أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أمنية طلعت - ابتسم فأنت تتبع السفارة المصرية!















المزيد.....

ابتسم فأنت تتبع السفارة المصرية!


أمنية طلعت

الحوار المتمدن-العدد: 1212 - 2005 / 5 / 29 - 11:37
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


في دولة الإمارات العربية المتحدة تتنوع طبائع المصريين الذين قدموا للعمل هنا، فمازال هناك النموذج الذي حضر بغية التقطير على نفسه من أجل توفير نقود يحقق بها أحلامه في مصر مثل الزواج وتأسيس منزل وشراء سيارة وما إلى ذلك من المتطلبات الحياتية التي من المفترض أن لا يهاجر من أجلها الانسان ويترك وطنه، لكن واقع أمر بلدنا يفرض عليه ذلك ، وهناك من حضر هربا من مصر لأي سبب من الأسباب وهذه النوعية من المصريين تعيش حياتها بشكل طبيعي ولا تفكر في التوفير لأنها من الأساس لا تفكر في العودة ولا تحتمل فكرة أن تعود ، والحقيقة أن الأسباب تتباين لدى كل واحد منهم حيث لم يفروا من مصر لنفس السبب فمنهم من لديهم أسباب خاصة ومنهم من لديهم أسباب عامة ، المهم أن جميع المصريين في الإما رات من الطبيعي انهم يتبعون السفارة المصرية والتي من المفترض انها ترعى مصالحنا داخل دولة الامارات لكن الحقيقة هي أننا جميعا وبلا استثناء لا نعلم شيئا عن السفارة ومن زارنا منها فقد زارها إما لتجديد جواز السفر أو إضافة الأبناء المولودين حديثا أو لعمل توكيل لأحد الأهل في مصر وكل هذه الإجراءات نقوم بها ونحن متأففين حيث تواجهنا بيروقراطية الإدارة المصرية التي نسيناها في جنة الإمارات التي تتم فيها الاجراءات الحكومية بالبريد الاليكتروني والتليفون ولا تضطر للوقوف دقيقة أمام شباك موظف لانهاء اجراء إداري واحد بدءا من دفع فاتورة الكهرباء وحتى تجديد الاقامة، كذلك تواجهنا السفارة بكم النقود المطلوبة منا نظير الاجراء الرسمي الواحد حيث أنك مثلا لو قمت بعمل توكيل رسمي لأحد أقاربك في مصر تدفع نظيره مبلغا مضاعفا اربع مرات على الأقل عن الذي من الممكن أن تدفعه نظير نفس الخدمة على أرض مصر نفسها...ومع ذلك لم يعترض أي منا لأننا نفهم الفكرة التي قامت عليها تحديد هذه المبالغ وهي أننا نعمل في الخليج ويمتلك كل واحد منا بئر بترول يحمله على أكتافه أينما ذهب.
في الحقيقة كل ما سبق كان تمهيدا لما سوف أقصه الآن، فأنا والحمد لله أنتمي للفئة الثانية من المصريين أي فئة الهاربين من مصر وللتوضيح أنا وكل الفئة التي أنتمي إليها لم نهرب لأسباب أمنية أو سياسية وإنما لأسباب لا مجال لسردها الآن....هذه الفئة أيضا والتي تتكون من خيرة الشباب المصري المتعلم جيدا والمثقف غالبا ما تعيش في حسرة دائمة لأنها لا تساهم في بناء بلدها وأنها اضطرت عندما أصبحت جاهزة للعطاء أن تهاجر لأنها لم تجد أمامها سوى خيار من اثنين إما أن تبيع نفسها وضميرها أو تهاجر فقررت الهجرة، وعندما يتجمع بعض من هذه الفئة يتناقشون معظم الوقت في أحوال مصر والأحداث التي تجري فيها، منذ شهر تقريبا عندما بدأت وقائع التعديل الدستوري العظيم (المادة 76) ازدادت حمى المناقشات والمتابعة اليومية لما يحدث في مصر من صراع بين المعارضة وحركة كفاية وبين الحكومة الممثلة في هيئاتها وحزبها الوطني وقررت شلة من الأصدقاء التابعين لتلك الفئة أن يكون لهم دورا ما أيا كان شكله ...بعد مناقشات مطولة عن الذي يمكن أن نفعله ذكر لنا صديق يعمل محاميا أن الدستور يكفل للمصريين الذي يعيشون في الخارج أن يشاركوا في أي نوع من الاقتراعات سواء كان إنتخابات أو استفتاءات ففرحنا جميعا وقررنا الذهاب للسفارة والسؤال عن الأمر وتطوع واحد من الأصدقاء أن يذهب للسؤال ....بالطبع ضل الطريق للسفارة كثيرا حتى وصل إليها في النهاية(عذرا فغالبنا لا يعرف أين تقع السفارة ولا ما هو اسم السفير) ..دخل صديقنا وهو يعمل مديرا لقسم تكنولوجيا المعلومات بأحد الشركات هنا في الإمارات، وتوجه نحو أحد الموظفين الجالسين وراء القضبان الحديدي بينما تطرق إلى أذنه حديثا جانبيا بين اثنين من موظفات السفارة (لا ما هو لو ما دفعش المهر اللي احنا عاوزينه لا يمكن نديه بنتنا) ضحك محبطا وقال( يا الله حتى هنا) ثم أكمل مسيرته نحو الموظف المحبوس كفأر وراء القضبان الحديدية وسأله:
هيه الطريقة اللي بيتم بيها الانتخاب هنا في السفارة إزاي؟
ينظر الموظف إلى الفراغ وعينيه ذائغتان في ملكوت الله ثم يجيب بتعجب واندهاش: انتخاب ؟.... انتخاب ايه يا استاذ؟
الصديق: انتخابات ترشيح رئيس الجمهورية؟
الموظف: انتخاب رئيس جمهورية؟ رئيس جمهورية ايه؟
الصديق: رئيس جمهورية مصر
الموظف: ما حسني مبارك هو الريس يا ابني ...انتخاب ايه بقى؟
الصديق: الله انت ما سمعتش عن تعديل المادة 76
الموظف: 76 ايه يا ابني بس ...انت عايز ايه بالظبط؟
الصديق: ابدا باسأل هو احنا المصريين في الإمارات مش لينا حق نشارك في الانتخابات من خلال السفارة؟
الموظف: لا يا حبيبي مفيش حاجة زي كدة في الدنيا كلها.
عاد صديقنا متشككا من المعلومة التي ساقها الينا صديقنا المحامي فاتصل به وسأله إن كان متأكدا من المعلومة فاكد له المحامي أنها معلومة صحيحة مائة في المائة وأن هذا القانون موجود في كل بلاد العالم وأن معظم رعايا الدول الاوربية والآسيوية في الإمارات تمارس حقها الدستوري في الانتخاب من خلال سفاراتها، ثم ضحك المحامي وقال ( أنا كنت متأكد إنهم هيقولولك كدة).
بالطبع بعدما سرد علينا صديقنا وقائع ما حدث له في السفارة المصرية الغراء شعرنا بالضيق لكننا في نفس الوقت غرقنا في ضحك هستيري لما سمعناه من حوار دار بينه وبين الموظف وما سمعه من حوار جانبي بين الموظفتين.....مرت الأيام ووقعت أحداث الصراع العنيف بين الحكومة والمعارضة على الاستفتاء على التعديل الدستوري وكنا نعيش وقائع هذا الصراع لحظة بلحظة عبر الإنترنت والقنوات الإخبارية الفضائية والمقالات المنشورة في الجرائد وبداخلنا رغبة عميقة في المشاركة بأي شكل من الأشكال في هذا الاستفتاء إما بإعلان المقاطعة له أو المشاركة فيه بنعم أو لا، لكننا كنا عاجزين ولم نجد أي شئ لنفعله غير الجلوس تاركين صدورونا تغلي من وطأة الاحساس بالعجز أمام رغبتنا المحمومة في المشاركة في تغيير شيئا ما في بلدنا فنحن رغم هروبنا منها نذوب عشقا لها، الحقيقة كلنا تصرف بطريقته فأنا مثلا أخذت أتصل بأصدقائي المشاركين في المقاطعة وأحاول بقدر الإمكان الشد من أزرهم أما صديقنا مدير تكنولوجيا المعلومات فقرر أن يعيد المحاولة مرة أخرى مع السفارة فاتصل بها وبعد فترة طويلة من رنين التليفون اجابه صوت ناعس متململ فسأله بطرافته المعهودة حيث أن صديقنا هذا يتصف بخفة دم رائعة :
ها نيجي امتى
الموظف: تيجوا ؟...انتم مين اللي تيجوا؟
الصديق: احنا يا جدع..المصريين
الموظف: وتيجوا ليه؟
الصديق: الله مش انهاردة الاستفتاء
الموظف: استفتاء ايه؟
الصديق : الاستفتاء على تعديل المادة 76
الموظف: 67 ايه يا ابني و80 ايه انت بتقول ايه
الصديق: الله مش مفروض ان من حقنا اننا نقول راينا في الاستفتاء؟
ويبدو أن الموظف وقع في حيرة شديدة فقال لصديقنا : طيب استنى كدة أما أسال
وسمع صديقنا الموظف وهو يقول: يا محمد هو فيه استفتاء انهاردة
فجاء صوت المدعو محمد من بعيد وقال له: استفتاء ايه يا عم انت انت بتخرف؟
الموظف: يعني مفيش حاجة بالشكل ده
محمد: لا طبعا
فعاد الموظف إلى صديقنا وقال له: لا واللهي ماعندناش حاجة بالشكل ده
الصديق: يعني مفيش منه خالص في اي حتة؟
الموظف : لا واللهي يا حبيبي مفيش.
الصديق: طيب أسال في سفارة تانية بقى
الموظف: أنا باقول كدة برضه ..شوف وربنا يوفقك.
وهكذا انتهت تجربة صديقنا الديمقراطية مع السفارة المصرية حيث ظل يضحك ويبكي في آن واحد منذ يوم خمسة وعشرين مايو الأسود وحتى الآن ولم نعد نعرف ماذا نفعل له كي يعود لحالته الطبيعية خاصة وأنه أصبح مقيما في البار ليشرب حتى ينسى والمصيبة أنه لم ينس حتى الآن ولم نعد نعرف ما الذي يمكن فعله له حتى يعود لبيته وأبنائه وعمله .
فهل من حل لإنقاذ صديقنا الذي هرب من مصر حتى لا يجن فجاءت وراؤه هنا لتصيبه بالجنون؟

أمنية طلعت



#أمنية_طلعت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد ميلاد أبو الفصاد
- لهذا السبب أقول لا وألف لا لمبارك
- الإعلام المصري بدأ بث رسائله المسمومة
- عالم الانترنت وحرية الرأي المفقودة
- مجرد كلام لإخراج شحنة غيظ
- في بلدي أصبح الناس يموتون جوعا


المزيد.....




- هدده بأنه سيفعل بأخته ما فعل به لإسكاته.. رجل يتهم قسيسًا با ...
- مصر تفتتح أكبر مراكز بيانات -مؤمنة- في تاريخها تحتوي على كل ...
- يوتيوبر أمريكي ينجو من الموت بأعجوبة (فيديو)
- السعودية.. جدار غباري يجتاح وادي الدواسر وزوبعة ضخمة تظهر ش ...
- بوريل: لسنا مستعدين للموت من أجل دونباس
- السيسي للمصريين: علموا أولادكم البرمجة بدلا من كليات الآداب ...
- محمد صلاح.. يلمح إلى -خطورة- الأسباب وراء المشاجرة الحادة بي ...
- الزي الوطني السعودي.. الحكومة توجه موظفي الحكومة بارتدائه اع ...
- الشرطة الليبية.. ردود فعل واسعة بعد تدافع رجال أمن خلف شاحنة ...
- حمزة يوسف أول رئيس وزراء مسلم لاسكتلندا يستقيل قبل تصويت مقر ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أمنية طلعت - ابتسم فأنت تتبع السفارة المصرية!