أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - الكردي بين التدخل والجهالة- الجزء الأول















المزيد.....

الكردي بين التدخل والجهالة- الجزء الأول


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 6136 - 2019 / 2 / 5 - 08:06
المحور: القضية الكردية
    


ثار الكرد على الخلفاء المسلمين في صدر الإسلام ومن بعده إلى أن استقلوا بإمارات صارت تحرس ثغور الإمبراطورية الإسلامية شرقا وغربا، ورغم تعاظم حضورهم في فترات عديدة إلا أن النهايات كانت سلبية، ولا نستبعد أن العامل الذاتي كان له الدور الأول فيما حصلنا عليه. وربما لا أخطئ إذا اعتقدت أن الكرد هم أولى الرعايا في الإمبراطوريتين العثمانية والصفوية من ثاروا في وجههما من أجل الاستقلال، وشكلوا إمارات كردية عديدة، مستقلة أو شبه مستقلة، ولتعاظمها هددوا أركانهما في فترات ما، وعلى خلفية العامل الذاتي نفسه، ومنها الخلافات والصراعات الداخلية، والجهالة، انهارت تلك الإمارات وراء بعضها، وأصبح الشعب الكردي ضحايا مؤامرات الإمبراطوريتين، حكموهم بباشوات من خارج كردستان، وحصروا المجتمع ضمن أسوار الجهل والعتمة، وعلى مدى قرون طويلة عزلوهم عن العالم الخارجي.
منذ أُفُل آخر إمارة كردية في السلطنة العثمانية ساد الجهل المفروض عليهم، حتى صارت تلقائيا. ولربما كانت تلك نهاية مرحلة سيادة ثقافة حضاراتنا السابقة، المبنية على ركائزها الدول والإمارات الكردية، وعلى أسسها تمت ريادة الكرد لعدد من الإدارات والحكومات زمن الخلافة العباسية وما بعدها، ورغم المسيرة النضالية الطويلة، والحركات الثورية العديدة، لا زلنا نعيد الانتفاضة تارة وتارة أخرى الثورة في وجه مستأصلينا، بنفس الأسلوب والطرز، وحيث غياب الحكمة والضحالة المعرفية، وعدم معرفتنا للمفاهيم الميكيافيلية في السياسة، فنصطدم بنفس الجدار وعلى مدى قرون.
لم يخطر ببالنا كنخبة قيادية إعادة تهيئة الذات علميا ومعرفيا، بل ارتأينا أن يكون السيف والرمح ومن بعدهما البندقية هي المقرر لنتيجة المعركة والمواجهة، فتبين في كل مرة أن ذلك قد فشل، وانتصر العلم والعقل علينا رغم سيوفنا وبنادقنا وشجاعتنا، مع ذلك لا نحاول تغيير الأساليب، ولا أخذ العبر من خساراتنا، ونظل ندرس التاريخ كما سطرها لنا الأعداء، وننسخها بالمنهجية ذاتها، وبالتالي نخرج من مطب لنسقط في أخر، والأمثلة في هذا عديدة، والحاضرة منها قضية التقرب من إشكالية المناطق المتنازعة عليها في جنوب كردستان، وحيث قضية كركوك، وسيادة التكفيريين بمساعدة تركيا على عفرين، والإشكاليات الجارية على شرقي الفرات، والخلافات المتأزمة بين أطراف الحراك الكردي والكردستاني، رغم وجودنا في أحلك الظروف المصيرية.
في وضعنا القائم، علينا أن نعرف أننا دون العالم معرفة، ودون القوى الإقليمية حنكة في العلاقات السياسية والدبلوماسية، وعلينا أن ننتبه لماذا لا نعرف أو لماذا لا نعلم، أو لماذا نجهل، ربما يستخف البعض منا بهذا الطرح، وخاصة القوى السياسية الكردية والكردستانية المدعية المطلق في المعرفة، والطامحة إلى الهيمنة على المجتمع، وفرض رؤيتهم ومفاهيمهم، وعلته أنه غير موجود في قواميس الكثيرين منا منطق الشك في عدم المعرفة أو حتى قلة المعرفة، فالادعاء بالمعرفة والعلم وأخواتهما هو السائد، ومنها تأتي مصيبتنا الكبرى. وحتى الذي نعرفه كمسلَّمة، لم نحقق فيه حتى يتبين لنا مصداقيته، بل نجاهد من غير بحث وتمحيص، وبيقين تام، أنه الصواب بعينه، وغالبا ما يؤدي مثل هذا الاقتناع إلى السقوط في الهوة، ليس فقط في المجال السياسي، بل وحتى في كتابة التاريخ الكردي، والمأمولة أن نستخرج منها عبر بعد تشذيبه من التحريف والتلفيقات التي ملئت بها صفحات الكتب المدونة بيد الأعداء، فكثيرا ما حشر البعض من كتاب حراكنا الثقافي، والمتناولين تاريخنا، الوطن ونضال الأمة في حدث ثانوي، حرفوا فيه كل ما يؤدي إلى رفع مكانة الوعي الكردي، أو في شخصيات جاهلة أو انتهازيه، مشكوكة في وطنيتها ووعيها القومي، خلقت حولها هالة، أو كانت قد ضخمت من قبل قوى معادية للكرد، لتشويه وتحريف تاريخ أمتنا، وبالتالي ليستمر غياب الصواب، إن كان سياسيا أو ثقافيا، وتتفاقم جهالتنا، وواقع حالنا يثبت أن معرفتنا وعلمنا القائم هما أسوأ من الجهل بكثير.
ليس عبثا حين اعتبر أفلاطون الجهل أصل كل الشرور. وهذا الجهل الذي لازمنا ويلازمنا منذ قرون أضاع علينا فرصا لا تقدر بثمن؛ حتى وصلت الحالة بنا إلى ما نحن عليه الآن. فمحاربة المفكر الكردي والمثقف المتنور، أصبحت في هذه المرحلة المصيرية في مقدمة الجداول المتناولة، من قبل شريحة من مجتمعنا التائه في الجهالة والمتلاعب به خارجيا، ومعهم قسم من الحراك السياسي الراضخ لإملاءات الأخرين، ولا شك أنه مخطط يتبين في ظاهره وكأنه ذاتي، لكنه في الواقع خارجي، يستغلون جهلهم وضحالة معرفتهم، وأحيانا كثيرة الخلفية الانتهازية فيهم، للأسف ورغم قساوة الكلمة، لا زلنا مجتمع غارق في الأنانية والحسد والجهالة، وحراكنا الكردي منبعه هذه البيئة، وهي المؤدية إلى ما نحن فيه من التشتت، حيث الحقد، والصراع حيث الأنا، وتخوين البعض حيث المطلق في المعرفة، وإلا فما هي الأسباب المؤدية إلى عدم قدرتنا على التقارب في هذه المرحلة المصيرية، وحيث تربص الأعداء بنا من كل النواحي، فهل حقا لا توجد أية نقاط تقاطع بيننا، أم أن قراراتنا لا تزال مراقبة، وبالتالي نعمل عكس ما يتطلبه مصلحتنا الوطنية، وجميعنا نعلم أننا بدون التقارب حظوظنا في النجاح هزيلة، وسقوط أحدنا يعني سقوط الأخر عاجلا أم أجلا، وأي نجاح فردي سيكون أني على الأغلب، ولن يستمر طويلا، وتجارب تاريخنا والعالم مليئة بالأمثلة.
لقد أجمع العاملون في مجال المعرفة أن تخلف المجتمعات عن اللحاق بالتطور أسبابها عدم تخلص نخبتها من الجهل. وهذا ينطبق على واقعنا إلى حد بعيد؛ حيث الجهل قائم بيننا، رغم نكراننا إياه؛ ومرده أننا بثقة مطلقة نؤمن فيما نملكه من المعرفة المتوهمة بأنها العلم والحقيقة بامتياز، وعلى هذا الأساس نتباهى وبسرعة في أبسط مكتسب نحصل عليه، وندعي القوة، ونلغي الأخر، ونمضي قدما بإصدار أحكامنا الخاطئة على الموجود والمستحدث وما سيأتي في قادم الأيام، اعتمادا على ذلك المخزون من المعرفة غير المحققة، ومعمَّمين بذلك الجهل بجميع أشكاله في المجتمع.
ولا نرى مخرجا من هذه المعضلة، والمؤدية إلى خسارتنا، سوى تسخير السياسة في تعاملنا، وفي السياسة لا توجد الأخلاق والقيم والمبادئ، بل المصالح، وهذه تتطلب الحنكة والمعرفة في تسخير كل الأمور لغاياتنا الوطنية والقومية، ومصلحة أمتنا تتطلب اليوم تناسي الصراعات الماضية، وترك التخوين، وتجاوز القوى الإقليمية والتحالف معهم، والتعامل حتى ولو كانت على إرغام الذات، وبدايتها احترام حرية الرأي، وتقبل النقد البناء، والحوار عليه، ولا نشك أن الجهالة الطاغية هي المؤدية لعدم تقبلنا لهذه الإشكاليات والمدرج في خانة الجهل المركب، أو عدم معرفتنا التمييز بين الحزبية والسياسة وهذا هو الجهل البسيط.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
1/2/2019م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف نمزق كردستان قبل ولادتها
- جدلية الروح والوطن كردياً
- ماذا يريد ترمب لجنوب غربي كردستان
- انعكاسات الانسحاب الأمريكي المفاجئ على روج آفا
- حول تصريح المجلس الوطني الكردي في سوريا
- هل ستنسحب أمريكا من المنطقة الكردية؟
- روج آفا في مكالمة ترمب-أردوغان
- الجدلية الخفية بين إدلب وشرقي الفرات
- بدايات الحوار الأمريكي الروسي في الشأن الكردي
- الدبلوماسية الكردية
- مصداقية الباحث العربي محمد جمال باروت مثالاً- الجزء الواحد و ...
- قذارة الحرب كردياً
- منزلة الشهيد والمفكر عن الكرد
- الكرد الشهيد والمبدع
- جنوب غربي كردستان ونهاية الإرهابيين
- مصداقية الباحث العربي محمد جمال باروت مثالاً -الجزء الأربعون
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام- الجزء التاسع عشر
- مصائب العقل الكردي
- النقص والكمال عند الكرد
- عفرين بعد إدلب


المزيد.....




- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان يندد بالإبادة الجماعي ...
- البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو ...
- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...
- انتشال 19 جثة لمهاجرين غرقى بسواحل صفاقس التونسية
- غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح
- جندته عميلة أوكرانية.. اعتقال المشتبه به الثالث في محاولة اغ ...
- الحكومة اليمنية تطالب الأمم المتحدة بإعادة النظر في التعامل ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى إجراء تحقيق دولي بشأن المقابر الجماعي ...
- مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: نحاول إعادة تشغيل مستشفى الأ ...
- الأمم المتحدة: توزيع مساعدات على نحو 14 ألف نازح حديث في الي ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - الكردي بين التدخل والجهالة- الجزء الأول