سوزان امين
ناشطة مدنية
(Sozana Amin)
الحوار المتمدن-العدد: 6164 - 2019 / 3 / 5 - 23:56
المحور:
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2019 - دور وتأثير المنظمات والاتحادات النسوية في إصلاح وتحسين أوضاع المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين
منذ بداية هذا العقد وعلى اعقاب الهجرات المتزايدة من الشرق الاسط سكنت غرب اوربا ودول الشمال الاف العوائل من دول افغانستان والعراق وسوريا , وهنا يتخيل المرء بان ماساة النساء المهاجرات قد انتهت وها هنّ يبدان حياتهن من جديد في بلد يؤمن بالحرية والمساواة وسيمحي عن نفوسهن كل ماتعرضن له في الماضي من عذابات وانتهاكات على ايدي داعش والطالبان وحتى على ايدي رجال العائلة والعشيرة والجيران .
ومن المؤسف جدا حين نصل الى هذه النقطة نصطدم بواقع مرير وهو ان المراة الشرقية لازالت ترزح تحت وطئة القيم البطرياركية البالية المتخلفة وتخضع لنفس المعاملة الوحشية التي كانت تلاقيها في الماضي حتى وهي تعيش في واحدة من اكثر الدول ديمقراطية وايمانا بالمساواة .
ان هذه المشكلة هي مشكلة جدية تواجه المجتمع الاوربي وانا ساشير في بحثي هذا الى السويد باعتباري اعيش فيها منذ اكثر من عقدين من الزمن .
المؤسسات السويدية بسلطاتها التشريعية والتنفيذية قامت بسن وتفعيل الكثير من القوانين المدنية لمنع والحد من ظاهرة العنف واستبداد المرأة في الاسر المهاجرة , منها قانون منع تزويج القاصرات ومنع ختان البنات واعتبار القتل بدافع غسل العار جريمة يعاقب عليها القانون كسائر جرائم القتل الاخرى , وطبعا هذا كله تم بعمل متواصل ودؤوب من قبل العديد من المنظمات المدنية المدافعة عن حقوق المراة والطفل في السويد , ولكن رغم ذلك فلازالت العديد من النساء المهاجرات يواجهن في داخل بيوتهن مصيراً لايختلف كثيرا عن ما يشهدنه النساء في بلدانهن الام . فبالرغم من وجود عدد لا يستهان به من المنظمات النسوية ودور الحماية اضافة الى اقامة دورات تعليمية واسعة لكل العاملين في مجال مناهضة العنف الاسري ومؤسسات الرعاية الاجتماعية والسلطات الاخرى كادارات المدارس والشرطة والرعاية الطبية والنفسية , الا ان ارقام ومؤشرات العنف ضد المراة في تصاعد كبير والسبب هو ان العمل في هذا المجال لا يسير كما ينبغي له ان يكون . فقد تم تهميش بعض جوانب المهمة في هذه المشكلة باعتبارها جزءا من التقاليد الاجتماعية والدينية التي لايجوز المساس بها او التدخل فيها ايمانا بحرية المعتقد المكفولة للمواطنين السويديين بموجب الدستور . فعلى سبيل المثال اجبار الفتياة القاصرات على ارتداء الحجاب من قبل الاهل يعد امرا عاديا متجاهلين بان هذا يتعارض مع حرية واختيار الطفل نفسه والمقرة في اتفاقية حقوق الطفل / المادة 14 التي تكفل للطفل حرية الفكر والوجدان والدين . والتي ستباشر دولة السويد بتطبيقها في عام 2020 .
صحيح ان الدولة قد خصصت مبالغ كبيرة في ميزانياتها للحد من ظاهرة العنف الاسري بحق المراة ولكن الاموال تصرف بشكل غير عادل احيانا , فالمنظمات التي تعمل بشكل جدي لا تحصل على المال الكافي للقيام بواجباتها في هذا المجال . كما ان الاجراءات الاحترازية التي قد تسهم في الحد من العنف الاسري ضد المراة لازالت ضعيفة وليست بالمستوى المطلوب .
كما ان ربط قضية مناهضة العنف ضد المراة وحقوق الطفولة بالسياسة هي واحدة من التحديات التي تواجه حل هذه الاشكالية , خاصة عندما يتعلق الامر بالمهاجرين المسلمين , حيث نلاحظ ان هناك موقف متراخي وغير حازم ازاء المهاجرين المسلمين والذي عادة ما تكون النساء في هذه الشريحة هي الاكثر تعرضا للعنف والاستبداد الاسري . وهذا الموقف له ابعاد سياسية , فقد صدر مؤخرا تصريحات سلبية من افراد في الحكومة السويدية اذ تقدمت مونى ساهلين القيادية في الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي بمقترح لتقديم الدعم العلاجي النفسي لتقويم مقاتلي داعش وابداء التعاطف معهم على اساس انهم ضحايا . وفي هذا الصدد كتب الصحفي السويدي ديفين ريكسفيد في صحيفة Svenska Dagbladet احدى اكبر الصحف السويدية المحلية ـ كتب مقالا يتنقد فيه هذا الموقف السلبي الواضح من جانب الحكومة السويدية ازاء الجماعات الجهادية قائلا فيه :
" ان الذين يستحقون الدعم والتضامن هم أولئك الذين وقعوا ضحايا لاعتداءات الجهاديين ونجو من الموت في العراق وسوريا , هؤلاء هم من يحتاجون الى التضامن وتقديم الدعم النفسي والتقويم وليس الجهاديين الارهابيين الذين قاتلوا ضمن واحدة من أكثر الجماعات الإسلامية وحشية اليوم , هم الذين ارتكبوا على الأرجح أعمالًا وحشية ضد الأبرياء وقاموا بقطع رقاب الابرياء وسبي واغتصاب النساء الايزيديات وغيرها من الجرائم ضد الانسانية ، وان تدبيرا سياسيا كهذا يعد امرا استفزازياً." ـ انتهى الاقتباس
ومن هنا لا تستبعد ان يكون عدم فتح ملف النساء المعنفات في الجالية المسلمة في السويد وتكميم الاعين امام اوضاع هؤلاء النسوة وتجنب اشكالياته ناجم عن الحذر من المساس بخصوصيات المهاجرين المسلمين . فالاجراءات الوقائية للبنات في المدارس كخطوة اولى للحد من العنف الاسري لايجري بشكل جدي وواضح خوفا من ان يتم ترجمته على انه معادات للقيم والافكار الاسلامية . وهذا طبعا يتعارض مع القيم المساواتية في المجتمع السويدي . لذلك تبقى هناك ثغرات يستمر من خلالها جريان العنف الاسري والقهر بحق النساء اللواتي يتعرضن للعنف بكافة اشكاله .
ان كل ماهو مطلوب الأن هو تمكين اكثر للمنظمات النسوية الجادة التي تعمل بشكل فاعل ومؤثر وبالتالي تمكين المراة المعنفة ذاتها ومساعدتها على ايجاد حل لمشكلاتها وحثها على الخروج من البيت والعمل من اجل تعزيز ثقتها بذاتها والاعتماد على نفسها اقتصاديا اسوة بالنساء الاوربيات . وعلى السلطات التشريعية الاقدام والجراة في فتح ملف هؤلاء النساء اللواتي يعانين القهر والاستبداد الاسري داخل مملكة السويد , وعدم تجاهل مشكلتها بل اعتباره وضعا شاذا لايمكن السكوت عليه . من الضروري ايضا القيام باجراءات وقائية وتوعوية للبنات في المدارس منذ الصغر وفتح اذهانهم على مفاهيم الحرية واحترام الذات وحرية اختيار الملبس , وافهام البنت ان جسدها ملك لها وليس لاحد الحق في تزويجها او ضربها او التجاوز على حقوقها او اغتصابها بغطاء شرعي .
واخيرا وليس أخر اليكم بعض الارقام التي تشير الى حالات العنف الاسري ضد المراة . مصادرها هي محاضرات ذات صلة بالعنف ضد المراة اقيمت في مدينة ستوكهولم .
* نسبة 70 بالمئة من حالات العنف ضد المراة في السويد تحصل بين المهاجرين .
*700 مليون امراة في العالم ككل تتعرض للتزويج القسري .
*125 مليون طفلة وامراة يعانون من تبعات تعرضهن لعمليات الختان (WHO2014)
* اكثر من مليوني فتاة في عمر 4ـ11 سنة تتعرض سنويا لعمليات ختان .
* في عام 2013 كشفت المعلومات عن ان 10 فتياة منذ عام 2006 فقدوا حياتهم في حوادث "قتل
الشرفات" اي عن طريق الاسقاط من شرفات المنازل العالية .
*تموت تقريبا في السويد كمعدل من 13 ـ 17 فتاة سنويا بسبب العنف الاسري او بتبعات ذلك .
فقط في 2016 قُتٍلَت 19 امراة على اقل تقدير في داخل منزلها . 7 منهن قتلت عندما قررت ان تترك زوجها .
وقائمة العنف والاستبدا بحق المراة للاسف لازالت للاسف طويلة مستمرة ....
#سوزان_امين (هاشتاغ)
Sozana_Amin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟