أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محسن وحي - فلسفة التربية وبناء الإنسان














المزيد.....

فلسفة التربية وبناء الإنسان


محسن وحي

الحوار المتمدن-العدد: 6057 - 2018 / 11 / 18 - 16:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لابد أن نستحضر في البداية أن أي حديث عن موضوع التربية إلا ويرتبط بشكل جوهري بثلاث أقطاب رئيسية وهي: المتعلم، والأستاذ والمادة الدراسية، ولا يستقيم الحديث كذلك عن هذه الأقطاب الثلاثة بدون الحديث عن رؤية الدولة وسياستها التعليمية، فهي التي ترسم نموذج المواطن الذي تريد انطلاقا من حاجيتها وأهدافها المستقبلية. هنا يأتي دور فلسفة التربية التي تقدم رؤيتها الخاصة لعملية التربية، كموجه نحو تربية سليمة تحتفي بملكات الإنسان المختلفة. والحال أن واقعنا بعيد كل البعد عن النموذج الذي يحترم الإنسان، بما هو غاية في ذاته، وبما هو ذات عاقلة وحرة ومسئولة بلغة الفيلسوف الألماني كانت. إذ أن هناك أزمة في العملية التربوية، منذ اللحظة الأولى التي ينمو فيها الطفل داخل الأسرة، مرورا إلى المدرسة. هناك رسوخ لنموذج يقوم على السلطة والهيمنة، وهو النموذج السائد في مجتمعاتنا المتخلفة. ونحن في هذه المحاضرات إنما نريد التأصيل والبحث عن نموذج جديد يقوم محل ذلك النموذج السلطوي. انطلاقا من هذا المعطى حاولنا مقاربة تاريخ فلسفة التربية للتنقيب والتأصيل للأفكار التربوية، ووجدنا أن تاريخها يتسم بوجود نموذجين اثنين:
1. الفلسفة الكلاسيكية: ابتداء من سقراط وأفلاطون، وتصورهم للتربية.
2. فلسفة الاختلاف: نموذج جديد في التربية، باعتباره إمكانية لتجاوز النموذج السائد.
نجد في الفلسفة اليونانية مع سقراط وأفلاطون سيادة الميتافيزيقا، فكل تفكير في الأخلاق والمعرفة والسياسة، والتربية إلا وتكون الميتافيزيقا غايته. إن تصور الإنسان في هذه المرحلة ينبني على التقابل بين الروح والجسد، فالروح تنتمي إلى عالم المثل، عالم الحقائق المطلقة الذي لا يطرأ عليه التغير، بينما الجسد ينتمي إلى لعالم الحس، عالم الأشباح والنسخ. ضمن هذا التصور الميتافيزيقي الذي ينضر إلى الإنسان كنوع ضمن قوالب منطقية ومثالية، وبحسبانه كائن يتميز بالعقل فإن دوره الأساس هو في الوصول إلى تلك الأفكار الموجودة في عالم المثل، لكن هذا الأمر ليس من اختصاص العامة، فوحده الفيلسوف القادر على تمثل ورؤية تلك الحقائق المطلقة. هذا المعطى نجده في أسطورة الكهف التي وظفها أفلاطون ليشرح فلسفته، فنحن جميعا ننتمي إلى الكهف، ووحده من استطاع رؤية نور الحقائق السرمدية. ومن البديهي في هذا التصور الميتافيزيقي للإنسان والعالم أن يتم تغييب باقي المكونات الأخرى، كالخيال والشعر والجمال، والتركيز فقط على المعرفة والأخلاق في اتجاه رؤية ميتافيزيقية للوجود. هذا التصور كان من الطبيعي أن ينعكس على التربية في هذه المرحلة. إن التصور الذي يرى الإنسان كنوع من الطبيعي أن لا يعترف بخصوصية الفرد؛ لأن الفرد لا قيمة له إلا في ضل المجتمع. ولا يستطيع هذا الفرد أن يحقق سعادته بمفرده بل هو في حاجة دائمة إلى الجماعة؛ لأن الإنسان مدني بالطبع، وبالتالي فإن الأولوية للجماعة وليست للفرد. في المقابل من هذا النموذج الكلاسيكي الذي ساد في المرحلة اليونانية هناك نموذج مخالف، فما هي خصائص هذا النموذج الإختلافي؟
إذا كان النموذج الأول يعطي الأولوية للجماعة على الفرد فإن النموذج الثاني يمنح الأولوية للفرد على الجماعة. وإذا كان النموذج الأول ينطلق من الميتافيزيقا وينتهي بالميتافيزيقا فإن النموذج الثاني يضع الميتافيزيقا جانبا، يعتبرها قضية فارغة من المعنى بلغة الفيلسوف فتغنشتاين . نجد هذا التصور للإنسان والعالم عند التيار الوجودي، خاصة الوجودية المرتبطة بسارتر وسيمون ديبفوار. هذا التيار الفلسفي يركز بشكل جوهري على حرية الإنسان فماهيته لا تتحدد بشكل قبلي، بخلاف ذلك وجوده تسبق ماهيته. يوجد الإنسان أولا ثم يختار لنفسه الطريق الذي يوافقه. نجد سارتر يرفض الحديث عن ماهية ثابتة أو طبيعة إنسانية وبدل ذلك يتحدث عن وضع إنساني عام أو كوني. ضمن هذه الفلسفة، وفلسفات أخرى سابقة، تبلور تصور جديد للإنسان والعالم. إن الإنسان كائن حر وقادر على اختيار مصيره. انطلاقا من ذلك فإن التربية تعني بالأساس التربية على الحرية؛ أي حرية الفكر وحرية الاعتقاد. وكل تربية لا تضع الحرية كأساس لها ليست تربية ديمقراطية. لا تقوم التربية في تكوين بشر بحسب نموذج مشترك، بل في الافراج في كل إنسان عما يحول دون أن يكون ذاته، وأن نخوله تحقيق ذاته حسب قدراته.



#محسن_وحي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ناصيف زيتون ودانييلا رحمة يحتفلان بذكرى زواجهما الأولى
- فرنسا: قضية -المجوهرات المخفية- للوزيرة رشيدة داتي تعود إلى ...
- قضية اختطاف وقتل الطفلة الجزائرية مروة تثير تساؤلات عن ظاهرة ...
- تقارير: قرار واحد لترامب قد يُفضي إلى أكثر من 14 مليون وفاة ...
- من العزلة إلى الإعمار... هل ستفتح واشنطن أبواب سوريا للعالم ...
- قتيلان على الأقل في موجة حر شديدة وفيضانات تجتاح إيطاليا
- دعم خليجي متجدد للبنان.. تأكيد على الأمن والاستقرار والتنمية ...
- شبهة تجسس ـ برلين تستدعي السفير الايراني وطهران تنفي ضلوعها ...
- ماكرون يبحث مع بوتين الملف النووي الإيراني وحرب أوكرانيا في ...
- عاجل| ترامب: رفعت العقوبات عن سوريا من أجل منح البلاد فرصة


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محسن وحي - فلسفة التربية وبناء الإنسان