أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد كاظم خضير - سمكة عراقية تخاطب عادل عبد المهدي














المزيد.....

سمكة عراقية تخاطب عادل عبد المهدي


محمد كاظم خضير

الحوار المتمدن-العدد: 6053 - 2018 / 11 / 13 - 02:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سمكة عراقية تخاطب عادل عبد المهدي
----------------------------
محمد كاظم خضير
سيكون غريبا يادولة رئيس الوزراء أن تتحدث إليكم سمكة عراقيةتافهة، تحاصرها "اسباب الأموات " وتستعد للموت في أية لحظة. أعرف أن علاقتكم بسمك انهاركم سيئة جدا، وأدفع بالقول إن ذلك بسبب حكوماتكم، و ليس من عندكم، ولا من عند سمككم .

حكوماتكم المتعاقبة منذ 2003 دمرت كل ثروات بلدكم من ثروة الزراعية وثروة الصناعية ـ و ثروة السمكية ـ واصبحتم يا دولة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي تستورد من دول الجوار كل شيء .

ليس من مصلحتي ـ كسمكة تافهة يا دولة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ـ أن أنسف ثقة ليست موجودة أصلا بينكم وبين والشعب الحالية، لكنني أردت تسجيل براءة ذمة السمك من تأزيم العلاقة معكم.

أنا أعتبر نفسي سمكة عراقية ، أعيش في انهاركم ، وأعرف أنني انتمى لنفس الوطن الذي تنتمون إليه.

قبل سنوات كانت جدتي توصينا بعدم الاختباء عن ، الصيادين وشباكهم وصناراتهم، وكان فرحتها أنها وقعت أخيرا في حبال شبكة صيد ،وهي التي كانت تقول لنا دائما "الموت في مطبخ العراقي افظل لكي لا انسمح ان يستورد الاسماك من خارج العراق .

دعوني أمسح دمعة رثاء وأنا أتذكر جدتي الراحلة، كانت عراقية حتى الزعانف، وكانت لديها قدرة فائقة على تمييز شبابيك الصيد التقليدية العراقية ، وعندما تعلق إحدى أخواتنا في صنارة العراقيين نرى دموع الفرح في عينيها وهي تقول "لقد ذهبت إلى حيث يجب أن تذهب" كان بجدتي حنين لا ينقطع إلى وطنها العراقي ،هي كانت سمكة كبيرة النفس والاعتزاز بالانتماء للوطن العراقي .

أعود إليكم ،وأنا اكتب من تحت عمق الانهار العراقية " ولعلكم سمعتم عن فاجعة "الموت" بحق نحن معشر الأسماك العراقية منذ عدة أيام يا دولة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.

في الواقع كنا قبل أيام في إحدى الانهار العراقية وهو نهر الفرات في مدنية المسيب بعيدا عن نهر دجلة في زيارة لعمنا المريض، وكان كل شيء طبيعيا إلى أن علت الأفق من حولنا سحابة سوداء، تنفث رائحة الموت التي لا تحتمله، وغبارا داكنا. بدأنا بإبعاد الصغار والمسنين إلى العمق، حتى لا يتأثروا بهذا الوافد الرهيب.

عمنا المريض ـ وهو عميد الأسرة ومجربها ـ قال إن الأمر يتعلق بتصريف المياه الثقيلةالتي ترمى في منطقتنا من نهر الفرات، ا، فهو لم يشم رائحة غربية في حياته ولا يعرف شيئا عن انتشار رائحة جثث الأسماك ، أما أنا فبفضل الله ـ وبفضل "الفيس بوك" و"التويتر" والإطلاع الواسع على الشبكة العنكبوتية ـ فأعرف الشيء الكثير عن فاجعة موت الأسماك وهذه هي المرة الأولى في حياتي التي أراه وأعاينه

لم يكن من الوارد إقناع العم الذي لن يقتنع إلا بما يعتقده، ولذلك كان أهم شيء بالنسبة لي هو إجلاء أفراد عائلتنا نحو مكان آمن، وعلى عمق مريح، ولم تكن العملية صعبة فالعائلة لم تعد جرارة، فمن لم يمت من أفرادها من التلوث ، مات بالسم ، ومن بقي بعد السم، تخطفته مافيات الفساد وهكذا.

نحن الآن في الانهار" و الموت الرهيب في عمق يصل حدود ال3000 قدم تحت البحر . وطبعا لاتصل إلينا روائح الموت ، مع أن ظلامها لا يفارقنا، وفى ذلك حكمة بالغة فإذا كان العراقيون من البشر يعيشون ظلاما دامسا بسبب الانقطاعات المستمرة للتيار الكهربائي، فمن العار أن لا يعيش السمك العراقي معاناتهم، ويتدثر بالظلام تضامنا معهم.

والحقيقة أن الحكومة العراقية هي التي أفسدت العلاقة الحميمية بين العراقيون وسمك بلادهم، فهي ضعيفة وعاجزة عن حمايته و توفيره لهم، أو على الأقل مساعدتهم على رؤيته ، فمن المخجل أن يموت مواطن العراقي دون أن يرى اويشتري سمكة ،وهو على الانهار بلاد الرافدين هو الأطول والأغنى سمكا في العالم.

الحكومة تركت السمك يفترسها الموت ، وحرمت مواطنيها منه، وهذه جريمة حقيقية سأظل أقول إنه لا دخل لنا معشر الأسماك فيها من قريب ولا من بعيد.

لا أدرى إلى متى سنبقى في هذا العمق الذي لم نتعود الحياة فيه، خاصة وأن نوبات ربو وحساسية بدأت تداهم الصغار والمسنين، وعمنا تفاقمت وضعيته وازدادت سوء ،وبالمناسبة نحن نعانى ـ مثل البشر في العراقي ـ من ضعف الخدمات الصحية، ..!!

سنتحمل، فذلك قدرنا لا نريد شيئا من حكومتنا في بغداد، لا نريد منها إنقاذا ولا تدخلا ولا إجلاء، فلو كانت تهتم بنا لما تركتنا فريسة لموت ، ثم إنهاـ وأقولها بمرارة صادقة ـ ضعيفة وعاجزة، فلديها مواطنون في الخارج سجناء ومطاردون ومخطوفون لا تستطيع مساعدتهم، وعاصمتها تعيش ظلاما دامسا، وهي لا تفعل شيئا أي شيء لحل مشكلة الإنارة، أما مواطنوها المرضى والفقراء والمظلومون فقد ضيعتهم، وهي لما سواهم أضيع ..!! وفى هذا العام وقبله عجزت عن مواجهة 20 ملم من المطر في العاصمة بغداد التي غرقت تماما ، وبالتالي فإن مطالبة الأسماك لها بالتدخل هو نوع مستهجن من طلب ما لا طمع فيه، وهو سوء أدب مع الله. أنتم أيها المواطنون العراقي نحبكم في الله، وكما قالت جدتي رحمها الله "الموت في مطبخ العراقي لكي لا نسمح إستيراد الأسماك من دول الجوار" وذلك تلخيص لشعورنا اتجاهكم.

نعرف أنكم تعانون ربما أكثر من معاناتنا، وأنكم تتعاطفون معنا، لكن ما باليد حيلة، فأنتم مثلنا تماما مغلوبون على أمركم..!!

واثقة أن هذه الفاجعة ستزول، وأننا "سنرجع يوما إلى حقلنا ونغرق في سابغات المنى"، وأن سمك العراقي و فجر قادم، حيث لا استيراد أسماك من دول الجوار. يومها ستكتشفون معنا أن حكوماتكم كانت تكذب بنا عليكم، وتكذب بكم علينا، وتكذب بنا وبكم على نفسها وعلى الآخرين ..!!

دعواتكم بأن تنكشف هذه الغمة، وأن يعود السمك لكل الشواطئ العراقية الجميلة، والتي لا نملك غيرها وطنا، كما أنكم لا تملكون غير تلك اليابسة ـ الضيقة عليكم ظلما وفقرا وتعاسة ـ وطنا.



#محمد_كاظم_خضير (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثنائية الفاسدة والغرق في العراق
- لن تعود داعش ما دام حشد الله موجود
- مقال
- انا وسائق التاكسي والنقاش حول حكومة عبد المهدي


المزيد.....




- نظرة على ترسانة إيران من الصواريخ الباليستية ونطاق تهديدها
- بعد ليلة دامية.. كاتس يُهدد سكان طهران بـ-دفع الثمن-.. وبزشك ...
- الإعلام الإيراني ينشر تحذيرا أمنيا: إسرائيل تستخدم تتبع الهو ...
- تضرر مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب إثر صاروخ إيراني.. هل ...
- مراسلتنا: ارتفاع عدد القتلى الإسرائيليين جراء الهجوم الصاروخ ...
- الجيش الإسرائيلي: بحريتنا اعترضت للمرة الأولى 8 مسيرات باستخ ...
- روسيا.. اختبار مفاعل حيوي يعتمد على الطحالب الدقيقة لضمان ال ...
- الناتو يطلق مناورات في فنلندا بمشاركة أكثر من 40 طائرة حربية ...
- إعلام عبري: صاروخ إيراني انفجر مباشرة بين ملجأين في بيتاح تك ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن رصد صاروخ أطلق من اليمن


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد كاظم خضير - سمكة عراقية تخاطب عادل عبد المهدي