عشتار الفصول:111467 القراءات الحضارية للمكوّنات الوطنية.قبلية كانت أم عشائرية .

اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.
(Ishak Alkomi)

الحوار المتمدن-العدد: 6187 - 2019 / 3 / 31 - 15:01
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

عشتار الفصول:111467
القراءات الحضارية للمكوّنات الوطنية.قبلية كانت أم عشائرية .
كيف تكون قراءاتنا حضارية ، وتقدمية ،ووطنية. حين نقرأ في المكوّنات الاجتماعية قبلية كانت أم عشائرية أم عرقية .ضمن وطنٍ نُريده أبجدية للمساواة والحق والعدل والحرية المنضبطة.؟!!
من هذه الأسئلة التي نحددها كمعيارٍ موضوعي وواقعي وتقدمي . ونعتبرها المدخل غير القابل للاجتهادات كلّ ذلكَ .لئلا نقع في مطبات الليبراليين حيناً،والمنغلقين والمتخلفين والشوفينيين من أبناء المجتمعات التي تحكمها عواطفها بألية بخسة حيناً أخر. أو من هم مع موجة العولمة دون قراءة واقعية وتدقيق في سياقات الحركة التاريخية للمجتمعات بمكوّناتها الأساسية.تلك المكوّنات التي تشبه باعتقادي خيط المسبحة. إن انقطع تناثرت حباتها .ولن تجتمع بدون منطق وقوة ومحاججة . أجل عندما تتناثر يُصبح أمر إقناعها صعباً للغاية .
ولهذا حين نأتي على دراسة ما .لقبيلة أو عشيرة ٍ أو جماعة. فنحن لاننظر للأمر بمنظار المتخلفين والمنغلقين، ولا نريد أيضاً من أن نُلغي دور الحِراك السياسي بين أبناء المجتمعات البشرية، ولا تلك التي أساسها كان تلك القبيلة أو العشيرة.بل نحن نهتم بهذا الشأن من خلال مدخل هام وضروري هو معرفة الكلية والكيفية التي على أساسها تتشكل ألوان الفكر الاجتماعي والوطني والقومي والديني وحتى الأممي منه.إنّ من لايعرف الجزء لن يتوصل إلى حقيقة وجوهر الكل الذي هو الحامل النهائي لجميع الأفعال والنشاطات للمجتمع الإنساني في أيِّ بقعة من العالم.
وأورد هنا بعضاً من تاريخ الدول المتقدمة والحضارية .ونأخذ أوروبا مثلاً لنا. فقبل ثلاثمئة عام كانت هذه القارة مسرحاً للقتال والنزاع. وكانت تُمارس فيها الوحشية المفرطة التي لا ولن نُصدقها لو نحن لا نعرف ،ولم نقرأ تاريخها .ولكن تلك الشعوب المتصارعة آمنت أخيراً بالحوار طريقاً ومنهجا بعدما تمت إعادة تأهيل لمجموعة الأفكار التي كانت تتحكم بها،ومن الوجهة الاقتصادية فقد مرت بأزمنة عديدة حتى وصلت إلى الإقطاعية والبرجوازية وهكذا .إنّ مايهمنا من هذه الجزئية هنا هو أن معرفة تاريخ وحركة وفكر أيّ جماعة عرقية هو ضرورة وجودية ووطنية.إن من يُريد إلغاء وتهميش دور القبيلة أو العشيرة كمكوّن اجتماعي بذريعة ما تتضمنه الشعارات للأحزاب سواء أكانت قومية أو أممية هو كمن يُريد أن يُلغي وجود أكثر من نصف المجتمع في أوطان الشرق الأوسط….وعلينا ألا نقفز على مراحل نشوء المجتمعات بدعوة الحضارية والتقدمية .وهنا أستحضر لينين في إدراكه أهمية أصحاب الخبرة ممن كانوا قبل الثورة البلشفية التي قامت في عام 1917م وقضت على القيصرية الروسية .إن الخبرة والمعرفة لهؤلاء .لم تكن تتوفر بنفس الزخم عند أبناء وأهل الثورة .فكان لابد أن أستعان بخبرات من قام بثورته لأجل إنهاء مرحلتهم ووجودهم وأبقاهم ليردفوا ثورته بخبراتهم لو فقدها لفقد العديد من مراحل التنمية الاقتصادية..إن البناء لايكون بأن نهدم كلّ موروثاتنا وخبراتنا تحت عواصف الانتماء لجيل متقدم . بل علينا أن نجد بوابات لتطوير أفكار تلك الموروثات الثقافية والاجتماعية .وما تحمله معها من مهام تؤدي بمن يهملها إلى الهلاك.وعلى سبيل تقديم طريقة بسيطة لتكوين الأفكار لدينا فها أنا أسوق رأي العالمة والباحثة السوفيتية (كروبسكايا) التي أكدت على أن بناء الأفكار لايأتي من فوق بل يتكون من الأسفل إلى الأعلى و بالتدريج وبمعرفة جوهر العملية البنيوية. فالبناء كما قالت:( لانستطيع بناء الجداران بدون أساسات ، هكذا لايمكن بناء السقف بدون الجدران) .فالعملية تقتضي ليس الجانب الحركي ،بل والمعرفي أيضاً. ولهذا نؤكد على اهتمامنا بمكوّنات المجتمعات وقراءتها يُفضي إلى فضاءات. تمهد لنا سبل التعامل معها تعاملاً على أساس معرفي ،وليس غيبي .
و لما كان المجتمع يتكوّن من نواة هي الأسرة ،وهي الأساس في تكوينه البيولوجي، فإن مجموعة الأسر تكوّنُ عصبه المستمر، والذي يرفده بكلّ جديد سواء أكان في الجانب الفكري الفلسفي أو في الجانب العملي وتأثير هذين الجانبين في مسيرة هذه الجماعة أو تلك.
إن طرح موضوع القبائل والعشائر وتطوير آليات معرفتها، ووضع مناهج استراتيجية لها لتكون أهم الروافد الوطنية والإنسانية. هو من أولوية المثقفين من أبناء تلك القبائل أولاً ,ومن بقية أبناء المجتمع ثانيا.
وعلينا يتوقف فهم دور القبيلة وقوتها ،وفعاليتها، وكيفية وضع أجندة لحمايتها من العودة إلى أحضان العصبيات والأساليب التي كانت تدور بين القبائل ونقصد موضوع الثأر وغيره.
إن الاهتمام بالجانب القبلي. يعني بالنسبة لي أن يتم إدخال تاريخ القبائل والعشائر إلى المادة الاجتماعية في المناهج التربوية مع تطوير آلية دور القبيلة الحضري بدلاً من البداوة .
إنّ الدولة بكلّ أجهزتها التشريعية والتنفيذية . معنية بالقبائل والعشائر ليس من أجل التحالفات مع الأجهزة الأمنية ،ونقل الأخبار إليها. وإنما أن تضع الدولة ضوابط تنموية وفكرية تؤهل تلك القبائل والعشائر لتكون جزءاً هاماً من حِراك وطني يقوم على التقدمية والانفتاح والتحرر من ربقة كل شوائب الماضي بمحمولاته التي لاتليق بالدور الإنساني والتراحمي والوطني للقبيلة.
كما ونؤكد بأنّ ما نطرحه ليس نقيضاً للأحزاب الوطنية أو غيرها. وإنما نرى أن تكون العلاقة قائمة على احترام الشخصية الاعتبارية لمجموعة المفاهيم التكوينية في المجتمع .
وعلى الدولة أن توفر لأبناء القبائل فكرة المشاركة في الحياة السياسية ليس من أجل تحقيق حالة صورية بل من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والحقوقية. على اعتبار أن أبناء القبيلة يحق لهم المشاركة في صنع القرارات للدولة وهم معنيون أصلاً بالمشاركة الإيجابية وقطع دابر التحالفات التي لاتفضي إلا إلى التنافر والعداء.
إنّ إشراك أبناء القبائل إسوة بالأحزاب ومرشحيها حالة صحية ،ومنهج قويم تتبعه الدولة المتنورة والمتطورة.
وأخيراً إن طرح موضوع القبائل والعشائر ليس كما يظن بعضنا .فنحن لانطرح الأمر من وجهة متخلفة ولا لغاية إثارة الغبار أمام الفكر الأيديولوجي على مختلفه أنواعه وأهدافه. وإنما نطرح مكوّنا اجتماعياً له قيمته وحضوره .وعلينا جميعاً أن نعاونه في الاندماج الكامل في سياقات حركة التقدم والتطور والوطنية الحقيقية وليست الصورية .ونُطالبه بأن يكون الولاء للوطن أولاً وأخيراً . الوطن الذي نأمل أن تتحقق فيه المساواة للجميع عبر برنامج انتخابي ودستور ثابت يولد من رحم الواقع لامن خارجه.
اسحق قومي.
مستشار منتدى الأقليات في الشرق الأوسط ـ المركز الأوروبي لدراسات الشرق الأوسط.
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري مستقل يُقيم في ألمانيا.
30/ آذار لعام 2019م

#اسحق_قومي (هاشتاغ)       Ishak_Alkomi#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل