أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - أيها الأفغانى المتنصّر ... يجب احترام حريتك فى الاختيار















المزيد.....

أيها الأفغانى المتنصّر ... يجب احترام حريتك فى الاختيار


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 1510 - 2006 / 4 / 4 - 10:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأفغانى المتنصّر ... يجب احترام حريتك فى الاختيار

1 ـ حين كنت فى سجن طرة سنة 1987 كان معنا فى الزنزانة شاب مصرى ارتد عن الاسلام وتنصّر. وبرغم الافراج عنه رسميا فقد كانت مباحث امن الدولة ترفض اطلاق سراحه. فأعلن اضرابا عن الطعام. كان زملائى ينظرون له باحتقار فقلت لهم بغض النظر عن اختلافى معه فى العقيدة فاننى كمسلم احترم حقه فى الاختيار ، بل هو يستحق الاعجاب لأنه أعلن عقيدته وتمسك بها برغم كل الأذى الذى يصيبه . اقتنع اخوانى القرآنيون بما قلت وكانوا الى جانبه الى ان تم الافراج عنه قبلنا.
تذكرت هذه الحادثة بعد اعلان عبد الرحمن الأفغانى تنصره واصراره على عقيدته حتى الموت برغم المهالك التى أحاطوه بها. أكرر هنا ما قلته من قبل : اننى مسلم افخر بدينى وأتمسك به حتى الموت ، وأعلن فى نفس الوقت ـ طبقا لاسلامى ـ اننى احترم حق الأخ الأفغانى فيما شاء لنفسه من عقيدة ، سواء اتفقت أو خالفت عقيدتى، بل أعلن اعجابى الشديد بشخصه لأنه ثبت على ما يعتقده حقا برغم الاضطهاد والتهديد بالموت .

2 ـ وباعتبارى عالما أزهريا متخصصا فى الاسلام أقول ان الذين سجنوا عبد الرحمن الأفغانى المتنصر أساءوا الى الاسلام وخالفوه، وأثبتوا أن الفجوة لا تزال هائلة بينهم وبين حقائق الاسلام. أنا هنا أحكم على أفعالهم فقط وليس على قلوبهم وعقائدهم.
لن أكرر ما قلته سابقا فى كتابى (حد الردة ) المنشور على الانترنت والذى يثبت ان هذه العقوبة تخالف الاسلام وانها صناعة عباسية سياسية امتطت حديثين كاذبين منسوبين ظلما وافتراءا للنبى محمد عليه السلام.
لكن أوضّح ـ باختصارـ انهم ـ دون أن يعلموا ـ ارتكبوا أعظم اثم يقع فيه انسان ، وهو ادعاء الالوهية ، بل انهم رفعوا أنفسهم فوق الله تعالى. فالله تعالى هو الذى شاء أن يكون البشر أحرارا فيما يختارون من عقائد ، أحرار فى الايمان بعد كفر وأحرار فى الكفربعد الايمان ، أحرار فى الطاعة وأحرار فى العصيان. خلقهم الله تعالى هكذا ، وجعلهم مسئولين طالما كانوا يتمتعون بحرية الارادة ، فاذا نسوا أو وقعوا تحت اكراه فليست عليهم مسئولية.
وعليه فان أولئك الأفغان الذين اضطهدوا من تنصّر انما يرفعون أنفسهم فوق مقام رب العزة ـ لأنهم يعطون لأنفسهم حقا في التدخل فيما رغب رب العزة جل وعلا عن التدخل فيه،وهو الدين.

2 ـ هم أيضا وضعوا أنفسهم فوق منزلة النبى محمد الذى لم تكن له سلطة دينية أو زمنية تمكنه من التدخل فى اختيارات الناس العقائدية. كان النبى محمد عليه السلام يحزن ـ فقط ـ اذا ارتد بعض أصحابه عن الاسلام ، فنزل عليه الوحى ينهاه عن الحزن لأن أولئك المرتدين الذين سارعوا فى الكفر بعد الايمان أرادوا ألا يكون لهم حظ فى الآخرة ، ( آل عمران 176 )
كان حزن النبى محمد مؤسسا على معرفته بهم وحبه لهم وحرصه عليهم. ومع ذلك فان هذه المشاعر الطيبة لا يصح أن تكون مبررا للتدخل فى حرية الناس فى عقائدهم ، فلا يجوز للأب مثلا أن يتدخل فى اختيار ابنه العقيدى ـ بعد بلوغ الابن مبلغ الرشد ـ بحجة الحب والحرص والمصلحة، له حق النصح فقط ، وبدون ارغام ، وللابن مطلق الحرية فى أن يختار ما يشاء من عقائد ، سواء اتفقت أو خالفت دين الأب وعقيدته. فى النهاية فكل انسان مسئول عن حياته وعما يعتقد وعما يفعل ، ولا تزر وازرة وزر أخرى وليس لكل انسان الا ما سعى فى دنياه ، وكما خلقنا ربنا جل وعلا فرادى سنأتيه يوم القيامة فرادى ، كل منا سيأتى للحساب فردا ، ليس له من " شفع " أو شفيع الا عمله الصالح ان كان صالحا، اما ان كان عمله سيئا فان هذا العمل لن يكون شفيعا له بل شاهد خصم عليه .

3 ـ واذا لم يكن من حق الاب التدخل فى عقيدة ابنه أو بنته فليس من حق المجتمع أو الدولة التدخل فى الدين أو اكراه الناس فى الدين ، فالقاعدة القرآنية تقول ( لا اكراه فى الدين ) اى لا اكراه فى دخول الدين او الخروج من الدين أو اقامة شعائر الدين ، اى كل ما يختص بالدين أو علاقة الانسان بربه لا مجال فيه للاكراه بأى حال من الأحوال. الدين علاقة خاصة شديدة الخصوصية بين الفرد وربه جل وعلا، سواء كانت هذه العلاقة كفرا أم ايمانا ، طاعة أم معصية. للانسان حرية الاختيار وهو مسئول عن اختياره أمام خالقه جل وعلا الذى خلقه حرا فى الايمان أوالالحاد.

4 ـومن التخلف العقلى الذى تحظى به الوهابية وتطبقه الدولة السعودية ارغام الناس على الصلاة بعصا المطوعة وغلظتهم . ان الله تعالى لا يقبل الصلاة الا اذا كانت خاشعة فهل تضمن عصا المطوعة ان تنفذ الى القلوب لتجبرها على الخشوع ؟ وماذا اذا كان رب العزة جل وعلا قد ترك القلوب حرة فى أن تخشع او أن تنافق وتخدع فهل تكون عصا المطوعة أعلى مكانة من رب العزة ؟ . كان بعض المنافقين يتظاهر بالصلاة رياءا ومخادعة لله تعالى وللناس ، ففضحهم الوحى القرآنى مؤكدا انهم لا يخدعون سوى أنفسهم ، وجعلهم ـ برغم صلاتهم ـ فى الدرك الأسفل من النار ( النساء 142 : 145 ).
لكى تكون الصلاة وكل الأعمال الصالحات مقبولة عند الله تعالى لا بد أن تصدر عن اخلاص ورغبة صادقة فى ارضاء المولى جل وعلا، وهذا لا يتأنى باكراه أو اضطهاد ، ومن يتدخل فى حرية الفراد بالاكراه فى الدين فقد جعل نفسه خصما لرب العزة منافسا له فى الالوهية.
ان الدين لله تعالى وحده ، وهو الذى شاء ان يخلق البشر احرارا فى الدين وهو الذى شاء ان لا يكون اكراه فى الدين ، وهو الذى أراد ان يكون كل فرد مسئولا عن اختياره الحر فيما يؤمن أو لا يؤمن به. وهو الذى شاء أن يكون لهذا الدين يوم هو يوم الدين أو يوم القيامة. وفيه يحاسب البشر على ما قدموه من عمل وما اختاروه من عقيدة . فى كل هذه التفصيلات فالدين فيها لله تعالى وحده دون كهنوت أو تدخل من أى سلطة بشرية. ومن يتدخل فى الدين فقد نازع الله تعالى فى أهم خصوصيات الألوهية. ولذلك فان المقصد الأساسى من تشريع الجهاد فى الاسلام هو القتال لتقرير حرية العقيدة ولمنع الاكراه فى الدين حتى يكون الدين لله وحده ،حرا بلا اكراه أو اجبار . ( البقرة 193 ) ( الأنفال 39 )

5 ـ حقيقة الأمر ان النظم الدينية السياسية التى تطبق عقوبة الردة ـ لا تفعل ذلك الا تمسكا بالفقه السلفى ، وهو فقه مناقض للاسلام فى قواعده ومقاصده وتفصيلاته وأحكامه، وقد أسهبنا شرح ذلك فى كتابات لنا سلفت . هذا الفقه السلفى تمت كتابته فى العصور الوسطى حيث دار الصراع الدينى بين معسكر المسلمين ومعسكر الغربيين الصليبيين . ومن هنا جاءت عقيدة انقسام العالم الى ( دار الاسلام ) و ( دار الحرب ) واستمرار الصراع بينهما. ومن مفردات ذلك الصراع اعتبار المرتد عن دينه خائنا ملتحقا بالعدو، ومن يقرا أحكام المرتد فى كتاب (الأم) للشافعى يتحقق ان مفهوم المرتد قد تغلف بهذه النظرة السياسية الحربية.
ومع انه من المفروض أننا نعيش فى القرن الحادى والعشرين الا ان الوهابية قد نجحت فى ارجاع الفكر السلفى السابق الخانق الى حياتنا العصرية ، وبأموال النفط تم تجذير هذا الفكر فى عقول الناس على أنه الاسلام ، عبر اجهزة الاعلام والتعليم والثقافة والمساجد . وأدت السياسة الأمريكية الى تفعيل هذه الثقافة الوهابية حتى أصبحت امريكا نفسها ضحية لها.

6 ـ تلك الثقافة العامة تعتبر (دار الاسلام) هى (أمة محمد)، وتعتبر الغرب الأوربى والأمريكى هو (دار الحرب ) ومن يتنصر فقد خان "أمة محمد " ولحق بأمة أعداء محمد. وبالتالى يكون مستحقا للقتل.
عبد الرحمن الأفغانى المتنصر واجه هذه الثقافة الدموية بشجاعة معلنا ارتداده. كان يمكن أن يساير الناس ويصطنع النفاق ، ولكنه شاء ان يكون صريحا واضحا فى مجتمعات تعتمد النفاق أساس تعاملها. ولأنه خالفهم فى عقيدتهم (أمة محمد ) ولأنه خالفهم فى سلوكياتهم ( النفاق والتلون ) فقد أرادوا عقابه .
ليس لنا الحكم فى عقائد الناس وما تخفيه قلوبهم فذلك مرجعه لله تعالى وحده يوم القيامة, ولكن لنا جميعا أن نحكم على السلوكيات والتصرفات الظاهرة. وعليه فانه طبقا للسلوك وحده فالأفغانى المتنصر أفضل من اولئك الذين اضطهدوه بسبب ردته عن الاسلام.

7 ـ سيظل المسلمون فى عداء مع الاسلام طالما ظلوا على اعتقادهم بتأليه النبى محمد واعتبارهم أنهم ( أمة محمد ) ، وقد ناقشنا هذا المفهوم فى مقال بعنوان ( من هو الآخر فى الاسلام ).
ويحضرنى فى هذا السياق نكتة كان يتداولها المجتمع الأزهرى فى السبعينيات، تقول النكتة أن طالبا فى جامعة الأزهر بعد ان أنهى الامتحان وقبل أن يسافر الى بلده فى الصعيد أوصى زميله القاهرى بأن يكشف عن نتيجته فى الامتحان ، وقال له : اننى أتوقع أن أرسب فى مادة او مادتين ، فاذا رسبت فى مادة واحدة فاتصل بى فى التليفون وقل لى بالرمز : ان محمدا يسلّم عليك ، فان وجدتنى قد رسبت فى مادتين فقل لى بالتليفون : ان محمدين يسلم عليك. بعدها بشهرين ظهرت النتيجة وذهب الصديق القاهرى ليكشف عن نتيجة صاحبه الصعيدى فوجده قد رسب فى كل المواد فاتصل به قائلا : ان أمة محمد كلها بتسلم عليك ..

8 ـ يا أمة ضحكت من جهلها الأمم !!



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيمن نور وغزو العراق
- النبى محمد عليه السلام كان يقرأ ويكتب ، وهو الذى كتب القرآن ...
- من هو الآخر فى الاسلام ؟
- سفاكو الدماء ليسوا مسلمين
- الاستحقاق السياسى فى تاريخ المسلمين
- طبقا للشريعة الاسلامية يجب الحاق بنت هند الحناوى بنسب أبيها ...
- بين الشرعية الالهية والشرعية السياسية
- دفاعا عن خاتم النبيين ضد المعتدين
- بناء الكنائس والدفاع عنها حق مقرر فىالاسلام
- فقه الشرعية السياسية فى لمحة تاريخية
- قدس الأقداس حماس
- من الحضيض الى أسفل السافلين .. احزن يا قلبى
- يحيا العدل
- يحيا التعذيب ؟!!
- مستقبل العرب بين الصوملة والأفغنة
- يسألونك عن الاخوان المسلمين من هم ؟ وكيف نواجههم ؟
- مؤتمر الأقباط فى واشنطن
- التناقض بين الدولة الاسلامية العلمانية ودولة الاخوان المسلمي ...
- الماعز و الطبيب البيطرى
- تهديد لأحمد صبحى منصور ورده على هذا التهديد


المزيد.....




- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - أيها الأفغانى المتنصّر ... يجب احترام حريتك فى الاختيار