أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - نهاية اكذوبة - الموت-: مابعد الجلجامشية















المزيد.....

نهاية اكذوبة - الموت-: مابعد الجلجامشية


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 5968 - 2018 / 8 / 19 - 15:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نهاية اكذوبة"الموت": مابعد الجلجامشيه
عبدالاميرالركابي
اذا تحدثنا عن الموت باعتباره اكذوبه، فان مايخطر على البال وقتها، اننا نختار عالم النكته والفكاهة، ذلك لان الامر يتعلق وقتها بالمستحيلات التي لاتحتاج الى تفكير، فضلا عن محاولة المعالجة، ناهيك عن اثبات العكس، ويشمل الامر والحالة هذه، اسس ماهو معروف بالعلم، كقواعد وتطبيقات، ممالايجوز، وقد لايمكن بداهة، النقاش بشانه. وعلى هذا الأساس وبالمناسبة، تتكرر مجسدة، هنا، فداحة الافتراق، بين المنظور الاحادي للحياة، والوجود ومنطوياته، بمقابل المنظور التحولي المضمر، والمتعذر حتى الوقت الحاضر.
لايمكن ولم يسبق الافتراض، بان تاريخ الانسان العاقل، لم يعرف الموت، الا بصفته انتكاسة، وان الجزء الاعظم من الحياة المجتمعية التاسيسية، لم تكن تعرف الموت باعتباره حقيقة نهائية وقاطعه كما اصبحت لاحقا واليوم، ان "ملحمة كلكامش"، هي بالاحرى محاولة تنظير انتكاسي انتقالي، لمسالة، كانت في الطريق لان تصبح راجحه. وهي بذاتها، ومن حيث صياغتها، لا توحي بان الموت كان من قبل، حقيقة مطلقة، ان فرضية كلكامش الاساسيه، تتركزعلى فكرة "الخلود"، عندما كانت بديهية وغالبه في المعتقد الانساني، حتى حينه. بينما الافعى مجرد حدث عارض، انها مصادفة سيئة، كانما لم يكن ثمه مايمنحها بعض المعقولية، سوى السياق الدرامي لقول امراة الحانه لكلكامش العائد مهزوما: "كلكامش ان ماتبحث عنه لن تجده ابدا" حيث نصبح امام مشهد مسرحي مهيب، بصب تخيل بديل عنه، له نفس الايقاع المحير.
ان وقع الملحمه المثيرة للحيرة، قد قرأ لاحقا، وفقط عند الزمن الاحباطي، مابعد الخلودي، بما يعني، ان زمن الكلكامشية لم ينتصر في حينه، ولا قبل ان يخسر كلكامش عشبة الخلود، بقدر ماانها تكرست بطبعتها اللاخلودية، خلال زمن الانتكاس الطويل، المستمرمن يومها الى الان،كما هو حال معظم التصورات الانسانية، الغالبة الى الان، قبلها وعلى مدى قرون طويلة، كانت الالهه حاضرة، والطريق بينها وبين الارض، مفتوحة على الاخر، والانسان الاله متكرر الحضور، ان مسالة الاستقرار الاخير على صيغة التوحيدية، وبدء تاريخ "مملكة السماء" المفارقة،منذ ظهور الابراهيمية، حصل في مجرى معركة لاتوقف لها، لم يكن انتصار الارضوية الاحادية خلالها بديهيا، ولابد من ان نتذكر هنا، بان عالمي المجتمعية الذي استقرت عليه الكيانية الرافيدينية، كخاصية كيانية مفردة، وفريدة، قد تطلب زمنا من التشكل الزدوج/ الاحادي، نتج عن عملية صراع مديد لنمطين. بمايعني ان ماصار شبه نهائي ومعاش منذ هزيمة التحولية الاولى، لم يكن بالاحرى قدر ابدي، او ان الانسانية المجتمعية حل عليها مايتفق مع حقيقتها الفعليه نهائيا، او ان مستقبلا مخالفا لماهو قائم، ويثبت بان الحالي، مؤقت وعارض، سوف لن ينبثق يوما، مكرسا حقيقة ان وجود الانسان على الارض، شان عابر، وان الكائن البشري، متجه كينونه وصيرورة، لمغادرة الارض، بعد انفصال العقل عن الجسد كحقبة اخيرة مقدرة عليه، وعلى وجوده وكينونته.
ومن ينظرون لتاريخ المجتمعية الرافدينية، مسقطين عليها نموذج المجتمعية الاحادية المفردة، النيلية، يختارون وجها، وجانبا من الوجود، يتوافق مع كينونتهم المجتمعية،احادي في الغالب، لاينتمي الى الملحمه الوجودية المجتمعية التأسيسية، الاكثر تطابقا مع الحقيقة، والغرض من الوجود البشري والمجتمعي، حيث تصادم احاديتين، ضمن نطاق مشترك موحد، ينتهي لافتراقهما، الانتقالي، المؤقت، لتعذر تحقق اي منهما، او انتصاره النهائي، فلا مجتمع اللادولة الكوني الاسفل السومري، كان قادرا وقتها على التحقق، ولا العالم الاحادي للدولة التمايزية القاهرة العليا، ممكن بنية وكينونة، وغلبة، وبين هذا النطاق وذاك، كانت الازدواجية التصارعية، تنتج من جهتها اشكال تقبلها، وممكنات تعاملها مع الزمن الازدواجي، ابان قرون اللاتحقق.
لم يكن الموت طريقا بديهيا في العالم السومري المفتوح على الكون، والساكن في الاعلى، حيث السماء هي الطريق الذي يبرر الوجود الارضي، من هنا تنبثق الالهه، ويحضر فعلها في الوجود، خارج الموت، متجاوزا عنه، مع الاحفاظ بالقدرة على قهره، باعادة الانسان من العالم الاخر،كما تنبيء عنه اساطير سومر، ان عتبة الصعود الاولى نحو الاكوان العليا، نعثر عليها هنا، زاخرة بالفعل، من حيث كونها حقيقة ملموسة ومعاشه، لابل وباعتبارها نمطا حياتيا، هو الاكثر اتفاقا مع الحقيقة، والغاية من الوجود الانساني على الارض، ان مجتمع التحولية السومري، هو مجتمع مقصى ومغيب عن الوجود، تحت غطاء كثيف من القراءات الاحادية، المعززة بالقراءات الغربية الاركولوجية، الماخوذة مسبقا بالمقياس الاحادي، والمصرة على ازاحة عالم التحولية اللاارضي، وتاريخه، ومنجزه الكوني، الى خانة مايعرف ب"الدين" مقبرة التحولية، والكونية المطابقة لمجتمعية " اللادولة"، مقابل مجتمعية الدولة الاحادية.
بهذا لن يكون لدينا سوى شكل ونمط ممكن مجتمعي وحيد حاضر على المسرح، انتاجوي تراكمي، احادي، وتتابعي ( حضاري)، حيث الكائن الحي العاقل، دائما اصغر من منجزه، يتضاءل باطراد كذات كونية، بينما هو يراكم المادي، فيفقد مقابله ذاته، على عكس سيرة الانسان السومري، المتجه الى ماوراء المنجز الارضي، المتحرر منه، والذاهب الى مايتعدى الكوكب كسكن وكمستقر( اصلا قبل ادراكه عقليا ككوكب)، بحيث يفوت الانسان عقلا، مواكبة اهم خاصياته ككائن تحولي. ان الانسان الذي نعايشه، ليس هو الكائن الانساني في الجوهر، ومقاييسه وبداهاته، هي بداهات انتكاس، سببها تعذر التحولية الاولى وانتكاسها، فالمجتمع التحولي السومري، لم يتمكن وقتها من تحقيق الانتقال الى مابعد جسدية، وكان عليه ان ينتظر توفر العامل المادي، الضروري والمساعد لزوما على الانتقال، وهو ماكان على الانسان ان ينتظره الى ما بعد الانتقال للانتاج الالي، وحلول عصر الانتاج المعرفي التكنولوجي.
يعني ذلك ان "التحول" الذي هو حتمية وجودية انسانية، ومجتمعية، مشروط تحققه بتطور وسائل الانتاج الى الطور الثالث، بعد اليدوي والالي، وانه مكتوب عليه، ان يظل ينتظر لحظة الانبثاق الانتاجي الثالث، مع انه يوجد بالاصل والبداية، كبنبة مجتمعية طبيعتها لادولوية، تفتقر برغم مطابقتها البنيوية لشروط التحول، للعامل المادي للانتقال، ووقتها وعلى مدى الزمن الانتقالي، تنتصر الافعى على "عشبه الخلود"، وتنجح في سرقتها من يد كلكامش، وهو مالم يعد ممكنا اليوم، فعشبة الخلود لم تعد بالامكان خطفها، بينما الانسان مقبل مع الاربعينات من القرن الحالي، على دخول زمن التكنولوجيا العقلية، و"السنكولارتي"/ انظر الرابط ادناه/ حيث يصبح العقل اداة طاردة لفعل السنوات والزمن، وقادرا على ارجاعهما للخلف، باتجاه الشباب والفتوة، على الاقل قبل حدوث مالايمكن التكهن به الان، من تداعيات من شاانها الخروج بالكائن الانساني مجددا من عالم الاحادية، والموت الطاريء والمؤقت الحضورفي التاريخ المجتمعي الانساني.
من بين الكثير من المفاهيم المزمع تغييرها موضوعيا، وعلى صعيد الفعاليه العقلية، تبدو مسالة الموت، متصلة بالدرجه الاولى، بالتحرر العقلي، فالركام الهائل من تكريس هذه الظاهرة واقعيا، من خلال الموت الجسدي، والدفن الواقعي المتكرر، والممل، المحزن، والكئيب، ومن ثم من خلال التثبت المواكب لطول الممارسه وتواترها، ومايترتب عليها من تصورات عن العالم الاخر، او العدم، على اعتباره المجال المغلق بسبب قصور العقل، كما نكوصه، والمنتقل من مواجهة الصعود الى الاكوان العليا، كتحد راهن، الى قبول خرافة الذهاب للعالم الاخر، والجنة والنار بعد الموت، كما جرت فبركتها وتويلفها للضرورة الانية وكطريقة مخادعة لامهرب منها في الزمن الانتقالي، وابان تعذر عملية التحول الكبرى.
ثمه بالطبع مسرح حياتي، موتي، مكرس على اساس الانتاجوية الملزمه، تكره الكائن الحي عل الثبات المكاني، سواء في الحقل، او المعمل، حيث التعب والعود الاجباري، والماوى، ومن ثم شكل السكن الفردي، والتجمعي، فالمدينة هي صيغة الوجود التجمعي الميت، والمميت، وهي اعلان موضوعي، عن هزيمه واستسلام، يكرس الموت كقدر. واذن فالعالم حيث تنكسر شوكة الموت، ليس هو العالم الذي يخيم عليه الفناء الجسدي.
ومع انه سيكون هنالك موت كثير، على الطريق قبل توقف وانتهاء زمن الموت، وهيمنته، الا ان الانقلاب الكوني، بازاحة بقايا الكهف من طريق الوجود، ناهيك عن القبر والمدينه، والجغرافيا،كحدود للعقل، وبوتقه تفاعل وجودي، سيكون برمته نوعا من مغامرة الخيال/ الواقع، ومافوق الواقع:الى حيث نهاية الموت، لاموت في الافق، او من هنا فصاعدا، ولا انسان كهفي، ارضوي، ملتصق بالطين، وانتاجوي مديني اكول وغرائزي، الطين سيعود الى الطين، اما العقل، ففي طريقه للالتحاق بالاكوان العليا.
ـ يتبع ـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
https://www.youtube.com/watch?v=2uUg4AQYuAM



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللامجتمعية الرافدينية: فك الازدواج والكونية الثانية
- الثورة اللامجتمعية : العراق يقود العالم؟
- اللامجتمعية : والمنجز النائم تحت التراب؟
- اللامجتمعية ؟
- قرآن العراق وزمان الانتفاضات والنبوات
- البحث عن قران العراق الضائع
- عراق بين مستنقعين يهز العالم
- ظاهرة انبعاث النبوة في العراق
- الاستئنافات والايقافات: النجف وانتهاء زمن -الغيبه-(4)
- الاستئنافات والايقافات الغيبة- ومابعد اسلام (3) ؟؟
- التشيّع هل هو حركة إيقاف للاسلام؟(ب)
- التشيّع هل هو حركة إيقاف للاسلام؟(أ)*
- الاستئنافات المستحيله ومازق التشيع الامبراطوري الايراني (2)
- الاستئنافات المستحيله ومازق التشيع الامبراطوري الايراني (1)
- نحو استعادة العقل العراقي دوره الكوني /4
- نحو استعادة العقل العراقي دوره الكوني /3
- نحو استعادة العقل العراقي دوره الكوني /2
- نحو استعادة العقل العراقي دوره الكوني/1
- حنا غريب: الجهل اعلى مراحل الشيوعية*؟
- المرجعية والانتخابات: المهدي على الابواب استقبلوه!!! ملحق 2


المزيد.....




- علماء يستخدمون الذكاء الاصطناعي لحل مشكلة اختفاء -غابات بحري ...
- خبيرة توضح لـCNN إن كانت إسرائيل قادرة على دخول حرب واسعة ال ...
- فيضانات دبي الجمعة.. كيف يبدو الأمر بعد 3 أيام على الأمطار ا ...
- السعودية ومصر والأردن تعلق على فشل مجلس الأمن و-الفيتو- الأم ...
- قبل بدء موسم الحج.. تحذير للمصريين المتجهين إلى السعودية
- قائد الجيش الإيراني: الكيان الصهيوني اختبر سابقا ردة فعلنا ع ...
- الولايات المتحدة لا تزال غير مقتنعة بالخطط الإسرائيلية بشأن ...
- مسؤول أوروبي: الاتحاد الأوروبي يحضر الحزمة الرابعة عشرة من ا ...
- إصابة 3 أشخاص في هجوم انتحاري استهدف حافلة تقل عمالًا ياباني ...
- إعلام ونشطاء: هجوم صاروخي إسرائيلي جنوبي سوريا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - نهاية اكذوبة - الموت-: مابعد الجلجامشية