أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - الهجرة والتسول في المغرب















المزيد.....

الهجرة والتسول في المغرب


محمد إنفي

الحوار المتمدن-العدد: 6100 - 2018 / 12 / 31 - 11:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ظاهرة التسول متجذرة، في بلادنا، و تشكل معضلة إنسانية واجتماعية حقيقية. ومع تدفق المهاجرين السوريين والأفارقة، تفاقمت الظاهرة وأصبحت مقلقة بكل معنى الكلمة.
ويفرض علينا الواقع الحالي تقسيم المتسولين إلى ثلاثة أصناف أو ثلاث هويات: المتسولون المغاربة، المتسولون السوريون والمتسولون الأفارقة. ولكل صنف من هذه الأصناف ما يميزه عن الآخرين.
بالنسبة للمتسولين المغاربة، هناك دراسات وأبحاث منشورة حول أسباب الظاهرة وتجلياتها وتأثيراتها... مما يغنيني عن الخوض في هذا الموضوع.
ويتكون المتسولون السوريون من عائلات نازحة (أب وأم وأطفال أو أطفال وأحد الأبوين)، بسبب الحرب التي تعرفها بلادهم. وتجد هؤلاء المتسولين، إما أمام أبواب المساجد (حيث يستعطفون المصلين بالأخوة الدينية ووضع بلادهم وأوضاعهم المزرية، مشهرين جوازات سفرهم؛ وبالتالي جنسيتهم)، أو في ملتقيات الطرق، حيث يكثر المارة وترتفع الحركة المرورية. وغالبا ما يرفعون، في هذه الأماكن، إلى جانب جوازاتهم، قطعة من الورق المقوى (كرطون)، مكتوب عليها "عائلة سورية في حاجة إلى مساعدة".
ويشكل الأفارقة الصنف الثالث من المتسولين. وسوف أقصر اهتمامي على هذا الصنف، وأخصص له مقالي هذا، لما يتميز به عن الصنفين الآخرين.
لا شك أن الراجلين والسائقين والركاب، سواء في السيارات الخصوصية أو في وسائل النقل العمومية، يلاحظون، في مدنهم، الكبيرة منها والمتوسطة، الوجود الكثيف للمتسولين الأفارقة أمام أضواء المرور.
وما يميز هذا النوع من المتسولين، هو أن جلهم، إن لم أقل كلهم، شباب ويتمتعون ببنية جسمانية قوية، ظاهريا على الأقل. ويلاحظ الوجود الضئيل للنساء بينهم؛ وبالتالي، الغياب الشبه التام للأطفال. وإن وجدوا، فمكانهم فوق ظهور أمهاتهم؛ وذلك لصغر سنهم.
ويشكل وجودهم الكثيف أمام أضواء المرور مصدر إزعاج للسائقين، خاصة وأنهم يسألون الناس إلحافا؛ ويشكلون، ربما، بالنسبة للبعض، مصدر الخوف والقلق. لذلك، تجد حتى من تحركه أريحيته ويريد أن يتصدق بالقليل المتوفر لديه من النقود (يعني من قطع معدنية)، غالبا ما يتراجع عن الفكرة خوفا من أن ينقضوا عليه، وهو لا يستطيع إرضاء الجميع.
وبما أن في بعض المواقع، تنافسهم بعض المتسولات المغربيات متوسطة العمر(إما منفردات أو مصحوبات بطفل ذكر أو أنثى)، ومنهن من يتوفرن على بنية جسمية متينة، فإن كثيرا من السائقين يتحرجون، حين يضطرهم الضوء الأحمر إلى الوقوف، من تقديم قطعة نقود، إن توفرت، للمتسولة المغربية دون الأفريقي أو العكس.
شخصيا، كلما استوقفني الضوء الأحمر، أتفرس في وجوه الشباب الأفارقة الممارسين للتسول، سواء منحتهم بعض القطع أم لم أفعل، وأتساءل: هل هؤلاء الشباب يتوفرون على بطاقة إقامة أم إقامتهم ببلادنا غير شرعية؟ وهل اختاروا الإقامة في المغرب أم جعلوا منه مجرد محطة عبور للوصول إلى أوروبا؟ هل قدَّموا طلبات لتسوية أوضاعهم أم لا؟ كيف وأين يعيشون؟ هل يفكرون في البحث عن فرصة عمل (رغم قلتها في الظرف الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه بلادنا) أم اختاروا امتهان التسول؟ وعير ذلك من الأسئلة.
بالمقابل، أتساءل، أمام هذا الوضع، أين هي السلطات المعنية والمؤسسات الاجتماعية؟ أليس من دورها حلحلة هذا الوضع بالبحث عن الحلول الملائمة، ليس بالنسبة للمتسولين الأفارقة فقط، بل بالنسبة لكل فئات المتسولين، نظرا لكون هذه الظاهرة تسيء إلى صورة بلادنا؟ أليس في الأمر ما يدعو إلى الحيرة والتساؤل والخوف من وعلى المستقبل؟...
إنه من غير المعقول ومن غير المقبول أن يتم إهمال الموضوع، بالشكل الذي نلاحظه؛ قد يكون هناك مجهودات، نحن لا نعلمها؛ لكن، حتى وإن وجدت، فنتائجها تدل عليها؛ بمعنى أنها، إما منعدمة وإما جد هزيلة لدرجة تبقى غير ملموسة؛ لذلك، نحن لا نرى ولا نلمس إلا لامبالاة تجاه هذه الظاهرة.
ولن يفوتني أن أتساءل، أيضا، عن مجهودات الدولة، في شخص الوزارة المكلفة بالهجرة والقطاعات الأخرى المعنية، من أجل إدماج قضية هؤلاء المهاجرين في السياسة العامة للدولة وفي النسيج الاجتماعي والاقتصادي لبلادنا. فهل تولي الحكومة لإشكالية الهجرة الأفريقية بالخصوص ما تستحقه من عناية واهتمام؟ وهل تساير، من حيث التدبير والالتقائية والمجهود التشريعي والمالي، سياسة الدولة في هذا المجال، أم أنها تعتبر الأمر ثانويا؟...
جميل جدا، أن تكون للدولة سياسة للهجرة؛ وجميل أن يخصص لها منصب حكومي لمتابعة تنفيذها وتطويرها؛ وجميل، أيضا، أن تكون لبلادنا الريادة في هذا المجال. لكن الأجمل من كل هذا أن يعمل الجميع من أجل أن تعود هذه السياسة على بلادنا بالنفع، ليس فقط على المستوى السياسي؛ بل وأيضا على المستوى الاقتصادي والتنموي.
لذلك، أعتقد أن كل السلطات وكل الإدارات الترابية وكل مؤسسات الدولة التي تعنى بالجانب الاجتماعي، يجب أن تلعب دورها في تخفيف الآثار السلبية للهجرة الأفريقية، من خلال إجراءات ملموسة تراعي مصلحة البلاد ومصلحة المهاجرين الذين يوجدون في ضيافتنا، سواء كانوا مقيمين بشكل قانوني أو في وضعية مهاجرين غير شرعيين.
شخصيا، لا أرى نفسي، بحكم تخصصي المهني، مؤهلا لتقديم مقترحات كفيلة بالمساهمة في إدماج الشباب الأفريقي في عجلة التنمية ببلادنا. لكني كمواطن وكفاعل سياسي مهووس بالمسألة الاجتماعية، يصعب علي أن ألتزم الصمت أمام الوضع الحالي للإفرازات السلبية للهجرة الأفريقية؛ ومن بينها ممارسة التسول من قبل شباب في مقتبل العمر وفي لياقة بدنية تامة.
لذلك، أسمح لنفسي بتوجيه نداء، بكل تواضع وبكل تقدير واحترام، إلى كل مراكز البحوث والدراسات في مجال الإنسانيات والعلوم الاجتماعية وفي مجال الهجرة والتنمية وغيرها من المراكز ذات الصلة إلى الاهتمام بهذا الموضوع وجعله من الأولويات. وبنفس الروح، أوجه هذا النداء إلى جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالهجرة وإلى الجمعيات الحقوقية لجعل هذه المسألة تحظى عندها بالاهتمام الضروري للإسهام في إنقاذ هذا الشباب الأفريقي، الهارب من الفقر أو الحرب، من الوضع الذي هو فيه الآن.
ويمكن لهذه الجهات أن تتعاون من لإحداث مرصد مغربي للمهاجرين الأفارقة الموجودين فوق أرض الوطن من أجل معرفة الهويات الأفريقية وتحديد المؤهلات التي يتوفر عليها شبابها. فقد يكون من بينهم أطر متوسطة، وربما عالية، لم تظفر بعمل لعدم توفرها على الإقامة أو لسبب آخر، فتعاطت للتسول.
وقد يكون لهذا المرصد الوطني شأن لدى المرصد الأفريقي للهجرة الذي اقترحه عاهل البلاد، والذي ورد كنموذج للاقتداء، في نص الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة، الذي يسعى إلى تحويــل الهجرة من مشكل إلى حـل.



#محمد_إنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش قرار متابعة السيد عبد العالي حامي الدين: مخاطر تحوي ...
- مهرجان الاتحاد الاشتراكي بوجدة: صناع الأحداث الكبرى وصغار ال ...
- على هامش المهرجان الوطني للاتحاد الاشتراكي بوجدة: قراءة زمكا ...
- الاتحاد الاشتراكي ومسألة الديمقراطية والحكامة
- حرية التعبير بين المفهوم والممارسة
- النباح بين الدارج والفصيح
- في شأن الوضع السياسي بالمغرب، ألسنا في حاجة إلى نوع آخر من ا ...
- إلى السيد رئيس الحكومة المغربية المحترم: ألم يحن الوقت بعد ل ...
- عن الجدل الدائر حول اللغة العربية والدارجة المغربية
- عن بعض مظاهر الاستلاب المشرقي في المغرب
- حديث عن عقدة اسمها ماضي الاتحاد الاشتراكي
- الاتحاد الاشتراكي مدرسة للإبداع الفكري والسياسي، ولا فخر !!!
- النص القرآني بين التحجُّر والتدبُّر: الإرث نموذجا
- -الصحافة ليست جريمة- ولكن الصحافي قد يكون مجرما !
- على هامش اعتقال بوعشرين: كيف السبيل إلى جعل المواطن يستعيد ا ...
- نداء استغاثة: مطلوب وصفة ناجعة ضد الانتهازية والوصولية
- العداء للاتحاد الاشتراكي بطعم العرقية العنصرية الشوفينية الخ ...
- المفسدون ملة واحدة، وإن اختلفت مرجعياتهم
- الدرس الألماني في مفهوم الديمقراطية وفي تدبير المفاوضات السي ...
- كلام في البلطجة السياسية: بنكيران نموذجا


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - الهجرة والتسول في المغرب