|
نظرة على واقع الاسلام السلفي واليمين العنصري
سوزان امين
ناشطة مدنية
(Sozana Amin)
الحوار المتمدن-العدد: 6178 - 2019 / 3 / 20 - 03:59
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
منذ احداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 تغير وجه العالم وسقط القناع فظهر شيئا فشيئا الوجه القبيح للنظام الراسمالي العالمي ابتداءا باول حرب انتقامية شنتها امريكا على افغانستان بعد هجمات تنظيم القاعدة على برحي التجارة العالمي في الولايات المتحدة الامريكية . هذا الرد الانتقامي السريع من اميريكا على افغانستان ادت في باديء الامر الى ضعضعة الاسلام السلفي المتمثل بطالبان وتنظيم القاعدة الذي كان قد انقلب على امريكا بعد ان كانت القوة الداعمة لهم في حربهم ضد الشيوعيين في افغانستان . ولم يمض وقت طويل حتى قامت اميريكا بعدها بالهجوم على العراق واحتلاله بحجة مزاعمهم في امتلاك العراق لاسلحة دمار الشامل . وقد كان احتلال العراق بمثابة عملية نعاش لقوى الاسلام السلفي ومنح الحياة مجددا لهذه القوى الارهابية المهزومة والمتشتتة التي اتخذت العراق بعد احتلالها مباشرة ساحة مجانية لحشد قواها وتشكيل تنظيماتها المتالفة من بقايا فلول حزب البعث البائد وكل السلفيين الذين جاؤا من العالم العربي ومن الشيشان وباكستان وافغانستان ومن كل بقاع العالم مؤسسين بذلك تنظيم دولة الاسلام في العراق والشام (داعش) . رافقتها وقوع سلسلة من العمليات الارهابية في بالين وبريطانيا والمانيا ودول اخرى كثيرة . وهذا طبعا كان متوقعا عشية قرار الحلفاء بشن حربهم على العراق ولهذا خرج ملايين الناس المحبين للسلام في مظاهرات مناهضة للحرب على العراق لما تحمله من اهداف عدوانية وكذلك تحسبا لما قد يحصل كنتيجة لهذا العدوان من ظهور قوى متطرفة سلفية تقوم باعمال ارهابية في اوربا ومن ثم ايقاض مجمواعات متطرفة يمينية ايضا كانت نائمة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية . ومن المؤسف جدا ان كل هذه التوقعات اصبحت واقعا ملموسا يشهده العالم اليوم كتبعات للحروب المدمرة والمتواصلة في منطقة الشرق الاوسط . فمقابل تعاظم قوى الاسلام السلفي صعد اليمين العنصري للحكم من خلال خطاباته الشعبوية تمكن من كسب مؤيدين له من بين السكان الاصليين في بعض الدول الاوربية وبالتالي حقق تقدما غير مسبوق النظير في دول عديدة كالدنمارك والسويد وهولندا وهكذا دخل العالم في حرب جديدة اخطر واشد شراسة , اقطابها قوى الاسلام المتطرف واليمين العنصري وجهان لعملة واحدة كلاهما يبني فكره على الحقد والكراهية للاخر الذي لاينتمي اليه بغض النظر عن اصولهم وانحدارتهم وحتى دون وضع اي اعتبار لماهية هذا الاخر وهويته ودوره في المجتمع , فباشروا بقتل عشوائي اساسه الكراهية والانتقام . فبنظرة بسيطة نرى ان معظم الذين تم قطع رقابهم من قبل ابو مصعب الزرقاوي وابو بكر البغدادي كانوا ناس مدنيين ليس لهم اي نشاط سياسي مع اي جهة معادية للاسلام او موالية للاحتلال . تماما كما فعل اندرس بهرنغ بريفيك اليميني العنصري الذي قام في 22 يوليو 2011 في النرويج بقتل اكثر من 80 من شباب حزب العمل الحاكم في النرويج في معسكر بجزيرة اوتايا , حين فتح النار بقناصته مطلقا الرصاص بشكل عشوائي على الشباب من الاصول المهاجرة البعيدة كل البعد عن التوجهات الدينية الاسلامية . فالمهاجرين بالنسبة لبريفيك هم الاعداء الحقيقيين له بعض النظر عن اصولهم ودياناتهم او مايقدمون للمجتمع من اعمال وابداعات تخدم المجتمع النرويجي , فهو يرى من منطلق فكره العنصري بان المندمجين يشكلون خطرا اكبر على النرويجي الابيض , فهم الشريحة التي ستلوث دماء سكان النرويج الاصليين على اعتبار انهم اكثر استعدادا للاختلاط بالجنس النرويجي الابيض . وتماما كما تمت عولمة الارهاب الاسلامي جرت بنفس الطريقة عولمة الارهاب اليميني العنصري وقد جاء هذا في ما زعمه برينتون تاررانت العنصري الذي نفذ مؤخرا العملية الارهابية في نيوزيلاندا , حيث قال وفقا لما ورد في صحيفة نيوورك بوست أنه كان "على اتصال قصير" بالقاتل الجماعي النرويجي أندرس برينغ بريفيك ، الذي يزعم أنه أعطى "بركة" للهجوم . واذا كان قد اختار الهجوم هذه المرة على مسلمين داخل مسجد فالسبب هو انه المكان الوحيد الذي يتواجد فيه غالبية مهاجرة اضافة الى انه امر انتقامي حسب مزاعمه المعلنة . خلاصة الكلام هي ان الناس الابراياء في اوربا وخاصة المهاجرين الهاربين من حجيم الحروب بغض النظر عن اصولهم وديانهم هم الاكثر تضررا في طاحونة هذا الصراع المقيت فهم واقعين بين فكي كماشة الارهاب السلفي واليمين العنصري الذين كلاهما من انتاج وافرازات السياسات العدوانية لاميريكا حلفائها .
#سوزان_امين (هاشتاغ)
Sozana_Amin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشكلة العنف الاسري ضد المراة في السويد , الامكانيات والتحديا
...
-
خمسون زهرة ايزيدية اخرى رحلن عن عالمنا دون حداد
-
تقييم لكتاب أنعتاق فكر متمرد حطم اصفاده , للكاتب هاشم المدني
-
دروس من التاريخ الغربي والطريق الى انشاء دولة مدنية علمانية
...
المزيد.....
-
هل يولد المجرمون أشرارا؟
-
4 علامات مبكرة للخرف تظهر عند المشي
-
هل يؤثر شرب الماء أثناء تناول الطعام على الهضم فعلا؟
-
Yingmu تعلن عن نظارة ذكية لرجال الأعمال ومحبي السفر
-
يحمل في الجيب.. -كلاشينكوف- تطور مرشحا صغيرا لتنقية الماء
-
كوريا الجنوبية لا توافق على تسليم دباباتها الجديدة لأوكرانيا
...
-
ماذا سيحدث لو تلقت الأرض إشارة من كائنات فضائية؟
-
أين الخدعة في تهديدات ترامب ضد دول بريكس؟
-
لوكيانوف: ليس هناك ما يدفع السلطات الجورجية إلى الانحناء أما
...
-
ترامب يعلن مشاركته في أول حدث خارجي له منذ انتخابه
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|