أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرزاق جاسم السماوي - غرام في مهب الريح / قصة قصيرة















المزيد.....

غرام في مهب الريح / قصة قصيرة


عبد الرزاق جاسم السماوي

الحوار المتمدن-العدد: 6198 - 2019 / 4 / 11 - 04:20
المحور: الادب والفن
    


غرام في مهب الريح

في ذاكرة لاتجف وأحداث لايمكن أن تتلاشى في مخيلة فاضت بصفحات تاريخ أتعب الكثير من العراقيين . فكم حاول البعض أن يتمتع بدفء الأيام لينعم بحياة جميلة خالية من الأدران مبللة بندى المحبة بعيدا عن الألم وأوجاع الحياة ..
أحداث تراجيدية متعبة جعلت الكثير فريسة أيام صعبة وفي غمرة الآم فائقة الوصف محاكات بين الحب والجمال وبين الواقع المرير والظرف الصعب لوطن ذبيح نُحر بسكين أعمى ونُثرت أشلاءه في مهب الريح .
هل نحن على نقيض مع الفرح ..؟ هل تعاقدنا مع الحزن ..؟ ولم الحزن يُحلق فوقنا ..؟ ويسري بنا الى فضاءات الخوف .
أحلام زرعت بنا الرهبة واللاهدوء .
نادر .. الشاب الأنيق والوسيم صاحب العيون الخضر والشعر الأصفر .. شلال متدفق بالحياة ينسج أنغام الحب بقلب مليء بالتفاؤل والخيال الخصب ، تمتع بروح وطنية ومشاعر انسانية رائعة تُجسد شخصية صادقة مفعمة بحب الناس .
وجه مشرق أضاء متحف أيامه بقبس أخلاقه وطيبة قلبه .وحين تُرسل بصرك الى نادر تشعر بالدفء يحيط بك من كل جانب حيث تميًز بالوداعة والهدوء وتفوح من كلماته نسمات الياسمين ، أحبه كل من كان حوله طلابه وملاك اعداديته من المرسين والمدرسات .
عاش في مدرسة مختلطة جميلة ورائعة وعشق الحياة بشغف فنشأت علاقة حب بينه وبين زميلة له حيث تواترالنظرات بينهما واللقاءات في أوقات الفراغ في المدرسة .
شابة بوجه مشرق يتدفق حيوية وجمالا ، أحبها جدا وأثمل بها .. أنوثة بتولية أحبته من قلب تولع به ولم تقوى على البوح ، شوق عالق بها منذ زمن وانتظار قاتل يناديها ، حب متبادل بين نادر الذي نقش اسم حبيبته على جدران قلبه واحتضن حروفها في خزانة ذاكرته وبين حبيبته حيث انتظرا بفارغ الصبر يوم لقائها في عش الزوجية .
ومرت الأيام وتمت الخطوبة بينهما حيث نسائم العشق بدأت تسير في عروقه وتمنى لو كان راهبا ليعبد ربه في صومعتها . وسارت عجلة الزمن والعاشق يلتقي بخطيبته مزهوًا فرحا .كان ذلك سنة 1979
في أحد الأيام كانت خطيبته تتمتع باجازة حيث تعوًد على رؤيتها كل يوم الا ذلك اليوم الذي تمنى أن ينهي دوامه وبسرعة كي يراها .
انتهى الدوام وهمً بالخروج الى بيت خطيبته المقابل لبيته ..وعند وصوله الزقاق شاهد جمهرة من الناس ووجوه متجهمة وصامتة وخوف قاتل يلف جموع الواقفين .
ما الخبر ؟ أجابه أحدهم بأن عائلة خطيبته قد تم تسفيرهم من البلد ودون سابق انذار ولم يسمح لهم بتغيير ملابسهم أو يأخذون أموالهم وأي شيء مما يملكون لا بل منعوهم حتى من توديع معارفهم ..
أما نادر فقد ذُعر من الخبر وحاول أن يلتقي حبيبته لكنه لم يفلح . فقيل له بأنهم نُقلوا الى مديرية أمن البلدة فذهب مسرعا يتعثر بين الحين والاخر وهو هائم على وجهه وحين وصل الى المديرية لم يجد أحدا فأخبروه بأنهم نُقلوا الى بغداد .
فاستقل سيارة خاصة وأراد أن يلحق ركب حبيبته .
مناخ كئيب أحاط به من كل جانب و رجولة مكبلة بالحيرة ذهب وهو محبط باليأس ووسط تلك الحيرة الداكنة والصراع مع الياس وصل الى مديرية امن بغداد فقيل له بأنهم نقلوا الى حدود البلد عن طريق خانقين . ذهب خلفهم والخوف يسكن سريرته والدموع تحاول الافلات من مقلتيه ، اوجاع متتالية لحقت به ، شوارع العاصمة الممتلئة بالناس أحس بخلوها من المارة ، دوامة مليئة بأفكار وصخب متواصلة تدور في مخيلته ، ظلام دامس وحزن مميت لفًه من كل جانب .
وبعد معانات رهيبة وأفكار مرعبة وهلوسة مبعثرة وصل الى حدود العراق وايران في منطقة خانقين شاهد حبيبته وأهلها يعبرون الحدود مشيا على الأقدام فصاح بصوت مختنق ودموعه تنساب على خديه ولوح بيديه غير مصدق فراق حبيبته وصاح باسمها باكيا مكسورا فسمعته فوقفت باكية مولولة وليس بمقدورها الا أن ترد عليه بتلويحة يديها وكلمة غير مسموعة ( مع السلامة ) ..
حرًك شفتيه ثم صمت ماذا يقول ؟ لقد قتل الهوى على طرقات الخوف ووئد الحب في مسالخ الرعب ... ثم بقي ملوًحا بيده ودموعه لم تهدأ الى أن توارت عن الأنظار سقط مغمى عليه على تراب حدود أسدلت الستار على أروع قصة حب في حياته ونشرت غسيل الألم على حبال الفراق واللاعودة .
أما سقوطه على الأرض مغما عليه كان بمثابة الصعقة الكهربائية الأخيرة لانهاء حياته لولا بعض الموجودين من الناس حيث حاولوا أن يرشوا على وجهه قليلا من الماء ويضربوا وجهه بهدوء فأفاق من غيبوبته وواسوه على مصيبته ..
وهكذا رجع الى بيته خائبا ذليلا يندب حظه حاملا معه ذكرى حبيبتة وجدائل سحرها التي شدته بنسيج خيوطها المنسابة على تخوم الأمس ، رجع وفي قلبه غصة وحرقة لاتبرد أبدا ، على حدود بلاده ترك كل مذاقات الحياة وجماليات القوافي ، يوم فراقها فراق العذوبة فراق الفرح والبسمة التي عشقها دائما .
ومرت الأيام ونادر يغط في دهاليز من التفكير واللامبالات حيث تغير كل شيء في حياته وأصبح يتمنى الموت ، عام 79 كان عاما منهكا له حيث جرده من أجمل شريكة له .
دخل العام 1980 ومرت الشهور ونادر يعاني لم يهدأ له بال فعاش كئيبا صامتا وخيال حبيبته لا يفارقه حتى قامت الحرب العراقية الايرانية فاستدعي لخدمة الاحتياط وكانت وحدته في مدينة البصرة . عاش أياما تحت رحمة القصف لكنه لم ينسى ذكرها .... خوفه من فقدها أهون عليه من أتون الحرب .
وفي يوم من الأيام جاء من وحدته وفي اجازة دورية استقلً مركبة قاصدا مدينته ليلا فلم يكلم أحدا حيث عشق الصمت وعاش في خيال مستمر مع ملاكه الساحر وايقونة حياته التي ال الزمان الاً أن تغلق .. أحداث مؤلمة تتسارع في مخيلته وكأنها طلق ناري يبدد كل سكون .. في ذلك الليل حيث الشارع الموحش والخالي من المارة والمركبات . ريح قوية كانت تحاول أن تثني عزيمة المركبة من السير منذرة بأجواء حزينة ، النعاس بدأ يسيطر على السائق ، موقف يثير الاستغراب ، وجه السائق بدأ عليه القلق .. نادر ومن معه نيام من اثر التعب ، أجواء خوف لفّت السائق من كل جانب بعد دقائق حاول أن يستفيق لكنه لم يفلح وعلى سرعته العالية وعدم اكتراثه لمخاطر الطريق تعرضت المركبة الى حادث مروري مروع راح ضحيته السائق ومن بجواره أما نادرفقد أغمي عليه بسبب اصطدام رأسه في سقف المركبة وبقوا على مكان بعيد عن الشارع ولعدة ساعات حيث تم نقلهم الى أقرب مستشفى ..
بقي نادر مغمى عليه أكثر من ثلاثين يوما حتى فارق الحياة ... وبموته سكنت قصة حب مشوقة وعلى رفوف الذاكرة بعد ما أودع جثمانه وادي السلام مخلفا أجمل وأسمى وأروع ذكرى رُسمت في خيال أصدقائه ومحبيه .



#عبد_الرزاق_جاسم_السماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعر عمودي / سيدتي
- قصة قصيرة / جزيرة الدهشة
- شعر عمودي / ارحميني
- قصة قصيرة / اصرار امرأة
- قصة قصيرة / شجاعة


المزيد.....




- التضييق على الفنانين والمثقفين الفلسطينيين.. تفاصيل زيادة قم ...
- تردد قناة mbc 4 نايل سات 2024 وتابع مسلسل فريد طائر الرفراف ...
- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...
- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرزاق جاسم السماوي - غرام في مهب الريح / قصة قصيرة