجل غريب طفلًا من قرص طائر ...
- باتروشيف: التحقيق كشف أن منفذي اعتداء -كروكوس- كانوا على ارت ...
- إيران أغلقت منشآتها النووية يوم الهجوم على إسرائيل
- الجيش الروسي يعلن عن خسائر بشرية كبيرة في صفوف القوات الأوكر ...
- دونالد ترامب في مواجهة قضية جنائية غير مسبوقة لرئيس أمريكي س ...
- إيران... إسرائيل تهاجم -دبلوماسياً- وواشنطن تستعد لفرض عقوبا ...
- -لا علاقة لها بتطورات المنطقة-.. تركيا تجري مناورات جوية مع ...
- رئيسة لجنة الانتخابات المركزية الروسية تمنح بوتين بطاقة -الر ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ندى أسامة ملكاني - مدخل للمدرسة البنائية (الجزء الأول)