أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - خالد يونس خالد - الأنفال وحلبجة بدايات الصحوة الكردستانية















المزيد.....

الأنفال وحلبجة بدايات الصحوة الكردستانية


خالد يونس خالد

الحوار المتمدن-العدد: 432 - 2003 / 3 / 22 - 03:28
المحور: القضية الكردية
    


 

رئيس تحرير مجلة دراسات كردستانية*

إصفح عني يا صغيري
لقد أحكمتُ وثاقك لأنك طفل كردي
يوما ما سيمسك بك أعداؤك
... ويوثقونك
عليك أن تتعلم إحتمال الأذى (هةذار)

حلبجه، مدينتي الجميلة! وجدتك وأنت تذرفين الدموع على كردستان، لترويها بالعزيمة والعقل. أحببتك لأنك أجمل فتاة تحمل العفة والطهارة، وقد حملت لنا الصحوة بضرورة المحبة بين الكرد على أساس ديمقراطي، تكون أرفع من المساومات والمزايدات. فنضال الكرد ليس مجرد نضال سياسي إنما نضال إنساني مشروع من أجل الحقوق القومية والوطنية الديمقراطية الكردستانية من كرد وأقليات. إنها حقوق تشمل كل جوانب الحياة, وحرية للرجل والمرأة على قدم المساواة، من أجلك يا حلبجه ومن أجل أمنا الكبرى كردستان، عرفت طعم الحرية، وعاهدتك بالنضال من أجلها حتى ترجع البسمة إلى شفتيك، والدفئ إلى ربوعك، والروعة والسكينة إلى جوارحك.

شاهدنا وقرأنا وكتبنا كيف تعرض الشعب الكردي عبر تاريخه النضالي الطويل لعمليات إبادة جماعية منظمة، وكان أشرسها تلك المعروفة بعمليات الأنفال بين أعوام 1987- 1988  ومجزرة حلبجة  في أذار 1988. ففي تلك العمليات قُتل ما يقارب مائتي ألف مدني كردي من قبل نظام صدام حسين في العراق، والذي أُعتبر أعتى الأنظمة التي شهدها العالم بعد الحرب العالمية الثانية.
  نظام صدام حسين هو الأول من نوعه يستعمل الأسلحة الكيمياوية ضد المدنيين الأبرياء مما يدل على سادية ذلك النظام والشخص الذي يقوده، وخروجه عن القوانين الدولية، وضربه لكافة المثل الأخلاقية بحق الإنسانية. ومما يؤسف له وجود عناصر تدافع عن ممارساته الإرهابية مما جعله متغطرسا يضرب كل مَن هو حوله. فما أن إنتهى من الحرب العراقية الإيرانية ومجزرة حلبجة حتى غزا الكويت، ووضع الشعب العراقي في وضع ميؤوس, وقاد الأنظمة العربية إلى الحضيض بدفعهم فاتورة جرائم صدام بحق الشعب الكردي والشعب العربي.
   حلبجه أصبحت نقطة إنطلاق لكل كردي يؤمن بالحرية بغض النظر عن التوجهات اليسارية واليمينية والعلمانية والدينية. وأصبح الكردي يعي حقيقة ما يتعرض له شعبه، ويدرك بأن الحرية لا تكتسب إلاّ بالعلم والمعرفة والنضال. وإنه لا يمكن تحقيق ذلك إلاّ بالتكاتف ووحدة الخطاب الكردي ليتمكن من مواجهة ذلك الطغيان والعدوان المستمر على الكرد.
   حلبجه، الأسم الذي يردده كل كردي, والوردة التي بدأت تذبل من رائحة القنابل الكيمياوية في أذار عام 1988، فتبرع كل كردي جرعة من دمه ليسقيها، ويغسلها بدموعه. إنها العروسة الجميلة التي وقع كل كردي في غرامها، وهي بكل شهدائها وبراءة أطفالها تتقدم نحو أبناء شعبها لتوقظهم من غفوتهم، وتحثهم على هجر الكسل العقلي.
   حلبجه، الأم التي أيقظت الوعي الإجتماعي والحضاري لدى الكرد إلى جانب وعيهم القومي في مقاومة الإرهاب. إنها حلبجة, المدينة الهادئة التي تحولت إلى أشلاء تنام فيها الأطفال الأبرياء وقد صعدت أرواحهم التي تجاوزت الخمسة آلاف، تشكو إلى الله تعالى من الظلم الذي أصابها.
   شعر كل كردي بأنه معرض لمحو شخصيته القومية والثقافية إذا لم يجدد العزم على النضال لإسقاط الطاغية صدام حسين وبناء مجتمع ديمقراطي. وتعلم الكرد، كلهم، حتى أولئك الذين كانوا في المهد بأنهم في سفينة واحدة، وإن ثقبا واحدا في السفينة تؤدي إلى الغرق. لذلك فالكل مسؤول، والكل يجب أن يساهم في صنع القرار على أساس المسؤوليات الفردية والجماعية والإجتماعية.  إنها حلبجة ومعها عمليات الأنفال الظالمة حملت الشخصية الكردية عالية في قلب الصحافة الدولية، حتى أن صور شهدائها فازت بجوائز عالمية.  
   كردستان وطن الكردستانيين، هكذا تعلمنا من الأنفال وحلبجه، أنه لا عبودية بعد اليوم. فالإعتراف بحقوق الآخرين تثبيت لحقوقنا نحن أبناء حلبجه التي ولدتنا من جديد. فالكل يشق طريقه وسط الالغام في تحدي لدكتاتورية صدام حسين. فكانت الإنتفاضة المباركة في آذار 1991، وإجراء إنتخابات برلمانية في مايو 1992 وتحرك شعبي وجماهيري، ورفع القضية الكردية من معمعتها الداخلية إلى قضية دولية. وأدرك العالم أجمع مدى خطورة نظام صدام في قتل الإنسانية.
   حلبجه كانت في وسط العاصفة، لتثقيف المجتمع من مجتمع شبه إقطاعي شبه مستعمر إلى مجتمع مدني ديمقراطي. إنها الجرأة في أن يحرر الكرد نفسه من الخوف والتردد، ويرفع الحكم الذاتي المبتور إلى الفدرالية والعمل على تحقيقها، وإثبات قدرة هذا الشعب العظيم في ممارسة الديمقراطية وإحترام حقوق الإنسان في كردستان ذات الآراء المختلفة بتقبل الأخر تماما كالحديقة المزهوة بالورود والياسمين، والتي تفوح منها عطر كردستان. وتحققت مقولة الراحل العظيم مصطفى البارزاني حين قال بأنه كلما زاد معاناة الكرد، وتمادت الأنظمة التي تتحكم بكردستان بهضم حقوق الكرد فإن تلك الحقوق تتبلور، ويطالب الكرد بأكثر فأكثر. نعم تضحيات الأنفال وحلبجه إلتقت بتلك التضحيات العظيمة التي قدمها الشعب الكردي من أجل حرية كردستان. فلقد بلورت الهوية الثقافية الكردية، من أن عمليات الإبادة الجماعية التي تعرض لها الكرد أيقظت العقول وجعلت القلوب تتوحد أكثر فأكثر. فلا حقوق بدون حبنا وعشقنا لحلبجه ولكل شهداء الأنفال وكردستان. ولا حقوق بدون ديمقراطية، ولا مستقبل للعراق بدون حكم فدرالي برلماني ديمقراطي. فكم كانت شرارة حلبجه ملتهبة في كردستان وفي المنفى ، حتى نظمت الأنتلجنسيا الكردية في المهجر نفسها، ولا تزال تنظم مظاهرات، وتعقد ندوات عن الأنفال وحلبجه.
   أنت في ذاكرة التاريخ، مدينتي الجميلة ، وأنت في ذاكرتي عروستي الطاهرة، فإليك ياحبيبتي من قلبي، وفيك من حبي، وحولك من روحي عطر دنيا الجمال.

(نُشر المقال في مجلة "كورد" الصادرة في أستراليا، العدد 26 آذار 2003)

مجلة دراسات كردستانية، ديمقراطية مستقلة، تأسست عام 1999، تصدر في السويد بالغات العربية والكردية والأنكليزية والسويدية في حوالي 300 صفحة. العنوان: [email protected]

 



#خالد_يونس_خالد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عجز تركيا في تحديد هويتها الثقافية في أنظمة العلاقات الداخلي ...


المزيد.....




- اعتقال 100 طالب خلال مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين بجامعة بوسطن
- خبراء: حماس لن تقايض عملية رفح بالأسرى وبايدن أضعف من أن يوق ...
- البرلمان العراقي يمرر قانونا يجرم -المثلية الجنسية-
- مئات الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بالإفراج عن الأسرى بغزة ...
- فلسطين المحتلة تنتفض ضد نتنياهو..لا تعد إلى المنزل قبل الأسر ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب ويطالبون نتنياهو بإعاد ...
- خلال فيديو للقسام.. ماذا طلب الأسرى الإسرائيليين من نتنياهو؟ ...
- مصر تحذر إسرائيل من اجتياح رفح..الأولوية للهدنة وصفقة الأسرى ...
- تأكيدات لفاعلية دواء -بيفورتوس- ضد التهاب القصيبات في حماية ...
- خبراء ومحللون: فيديو الأسرى الذي بثته القسام مهم في توقيته و ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - خالد يونس خالد - الأنفال وحلبجة بدايات الصحوة الكردستانية