احمد الشيخ دقو
الحوار المتمدن-العدد: 6163 - 2019 / 3 / 4 - 22:55
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
سؤال راودني و راود كثير من الشخصيات الاجتماعية و سياسيين و مفكرين و حتى العوام ، هل نحن بحق احرار في اتخاذ قراراتنا و انتماءاتنا و حتى ولاءاتنا و ادناه آرائنا .
يقول " برتوا ندراسل " ( قد تقضي عمرك وانت تعتقد بانك تدافع عن افكارك ، ثم تكتشف انك في الحقيقة تدافع عن افكارهم التي زرعوها في عقلك ) .
لنبحر قليلا في هذا القول و ندع امواجه تتخبط بنا لعلنا نصل بطريقة او بأخرى الى ما نصبوا اليه و هي الحقيقة ، ولا شيء سوى الحقيقة .
دعونا اولا نوضح ما هي الحرية كما طرحها السابقون و حتى الحاليون من مفكرين و باحثين .
ذكرت الحرية في اعلان حقوق الانسان الصادر عام ١٧٨٩ بانها (( حق الفرد في ان يفعل ما لا يضر بالأخرين )) . الاعلان العالمي لحقوق الانسان قرار رقم " ٢١٧٣" .
و جاءت في الموسوعة البريطانية بان الحرية (( كلمة يكتنفها الغموض مثلها مثل كلمة الليبرالية لا اختلاف بينهما )) ، حقيقة الليبرالية و موقف الاسلام منها ص١١٤ .
عرفتها الموسوعة العربية العالمية بانها (( الحال التي يستطيع فيها الافراد ان يختاروا و يقرروا بوحي من ارادتهم و دونما اي ضغوط من اي نوع عليهم )) ، الموسوعة العربية مجموعة من العلماء و الباحثين ص٣٠٥/٩ .
واما تعريف الحرية في الفقه الاسلامي يقول (( الحرية هي المكنة العامة التي قررها الشارع للافراد على السواء ، تمكينا لهم من التصرف على خيرة من امرهم دون الاضرار بالاخرين )) .
و يقول الفاسي "علال بن عبد الواحد الفاسي " (( الحرية هي جعل قانوني و ليس حقا طبيعيا ، فما كان للانسان ليصل الى حريته لولا نزول الوحي و ان الانسان لم يخلق حرا و انما ليكون حرا )) مقاصد الشريعة و مكارمها ص٢٤٨
و يقول رحيل غرايبة رئيس المكتب السياسي و عضو المكتب التنفيذي لجماعة الاخوان المسلمين في الاردن (( الحرية اصلا مركوزا في فطرة الانسان و جعلها مناط ابتلاء ، كما جعل العقل مناط تكليف فالله عز وجل الذي خلق الانسان و كونه اراده عاملا حرا ثم اناط به الخلافة في الارض و اعمارها و فق منهج تشريعي عبادي منسق مع نواميس الكون و حركة الموجودات )) مسالة الحريات في النظام السياسي الاسلامي جريدة العدد٣١ .
كما يؤكد زكريا ابراهيم و الذي يعتبر من الجيل الثالث من الفلاسفة المصريين (( ان الباحث اذا يمم وجه نحو المعاجم و الفلسفة منقبا عن معنى منضبط لمفهوم الحرية فإنه سيجد من المعاني ما لا حصر له بحيث يكون من المستحيل ان نتقبل تعريفا واحد باعتباره تعريفا عاما يصدق على سائر صور الحرية )) مشكلة الحرية زكريا ابراهيم ص١٨ .
عبد الرحمن بدوي قال (( اتخذت كلمة الحرية معاني عدة شديدة الاختلاف على مدى التاريخ البشري لهذا لا مجال لحصرها إلا على اساس ظهورها في التاريخ )) موسوعة الفلسفة ١/٤٥٨ .
و يرى بعض الباحثين ان المعنى اللغوي و الاصلاحي للحرية في كتب العرب ضيقة مما يدل على ضيق كلمة الحرية في اللسان العربي مقارنة بنظيره الغربي ، و انا لم تُعرف خصوبة لسانية خاصة في الحد السياسي )) الانسان و مصيره في الفكر العربية الاسلامي كمال الصادق عمران ص٤١٨ .
و لأجل ذلك فالمصطلحات عادة ما تتسم بالخصوصية الحضارية و هي تستدعي دائما ارتباطات عدة اجتماعية و سياسية متعلقة بتلك المرجعية )) استقبال الاخر سعيد البازعي ص٢٣٣.
و عرف الغرب الحرية بانها الانطلاق بلا قيد و التحرر من كل ضابط و التخلص من كل رقابة حتى ولو كانت تلك الرقابة نابعة من ذاته هو ، من ضميره ، فلتحطم و ليحطم معها الضمير ان احتاج الامر ، حتى لا يقف شيء في وجه استمتاعه بالحياة ، و حتى لا تفسد عليه نشوة اللذة ، و معنى هذا ترك الانسان و شانه يفعل ما يشاء و يترك ما يشاء و هكذا بدون قيود و لا ضوابط و لا رقابة و على المجتمع ان يسلم بذلك الحق .
و على الحكومات ان تحافظ على تلك الحرية و تحميها .
و مفهوم الحرية من المنظور الاسلامي يتحقق من خلال الحقوق و الواجبات باعتبارها و جهين لعملة واحدة ، لان الحقوق من دون ان تقيد بالواجبات سيصبح الفرد غير مرتبط بالأخرين و قد يعرف حقوقه و لا يعرف حقوق الاخرين عليه مفهوم الحرية ص٩ .
و يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (( مثل القائم على حدود الله و الواقع منها ، كمثل قوم استهموا على سفينه فأصاب بعضهم اعلاها و اصاب بعضهم اسفلها ، فكان الذين في اسفلها اذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فآذوهم فقالوا لو انا خرقنا في نصيبنا خرقا و لم نؤذي من فوقنا ، فان تركوهم هلكوا ، وهلك الناس جميعهم و إن منعوهم نجو و نجى الناس جميعا )) البخاري ٣٩٩/٨ باب هل يقرع في القسمة و الاستهام فيه .
تعاريف و اراء تمايزت و تناقضات ، ولكن هل اصابوا قلب الحقيقة !! لنعود و نسال هل نحن احرار ؟؟؟
بين السماء و الارض ضاع الانسان .
بين الكنيسة و العلمانية ضاع الغرب
بين الجامع و الانظمة ضاع العرب
بين البابا و الاصلاح ضاع المسيح
بين الشيخ و القومية ضاع الاسلام
بين الرأسمالية و الشيوعية ضاع العالم
و هل نحن احرار ؟؟؟؟!!!!! .
رأسمالية ، شيوعية ، اسلام ، مسيحية ، قومية و علمانية ،انظمة مفصلة جاهزة ولك الحرية ان تختار ما صممناه لك ، وانت حر اختر ما شئت ، ولكن لا تخرج عن ما صممناه لك و إن اجتهدت فانت متطرف ، ارهابي ، عميل ، خائن و. و. فاختر ما شئت فأيضا نحن جهزنا لك ما تختار فاختر ما شئت .
فهل نحن احرار ؟؟؟
يقول الله لن تدخل جنتي ان لم تتبع بما امرتك ، ليقول الشيخ طريق الجنة من عندي إن اردت ان تتبع الله للجنة فعليك باتباعي "فمن لا شيخ له فشيخه الشيطان " ينسب الى الرسول و الرسول منه براء .
ليذكرنا هذا بالعصور الوسطى في اوروبا في بيع سكوك الغفران " ادفع تدخل الجنة و افعل ما شئت " .
و نحن هنا لا نكفر ما عاذ الله ولكن نطرح الامور بواقعية و شفافية ، فالبحث عن الحقيقة هي الهدف الاسمى المنطوي ضمن جنبات هذا المقال .
#احمد_الشيخ_دقو (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟