أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد عبدول - الموت في قصائد الراحل (كاظم اسماعيل الكاطع)














المزيد.....

الموت في قصائد الراحل (كاظم اسماعيل الكاطع)


احمد عبدول

الحوار المتمدن-العدد: 6089 - 2018 / 12 / 20 - 20:12
المحور: الادب والفن
    


الذي يتجول في بستان شاعر كبير ومهم مثل الشاعر الراحل (كاظم اسماعيل الكاطع ) يجد ان ذلك البستان تتوزع بين الواحه وجداوله فسائل الموت وشجيراته ولا شك ان الراحل كان يحرص اشد الحرص على ان يشتمل بستانه على هكذا صنف من المغروسات ذلك ان الموت كان يشغل حيزا كبيرا في فكر الكاطع وثقافته الاجتماعية والفلسفية فكان الموت يرافقه كظله وقد سرق منه اقرب الاحبه لقلبه ولده الصغير (حيدر ) وزوجته (زكية ) التي احبها ايما حب .

اذا ما تناولنا ابياتا متفرقة من قصائده التي احتوتها مجموعته الكاملة والتي صدرت عن دار الجواهري للنشر والطباعة والتوزيع قبيل سنوات قليلة من وفاته نجد ان الموت كان الهاجس الاكبر الذي يؤرق الراحل كاظم اسماعيل الكاطع فهو يعاتبه هنا ويستنطقه هنالك ثم نراه يحاول ان يتعرف على حقيقته بل يتجاوزالكاطع كل ذلك عندما يبحث عمن يقف بوجه الموت ليزجره فيكف عن غيه ويرتدع عن اذاه الذي يلحقه باراوح الآدميين ففي قصيدة (منشار الورق ) التي نظمها في تموز عام 1971 نتعرف على طبيعة تلك النظرة التي كان ينظر الكاطع من خلالها الى الدنيا وهو يقترب بنظرته التشاؤمية تلك من كبار الفلاسفة امثال ابو العلاء المعري وفريدريك نيتشه .

ودنيتك ...
سالوفة خرسة
ومنبر اسود
واذن طرشة
وكاع مشتولة منايا
وغصن ميت سمه هرشه

فالدنيا في نظر الكاطع لا تفصح عن حقيقتها خرساء صماء لا يستطيع احد ان يحظى منها بشيء من الفائدة التي تروي له ظماه فيما يخص جملة من الاسئلة والاستفهامات وهي بعد ذلك منبر يحيط به السواد من كل جانب لا تقام اركانه ولا تثبت قواعده الا في ايام ومناسبات الحزن (المأتم )التي كان شاعرنا يتنقل بين سرادقه كل يوم بسبب كثرة الوفيات واما ارضها فتنتشر فوق اديمها اشواك الموت الذي يتسلل عبر الجذور الى جذوع الاشجار فيحيلها في اخر المطاف ركاما تذروه الريح .
في قصيدة (لوحة اعلانات ) نتلمس اثار البعد السياسي جليا واضحا كما هو حال اغلب قصائد الكاطع التي كانت لا تخلو من ذلك الاثر فالكاطع في هذه القصيدة يندد وبشكل غير مباشر بجرائم السلطة وقد استوقفته صور ومشاهد المقابر الجماعية التي غيبت الاف الضحايا دون ان يعلم احد عن مصيرهم شيء يذكر .

ميت بس مادلي بكبري
ميت مادليك بكبري
كلب كل اصخور الموتئ
ماتقره اسمي
وتندل كبري

ذات البعد نجده في قصيدة (توازت ) حيث استعار الكاطع صور الطريق الواصل بين دولة الكويت ومحافظة البصرة بعد هزيمة الجيش العراقي عام 1991 وقد غطت النيران آليات الجيش العراقي بينما انتشرت جثث الجنود على جانبيه .

توازت والله يستر من الموازه
كرهت الروح
جن روحي طريق اتكتلت بيه ناس
وجنازه وره جنازه

في قصيدة (شمعة )
نستمع للكاطع وهو يعاتب نفسه ويوبخ ذاته وقد عاد للتو من دفن احد احبته وهو مايزل حيا يأكل ويشرب ويمشي في الاسواق وهذا برأيه مما يعاب عليه فالاجدر بالانسان ان يموت بموت احبته وفراق خلانه .

دفنته وجيت :
اي والله
واللك رجلين جابنك مشي ورديت
اي والله
اي والله ؟
الك جفين تتحنه بتراب المكبرة
وما تستحي من الميت

اما في قصيدة (رسالته الاولى) فأن الكاطع يخلع صفات الدفان على شخصه لكثرة ما ودع من اهله وناسه واحبائه فيقول

بيه اغبار الف مدفون
وكل جناز
يتمنى حزن وجهي ايتشيم بيه
وانه الجناز
يوميه ازتن للكبر تابوت
وك كلبي خلك تابوت

في قصيدة ( مرثية الفارس المسافر ) يحاول الشاعر الراحل بكل قواه ان يكشف لنا عن تلك الآلية التي يعتمدها الموت ويسلكها الفناء وهو يقبض الارواح ويروع النفوس فالموت يجذب اليه كل جيد ونفيس وينفر عن كل ما هو رخيص وردىء وهو بذلك يكون اشبه بالمغناطيس الذي يجذب عنصر الحديد ويترك ما سواه من معادن تكون اقل من الحديد بجودتها ونفاستها

ابلايا صوت
الموت يدبي ابلايا صوت
ايحوف
بس يغمز بصبعه
الموت مغناطيس
يلكف كل حديد
ويترك العود المريض
وهذا طبعه
وهاي كل افعاله سود
وهاي كل اسطوره سود
ينهب اعثوك الرطب من نخلة تبجي
والحشف يبكه ويزود

قصيدة ( وياك اني حرب ) يستكثر الكاطع مرة اخرى على نفسه انه ما يزل على قيد الحياة على الرغم من ان الموت كان زائره الدائم وظيفه المقرب

جم موت اجه وما متت
يالبيك سبع ارواح
وياك اني حرب
كلمن يشيل سلاح
تكتلني لو اكتلك
بالحالتين ارتاح
وهكذا يمضي الكاطع بسجالاته مع الموت فيتخيله كائنا حيا يقف امامه ليجادله ويعاتبه من صميم فؤاده وهو يطلب من الموت ان يستحي وان يعرق جبينه وهو ياخذ احبته الى حيث اللاعودة

حك الموت
لاجن نعتب اعله الحك
هم مرة استحى
هم كصته تعرك
عجب من شاف نعشج شال
لاعينه استحت
لا بالجذب دنك .

لا يلبث الكاطع الا ان ينتفض هذه المرة وبقوة في قصيدة (رياض احمد ) وهو يبحث عمن يقف بوجه ذلك المارد الجبار الذي يسمى الموت ليترك اثرا على خده ويوقفه عند حده
ضعيفين وعلينا الموت يتعده
ياهو اللي يوكف الموت عد حده .


لكن هل كان الكاطع يخاف الموت زائره الدائم وظيفه المقرب نعم كان الكاطع يخاف الموت كسائر البشر الا انه كان يستقوي بشعره وحكمته على ذلك الخوف فيولي ذلك الخوف مدبرا وكيف لا وقد ايقن الكاطع بان ليل الموت ليس كما يتصور البعض ظلام دامس بل هو ليل تتخلله اغاني الراحلين (حضيري ابو عزيز وداخل حسن )


هسه ارتاح
لا تستاحش امن الموت
بي داخل يجلبنه لثنعش ساعة الليل
وحضيري يغني اشلون الك
مصباح





لم يكن الموت بطبيعة الحال هو الهاجس الوحيد الذي ينتاب فؤاد شاعرنا المبدع فقد كان هناك اكثر من هاجس يقض مضجعه ويؤرق جفونه حاله في ذلك حال اولئك الشعراء العظام الذين خبرتهم التجارب وصقلتهم المصائب ليأتي شعرهم طافحا بالالم متفجرا بالحزن والحكمة والابداع .



#احمد_عبدول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقدة الجنس
- ابرز الخصائص الشعرية في نتاج شاعرين راحلين .(عريان السيد خلف ...
- الجنس في بلدي
- الحقيقة من وجهة نظري الشخصية
- السيد كمال الحيدري في مواجهة الجمهور
- اهم الاسباب التي تقف وراء تمدد بعض الجرائم السياسية وانحسار ...
- وحوش بشرية
- لا تذهبوا بالنصوص بعيدا
- السيد عادل عبدالمهدي ليس الها
- العراقيون يزورون تاريخهم السياسي القريب
- هل بكي الامام الحسين بن علي قاتليه يوم الطف ؟
- شهد ودموع (قصة قصيرة) الحلقة الاخيرة
- شهد ودموع (قصة قصيرة) الحلقة الثانية
- شهد ودموع (قصة قصيرة)
- وقفة عند توصيات المرجعية الدينية بخصوص الانتخابات المقبلة (ا ...
- سعاد (قصة قصيرة) الحلقة الرابعة والاخيرة
- سعاد (قصة قصيرة) الحلقة الثالثة
- سعاد (قصة قصيرة) الحلقة الثانية
- سعاد (قصة قصيرة )الحلقة الاولى
- من قتل عزيز ؟ الحلقة السابعة والاخيرة


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد عبدول - الموت في قصائد الراحل (كاظم اسماعيل الكاطع)