أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد السلام الشبلي - ثورة الأحلام الوردية














المزيد.....

ثورة الأحلام الوردية


عبد السلام الشبلي

الحوار المتمدن-العدد: 6106 - 2019 / 1 / 6 - 04:20
المحور: الادب والفن
    


كانت الأيام الأخيرة قاسية جدا، كل المؤشرات تقول بأن شيئا عظيما سيحدث خلال الساعات القادمة، الكل يتأهب لما هو آتٍ، ويحسب حساباته للظروف القادمة، التي ستغير معالم العقل الباطن من حول جميع الهواجس والأفكار الدفينة التي صارت تعرف بأن ثلة من الأحلام الوردية قد انتفضت وأعلنت عصيانها لملك الكوابيس المعظم، الذي بادر بدوره للتأكيد عبر وسائله الخاصة المخيفة، أن ما يحصل ليس إلا مؤامرة حقيرة تهدف للنيل من عزيمة حزب الكوابيس السوداء التي تعمل جهدها على أن تكسر حاجز الخمول في سبات البشر لتيقظهم مفزوعين يفكرون طوال يومهم في الكابوس ، ما يمنحهم إنشغالا جيدا عن مصاعب الحياة التافهة !
كبير الأحلام الوردية – وكان بطاقة سفرٍ إلى خارج البلاد الكئيبة – قال في معرض رده على ملك الكوابيس المعظم، أن جماعته جاءت لتصحح مسار سبات البشر، وتجعل نومهم أكثر هناء، مشيرا إلى أن ادعاءات الكوابيسي المستبد ليس لها أساس من الصحة، فالبشر صاروا أكثر تعلقا بالحياة رغم كل مصاعبها، بسبب تلك الكوابيس التي تصور لهم كيف سيكون موتهم وعذابهم في جهنم، وكيف ستصدمهم سيارة يوما، أو كيف سيقعون من أعلى شاهق، وكيف سيغرقون ، أو يلحقهم الأعور ذو السيف القاطع ليقتص منهم دون أن يسمع أحد صراخهم الذي يبدو مكتوما طوال لحظات الكابوس المرعبة التي تظهر لمن يعيشها على أنها سنوات طويلة.
كان الجميع ينظرون إلى ذاك البشري لحظة وضع رأسه على الوسادة، ويتوقعون أن تكون لحظة إعلان ساعة الصفر.
الكل هادئ مثل هدوء الليل الذي أسكن حركة الجميع ورفع من حالة التأهب لدى القوات الكابوسية التي قررت في تلك الليلة أن تضرب بيد من حديد في خيالات ذاك الكائن البشري التي ستكون أرض المواجهة الأولى مع أفراد الأحلام الوردية.
بدأت جحافل الكوابيس بالتقدم، يصرخون من كل جوانب رأس الكائن البشري، الأفكار السوداء كانت في المقدمة، يرأسها الموت الذي قرر أن يأتي هذه الليلة على شكل عقرب سيلدغ عين الكائن البشري مقتلعا إياها بكل قسوة كابوسية، في حين كانت الكوابيس الأخرى تتسلق جدران خيالات البشري مستبيحة أناه الأعلى والأدنى لتتم محاصرة أعماقه من كل الجوانب، فلا يستطيع القرار من قسوتها و إفزاعها الذي ما انفك يضرب أطراف أعصابه ،محولا جسد البشري المسكين إلى كتلة من انتفاضات سريعة ترتج معها أطرافه وزوايا سريره الذي بدأ يهتز وكأن زلزالا أصابه.
فجأة هدأ السرير، عادت كل أعضاء البشري إلى هدوئها، وبدأ عرقه السائل بالجفاف بعد دقائق طويلة من السيلان الذي كاد أن يسبب له جفافا.
كان الهدوء مريبا في تلك اللحظات، الأحلام المتشابكة لم تعرف بعد ما جرى ، إلا أن راية مزينة بالورود اللطيفة رفعت فوق أحد جدران خيالات البشري، معلنة وصول ثوار الأحلام الوردية ليقضوا على جيش الكوابيس، و يحولوا ليلة البشري إلى سعادة لا ينعم بها إلا وقت وجودهم.
تمتد لحظات السعادة، ويتقلب البشري في سريريه بهناء قلما يعيش في الأيام الأخيرة..
ها هي الفتاة التي أحبها قد عادت أخيرا حاملة معها قلبه الذي أخذته حين رحلت !
العائلة تلتم من جديد في بيت واحد بعد أن فرقت بينها ظروف الحياة القاسية ..
الأسعار عادت إلى رشدها بعد الجنون الذي أصابها في السنوات الأخيرة ..
موظفو الحكومة أصبحوا أكثر لطفا في التعامل معه أثناء تقديمه لبعض الأوراق والمعاملات الرسمية
تذكرت السفر أصبحت جاهزة ليقتنيها بعد انتظار طويل ، ليتاح له السفر إلى أي مكان يحبه.
الأحلام الوردية تنتصر، وتقيم أفراحها مبكرا، البشري يبتسم وكأن الكوابيس انتهت إلى الأبد، وملك الكوابيس السوداء يعد فزعاته للانتقام.
كان الصبح قد قارب على البزوغ حين وصلت أرض الخيال جحافل جديدة من الكوابيس مدعمة بالأفاعي التي تلدغ بسمومها قلوب الحالمين التعساء، ومصاصي الدماء الذي يلاحقون فريستهم إلى ما لا نهاية وكأنهم صواريخ موجهة ، وجلادي السجون الذين يسمع عنهم البشر قصصا لا تنسى رغم شدة غرابتها وقسوتها.
اقتحموا الخيال، اعتقلوا كل الأحلام الوردية، وأعدموها ميدانيا دون سؤالها عما تريده لكي تتوقف عن ثورتها، جردوها من ملابسها، وخُنقت في أقسى زوايا الخيال، حيث غابت لحظات البهجة العميقة، ليظهر السقم مجددا من فزع قديم يعود في أولى لحظات الصباح، فزع لا يتنهي بصحوٍ مبكر، تزيده الحياة قساوة، ليصبح ألمه مضاعفا، حيث تحاصر البشري كوابيس الليل والنهار، تلك التي لا يمكن للبشري معرفة إن كان ملكها خياليا أم حقيقيا.



#عبد_السلام_الشبلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مليكتي أنت


المزيد.....




- دنيا سمير غانم تعود من جديد في فيلم روكي الغلابة بجميع ادوار ...
- تنسيق الجامعات لطلاب الدبلومات الفنية في جميع التخصصات 2025 ...
- -خماسية النهر-.. صراع أفريقيا بين النهب والاستبداد
- لهذا السبب ..استخبارات الاحتلال تجبر قواتها على تعلم اللغة ا ...
- حي باب سريجة الدمشقي.. مصابيح الذاكرة وسروج الجراح المفتوحة ...
- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد السلام الشبلي - ثورة الأحلام الوردية