أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - العراق الامبراطوري والوطنية الزائفة/2















المزيد.....

العراق الامبراطوري والوطنية الزائفة/2


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 6167 - 2019 / 3 / 8 - 14:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لايعرف أولئك الذن تصدوا عند بدايات القرن المنصرم،شيئا له قيمة او معنى، لاعن الوطنية ولاصنوها القومية، وهي لم تكن يوما من اختبارات ثقافتهم، او مادرجوا على التعامل به من مفاهيم، ويوم سمعوا بها وبحتمويات ماركس، وتشبهاته المضمرة، المعلومة المصدر، بالنبوية الرسالية الابراهيمية، لم يكونوا، مؤهلين على الاطلاق، لاي شكل من اشكال التوقف، ناهيك عن محاولة التمحيص، او محاججة ماوقع عليهم فجاة من مفاهيم غامضة ومستجدة، لاقت تطابقا مع أغراض كانت قد بدات تنمو داخل محيطهم، حفزتهم على البحث عن نمط بعينه من الإجابات والشعارات، خلقها واوجد مناخاتها، واتاح فرصها المستجدة حضور الغرب.
والامر ينطبق بالطبع على مايعرفه هذا النفر من مفاهيم عن المجتمعية وعلمها الجديد الجاهز ،والمكتمل افتراضا، مع انه وبحسب المنطق كان مايزال في الطور الاختباري، ولم تكن ميول الرسالوية من نوع تلك التي تميز بها ماركس، سوى مظهر بديهي انبهاري لايخلو من " صبيانية معرفية"، هي بذاتها وعند المصدرالذي اطلقها، انبهارية، لم تتوخ بجانب الاكتشاف المجتمعي "العلموي"، حقيقة هي الأهم والابرز، من نوع تلك التي ترافق، لابل تلازم، ويجب ان تكون من اهم عناصر موائمة هذا العلم المستجد على العقل. تلك هي حقيقة التفارق بين العقل والحقيقة المجتمعية، فالانسايوان امضى الاف السنين، عاجزا عن فك رموز الظاهرة الاجتماعية، وهو لم تمض على مقاربته الحالية لها، سوى مالايزيد عن قرن ونصف القرن فقط لاغير، الامر الذي يستوجب، لابل يحتم الإقرار، أولا وقبلا بحقيقة وقاعدة تأخر العقل عن ادراك الظاهرة المجتمعية.
وهذا المبدا او القاعدة الأساسية، تقع في صلب أي بحث في الاجتماع البشري، وتقف فوق ماقد عرف في القرن التاسع عشر، والى اليوم، من اشكال مقاربة أولية وجزئية للظاهرة المجتمعية، على الأقل قبل الذهاب لحد التصديق بما قد انجز منها كاوليات، غير المبالغة الطفولية لدرجة اسباغ معنى الحتميات والمطلقات عليها، ولايعرف المرء كيف وباي حق، ولماذا، يجري حصر منطويات الظاهرة المجتمعية وقوانينها، ضمن النموذج الغربي الأوربي وصيغته الحديثة الراهنة، او لماذا لايوضع بالاعتبار، ولو من باب الاحتمال، ان يكون ماقد اكتشف على هذا الصعيد في اوربا، مجرد مقدمة، وان قواعد العلم الجديد، يمكن، اوهي مرشحة لان تساعد على اكتشاف، حقائق مجتمعية اكثر شمولية وانطباقا على حركة التاريخ من الاوربية "الطبقية"، والتي تقوم بداهة على فرض نمطها، وشكل تركيبها البنيوي على العالم ومجتمعاته، كي تجعل من منظورها هو السائد، وبمثابة الحقيقة النهائية المطلقة.
نحن ولاشك امام افتتاحية وبداية مهمة ونوعية على هذا الصعيد، توجب في الحد الأدنى وفي موضع كالعراق، تأنيا وترصدا يبدا من محاولة استنطاق الظاهرة المجتمعية والتاريخية البنيوية الرافدينية لمابين النهرين، ربما يكون من ابرز موضوعاته ونقاط معالجته، ظاهرة "الإمبراطورية" الملازمة لتشكل الكيانية كشرط ملازم لتاريخ هذا المكان، علما بان هذا لن يكون سوى مدخل نحو مزيد من الموضوعات والاسئلة الواجبة، ذات الطبيعة الاستثنائية، من نوع " لماذا الكينونة الإمبراطورية ؟" ومن اين تنشا وتنبثق بنيويا؟ ولماذا هي موجودة قبل ايه ظاهرة من هذا النوع على مر التاريخ، ولماذا تاتي من اقصى جنوب العراق عند قرابة منتصف الالف الثالث قبل الميلاد، مع "سرجون الاكدي/2334 ق ـ م" القائل: " انا حاكم زوابا الدنيا الأربع" بمعنى " انا حاكم العالم او المعمورة"، وصولا الى بابل وحامورابي، وسلسلة الشرائع الكبرى الأربع السابقة، ابتداء من شريعة كوراجينا2355 ق ـ م، حيث وردت للمرة الأولى في التاريخ البشري، كلمة ( حرية / امارجي)، وكل المعروف اليوم مما يسمى "حقوق الانسان" في وثيقة مكتوبه.
ولا داعي للتعريح على العباسية/ القرمطية الوسيطة، أي الدورة الحضارية الرافدينية الثانية، وصيغتها العليا الازدواجية اللااكراهية، واللاسلطوية، او القهرية الاحادية، ولماذا مثلا لايخطر على بال احد، ان هذا الموضع من العالم، ليس هو موئل ومبتدا مايعرف بالحضارة وأول خطاها فحسب، انما هو أيضا موضع سر مجتمعيتها، والمكان الذي ينطوي على مقومات واليات السيرورة المجتمعية الانسايوانية، وصولا الى مابعدها، أي الى "مابعد مجتمعية"؟ هذا الاعتقاد، حتى يكون منطقيا، يجب ان يبدأ أولا من تجربة النظر في احتمالية الازدواج المجتمعي نفسها، فهل ثمة من نوع مجتمعي كهذا يمكن توقع وجوده، في هذا المجال سوف يفيدنا النظر الى المقطع المجتمعي الأوربي كثيرا، بالاخص من الزاوية التي نهتم بها، أي " الازدواج"، فالغرب يقول هو نفسه انه منقسم ، أي ان المجتمع الغربي محكوم دائما لالية محركها صراع مكونين لامجتمع من دونهما، بمعنى الانقسام المجتمعي الافقي بين الطبقات، وهكذا نكون امام ظاهرة مجتمعية، هي بنيويا وحكما "مزدوجة"، لاوجود لها ولاحياة ولاصيرورة تاريخية، خارج ازدواجها.
فهل هذا ياترى هو شكل الانقسام، او الازدواج المجتمعي الوحيد على وجه الأرض، بما يخص العراق وارض الرافدين، يمكننا ان نعاين المقطعية المجتمعية من ناحيتين متكررتين وبارزتين، تستجلبان التفكير، الأولى تخص الدورات التاريخية والانقطاعات، والثانية تتاتى من تعذر ظاهرة "الدولة الوطنية"، أي تلك التي يتسنى لها بسط سلطانها على المجتمع ضمن حدود جغرافية بعينها، على النمط المصري المقارب نشوءا للنمط الرافديني، مايخلق اليات صراعية فوق وطنية، مقابل تلك الوطنية الأحادية المصرية السكونية الاجترارية ذات التشكل الواحد، ومن ثم الاوربية الحالية، ويجعل من الإمبراطورية خاضعة لقانون بنيوي مجتمعي، حيث المجتمع يقوم أولا كمجتمع لادولة الى الجنوب، صدوعا لاشتراطات الطبيعة التي تضع الكائن البشري هنا كمنتج، على حافة الفناء حيث كل بنية العملية الإنتاجية واشتراطاتها، متحدية مضادة، قهرية ومعاكسة للجهد البشري، وهو مما لايمكن اعتباره من قبيل الصدفة، او الاعتباط الكوني، مع ان هذا الجانب خارج بحثنا الان، هكذا تكون الإمبراطورية الازدواجية فعل لادولة سفلى، ودولة قاهرة نازلة من اعلى، وتصادم مع مالا يقهر ككتلة مشاعية منتجه حريتها الإنتاجية تساوي وجودها، واضطرار لتوجيه النظر الى حيث صدرت عنه الدولة القهرية بالاصل، بحثا عن متنفس ريعي، يخفف وطاة الصراعية الازدواجية الناشئة *.
ولان مجتمعا تحكمة شروط كتلك التي وصفناها، لايمكن ان ينتج سلطات او تمايزات من داخله، منفصلة عنه، فان نوع السلطات التمايزية التغلبية القهرية، يصير من اختصاص الحيز الممتد خارجه واعلاه، أي "عراق الجزيرة"* ومايمر عبرها من نزوحات سلالية اتية من الشمال او الشرق او الغرب. ومع هبوط هذه باتجاه موضع الخصب والمصب البشري من الجهات الثلاث العليا، تبدأ عملية اقلمة وإعادة صياغة، تشمل الطرفين، الأحادي السلطوي التغلبي الاكراهي النازل من اعلى، والاسفل المحكوم لاشتراطات "اللادولة"، غير القابلة للاختراق من خارجها، او اكراهها على قبول سلطات مركبة فوقها، أي ان اليات التشكل " الوطنية" بحسب المعنى المتداول هنا، محكومة بدل الطبقية، لاشتراطات الصراعية المجتمعية وللانقسام المجتمعي العمودي، مايعني ان الازدواج ليس واحدا فريدا، وانه ليس حصريا وخاصا باوربا الطبقية، كما انه ليس باي شكل مقصورا على نوع، او نمط بذاته من الازدواج ، وقد يكون الأرجح ان الازدواجية الطبقية، والازدواجية المجتمعية، حالتان متقابلتان على طرفي المتوسط، تنتظمان في العمق، وعلى المدى التفاعلي الاشمل، الاليات المجتمعية التاريخية، وحركتها الصاعدة، بالتبادل والتناوب، ومن ثم، وعند نهايات المطاف، بالتداخل والخضوع لوحدة الاليا ت.
الازدواج / الانقسام العمودي "المجتمعي" الرافيديني فريد في نوعه، ونمطه، لامثيل له ولامشابه، وجد قبل المجتمعيات الشرقية والغربية، واسس لمساراتها، وانطوى على السر المضمر فيها، غيره الى الشرق لم توجد سوى الاحاديات، منها الضخم والهام، والى الغرب اعلى اشكالها، أي الأحادية الازدواجية الاوربية، الأعلى دينامية، والارفع منجزا، والعتبة الأخيرة الممهدة للانقلاب الكوني الأعظم الرافيديني.
ـ يتبع ـ



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق الامبراطوري والوطنية الزائفة
- - قرآن العراق- .. استعادة العراق
- الانسحاب الامريكي والمتغير الاستراتيجي التاريخي
- المهدوية ايقاف ابراهيمي للاسلام/ب/
- المهدوية: ايقاف ابراهيمي للاسلام *أ
- نبوة مابعد الاسلام/ الاسلام الثاني
- النبوة وعلم اجتماع اللادولة/ ملحق 1
- الازدواجية المجتمعية و -تحوليّة- مابعد الشيوعية!
- الازدواج الكياني والعالم: مابين النهرين
- هل العراق كيان امبراطوري؟
- بيان الانتقال الى الوعي الكوني
- بدائية نظرية -الخلق- و-البدئية-الكونية
- مياه العراق الجوفية تكفيه لقرن /4/
- نداء الى اهل البصرة الاشاوس
- مائيا : العراق لايحتاج لتركيا وايران/ 3/
- مائيا: العراق لايحتاج لتركيا وايران/2/
- مائيا: العراق لايحاج لتركيا وايران/1/
- نهاية اكذوبة - الموت-: مابعد الجلجامشية
- اللامجتمعية الرافدينية: فك الازدواج والكونية الثانية
- الثورة اللامجتمعية : العراق يقود العالم؟


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - العراق الامبراطوري والوطنية الزائفة/2