أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل بكاني - علاج الأزمة بين الرباط والرياض هو عودة المغرب إلى الوطن العربي بقوة















المزيد.....

علاج الأزمة بين الرباط والرياض هو عودة المغرب إلى الوطن العربي بقوة


نبيل بكاني

الحوار المتمدن-العدد: 6144 - 2019 / 2 / 13 - 07:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



المؤكد أن زمن السياسة الحكيمة في المملكة العربية السعودية، قد توقف مع مجيء ولي العهد محمد بن سلمان، فليست السياسة الخارجية وحدها انقلبت كل هذه الدرجة، وإنما حتى التوجه الداخلي للمملكة تغير في ظرف وجيز، من توجه قائم على مشورة رجال الدين إلى توجه ليبرالي، وفق التوصيف السعودي، أو علماني وفق المتعارف عليه. وهي علمانية لا نحبذها لأنها ذات طبيعة متطرفة عن قيم المجتمع السعودي الخليجي المحافظ والمتدين في عمومه. ولأنها علمانية لم تقم على أساس بُني على تجاذب فكري وسياسي، وإنما لأنها نتاج لحظة عابرة، فرضها شاب قليل الخبرة، بقرار انفرادي، وذلك إرضاء للغرب؛ أميركا أولا ثم إسرائيل في المقام الثاني والاتحاد الأوروبي أخيرا.

هذه السياسة الجديدة، العرجاء والمتسرعة، خلقت أزمات داخلية سيكون لها بلا شك تداعيات سياسية كبيرة على الأمد القريب، على السعودية خارجيا أكثر مما ستُسهم في تلميع صورة المملكة، التي هي ليست بحاجة إلى تلميع، بقدر ما هي في حاجة إلى إصلاح داخلي يقوم على العدالة وبإحياء القيم التاريخية والحضارية الضاربة في عمق التاريخ لهذا المجتمع الأصيل، بالشكل الذي يُذكي روح العروبة والإسلام في هذا البلد الذي يحظى بمكانة استثنائية داخل العالمين الإسلامي والعربي، على أُسس حديثة عصرية، ترفع من مكانة المملكة دون أن تجعل منها مسخا هوياتيا.

سياسة ولي العهد السعودي الحالي، لا يُمكن وصفها إلا بأنها بلاء ابتلي به المجتمع السعودي ذو الروح الطيبة والثقافة العالية، كما ابتليت به المنطقة التي تشارك المملكة نفس وعاء الحضارة العربية والإسلامية.. فبعد الخلاف مع قطر التي شاءت الأقدار الإلهية أن تحول دون أن تتطور إلى وضع غير محمود، وهي أزمة استفاد منها البلد الصغير بشكل كبير وعلى عدد من الأصعدة لا تتسع الصفحة لذكرها، ودفعته إلى الرفع من علاقته الجيدة مع إيران، ونتمنى أن تشهد الفترة القادمة تغيرا ايجابيا في العلاقات مع الجوار وسورية بالتحديد، بغض النظر عن حجم الخلافات، مادامت مصلحة الشعب العربي تقتضي ذلك.

اختلاق محمد بن سلمان للأزمات الخارجية مع الأقطار العربية، امتد إلى لبنان باحتجاز السلطات السعودية لرئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري في واقعة غير معهودة في تاريخ العلاقات الدولية الحديثة. وبعد سلسلة من المناوشات مع المملكة العربية المغربية، تعاملت معها الرباط بطريقة لم تتعامل بها مع فرنسا التي كانت حتى وقت قريب أهم مستثمر مالي في المغرب، و"داعم" له في قضية الصحراء، عندما تعدت سلطات باريس حدود اللياقة الدبلوماسية مع ممثلي الدولة المغربية، في واقعتي تفتيش وزير الخارجية ومحاولة توقيف مدير المخابرات، المغربيين، على التراب الفرنسي. وموقف المغرب من الأزمات التي افتعلها ولي العهد بن سلمان، أو تمت بتسهيل منه، يُبين مكانة السعودية في السياسة العامة للمغرب، ونحن نتحدث عن بلد، العلاقة معه لم تبدأ خلال المائة عام الأخيرة، وإنما هي علاقة ضاربة في عمق التاريخ، تداخل فيها ما هو عرقي بما هو ثقافي واجتماعي وديني ولغوي، وهي علاقة لا يمكن اختزالها في المظاهر الدبلوماسية والمصالح السياسية والمالية فقط.

تعليق السفير المغربي بالسعودية على استدعائه إلى الرباط، لم يأتي فيه أي جواب على حجم التشنجات بين المملكتين، لكنه في المقابل كان صادقا عندما اعتبر أن الأمر يتعلق بسحابة عابرة، فالعلاقة بين البلدين قد تتأثر وتبرد، لكن ذلك لا يعني أنها قد تصل إلى حد القطيعة، خاصة أمام هذه التغيرات التي تشهدها السعودية والتي تسير في منحى تصاعدي في اختلاق الأزمات مع أشقاءها العرب، بمناسبة ودون مناسبة، وكلما ضاق عليها الوضع في المنطقة.

المؤكد والثابت، هو أن الأزمة بين البلدين لن تصل بكل تأكيد إلى حالة القطيعة الدبلوماسية، ولكن ذلك لا ينفي عمق الخلاف، وهو خلاف مرشح لمزيد من التصاعد في ظل الأوضاع التي تمر بها السعودية على عدة مناحي، سواء ما يتعلق بقضية مقتل جمال خاشقجي، وهو الملف الذي تحول إلى وسيلة ابتزاز بيد عدد من الفاعلين الدوليين وآفاقه مفتوحة على جميع الاحتمالات بما فيها تلك الأكثر استبعادا، إلى جانب الضغوط التي تتعرض لها السعودية، منها حربها في الجبهة اليمنية التي أنهكتها ماليا وعسكريا وحتى معنويا، والقلق المتزايد داخل الدوائر السياسية في الرياض مما تعتبر أنه تهديد إيراني. هذه الاكراهات، يحاول الحاكم الفعلي (ولي العهد) معالجتها بسياسة غير حكيمة، وهي سياسة تقوم على تصريف الإحساس بالتفوق المالي والإعلامي الغارق في الذاتية، تجاه الأشقاء والحلفاء العرب.

المغرب في معالجته للأزمة، تعامل وفق مبادئ الحكمة والمرونة، وتجنب أي تصعيد مع بلد، يتغير فيه الحكام والمسؤولون والوجوه السياسية، لكن لا تتغير العلاقة والروابط المتأصلة بين البلدين، وهذه الحكمة في السياسة الخارجية أو الدبلوماسية المغربية، تخفي في طياتها نقائص يتوجب على الرباط، معالجتها وتداركها في أقرب وقت. ورغم أن حضور المغرب في الساحة العربية لازال له تأثير جيد، كلاعب له وزنه، بيد أنه منذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني، لم يستقر المغرب على توجه ثابت في علاقاته الخارجية، فبعد سنوات ضيعها أملا في تحقيق وهم هو حلم الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، رغم الفوارق الكبيرة في جميع المستويات، وبعد وصوله إلى الباب المسدود، وبعد عدة سنوات فيما يُسمى وضع الشريك المميز مع بروكسل، ها هو يعود بقوة إلى الاتحاد الأفريقي، رغم تجربة الخُذلان التي دفعته قبل 35 سنة إلى الانسحاب من "منظمة الوحدة الأفريقية"، فلا أحد ينكر أهمية عودة المغرب إلى هذا التكتل القاري، والذي يشكل طريقا نحو النمو الاقتصادي والتحرر من التبعية الاقتصادية خاصة لفرنسا، غير أن ذلك، لا يجب أن يُخفي الحقيقة الكبرى، وهي أن المغرب له روافد في أوروبا وأفريقيا، إلا أن عمقه الحقيقي وجذوره ومنبع ثقافته وعمقها وتاريخه وانتماءه المتأصل هو للوطن العربي، وأنه رغم كل ما يُستجد من أزمات، غير أنه في الأخير ليس له حلفاء غير الأشقاء العرب. وبناء الحضور الوازن لا يمكن أن يكتمل إلا بالعودة بقوة وبجدية إلى الساحة العربية، على جميع المستويات، سياسيا ودبلوماسيا وثقافيا وغيرهم، وهنا يتوجب على دوائر القرار في المغرب أن تؤمن بأن وحدة الصف العربي شعبا وأقطارا في ظل المؤامرات التي تحاك لأقطار وطننا العربي، والهادفة إلى التقسيم الترابي والطائفي والهوياتي، لارضاخ الحكومات لسياسة الأمر الواقع، والانبطاح تحت أقدام الهيمنة الصهيونية باسم تطبيع العلاقات، وتحت بنود النسخة الجديدة من مشروع الشرق الأوسطية، تحت مسمى "مشروع السلام في الشرق الأوسط" أو ما يعرف بصفقة القرن، وهو سلام المنهزمين الأذلاء.. على القائمين على الشأن في الرباط تجديد العلاقات مع جميع الأقطار العربية وعدم الاكتفاء بالتركيز على العلاقة مع المملكة العربية السعودية فقط، وأن يُبادروا باقتراح الحلول لأزمة الجمود السياسي على مستوى جامعة الأقطار العربية والدخول في وساطات بينية، وإذا كانت الدار البيضاء والرباط وفاس شهدت قمما مؤثرة، فانه بإمكان التاريخ أن يكرر نفسه، في إطار قمم ومنتديات سياسية ودبلوماسية واقتصادية تعيد للأمة العربية أملا في الحياة، وهو الأمل الذي لا مفر من البحث عنه.

صحفي وكاتب قومي عربي
[email protected]



#نبيل_بكاني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيد وزير التربية: صارحنا كم عدد خريجي الانجليزية في المغرب ...
- العثماني رجل التناقضات.. يطالب بالعربية ويخاطب المغاربة بالف ...
- لهذا يجب محاكمة وزيري التعليم والشباب المغربيين بتهمة التطاو ...
- مناهضون للامبرالية الثقافية يطالبون الأمم المتحدة بحت الحكوم ...
- مع ثورة -السترات الصفراء- حان الوقت لنثور على اللغة الفرنسية ...
- لهذه الأسباب دعونا إلى مقاطعة القناة المغربية الثانية - دوزي ...
- مقاطعة -دوزيم- والترامواي احتراما لسيادة دولة القانون
- مخطط تقسيم شمال أفريقيا إلى أمازيغ وعرب من خلال لغات وهمية و ...
- ردا على الأستاذ أحمد عصيد: الفرنسية ليست لغة علمية والعربية ...
- مندوبة ماكرون في الفرانكفونية -مقيمة عامة- على المغرب العربي ...
- طيف محسن فكري يحلق فوق سماء الريف المتوتر وفي محيط إقليمي طا ...
- هل سيصنع الاستبداد من -سيليا- معتقلة الريف -جان دارك- المغرب ...
- أردوغان ظاهرة صوتية بدون مواقف ثابتة والمصالحة الوطنية مطلب ...
- قرارات إعفاء المسئولين والكوادر المنتمية لجماعة -العدل والإح ...
- صراع داخل أميركا بين الديمقراطية التقدمية والرجعية الرأسمالي ...
- في قضية فتاتي انزكان -لنكن صادقين- لهذه الأسباب يتوجب على ال ...
- في قضية -مثليي-الرباط، الدولة تشجع على التطرف..
- عندما يمنع قاض مغربي اثنان من أتباع الشيطان من الزواج
- الى روح شهداء الابادة التركية في حق الأرمن
- اقالة وزيرة الداخلية المغربي بسبب قمع وحشي لوقفة انسانية تضا ...


المزيد.....




- ترامب يدعو لاتفاق سلام بين إيران وإسرائيل: -الاتصالات جارية- ...
- ما مدى انخراط أمريكا في العملية الإسرائيلية ضد إيران؟ مراسلة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل تقليص قواته من غزة لدعم الجبهة ضد إير ...
- هل خدع نتنياهو ترامب في الحرب ضد إيران؟
- ماكرون يصل غرينلاند لتعزيز الدعم الأوروبي للدنمارك
- إسرائيل تمدد حالة الطوارئ حتى نهاية يونيو
- مصادر دبلوماسية عربية تتحدث عن تحرك سعودي عاجل لإعادة إيران ...
- ترامب: قد نتدخل لمساعدة إسرائيل في القضاء على البرنامج النوو ...
- الحرس الثوري الإيراني يعلن إلغاء مراسم تشييع قتلى الضربات ال ...
- الدفاع الروسية: استهداف مركز قيادة أوكراني بصاروخ إسكندر قرب ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل بكاني - علاج الأزمة بين الرباط والرياض هو عودة المغرب إلى الوطن العربي بقوة