أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أمنية طلعت - هل من مرشد إلى طريق مصر الجديد؟














المزيد.....

هل من مرشد إلى طريق مصر الجديد؟


أمنية طلعت

الحوار المتمدن-العدد: 1527 - 2006 / 4 / 21 - 09:56
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


ربما لم أمر بوقت عصيب في حياتي مثل تلك الأيام التي نعيشها، والتي لا أجد لها توصيفا غير أنها أيام سوداء على مصر وكل مصري لديه إحساس ولو بسيط بحب تلك البلد التي تخطت الأزمنة لتبقى رغم كل صروف الزمان التي مرت عليها، ورغم كل اللعب والتشويه الذي شهده تاريخها ورغم كل المر والحنظل الذي ذاقه شعبها من حكامهم ومستعمريهم، لكنها الآن تعاني من مصيبة ربما لم تشهدها من قبل ألا وهي أن أولادها يأكلون بعضهم بعضا...نعم نحن المصريون نأكل بعضنا بعضا ومهما فعل أعقل العقلاء كي يربط زمام نفسه ويضبط إيقاع أعصابه حتى لا ينفلت، لا يستطيع في النهاية، ليقع في الخرف والترهات التي لا أول ولا آخر لها ليجلس في نهاية اليوم يسب نفسه ويسب كل شئ حوله.
بدأت المصائب بحادثة الوفد المشينة، عندما تسلح الدكتور نعمان جمعة راميا وراء ظهره كل تاريخه المشرف في حرب 1956 وعمادته لكلية الحقوق والأجيال التي تربت قانونيا على يديه وخرجت واضعة إياه مثلا يحتذى به، خرج الدكتور نعمان جمعة غير عابئ بكل هذا التاريخ العظيم ليستخدم بواسطة مجموعة من البلطجية المأجورين الأسلحة ضد أعضاء الحزب الذي ينتمي إليه، أي أكثر الناس قربا له في مصر كلها فكرا ونفسا قاتلا حتى الفراش المسكين الذي خدمه أكثر من عشرين عاما ثم حرق مقر حزبه محاكيا نيرون أو بالبلدي عاملا بالمثل القائل (فيها لأخفيها) ...كان مشهد واقعة الوفد محزن جدا بل قاتل، قضى على قدرتي على استنشاق الهواء السابح في الجو من حولي وأنا قابعة في منزل غربتي أمام شاشة التليفزيون أرى أهلي المصريين وزملائي الصحفيين يقتلون أمام عيني ولا أملك من أمرهم شيئا حيث تبعدني آلاف الأميال عنهم .
لم تندمل جراح قلبي من مشهد حادثة الوفد اللعينة وربما لن تندمل أبدا، لذا دعوني أقول لم تهدأ نفسي من تلك الحادثة حتى طل علينا رئيسنا المفدى (واللهي لا أدري إلى أين سيأخنا أبعد من ذلك في وادي الظلمات) عبر شاشة العربية الإخبارية وخرج ليقول بأن الشيعة العراقيين بل والعرب ولاءهم لإيران، هكذا وبكل بساطة أعلن مبارك عن إكتشافه الجهنمي وخرج ليقذف به في وجوهنا، متجاهلا تماما انه يواجه في مصر تيار شيعي يطالب بالإعتراف بمذهبه رسميا بعد طول تجاهل، ومتجاهلا دور مصر الكبير طوال التاريخ في نبذ الخلافات والاختلافات مصدرة قيمة واحدة ألا وهي العروبة أو على أقل تقدير الجوار والاشتراك في الهم والهدف الواحد، ضرب السيد مبارك عرض الحائط بقيمة مصر في ثانية عنترية واحدة أمام شاشة التليفزيون.
حينما شاهدت حواره الذي لم يبني بقدر ما خرب فيه، صرخت بعلو صوتي (يا نهار أسود) نعم لقد أضاف السيد مبارك يوما أسودا إضافيا على أيام مصر السودا التي تعيشها الآن ويعيشها كل أبناءها في كل مكان...أيقظ ذلك الحوار ألم جرح الوفد وزاد فتحته داخل نفسي فانحنت قامتي وأنا في بلاد الغربة، لا أدري ما الذي يمكن أن أفعله بعد ذلك؟ لقد تركت بلادي يوما ما فإذا بها تلاحقني حتى في منفاي الذي فرضته على نفسي حتى أستريح من الهم اليومي للآمال والأحلام المجهضة كل يوم ..فهل علي أن أذهب أبعد من ذلك؟ وإلى أين؟
تمر الأيام ولا أكاد أبصر نور الشمس حتى تطالعني أخبار الإعتداء الهمجي على كنائس الأسكندرية الأربعة وما تلاها من اعتصامات لمسيحيين مصر ومظاهرات ثم رفض البابا لمقابلة المسئولين الرسميين (حقه طبعا) ثم خروج الأقلام التي لا يمكن وصفها سوى بالغبية والتي تؤكد أن المسلمين في مصر مظلومين وأن المسيحيين يأخذون أكثر من حقهم وترد عليها أقلام مسيحية بأن العكس هو الذي يحدث ...ودون أن أبدي رأيي في الموضوع فالأمر برمته لا يثير سوى اشمئزازي من هذا الوطن الذي يتمزق ويتحول إلى أشلاء بأيدي أبنائه، فالمصريون نسوا أصلهم وتبنوا أفكار ومعتقدات الآخرين، فأصبح المسلم يتعصب ضد المسيحي والمسيحي لم يجد بدا من أن يرد بالمثل، لا بل أنه أصبح هناك سنة وشيعة وكل جانب ينكر صحة عقيدة الآخر، وضاعت مصر التي أعرفها منذ نعومة أظافري، ضاعت مصر القبطية ذات البعدين الإسلامي والمسيحي، مصر التي لم تكن تؤمن بالمذاهب بل الجميع مسلم ولا يوجد من يتحدث عن سنة ولا شيعة بل إن المصريين بعبقريتهم المفرطة وجمالهم وتسامحهم المتأصل في نفوسهم يعتبرون الشعب الوحيد الذي جمع بين السنة والشيعة في مزيج لا يوجد له مثيل في العالم، بل إنك ترى إسلام مسيحي ومسيحية إسلامية في أداء الناس وأسلوب عيشهم اليومي...تعبت من التحليل والتفسير ورمي اللوم على تيار أو جماعة أو مذهب، تعبت من كل ذلك وكل ما أرغب في معرفته الآن ..ما الذي حدث للكنانة...ما الذي حدث لأبناء الكنانة؟
لقد جرتني تلك الأحداث لموجة لا أول ولا آخر لها من الحزن وفقدان القدرة على التفكير والشعور الدائم بالإرهاق ورغبة دائمة في لعن الكون من حولي وهروب دائم في النوم ...والسؤال الذي يطاردني أينما ذهبت وأينما حللت ...أين بلدي التي ولدت فيها وعشت جل عمري فيها وحلمت بها ولها وحاولت أن أفعل شيئا لها (رغم إني فشلت ويئست وغادرت) ؟ أين تلك البلد التي مازالت شمسها تدفؤني وبردها يلسعني ومائها يرويني رغم إغترابي؟ لم أعد أعرفها حتى عندما أعود في زيارات سريعة فلا هذا هو شكل شوارعنا ولا هؤلاء هم أهل بلدي، حتى النيل لم يعد مثل الماضي ...أين مصر؟ هل من مرشد إلى طريقها الجديد فأنا متأكدة انها لم تمت فهي بلد وكيان ضد الموت وضد الانتهاء..إذا أين ذهبت؟ فهل من مرشد إلى موقعها الجديد على الخريطة؟



#أمنية_طلعت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في قضية رسوم النبي ...لا صوت يعلو على صوت الهمج
- الهجوم على فيلم دنيا وعودة موسم تشويه سمعة مصر
- مصر ليست خريطة في الجغرافيا
- انتبهوا جيدا وأنتم تفتحون الصنبور
- سياسة تكسير العظم وحرق الدم
- ابتسم فأنت تتبع السفارة المصرية!
- عيد ميلاد أبو الفصاد
- لهذا السبب أقول لا وألف لا لمبارك
- الإعلام المصري بدأ بث رسائله المسمومة
- عالم الانترنت وحرية الرأي المفقودة
- مجرد كلام لإخراج شحنة غيظ
- في بلدي أصبح الناس يموتون جوعا


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أمنية طلعت - هل من مرشد إلى طريق مصر الجديد؟