أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسليماني رضوان - الطيف الهذوي














المزيد.....

الطيف الهذوي


اسليماني رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 6022 - 2018 / 10 / 13 - 19:24
المحور: الادب والفن
    


الطيف الهذوي

استيقظ صباحا على دوي الرعد في هامش المدينة الصاخبة، شيئ ما ليس بعادي،ليس كالعادة، ليس ككل يوم،يوم يشوبه الغموض،لم ينم هذه الليلة أكثر من ساعة و نصف، أرهقه التفكير في كيفية لقائها هذا اليوم. السماء حالكة الظلمة و كأن الليل عاد مجددا بعد انهياره.
كل الطرقات التي تؤدي إلى شوارع المدينة الكئيبة ملئة بالبركات و الواحات المائية الطينية ، لا مفر له من ارتداء البرد البلاستيكي الخاص بأخيه، الذي توفي قبل أعوام قليلة مضت في حادثة سير جرفت به و بباقي العائلة ،لم يبقى غيره في الوجود. وحيد واحد يسكن غرفته الصفيحية على هامش المدينة .
بعد أن شطف وجهه لحلقه ،تذكر أنه لم يقم بحلقه منذ شهر و نصف على أقل تقدير،و لأنه لا يملك إلا شفرة أكل عليها الدهر و شرب من كثرة الصدأ، لا مناص له من استخدامها مجددا، أحضر موس الحلاقة و قطعة صابون من صندوق الأحذية، استأنس بزجاج النافذة بعد فتحه لجناحه الأيمن على مصرعه، ليظفر بالقليل من الرؤية ، في هذه اللحظة لا يساوره إلا الطيف الهدوي من شبق الحنين .
قبل ساعة من موعد اللقاء، انتعل حدائه الأسود الخاص بمناسبات الذهاب إلى طلب العمل في تلك الشركات التي يكرهها و يحبها رغما عن أنفه . ارتدى بنطلونه دو اللون الأحمر الذي لا يملك غيره، و فتح باب الغرفة التي لطالما كانت ملاذا له في كل الأيام و خاصة أيام فصل الغضب ، هو في غالب الأحيان لا يحضرها، يبيت بين الأزقة يتسكع لعله يجد أحدهم سكيرا ينهب ما ترك له قطاع الطرق . ارتد جاكيته السوداء و اندفع خارجا، وضع مكان اللقاء بين عينيه بعدما اكتشف أنه لم يعد بحوزته غير عشر دقائق قبل الموعد، لم يتسع جسده رغم ظألته و نحوفه رداء الأخ البلاستيكي، اكتفى بوضعه على كتفيه .وصل إلى محطة الأتوبيس رقم 23، كان يتوقع أن تكون بانتظاره لكنه أحس بفرح عارم عند وصوله قبلها،و قد توقفت تلك الأمطار الغزيرة عن التهاطل و مما زاد من قوة حنينه إليها و اتساع رابطة جأشه ارتسام قوس قزح في الأعالي، مع العلم أنها تحب هذا الأخير بجنون .
يبدو أنها تأخرت أكثر من اللازم، قام من مجلسه و اتجه نحو المخدع الهاتفي المقابل له طرف الطريق، لأنه لم يعد يملك هاتفا و قام بحشو يده في جيبه و أخرج بعض القطع النقدية القليلة و أخد يدفع بها واحدة تلو الأخرى. أسفة لا أستطيع المجيء قالت له، و بصوت مهموس قال: هل منعتك أمك من الحضور ؟ أجابته الأم : إسمع أيها البغيض، هي لن تحضر و لن تراها مجددا ، أغلقت الهاتف قبل أن يحاول الإستفهام أو الرجاء . كانت النهاية هكذا بكل هوادة و دون سابق إنذار .
ترك سماعة الهاتف هو الأخر من يده لترتطم بالإسفلت، إتجه عائدا إلى هامشه و هامش المدينة ، واختصارا للمسير هذه المرة قرر أن يمر من الجسر القديم . عيناها تدمعان و قلبها يعتصر حزنا ، خلال تلك اللحظة لم تدرك أنه على حافة الجسر يتأن في هرولته تائها بين العودة و المضي، على حين غفلة سمع صوتا يناديه من الأسفل من أسفل الجسر السحيق "لا أحد هناك ................. أنا هنا" صوت يشبه صوتها لا بل صوتها. أطال النظر في السماء المكفهرة، لا وجود لذلك القوس اللعين، وقال لها:إلى اللقاء في موعد آخر، دفع بنفسه إلى العدم لترتطم جثته بصخور الوادي مصدرة هزة في قلبها .
مات شغفا بحبها .



#اسليماني_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة


المزيد.....




- الحلقة 163 من مسلسل قيامة عثمان الحلقة 163 مترجمة عبر ترددات ...
- الحلقة 27 من مسلسل صلاح الدين الايوبي على تردد قناة الفجر ال ...
- تجمع ضخم لعشاق سلسلة أفلام -حرب النجوم- في بوينس آيرس
- منظمة التعاون الإسلامي تختار داكار والقاهرة ولاهور عواصم للس ...
- موت إيجه إعلان حصري ح 36.. مسلسل المتوحش الحلقة 36 والأخيرة ...
- هتتفرج بدون اشتراك… رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 ب ...
- “باقة من البرامج والمسلسلات وأفلام السينما”عبر تردد قناة CBC ...
- “ابنك هيدمنها” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 لمشاهدة ج ...
- مايكل دوغلاس يزور مستوطنة إسرائيلية ويصف المتضامنين الأمريكي ...
- بتهمة -الفعل الفاضح-.. إحالة سائق -أوبر- بواقعة التحرش بفنان ...


المزيد.....

- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسليماني رضوان - الطيف الهذوي