أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مجدي الجزولي - أنميس عيون كديس















المزيد.....

أنميس عيون كديس


مجدي الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 1524 - 2006 / 4 / 18 - 12:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


أنميس (UNMIS) اختصار "بعثة الأمم المتحدة في السودان"، هذا من المشهور. حلت البعثة الأممية في بلادنا بتكوينها العظيم – عشرة آلاف فرد – تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1590 بتاريخ 24 مارس 2005، وذلك بطلب ورضى طرفي إتفاقية السلام الشامل وشريكي حكومة الوحدة الوطنية المشكلة بموجب الإتفاقية: المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان. الثابت أن السودان عضو في الأمم المتحدة مما يفرض عليه الخضوع لسنن الجماعة الدولية وإرادتها متى ما صح منها قرار، وليس من الحكمة ولا رشد السياسة أن يستعدي السودان القوى الدولية رغم صواب النقد لدوافع الامبريالية والهيمنة. فالواجب إدراك أن يسر تدخل الخارج في الشأن الداخلي لا يكون إلا عند عجز الداخل عن صيانة نفسه بالعدل واستقامة الحكم، فالتحرر من الامبريالية لا يكون بالتشدق و"الضجة في الرادي" لكن بتثوير ديموقراطي لشروط حياة شعبنا السياسية والاقتصادية والثقافية وتحقيق فروض الاستقلال.

المضحك حقاً أن أطرافاً لذعتها نية نفس الجماعة الدولية التدخل في دارفور شككت في جدوى عضوية السودان للأمم المتحدة بينما لم تر في مجازر دارفور سبباً للاحتجاج والنفرة، بل الأنكى أن خرج من نفس القوم من يشكك في جدوى تحصين الأطفال ضد الشلل الرخو الحاد بحجة أن الأمصال ما هي سوى سم مسيحي صهيوني، فكأنما يطلب هؤلاء موت شعبنا بالرصاص والجوع، وعجز أطفالنا بالشلل. الحقيقة أن السودان استفاد طوال تاريخه المستقل وما زال يستفيد خدمات جليلة تقدمها المنظمات الفرعية للأمم المتحدة: منظمة الصحة العالمية، صندوق الأمم المتحدة لصحة الأمومة والطفولة، برنامج الأمم المتحدة للصحة الإنجابية، صندوق الأمم المتحدة الإنمائي، منظمة الزراعة والأغذية، برنامج الأمم المتحدة للغذاء، المفوضية العليا للاجئين وغيرها العديد من الهيئات والمنظمات الأممية العاملة في المجال الإنساني. بجانب ذلك انتفعت بلادنا وما تزال بعضوية هيئات أممية أخرى كمنظمة العمل الدولية، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة وما عداها. كما أن قطاعات واسعة من شعبنا في الجنوب اعتمدت خلال سنين الحرب المتطاولة على الغوث الدولي في المقام الأول عبر برنامج "شريان الحياة" تحت إشراف وقيادة الأمم المتحدة، إلى جانب عون النازحين في مخيماتهم داخل البلاد واللاجئين في دول الجوار. بالإضافة إلى ما سبق يكون حقاً من الجحود إنكار الدور الذي قامت به الأمم المتحدة في كف أذى "الإنقاذ" عن شعبنا، حيث كان للمنظمة الأممية وجماعات حقوق الإنسان الدولية كآمنستي إنترناشيونال وهيومان رايتس ووتش دور بارز في التضامن مع شعبنا والحد من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في مناطق النزاعات وفي المعتقلات وبيوت الأشباح والسجون، وكذلك في رعاية ودعم عدد من ضحايا هذه الانتهاكات، وبالطبع الكشف عنها وإبرازها للرأي العام المحلي والدولي.

عليه ليست المعضلة في الجوانب المحايدة من علاقة البلاد بالأمم المتحدة، إنما في انتهاكات حكومة السودان للشريعة الحقوقية والسياسية للمنظمة. معلوم أن القرار السياسي الأعلى للمنظمة الدولية خاضع في منتهاه لإرادة مجلس الأمن، وهو بخلاف هيئات الأمم المتحدة الأخرى لا يعكس ديموقراطية كونية نسبية ومبتغاة في توزيع الأدوار وفي إتخاذ القرار إنما يسجل بعضويته المحدودة وبحق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به دول بعينها إرادة القوة وتوازن القوى ما بعد الحرب العالمية الثانية. ظل مجلس الأمن لحد كبير محدود الفعالية الدولية والإتحاد السوفييتي مرفرفة أعلامه، حيث كان المجلس مسرحاً لصراع دبلوماسي جلي بين القطبين الدوليين، لكن بانهيار الإتحاد السوفييتي تغيرت قواعد "اللعبة" وبرز "النظام العالمي الجديد" بلفظ جورج بوش الأب، وما ذاك سوى انفراد الولايات المتحدة الأميركية بالولاية الكونية. بما أن الولايات المتحدة ظلت خلال الحرب الباردة تؤكد تفوقها الأخلاقي بسننها في الديموقراطية ونظامها الاقتصادي فقد انعقدت آمال كونية على بداية عصر جديد من "الحرية" و"الديموقراطية" ليس فقط على المستويات القومية بل كذلك في العلاقات الدولية. قوام ذلك تحقيق مثال الأمم المتحدة كهيئة عالمية ديموقراطية ترسم الخطى المشتركة للبشرية، وتزيل عن واقعها الفقر والجهل والمرض، كما تقيم القسط بين الأطراف المشتبكة في الصراعات الدولية، وتحفظ السلم والأمن الدوليين متى ما كانا عرضة للتهديد. من هذا الباب تطورت شرعة الأمم المتحدة لتتخطى حدود السيادة القومية التقليدية وأصبح من شأنها النظر في الصراعات داخل الدول بالترافق مع تطور مواز في اعتبار الفرد الإنسان موضوعاً للقانون الدولي – أمر شرحه بتفصيل شيق الأستاذ كمال الجزولي في سلسلة مقالات عنوانها "وما أدراك ما الآي سي سي" نشرت بجريدة الصحافة. رغم واجب "مجاملة" الولايات المتحدة بعد كارثة 11 سبتمبر ظلت الأمم المتحدة نسبياً بمنأى عن الحرب الأميركية ضد "الإرهاب"، والحق أن الولايات المتحدة اصطدمت، وهي الامبراطورية المنفردة، أكثر من مرة بالإرادة الدولية ممثلة في الأمم المتحدة خاصة في مسعاها التمكين الشرعي لسنتها في التدخل العسكري لإزالة أنظمة "الشر" متى ما أصابت من ذلك مصلحة، ومثال ذلك حرب احتلال العراق. قبل ذلك كان رد الفعل الأممي على تعفف الولايات المتحدة عن التدخل بإحسان في رواندا منعاً للإبادة الجماعية عبارة عن "قرف" كوني غامر، كما عبرت الأمم المتحدة أكثر مرة عن إدانتها لهمجية "العدل" الأميركي في غوانتانامو وفي باغرام وأبوغريب، واستنكر العالم موقف الولايات المتحدة الرافض لولاية المحكمة الجنائية الدولية. على مستوى آخر واجهت القوة الأعظم انتقادات دولية عنيفة بما في ذلك من الأمم المتحدة بسبب عزوفها عن الالتزام بالشريعة الدولية في شئون البيئة وقضية الاحتباس الحراري. إذن لا يصح الجزم أن الأمم المتحدة كمؤسسة هي مخلب للولايات المتحدة الأميركية وإحدى أدوات هيمنتها على العالم إنما في كثير من الأحيان تلعب الأمم المتحدة دوراً مناوئاً لسياسات "الغشامة" الأميركية. عليه إذا كان من سبيل لإتزان علاقات القوى الدولية فذلك يمر عبر الأمم المتحدة وليس بالارتداد عنها، بالتمسك بالتشريع الدولي في شأن السلام العالمي، وحقوق الشعوب، وحقوق الإنسان، والحقوق السياسية والاقتصادية، وتعزيزه وتطويره بل والدفاع عنه حتى ضد الولايات المتحدة الأميركية وليس بالتراجع عنه، فهو من جماع إرث البشرية في إنقاذ نفسها. الأصح إدراك أن فاعلية الإرادة السياسية للأمم المتحدة مشروطة بعلاقات القوى داخل مجلس الأمن، وبرضى الولايات المتحدة وقبولها بدرجة أو أخرى بما هي القوة الأعظم في العالم.

فيما يخص بعثة الأمم المتحدة في السودان (أنميس) لا بد من فهم أن الوجود العسكري والمدني الكثيف للأمم المتحدة جاء تحقيقاً لرغبة طرفي إتفاقية السلام، وبالتالي ليس من حق حكومة "الوحدة الوطنية" أن تناشدنا "وا سيادتاه" و"التحكيم فاشل" كلما لامتها الأمم المتحدة على شئ. دون احتجاج وبرغبة من طرفي الإتفاق صدر قرار مجلس الأمن بتفويض أنميس للقيام بالآتي ودون كثير تفصيل: (1) الدعم السياسي لعملية السلام: دعم تنفيذ إتفاقية السلام الشامل والقيام بواجبات الأمم المتحدة المنصوص عليها في الإتفاقية؛ دعم الجهود الجارية لحل النزاعات الأخرى في السودان خاصة في دارفور. (2) الجوانب الأمنية: مراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار الموقع في 31 ديسمبر 2004 وذلك بحسب نصوص الإتفاق؛ تأمين سلامة وحرية حركة موظفي الأمم المتحدة وتيسير عمليات المنظمات الشريكة لها؛ القيام بكل ما يلزم لحماية المدنيين من تهديد العنف الجسدي وذلك في حدود قدرات وحدات الأمم المتحدة العسكرية. (3) الحكم: توفير المعونة لحكومة جنوب السودان في بناء إدارة مدنية؛ نصح ومساندة سلطات تنفيذ القانون السودانية وغيرها من المؤسسات الجنائية والعدلية كما يلزم وبحسب طلب طرفي الإتفاق؛ تقديم المشورة والسند في إصلاح خدمة البوليس السوداني؛ مساندة حكومة "الوحدة الوطنية" وحكومة جنوب السودان في إجراء الاستفتاء والانتخابات ودعم تنفيذ نتائجها؛ تأسيس وجود فاعل لمراقبي أوضاع حقوق الإنسان في دارفور، ومراقبة والتعريف بأوضاع حقوق الإنسان في كل السودان، ومواجهة انتهاكات حقوق الإنسان بالتعاون مع السلطات المحلية والقومية. (4) العون الإنساني والتنمية. وفقاً لنص تفويض البعثة فإن المتوقع أن يمتد وجودها لمدة سبع سنوات حتى إجراء الاستفتاء والمساندة في تنفيذ نتيجته. تكوين البعثة يعكس ترتيباً إدراياً لتحقيق هذه الأهداف: القسم السياسي ومهمته تقديم المشورة والتقارير السياسية والتحليل والعون المكتبي بحسب حوجات الأمم المتحدة؛ قسم الإعلام العام ويختص بتوفير المعلومات بصورة شفافة وصادقة لكافة المعنيين بعملية السلام، بجانب مساندة حكومة "الوحدة الوطنية" وحكومة جنوب السودان في تقديم خدمة إعلامية تساهم في نشر وتعضيد ثقافة السلام، كذلك خلق منبر للحوار بين المجتمعات السودانية وداخلها، وبين السلطات في كافة مستوياتها والقاعدة الشعبية؛ المكون العسكري مهمته مراقبة وقف إطلاق النار ودعم تنفيذ إتفاقية السلام؛ البوليس المدني ومناط به مساعدة الأطراف المعنية على بناء جهاز بوليس فعال وشفاف كما تعرفه الإتفاقية؛ وحدات خاصة بحكم القانون، وبحقوق الإنسان، وبالشؤون المدنية، وكذلك العون الانتخابي، نزع السلاح وتسريح وإعادة دمج المقاتلين، تنسيق عمليات العون الإنساني، حماية العائدين، التنمية المستدامة، نزع الألغام، قضايا النوع، والأيدز. يرأس البعثة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بالسودان السيد يان برونك، ويعاونه نائبان: الأول السيد تاي زيريهون يباشر العمل بجانب الممثل الخاص في قضايا الدعم السياسي لعملية السلام والحكم الراشد، والثاني السيد جان إيغلاند يشغل منصب المنسق المقيم ومنسق العمل الإنساني لنشاط الأمم المتحدة في السودان، منعته السلطات الحكومية قبل أيام من زيارة دارفور ما أثار احتجاج مجلس الأمن. تضم القيادة العليا للبعثة قائد القوة العسكرية الذي يختص بمهام نشر قوات الأمم المتحدة وعملها داخل السودان. التقسيم الجغرافي الذي تتبعه البعثة يتكون من ستة قطاعات: الاستوائية، بحر الغزال، أعالي النيل، جبال النوبة، جنوب النيل الأزرق، وأبيي. بجانب هذه القطاعات للبعثة حضور في قطاعين آخرين دارفور وكسلا بشرق السودان وذلك بحسب قرار مجلس الأمن رقم 1574 (2004).

المتأمل في تفويض البعثة يهاله إتساع وشمول مهامها، فهي تكاد تكون سلطة انتداب موازية للحكومة الوطنية، لكن دائماً بصفة المعين والمستشار، ومرد ذلك ليس التآمر الأممي وإنما عجز أهل الشوكة عن إصلاح شأنهم وتحري سلامة وطنهم ومواطنيهم. على هذا الأساس إذا كان من انتقاد يوجه للبعثة الأممية فأولى به "الكان السبب" أول الأمر. ولا يجوز أن تزج الحكومة السودانية بشعبنا في أتون عداوة كاذبة للجماعة الدولية كلما عن لها ذلك وهي – أي الحكومة - المسؤولة الأولى عن الفساد وتقويمه فصراع الشعب السوداني ليس ضد الأمم المتحدة وإنما ضد الذين انتهبوا السلطة، واغتصبوا الأرض والثروات، وهيجوا حروباً بوار، وقتلوا وعذبوا، وشردوا بنات وأبناء السودان في أصقاع الأرض لاجئين ومنفيين وفارين من بلاد أصبحت معسكراً للفقر والقهر. تحاول السلطة في حملتها ضد الأمم المتحدة تجييش السودانيين خلف شعار صيانة الأرض والعرض من الغزو الأجنبي على إثر إعلانات متكررة من أطراف دولية بضرورة التدخل لوقف العنف في دارفور، وكأنما عدد 13 ألف من العاملين في المنظمات الإنسانية تحت إشراف الأمم المتحدة في دارفور لا يمثلون تدخلاً أجنبياً ولا يحزنون. آخر هذه الإعلانات صدر من مجلس الأمن، حيث حدد المجلس تاريخ 30 أبريل الجاري موعداً نهائياً لتحقيق السلام في الإقليم المنكوب مجدداً إصراره على محاسبة كل من يعيق الوصول إلى السلام، ومناشداً الدول الأعضاء تقديم كل عون ممكن لقوات الإتحاد الإفريقي. في ذات السياق طالب الأمين العام للأمم المتحدة بالإسراع في إكمال الاستعدادات لتحويل المسؤولية في دارفور من الإتحاد الإفريقي إلى الأمم المتحدة على أن تظل المشاركة الإفريقية تحت لواء الأمم المتحدة قوية وفاعلة (الأيام، 13 أبريل 06). المتوقع أن تجدد الحكومة حملتها ضد الأمم المتحدة وقراراتها، بينما الواجب أن تنصاع للإرادة الشعبية المحلية والدولية وتصل بماراثون أبوجا إلى نهايته فأس المسألة ليس أيلولة مهام الإتحاد الإفريقي للأمم المتحدة وإنما أن لدارفور وأهلها قضايا عادلة يجب مخاطبتها بالقسط، وأن العنف والقتل والتشريد لا بد أن يتوقف، وأن الجناة لا بد أن يواجهوا حكم العدالة حتى وإن كانت كل القصة "سرقة جمل" كما زعم السيد رئيس الجمهورية. من ثم فإن المطلب الشعبي الذي يوجب العمل الجماهيري والتظاهر ليس معارضة الأمم المتحدة وبعثتها في السودان، ذلك العدو الكاذب الذي تزينه الحكومة للشعب السوداني، بل الضغط على السلطة حتى ترعوي وتضع حداً للعنف في دارفور ثم تؤسس لسلام ناجع في الإقليم بالنظر في جذور الأزمة وليس فقط دهان سطحها بمزايدات على اقتسام المقسم. وهذا مسعى يوجب في الحقيقة إعادة التفكير حتى في منصوص نيفاشا وفلسفتها الهادية. قميص نيفاشا كما كتب الأستاذ محجوب محمد صالح أضيق من أن يستوعب أزمات السودان المتعددة والمتشعبة فقد اقتصر على مسألة الجنوب والشمال، والقسط هو السعي لحل شمولي يمنع عنا الحرب ويضمن مشاركة الجميع الديموقراطية في صنع القرار فضاً لاحتكار السلطة والثروة الراهن.

سهولة تجييش المواطنين لكراهية بعثة الأمم المتحدة (أنميس) لها أسباب منها فقر وعجز الأغلبية إذ تتأذى من تأمل رفاه الموظفين الأميين الأجانب، والوطنيين أيضاً، تمُتعهم الخرطوم أكثر مما تمُتع أهلها وتُخرج لهم من خيراتها المحجوبة عن عامة المواطنين. كذلك بعد سنين الانغلاق والتدجين تحت حكم الجبهة الإسلامية صارت مناظر الحياة اليومية كما يألفها الأوروبيون بما في ذلك الزي والرياضة واللهو غريبة مستنكرة. والأهم أن عقلنا الجمعي يدخر صورة مبعوث أول هو شارلس غوردون تأخر عنه مدد بريطانيا فصرعه الأنصار على عتبات القصر؛ ومبعوث ثان هو هربرت كتشنر حمل إلينا صدمة الحداثة على قضبان السكة حديد فانتقم من شجاعة الأنصار وبأسهم بمدافع المكسيم ليؤسس ملك الاستعمار ويدق اسفينه في بلادنا. الوجه الآخر لمشاعر البغض هذه يتمثل في العلاقة الاعتمادية التي بدأت تتشكل بين قطاعات مدنية وطنية وبعثة الأمم المتحدة (أنميس)، فقد أصبحت سنة متبعة أن يهرع الناس إلى البعثة كلما استعصى أمر يتوسلون تدخل الممثل الخاص أو موظفيه علهم يجدون نصراً أو مؤازرة بما في ذلك البحث عن تمويل النشاط السياسي. والواقع أن أنميس لا تستطيع تجاوز التفويض الممنوح لها كما سبق شرحه، وبالتالي لا بد مخيبة آمال سآئليها في غالب الأحيان ما قد يصبح سبباً مضافاً للسخط عليها. الأثر الأشد ضرراً لهذه العلاقة الاعتمادية هو أن تصبح البعثة حائط مبكى، وحاجز صدمة بين الفاعلين السياسيين وناشطي المجتمع المدني وقطاعات الحركة الجماهيرية المختلفة وبين السلطة الحاكمة ما لا يفيد سوى إهدار روح المبادرة الجماهيرية وإجهاض الوعي السياسي الوطني. بدلاً من أن يتوجه هؤلاء إلى شعبهم وإرادته ينظمون صفوفه ويطلبون من قطاعاته السند الديموقراطي باعثين وسائل العمل الجماهيري الفعال ينكبون على أبواب أنميس، والبعثة لم تؤتى مجامع الحل والعقد ولا تملك مفاتيح التغيير!



#مجدي_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البجا: السالمة تمرق من النار
- كلنا في الهم بجا
- السودان الجديد: لأهله نصيب الطير
- السودان الجديد: الإنسان من أجل الدكان
- أميركا اللاتينية: اليسار هَبْ نَسِيما - الأخيرة
- أميركا اللاتينية: اليسار هَبْ نَسِيما 2
- أميركا اللاتينية: اليسار هَبْ نَسِيما
- السياسة الدولية في دارفور: كش ملك
- خصخصة المثقفين: أقول الحق واتعشّى في بيتنا
- عن ثقافة الرأسمالية
- الكونغو الديمقراطية: متحزم وعريان
- غربة الحق: المانفستو الشيوعي في طبعة جديدة
- النيباد: سنار من عماها يبيعو ليها ماها
- بعد الاستعمار قبل التحرير: في الذكرى الخمسين لاستقلال السودا ...
- ثورات بوليفيا
- عن نضال المزارعين
- ملاحظات ما قبل المؤتمر: حول مصائر اليسار الجذري - الأخيرة
- ملاحظات ما قبل المؤتمر: حول مصائر اليسار الجذري - الأخيرة
- ملاحظات ما قبل المؤتمر: حول مصائر اليسار الجذري 4
- العدالة الانتقالية


المزيد.....




- -قناع بلون السماء- للروائي الفلسطيني السجين باسم خندقجي تفوز ...
- شاهد.. آلاف الطائرات المسيرة تضيء سماء سيول بعرض مذهل
- نائب وزير الدفاع البولندي سابقا يدعو إلى انشاء حقول ألغام عل ...
- قطر ترد على اتهامها بدعم المظاهرات المناهضة لإسرائيل في الجا ...
- الجيش الجزائري يعلن القضاء على -أبو ضحى- (صور)
- الولايات المتحدة.. مؤيدون لإسرائيل يحاولون الاشتباك مع الطلب ...
- زيلينسكي يكشف أسس اتفاقية أمنية ثنائية تتم صياغتها مع واشنطن ...
- فيديو جديد لاغتنام الجيش الروسي أسلحة غربية بينها كاسحة -أبر ...
- قلق غربي يتصاعد.. توسع رقعة الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين
- لقطات جوية لآثار أعاصير مدمرة سوت أحياء مدينة أمريكية بالأرض ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مجدي الجزولي - أنميس عيون كديس