أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ديانا نصار - تاريخ اضطهاد المرأة في كتاب الجنس الآخر















المزيد.....

تاريخ اضطهاد المرأة في كتاب الجنس الآخر


ديانا نصار

الحوار المتمدن-العدد: 6166 - 2019 / 3 / 7 - 23:56
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


عند قراءة عنوان الكتاب “الجنس الآخر” تتبادر إلى ذهن القارىء تصوراتٌ مختلفة عما عليه توقعه عند قرائته. فقد يظن أحدهم أنه يتحدث عن المرأة، وقد تتصور أخرى أنه يتحدث عن الرجل، وقد يعتقد آخر أنه يتحدث عن علاقة كلِّ طرفٍ بالطرف المقابل. والكتاب في حقيقة الأمر يتناول تحليلاً مفصلاً حول تاريخ اضطهاد المرأة والظلم الذي وقع ويقع عليها عبر التاريخ. نشرته الكاتبة الفرنسية سيمون دي بوفوار عام 1949، وقد كان رائداً ومرجعاً أساسياً للحركات النسوية في أوروبا ووصل الأمر بالفاتيكان إلى وضعه على قائمة الكتب المحرّمة إلى أن أُلغيت هذه القائمة منتصف الستينيات.

تحاول دي بوفوار في فصل الكتاب الأول أن تجد تفسيراً لكيفية تحول العالم ليصبح ذكورياً إلى هذه الدرجة. كيف تسلم الرجل زمام القيادة والسيطرة في هذه الحياة؟ أم أن المرأة هي من سلمته زمام الأمور طوعاً؟ كيف أصبحت المرأة هي “الآخر”؟ وكيف رضيت أن تبقى كذلك؟ في محاولةٍ للإجابة على هذا السؤال تستعرض دي بوفوار ثلاثة تحليلاتٍ مختلفة من وجهة النظر البيولوجية أولاً؛ والتي تُرجع السبب إلى ضعف تكوين المرأة الجسدي وعدم قدرتها على مواكبة قوة الرجل البدنية. ثم وجهة النظر النفسية الفرويدية حول نظرة المرأة لنفسها ولأنوثتها وكيف يؤثر شعورها بأنوثتها على تفاعلها في المجتمع، ثم تطرح أخيراً وجهة النظر المادية التاريخية مستشهدةً بما أورده الفيلسوف الألماني”إنغلس” عن تاريخ المرأة في كتابه “أصل العائلة”؛ حيث ذكر أن ظروف الحياة في العصر الحجري كانت تقوم على تكليف المرأة بالأعمال المنزلية وبعض أعمال البستنة والزراعة مما ضمن لها مساهمة معقولة في الحياة الاقتصادية، بينما كان الرجل يقوم بالصيد وبعض الأعمال في الخارج مما ضمن نوعاً من التقسيم المتساوي للأعمال بين الرجل والمرأة وبالتالي نوعاً من المناصفة المجتمعية فيما بينهما. لكن، بعد ظهور المحراث وأدوات الزراعة وفكرة الملكية الفردية أصبح الرجل قادراً على السيادة في أرضه والاستعانة بتلك الأدوات وتملّك الإقطاعات والعبيد، وأصبح أيضاً مالكاً للمرأة. وقد كان ذلك – من خلال تحليل إنغلس – هو الانكسار التاريخي الكبير للجنس النسائي. وإن كانت دي بوفوار تخالفه الرأي فهي لا ترى أن نزعة الإنسان إلى الملكية الفردية أو حتى قلة قوة المرأة العضلية أو دورها الجنسي كافياً لتبرير الظلم الذي وقع على المرأة وأدى إلى تهميشها عبر العصور.

تستعرض سيمون في القسم الثاني من الكتاب مظاهر تطور ظلم المرأة ونموه المتوازي مع نموها عبر مراحل تكوينها؛ فالمرأة تُعَد وتُهيؤ منذ صغرها لأن تكون أقلَّ درجة من الرجل وتؤسَّس على البقاء في المنزل فتُقدَّم لها الدمى لتعتني بها وتمارس عليها دور الأمومة وتمحور حياتها حول المنزل، بينما يتم إعداد الرجل منذ الصغر وتعويده على الخروج والقيام بأعمال “أكثر أهمية”؛ مما يجعل الفتاة تنظر إلى نفسها منذ الصغر على أنها إنسان بدرجة أقل.

ثم تأتي على فترة المراهقة التي تُرسخ عند الفتاة هذا الظلم والشعور بالاضطهاد؛ إذ أن التغيرات الفيسيولوجية التي تمر بها الفتاة تفرض عليها التنحي والتهميش. فبينما يكون الرجل في أوج نموه وبناء قوته العضلية، تزيد هذه التغيرات من ضعف بنيان جسم المرأة وقوتها البدنية الضعيفة أصلاً. تصاحبها كذلك تغيرات نفسية خاصةً إن لم تكن على وعيٍ بكيفية التعامل مع متطلبات هذه المرحلة؛ مما يدفع بها إلى الزاوية مرةً أخرى.

مما يقودنا فيما بعد إلى مرحلة الزواج؛ والظلم الواقع على المرأة هنا يبدأ من العرف المجتمعي الذي يمنح الرجل حق اختيار الزوجة والطلب كيفما يشاء. أما الفتاة فليس لها سوى الانتظار للحصول على أفضل عرض زواجٍ ممكن، دون أن تملك حرية الاختيار أو الرفض. تعرّج دي بوفوار هنا على معاناة الفتيات عند الارتباط والانتقال إلى مرحلة الزواج لنقص التوعية التي يحصلن عليها بهذه المرحلة وتبعاتها سواء من الأهل أو من المجتمع، وتستشهد بقصصٍ ومآسٍ مرت بها فتيات عند الزواج نتيجة جهلهن وعدم توقعهنّ لما مررن به.

من أكثر الجوانب إثارةً في هذا الكتاب هو الظلم المفروض من المرأة على المرأة نفسها؛ تشخصه دي بوفوار عبر تناول علاقة الفتاة بأمها. فالأم – رغم أنها مرت بنفس الظروف – لا تسعى لتغيير واقع ابنتها بل على العكس تعمل على خلق نفس الظروف ونقل نفس التعليمات والقواعد التي رُسخت لها لابنتها. فهي تحرص على تعليمها الأمور المنزلية منذ الصغر وتفضل أن يقوم الولد لا البنت بإكمال تعليمه حتى وإن كانت البنت أكثر نباهةً. ثم تضغط على ابنتها للحصول على أفضل زوجٍ ممكن؛ وتلومها إن فوتت عرضاً مغرياً أو صيداً (عريساً) ثميناً! وعند الزواج تنتقل الفتاة لبدء حياتها هي، ولتكوين المنزل الجديد الذي يخصها وتشعر فيه هي الآن بالسيادة، فما يكون منها إلا أن تضطلع هي الآن بالقيام بفرض الظلم نفسه على بناتها مرةً أخرى، وتستمر الأمور في ذات الحلقة.



هنا، وبعد أن تمر الفتاة بكل هذه المراحل، ترى دي بوفوار أنها ستشعر لا محالة أنها أفنت حياتها في سبيل الآخرين. وأنها لم تحقق شيئاً خاصاً لذاتها. فهي رغم قيامها بتنشئة الأطفال وتكلفها بالأعمال المنزلية سترى أن كل هذه الأعمال لم تؤدِّ بها إلى تغيير واقعها، وستغادر الحياة دون أن تكون قد أثرت فيها أو حصلت لنفسها على شيءٍ يخصها. فتقدم هنا تصوراً أن سبيل تحرير المرأة الأقوى هو بحصولها على الاستقلال المادي؛ فهي ترى أنها حين ذاك ستكون قادرةً على تملك زمام أمرها والتصرف بحياتها كما تريد لتتمكن لاحقاً من المطالبة بحقوقها الاجتماعية وحقوق المشاركة السياسية أو حتى الاستغناء عن الرجل. وهنا تبين كيف أن المرأة التي تكوّن لنفسها قوةً مادية واجتماعية كبيرة تتخذ من الزواج اختياراً وليس شرطاً كما في حالة النساء الأخريات، وترفض الخضوع للرجل والنزول إلى حكمه إلى درجة أنها قد تعزف عن الزواج أو حتى تمارس السحاق.

يبقى السؤال مطروحاً إذاً على مائدة النقاش: كيف للمرأة أن تتخلص من هذا الاضطهاد وتحصل على حريتها المنشودة؟ ما هي الخطوات العملية الكفيلة بتقدمها وحصولها على التقدير والوضع الذي تستحق؟ وهل يساعد المجتمع المرأة على القيام بدورها المفترض وانتزاع هذه الحرية؟ قد تكون الإجابة على هذه التساؤلات ومعالجتها خطوةً أولى في الطريق الطويل الشاق في سبيل تحرير المرأة.



#ديانا_نصار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاريخ اضطهاد المرأة في كتاب الجنس الآخر


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ديانا نصار - تاريخ اضطهاد المرأة في كتاب الجنس الآخر