أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمار ابراهيم عزت - الكتابة عند خط المحنة














المزيد.....

الكتابة عند خط المحنة


عمار ابراهيم عزت

الحوار المتمدن-العدد: 6026 - 2018 / 10 / 17 - 00:33
المحور: الادب والفن
    


كتاب (رحلتي مع الابتلاء) هو الإصدار الثالث للدكتور مالك العظماوي بعد كتابيه (العشيرة بين الشريعة والقانون: 2014) وكتاب (التحديات التي تواجه المرأة في العصر الحديث: 2016). وفيه سعى المؤلف أن يوثق لذاته بدلاً من التوثيق للآخر، أما الدافع لهذا التوثيق فهو ما أطلقت عليه (خط المحنة) الذي يقع في الطرف البعيد من خط الرخاء. إذ يتميز هذا الخط بوقوعه عند الحد الفاصل بين الحياة وبين الموت، فهو خط تتعلق فيه النفس البشرية وتتأرجح بين أسئلة الوجود والبحث عن الذات في هذا الوجود.
إنّ الإنسان منذ فجر البشرية الأولى كان ولا يزال يعيش في سؤال كبير لم يجب عنه حتى اللحظة. حتى القناعات التي نتبناها في وجودنا هي قناعات تخلخلها أحياناً الأسئلة الوجودية العميقة أو تزحزحها وتستبدلها بقناعات أخرى، لذا فإن القول بنسبية الأشياء هو أضمن سلامة من الاعتقاد بثباتها.
(الابتلاء، لماذا الابتلاء؟، نماذج من الابتلاء، دروس في الابتلاء... هلم جرا) هي بعض أبواب هذا الكتاب الذي اعتمد في تأويلاته على البعد الميتافيزيقي في تفسير الوجود. فالعظماوي ينطلق فهمه لوجوده في مواجهة العالم وتحدياته من رؤية ثلاثية: (الله، الانسان، الوجود)، وهذه الرؤية تعد منطلقا وغاية في كتابه حيث مالت التفسيرات عند (خط المحنة) في التعويل على فهم الإنسان والوجود ضمن علاقتهما بالخالق، لذا نجد إن معظم التفسيرات قد تأسست على هذا البعد الماورائي لا على البعد الواقعي الذي تؤسس عليه التيارات الوجودية فلسفتها. إذ إنّ هذه التيارات تنطلق من رؤية ثنائية يكون الإنسان فيها مركزا يرتبط العالم به دون الرجوع الى الرب الذي يشكل بعداً ثالثاً يعد مركزيا في تفكير الدينيين واعتقاداتهم.
لقد شاع هذا المنظور الديني على التأويلات المتنوعة عند (خط المحنة)، فهو السمة الأبرز في كتاب العظماوي، وربما كان مردّ ذلك الى النشأة الدينية، وربما هو نابع من رؤية معمقة وقناعات صقلتها عقود من عمر الكاتب.
لقد اتسم الكتاب بطابع التأمل والهدوء في تأويل البلاء: مسبباته وغاياته، والدروس التي من المكن أن نجنيها من هذا الابتلاء بالشكل الذي تحول فيه الابتلاء في خط المحنة من حالة اليأس الى نبرة التفاؤل، ومن المصيبة الى النعمة، فالابتلاء هبة كريمة من خالق عظيم لا عقوبة دنيوية. إن هذا الموقف تحديدا هو ما خفف من وطأة الابتلاء وشدته.
هذه الرؤية الميتافيزيقية الواحدة قد أبعدت الكاتب عن تأويلات أخرى لثيمة الابتلاء. تأويلات أقصتها المسلمات والثوابت. وقد أشرنا سابقا إن نسبية الأشياء تفتح آفاق التأويل على مصراعيها. لذا فقد غاب البعد الفلسفي لخط المحنة كما غاب عن الكتاب بوصفه سيرة ذاتية مرحلية أو مذكرات ذلك العمق الذي قرأناه في أدب السيرة وأدب المذكرات. فقد ركزت الأبواب الاثني عشر الأولى على تفاصيل لم تضف الى تأويلية الابتلاء شيئا يذكر، وكان الأجدى بالكاتب أن يقدم الباب الثالث عشر (الابتلاء) وما بعده على هذه الأبواب، وأن تذكر الأبواب الأخرى بقدر تعلقها بخط المحنة بحيث تضيف بعدا جديدا. فما جدوى التفاصيل إذا لم تتعالق معنويا مع معنى الابتلاء.
إن الكتاب وإن كان اسمه (رحلتي مع الابتلاء) فهو غير معنيّ بالرحلة: أحداثها، تفاصيلها، بقدر تعلقه بثيمة الابتلاء ذاتها.
دون شك إن العظماوي لم يتغيا بكتابه طرح انطولوجيا، وإنما أراد أن يقدم تجربة شخصية لقرائه ومحبيه بمستوياتهم المختلفة، لذا نجده قد عمد الى التبسيط بدل التعقيد والسهولة في الطرح واللغة على حد سواء. ذلك لإيصال العبرة والدرس الأخلاقي الذي شغل مخيلته طيلة فترة المحنة وما بعدها، فالكتاب صالح لكل الأعمار ولكل المستويات. ولا أبالغ إذا قلت إن الكتاب يتضمن منحى تعليميا للنشئ والشباب، للإناث والذكور على حد سواء، لما يحمله من قيم دينية واجتماعية واخلاقية عظيمة.
ختاما أقول إننا لا نحتفي بإصدار كتاب للعظماوي، وإنما نحتفي بالعظماوي نفسه بعد أن تجاوز خط المحنة بسلام.



#عمار_ابراهيم_عزت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية شرايين رمادية بمسوييها الحكائي والخطابي
- هكذا سأكتبك يا عراق
- السفارة وسط العمارة
- أحلام معطلة


المزيد.....




- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...
- كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
- المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر ...
- دور النشر العربية بالمهجر.. حضور ثقافي وحضاري في العالم
- شاومينج بيغشش .. تسريب امتحان اللغة العربية الصف الثالث الاع ...
- مترو موسكو يقيم حفل باليه بمناسبة الذكرى الـ89 لتأسيسه (فيدي ...
- وفاة المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد عن 70 عاما
- بسررعة.. شاومينج ينشر إجابة امتحان اللغة العربية الشهادة الا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمار ابراهيم عزت - الكتابة عند خط المحنة