أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أمجد المصرى - صفقة إبليس














المزيد.....

صفقة إبليس


أمجد المصرى

الحوار المتمدن-العدد: 6200 - 2019 / 4 / 13 - 15:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن القارئ المدقق لمعظم سور القرآن لا يجب أن تشغله بلاغة لغته عن فحواه و مضامينه المفعمة بما يناقض المنطق القويم و يجافي العقل السليم . لقد ذكر القرآن فى العديد من آياته جزاء الشرك بالله و عاقبة المشركين،و ما يتوجب على المسلم من قتالهم حتى يتلو الواحد منهم الشهادتين . أما عن المفاجأة المروِّعة فهى تكريس القرآن للشرك بالله بتصوير الشيطان كند لله فى سرمديته الأزلية الأبدية التى أبرزتها الآيات البينات من 71 إلى 88 من سورة (ص ) التى تروى فى الآيات السالف ذكرها حوارا عجيبا بين ( الله الخالق ) و ( إبليس ) الذي رفض الامتثال للأمر الإلهي بالسجود لـ ( آدم ) ذلك البشر المخلوق من طين فى النصوص التالية:

إذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ، فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ، إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ، قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ، قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ، قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ، وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ، قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ، قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ، إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ، قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ، قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ، إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ، وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ : من سورة (ص)

فاستحق ( إبليس ) قرارا بالطرد من الجنة ( النفى و الإقصاء الفورى ) ، و اللعنة الإلهية ، و لقب ( الرجيم ) ، علاوة على وعيد بالبقاء و الخلود فى جهنم مع أتباعه أجمعين ، مع تعهد إلهى قاطع ( قال فالحـق و الحق أقول ) بأن يكثر هؤلاء الأتباع حتى تمتلئ بهم جهنم

إلا أن ( إبليس ) المطرود الملعون قد تلكأ و تقاعس عن الخروج ، و انبرى يجادل و يطالب بعقد معاهدة مع الإله الخالق قبل أن يخرج مطرودا ملعونا ملقبا بالــ ( الرجيم ) ، معاهدة تضمن حقوق الطرفين جاء فيهـا

1 - قال ( إبليس ) : رب فانظرنى إلى يوم يبعثون ، قال ( الله ) : فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم : أى مـوافق

2 - قال ( إبليس ) : فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك المخلصين ، ( الله ) : لم يعترض

3 - قال ( الله ) : فالحق و الحق أقول لأملأن جهنم منك و ممن تبعك منهم أجمعين ، ( إبليس ) : لم يعترض

و المتأمل فى أحداث هذه القصة و المعاهدة التى انتهت إليها ، يخرج بالكثير مما يمكن استخلاصه

أولا : نلاحــظ أن الراوى مجهـول ، و أنه قد شـهد الأحـداث من أولها حتى آخرها ، ثم رواها متحدثـا عن كل الشـخوص بصيغة الغائب ( قال / سجد / إستكبر ... ) فلم يكن المتكلم هنا الله و لا إبليس ، و لا آدم بالطبع الذى بدأت الأحداث و هو بعد فى طور التكوين

ثانيا : دارت أحداث القصة فى الجـنة ( أو فى السماء السابعة ) - مقر الإله الخالق - التى فيها تم خلق آدم وهناك سجدت له الملائكة ، و صدرت الأوامر لإبليس بالخروج منها

ثالثا : نلاحظ أن إبليس كان قبل عصيانه واحدا من الملائكة ( فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس ) ، و من ذلك نعرف أيضا أن الملائكة مخلوقة من نار على خلاف المعلوم من الدين بالضرورة
رابعا : يتضح من سلوك إبليس أنه كان مشوبا بخطأ فى خلقته { عيب صناعة } جعله يعصى الأمر الإلهى فى مفاجأة أغضبت الله الخالق و أوغرت صدره فراح يلعن و يطرد و يتوعد فى عصبية واضحة

خامسا : من المرجح أن { خطأ الخلق / عيب الصناعة } قد أوجد عقلا لـدى (إبليس ) جعله يفـكر و يلاحظ و يقـارن و يحاور و يجادل ، و لا ينصاع للأوامر إلا بعد التفكير و الاقتناع ، مما جعل الإله الخالق يخشاه و يعمل على إبعاده ، بل و يعقد معه معاهدة يرضخ فيها لشروطه جميعا مقابل موافقته على الرحيل

سادسا : كان إبليس طبقا للنص هو الأحق بلقب ( كليم الله ) فقد انخرطا فى حوار قال فيه كل منهما ما قال

سابعا : كان إبليس بحق و طبقا للنص القرآنى هو ( أبـو الأنبياء ) و أولهم ، فقد تنبأ بالقيامة و البعث ( قال رب فانظرنى إلى يوم يبعثون ) ، و تنبأ أيضا بأنه سوف يكون لـ ( آدم ) نسل كثير و ذرية عديدة و أنه سيتمكن من غوايتهم جميعا إلا المخلصين منهم ، وهذه نبوءات مبكرة تجعله ( أبو الأنبياء ) لا نبيا عاديـا

ثامنا : كان إبليس - و مازال - طبقا للآيات هو رسول الله ، بل أول الرسل إلى البشرية ، يحمل رسالة الإضلال و الإغواء بإذن الله ( يضل من يشاء ) حتى يحق له أن يملأ بهم جهنم فى النهاية

تاسعا : إبليس ( كـإلـهه تمـامـا ) حى لا يموت ، منذ بدء الخليقة و حتى ما بعد القيامة ، و له حياة أبدية و إن تكن فى جهنم ، رغم أنه قد أعلن العصيان منذ البداية ( إلا إبليس استكبر و كان من الكافرين ) فكوفئ بالبقاء حيا مدى الدهر ، عكس آدم المسكين و ذريته التعيسة الذين حكم عليهم بالموت بعد حياة قصيرة يتعرضون خلالها لإغواء إبليس و إضلاله لهم ،فضلاً عن الابتلاء بواسطة خالقهم الذي ( يضل من يشاء ) ، و بواسطة رسوله إبليس المكلف من ربه بإغوائهم

أفلا تعقلون ؟ !



#أمجد_المصرى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمة و المأزوم
- قراءة فى كتاب القوة الناعمة
- البخارى تحت المجهر
- فى مثل تلك الأيام منذ ثمانى سنوات
- العبودية باقية !
- تاريخنا الذى نباهى به الأمم
- ( الإنسانيون )
- فى المسألة الانتخابية
- الحالة المصرية : مخاوف مشروعة
- حزب مصر الحضارة
- على هامش غزوة العمرانية - 1
- نحو دولة مدنية تسمح بالزواج المدنى
- أين الدولة المدنية ؟
- مرة أخرى
- فى سكة زمان راجعين
- جئتم للحوار و لا تطيقون حوارا
- مغامرات كهيعص (روايه) الجزء 17
- قراءة فى كتاب : حارة النصارى
- بدايات الدعوة - كهيعص 16
- هل كان أبو بكر الصديق فاسقاً ؟


المزيد.....




- تفجير الكنيسة يُفجع عائلة سورية.. ومناشدة للشرع
- “ماما جابت بيبي” استقبل دلوقتي تردد قناة طيور الجنة 2025 Toy ...
- أضبطها الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات ...
- لليوم الـ12: الاحتلال يواصل إغلاق المسجد الأقصى وكنيسة القيا ...
- “سلي طفلك الأن” تردد قناة طيور الجنة الجديد عبر النايل سات و ...
- الأزهر: من مسجد الفاطميين إلى جامعة إسلامية عريقة
- الهجوم على كنيسة مار إلياس بدمشق يثير مخاوف المسيحيين في سور ...
- سوريا.. عملية أمنية ضد وكر إرهابي متورط بهجوم الكنيسة
- مفتي القاعدة السابق: هذا ما جعل بن لادن يجر أميركا لحرب في أ ...
- اعتقال المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أمجد المصرى - صفقة إبليس