أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - حدود العقل المجتمعي وتفارقاته؟ (2/2)















المزيد.....

حدود العقل المجتمعي وتفارقاته؟ (2/2)


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 6190 - 2019 / 4 / 3 - 15:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حدود العقل المجتمعي وتفارقاته؟
عبدالاميرالركابي

لم تكن المجتمعية يوم تشكلت بأكثر صيغها التاسيسية اكتمالا قد قامت، على عكس الشائع المعتمد، باعتبارها محطة أخيرة، او كظاهرة نهائية ابدية، غير خاضعة لقانون الخلقية الكوني، الماخوذ كينونة بقوة التغير الذي لاتوقف لها، ولأنها معطى له ماقبل و "مابعد" حكما، فلقد كان من البداهة ان تاتي كينونته وكيفيات تحققه الآني، ومن ثم المستقبلي، مدمجة مع أسباب تحوله الابعد النهائي. أي على اسرار ومحركات واليات "تحوليته" عبر المراحل والحقب، ماقد احاطها بثلاث مصادر فعل واستمرارية تحولية :
الأول هو خضوعها لقانون النشوء العقلي، بعد الحيواني المنتهي بانبثاق العقل، فمن يومها تبدا سيررورة جديدة هي سيرورة تامين انتقال "الانسايوان" المنبثق مع العقل، الى "الانسان" أي من الازدواج وثنائية ( العقل / الجسد) الى استقلال العقل وتحرره من اخر ماظل عالقا به من الحيوانية وطور الصيرورة النشوئية الأول.
الثاني ويقترن بالاستحالة واللاثباتية، بمايكرس المنظور ماوراء الأرضي/ السماوي ويجعل منه حياة مفارقة و "مملكة عليا" تبطل الوجود الارضوي واحكامه وتمايزاته، وتظل حاضرة وموازية له، استنادا لحقيقة معاشة/ وان ظلت غائبة عن الادراك العقلي/مصدرها الأساس المجسد بالملموس قائم كمعاش تاسيسي في ارض الرافدين، وفي "مجتمع اللادولة" المتشكل على حافة الفناء، وباعتباره النموذج الأعلى لحقيقة الاستحالة المجتمعية المؤقته بطبيعتها على المدى المجتمعي الاشمل.
هذا التجلي المتفارق عن المعاش، يتحقق باعلى صوره في غمرة الاصطراع المجتمعي بين مجتمعي "اللادولة"، و"الدولة التمايزية" الاكراهيه، في الكيان الازدواجي المنشطر عموديا، والموحد في الثنائية والازدواج، والفريد نمطا على مستوى المعمورة، في ارض مابين النهرين، حيث تبدأ أولى تشكلات المجتمعية التحولية، وبؤرتها الأكثر والاعلى احتداما وتمثيلا لمنطويات الانتقالية المجتمعية بنيويا، مقارنة بمجتمعيات أحادية شاملة للمعمورة، اما أحادية دولة( مثالها الاعرق والاقدم كيان ارض النيل والاعلى والأكثر دينامية الطبقي الاوربي)، او أحادية لادولة، والاولى يتهيأ زمن من التغلب والهيمنة المفهومية مادامت الانتاجوية اليدوية والالية غالبة على المجتمعيات والحياة، وهو نفسه السبب المانع بالاصل لمجتمع اللادولة السومري من التحقق والذهاب الى "اللامجتمعية" والكونية العقلية، فالمجتمع المذكور الكوني السماوي البنية والكينونة، كان مهيأ بنيويا للانتقال المطابق لبنيته، من دون ان يكون متوفرا على الأسباب المادية الضرورية لتحولة الأعظم، أي لوسيلة الإنتاج المطابقة، مافوق اليدوية والالية، الامر الذي استوجب وفرض على البؤرة التحولية، زمنا من الانتظار التحولي استغرق ثلاث دورات تاريخية وانقطاعين، لحين انبثاق وسيلة الإنتاج العقلية/ التكنولوجية، المبتدئة اليوم، ومن هنا فصاعدا بالحضور.
واما الثالث فيتمثل في انطواء حركتها على مايضاد وجودها بصيغها الراهنة في المدى الابعد، ان مسار المجتمعية محكوم بقانون الارتقاء الى مايلغي الظاهرة المجتمعية بصفتها الارضوية الجسدية المتغلبة على مدى الزمنية اللاحقة على تبلور التحولية الأولى الرافدينية وانتكاسها دون إمكانية التحول العقلي الكوني، فمسارات الانتقال من الإنتاجية اليدوية الى العقلية المعرفية، تتطابق مع حالة ومنتهى المجتمعية الراهنة الأحادية، ومع كل مانراه ونلاحظه اليوم من محاولات ادراج الانتقال التكنولوجي المعرفي العقلي، ضمن اطار وقواعد الانتاجوية اليدوية والالية الراسمالية الايلة للانقراض، فماهو حاصل اليوم لايخرج عن كونه لحظة التازم الأعلى الانتقالية، قبل تراجع مخلفات وتكريسات طور طويل من الممارسة العملية، وموافقاتها التصورية والتنظيمية الحياتية( بمافي ذلك وحداتها العائلية والمناطقية، او القبلية وغيرها، وصولا الى الكيانية المعروفة اليوم) وحتى النفسية، وعالم التخيل والشعور المتاح، مايجعل من العملية الانقلابية العظمى، او ماعرف ب"الثورة" بحسب المنظورات والمفاهيم الأحادية، من قبيل مايشترط الانقلاب الكلي الجذري في المنظور، وفي الاستقبال العقلي لعالم العقل الواقف اليوم على عتبة الكرة الأرضية، يوميء للانسايوان بقرب نهايته، على وقع الانبثاق الثاني.
ولاينبغي نسيان دور ظاهرة الانشطار، بالاخص في البؤر الفاعلة الكبرى، الرئيسية مجتمعيا من نوع الانشطار "الطبقي" الأوربي، المقابل للانشطار المجتمعي الرافديني الشرق متوسطي، فمثل هذا الشكل من الانشطارات حين تتجلى باعلى الصور، تترافق مع قوة الدينامية والطاقة الفعالة، بما يلائم ويؤديء عادة، للتمخض عن اهم معطيات وأسباب التحولية واحتياجاتها، وسد نقصها المانع لتحولها آنيا، ومن ذلك كمثال، توفر أسباب المنجز التقني الأعلى في موضع، وتعذره بنيويا في الموضع الأكثر احتياجا له، وتطابقا مع اشتراطاته، كما الحال بالنسبة لاوربا الثورة الصناعية، وانتقالها الى التكنولوجيا، مقابل نمط الازدواج المجتمعي الرافديني، المنطوي بنيويا على عوامل وأسباب التحول الأعظم مابعد مجتمعي، لكن الممتنع عليه انتاج ماينقصه، ويحقق اكتماله / بنيويا أيضا/ مايجعل الحركة المجتمعية التاريخية الشاملة، بحالة وحدة تناغم شامل وضروري، ليست ولاتشبه افتراض شمول الانشطار الطبقي للمجتمعات كما قررت اوربا الحديثة، والماركسية بالذات، معممة حالتها الخاصة المنطوية على غرض اعلى، وهدف أساسي غير مباشر كوكبيا.
ولعل هذا يسهم في إعادة النظر في الموقع الذي يحتله العقل، وكيفيات اشتغاله مجتمعيا بالامثلة، من قبيل اعتبار الغرب لمنجزه الحالي الحديث، دليلا على التميز الأقصى لنمطه، وللاحتمالات الممكنة مقارنة به على المستوى الكوكبي مجتمعيا، الامر الذي يحيل مثل هذا الاعتقاد المتنبنى حتى من غير الاوربيين على مستوى المعمورة، من قبيل اثر الأحادية والارضوية المجتمعية، وهو مايرفض قطعا وضع هذا المكان من المعمورة بموضع العامل، او الموقع المساعد ضمن اليات التحولية العظمى الكوكبية المتجاوزة له، ولاداعي بالطبع وجريا مع المفهوم التحولي، لا البرجوازي الأحادي الغربي، لوضع الغرب الطبقي بناء عليه، بمكان "المتاخر" او "المتخلف" بالمقارنة بالموضع البؤرة الرافديني، فالمنظور التحولي ليس معنبا بالمكانية، او "الوطنية"، وهو أصلا لايتحقق، لابل من الاستحاله وعية لذاته، كذات محلية، وإذ يصير بالإمكان مقاربة وعي من هذا القبيل، فان مايتحقق هو وعي المجتمعية لذاتها الكوكبية لاالرافدينية حصرا.
والمهم في اللحظة الحالية من التاريخ، وممكناته من زاوية دور العقل المجتمعي ودوره في العملية التحولية الشاملة، ان نعي بان العالم في حالة انتقال كبرى، تشبه تماما حال "البدء الأول" التاسيسي السومري، وبعد ان تهيأت أسباب الانتقالية العظمى المادية الإنتاجية "وسيلة الإنتاج المطابقة لاشتراطات التحول"، صار الوعي بتلك الاشتراطات مفهوميا / عقليا، القوة الحاسمة التي لاانتقال ممكن من دونها، فمن دون وعي انقلابي مطابق، يبقى المتسيد والغالب، والحائل دون التحول الأكبر، عقلي تراكمي، وتكريسي لزمن الأحادية الطويل، المستمر على مدى الاف السنين، منذ انتكس الصعود السومري الأول، بانتظار لحظة انبثاق الأسباب المادية للتحول، أي انبثاق العقل الثاني.
هذا التراكم، يشمل بالطبع كل مفاهيم وتصورات "الانسايوان" بما فيها، وفي مقدمتها ماكان عرف وقتها من مفاهيم التغيير و "الثورة" التي لم يعد لها من مكان يذكر، مثلها مثل المجتمعات التي تريد الثورة عليها، وفي داخلها. هذا ولايجب نسيان المفهوم المتعارف عليه من "الصنمية السماوية"، المؤسسة على ضوء اشتراطات الانتكاس الصعودي الأول، وفي مجرى الصراعية الازدواجية الرافدينية، فالعالم الاخر و"مملكة الله" المفارقة، انتهت اليوم كلزوم اني، بعد ان صارت هدفا قابلا للنوال، ولسكن العقل، وهذا ماسيكون لنا معه وقفة أخرى خاصة.



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدود العقل المجتمعي وتفارقاته؟
- فرضيتا -الانسايوان- و -الإنسان-؟؟
- نداء الى العالم وللعراقيين بالمقدمه ؟/ب
- تعالوا نعيد اصدار- زوراء- العراق(2/2)
- يستحق العراق جريدة -زوراء- ثانية* ( 1/2)
- نداء للعالم .. وللعراقيين بالمقدمة/أ ؟؟
- اكتشاف قانون المجتمعية الكوني؟؟/4
- لنين الماركسي معادل محمد الابراهيمي/3*
- العراق الامبراطوري والوطنية الزائفة/2
- العراق الامبراطوري والوطنية الزائفة
- - قرآن العراق- .. استعادة العراق
- الانسحاب الامريكي والمتغير الاستراتيجي التاريخي
- المهدوية ايقاف ابراهيمي للاسلام/ب/
- المهدوية: ايقاف ابراهيمي للاسلام *أ
- نبوة مابعد الاسلام/ الاسلام الثاني
- النبوة وعلم اجتماع اللادولة/ ملحق 1
- الازدواجية المجتمعية و -تحوليّة- مابعد الشيوعية!
- الازدواج الكياني والعالم: مابين النهرين
- هل العراق كيان امبراطوري؟
- بيان الانتقال الى الوعي الكوني


المزيد.....




- مشهد مؤلم.. طفل في السابعة محاصر في غزة بعد غارة جوية إسرائي ...
- -رويترز-: مايك والتز أجبر على ترك منصبه
- -حادثة خطيرة- في غزة والجيش الإسرائيلي ينوي استخلاص الدروس م ...
- زاخاروفا تعلق على احتجاز مراسل RT في رومانيا وترد على شائعات ...
- تقارير إعلامية تفضح -كذب- نتنياهو بخصوص حرائق القدس
- أوكرانيا: نارٌ ودمار وإجلاءٌ للمدنيين إثر غارات روسية على مد ...
- حكمت الهجري يطالب بحماية دولية بعد اشتباكات صحنايا وريف السو ...
- المرصد يتحدث عن عشرات القتلى في اشتباكات -طائفية- بسوريا.. و ...
- إيران تعلن تأجيل جولة المفاوضات المقبلة بشأن برنامجها النووي ...
- في عيد العمال.. اشتباكات في إسطنبول ومغربيات يطالبن بالمساوا ...


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - حدود العقل المجتمعي وتفارقاته؟ (2/2)