أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - خالد عبدالله - تطور مدرسة الحيل الشرعية العربية















المزيد.....

تطور مدرسة الحيل الشرعية العربية


خالد عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 428 - 2003 / 3 / 18 - 02:16
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

كاتب عربي يقيم في وارسو


ينبغي على من يجهر بالاستخفاف بقدرات النظام العربي الإبداعية أن يتوقف قليلا، فقد تكون سهامه طائشة. فمن يتابع الممارسات السياسية العربية سيفاجأ بنوع جديد من المهارات تنبئنا بأننا دخلنا حقبة جديدة من المناورات السياسية العربية لم تكن مألوفة تماما. وعلى جدة أشكال هذه المناورات إلا أن منبعها واحد، فهي تستقي من نبع مذهب الحيل الشرعية. ومن قبل كنا نعتاد على نوع واحد من المخاتلة، الموافقة على قرارات الجامعة العربية ثم حلف اليمين المغلظ على عدم تنفيذها. وكان البعض حتى يدخل منطقة الحرام فارغ الصدر من الهموم وعاري الضمير من الشكوك يلجأ لمذهب الحيل الشرعية، فيصر على إضافة جملة بعد بعض القرارات تؤكد أن تنفيذها مشروط بعدم تعارضها مع قوانينه الداخلية. وقد كانت هذه على ما أذكر طرفة في أروقة الجامعة العربية، لأنها تفيد بجهل المجتمعين بقوانين بلادهم التي قلما يستعملونها، ولأنها، أي القرارات، لم تخالف ميثاق الجامعة العربية وبنود الاتفاقيات الجماعية الأخرى. فإذا كانت لا تخالفها، ومع ذلك فهي تتعارض مع قوانين هذه البلدان فمعنى ذلك أن هذه البلدان تلتزم بميثاق واتفاقيات معارضة لقوانينها. كما أنها كانت مفضوحة لأن هذه البلدان أعضاء في منظمات دولية تنفذ قراراتها حتى حينما تتعارض مع قوانينها، بل أنها تغير قوانينها كي تنسجم مع مطالب منظمة التجارة الدولية مثلا.

لكن النظام العربي جريا منه على عادته في اقتحام ميادين الحرام برقاب تتدلى منها التعاويذ الواقية من الأضرار، غادر ما ألفه من عادات قديمة وبدأ يحاكي شيخ الحيل الشرعية الأمريكي. فأمريكا تقول أنها ستدمر العراق حتى تبنيه، وتحلف أنها تبحث عن أسلحة دمار شامل في بلد يصرخ أنه لا يحوزها، وتصم الآذان عمن ينادي عليها، اسمعي أنا عندي أسلحة دمار شامل! والنظام العربي تلميذ نجيب يجيد المحاكاة بسرعة، ويتقن التقليد بمهارة، لكن الأصالة ليست من شيمه فالبحث عنها متعب والنظر فيها مقلق. فالتأسي بالأمريكان حداثة، ومتابعة مناهجهم راحة آنية، وضمانة مستقبلية. فالأمريكان لا يؤتمنون، فلطالما طلبوا الأشياء وأقروا الأفعال لكن سرعان ما ينسون أنهم طلبوا ووافقوا فيبدءوا بالتشنيع على من يقترفهما، فكيف بهم إن رأوا أشياء لا يعرفون أصلها. فأكثر المواطن أمنا وسلاما متابعة موضة الأمريكان حتى ولو انتهوا بعد حين إلى موضة أخرى.

وقد أمتعنا النظام السياسي العربي بنماذج جديدة من الحيل الشرعية. كانت أولاها في مؤتمر القمة العربي الأخير حينما قدم تعريفا جديدا للمشاركة في الحرب، فتقديم البنى التحتية والتسهيلات بمختلف أنواعها للغزاة ليست حربا، وجعل أرض البلد منطلقا للحرب ليست مشاركة، وربما سيكون تخصيص نسخ جديدة من " أبو رغال " أدلة لأبرهة الحديث ليست مشاركة. ولكن ذكاء الحيل الشرعية دائما مكشوف، لكن خطورته دائمة. فمثل ذلك لا ينطلي على أحد حتى في الأجل القصير، غير أنه يخلق سابقة في الأجل الطويل. وسيصبح المستقبل مفتوحا لكل المحاكين والمقلدين. ولن يقتصر الأمر على أن يفتح كل بلد أبوابه لجيوش أجنبية فهذا حاصل الآن ويبدو إن احتل الأمريكان العراق فسيصبح الأخير المنصة الأعظم لتهديد الكل صغيرا كان أم كبيرا. إلا أن الأخطر أن تصبح الثغور في بعض البلدان مناطق لجماعات مرتزقة أو مبدئية كي تنطلق منها في غارات على البلدان المجاورة. وحسب مفهوم الحيلة الشرعية الجديدة فهذا ليس مشاركة ويرفع المسؤولية. وسيعلم من أقروا هذه الحيلة أنهم لن يناموا في مضاجعهم هادئين بعد حين.

ولقد تسلى الكثير بمنظر الوزراء والمسؤولين في الحزب الوطني يقودون مظاهرة ضد الحرب على العراق وتأييدا للفلسطينيين. ولم يخاطر البعض منهم على قدر علمي بالصعود على أكتاف المتظاهرين لقيادة الهتافات. لكن الحيلة الشرعية هذه مكشوفة من لحظتها الأولى حينما قال القاصي والداني عنها أنها منعا لاستئثار المعارضة للشارع المصري. ولكن انكشافها سيكون كاملا حينما سيستقبل أركان الحزب الوطني شارون السفاح. أما تأثيرها البعيد فهي أن حجتها لدى الأمريكان ستكون ضعيفة فهي التي قد عبأت الجماهير المصرية ضد حربها على العراق. وحينما تنتهي أمريكا من مهمتها في العراق فستكون مساءلة النظام في مصر قوية. فأمريكا الجديدة لا تقيم وزنا للكبار فلم تقيم وزنا لمن يطلب مساعدتها. وبدل أن تطلق المعارضة وتستفيد من قوة الشارع المصري في مواجهة الطلبات الأمريكية أضعفت نفسها في محاولة لإثبات أنها تسيطر على الشارع. لكن الناس في الداخل والخارج شعوبا وحكومات تعرف الحقيقة حينما يروا على شاشات الفضائيات عدد الشرطة المحيطين بالمتظاهرين في مكان محدود. المنافسة تكون كذلك حينما تتوحد قواعد اللعبة وتنطبق على الجميع. فالحيلة الشرعية الجديدة مكشوفة للشارع ومغضبة للأمريكان. فهي قصر نظر واضح.

ومن أغرب الحيل الشرعية العربية أن الكويت التي تحتشد على أرضها عشرات الآلاف الأمريكية استعدادا لغزو العراق تطلب النجدة  العسكرية من بلدان الخليج. وهي حيلة ساذجة وناضجة في آن. أما سذاجتها فلأنها مكشوفة إن أرادت أن تعمي على الوجود الأمريكي. فالعراق ليس محتلا للكويت، فهو البلد الذي تحتل أرضه مباشرة وبالواسطة من خلال مناطق الحظر الجوي والتواجد للقوات الأجنبية على أرضه، وهو ينشد السلامة لأنه يدرك جسامة التدمير الذي ستلحق به. أما إن كانت تأتي بالقوات السعودية حتى تورطها معها فقد نجحت، فالسعودية بإرسال قوات لتكون جنبا إلى جنب مع القوات الأمريكية حينما تغزو الأخيرة العراق سيضع ثقلا كبيرا على السعودية سواء شاركت مباشرة أو غير مباشرة. وهذه الحيلة تشبه الحيلة الأمريكية حينما أرادت من حلف الناتو أن يرسل قوات إلى تركيا لحمايتها، فأدركت بعض البلدان هذه الحيلة ورفضتها، وبعد أن كشفت أغراضها لكل العالم قبلت بمساومة حولها. وما كان جديرا أن توضع السعودية في هذا المأزق. لقد خرق العراق ميثاق العمل العربي المشترك ويعاني النظام العربي لأعوام  طويلة من تلك الحماقة. وفي الوقت الحاضر توجه الكويت ضربة أخرى لهذا النظام العربي الذي يتحشرج قد تقضي عليه كاملا. ولا يمكن لوزر العراق حينذاك أن يبرر وزر الكويت في الوقت الحاضر. وإذا كان تبرير النظام العراقي حينذاك لم يجعل تصرفه مشروعا، فأن الحيل الشرعية الجديدة لن تجعل من خرق قواعد النظام العربي على هشاشتها حلالا.

****************

كنعان



#خالد_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطي الفلسطيني
- قمة تسليم مفاتيح بغداد
- الإفلاس السياسي للقيادة الفلسطينية
- مبدأ بوش: الحياة يستحقها الأقوياء فقط
- الديمقراطية الأمريكية
- مؤتمر استنبول لمنع الحرب!
- مؤتمر التضليل السياسي
- آفاق التحول الديمقراطي في البحرين- الاقتصاد السياسي للدولة ا ...


المزيد.....




- ما هي الامتيازات التي حصلت عليها السلطة الفلسطينية بعد قرار ...
- بقيمة 400 مليون دولار.. واشنطن تعتزم الإعلان عن حزمة مساعدات ...
- البنتاغون يوعز إلى جميع الأفراد العسكريين الأمريكيين بمغادرة ...
- مصر.. نجيب ساويرس يرد على تدوينة أكاديمي إماراتي حول مطار دب ...
- الإمارات.. تأجيل جلسة الحكم في قضية -تنظيم العدالة والكرامة ...
- وسائل إعلام: فرنسا زودت أوكرانيا بصواريخ -SCALP- هي في نهاية ...
- مدفيديف يصف كاميرون بالبريطاني -الموحل ذي الوجهين-
- ناشطتان بيئيتان تهاجمان تحاولان إتلاف نسخة من -ماغنا كارتا- ...
- -لعنة الهجرة-.. مهاجرون عائدون إلى كوت ديفوار بين الخيبة وال ...
- معجم الانتخابات الأوروبية ومصطلحاتها الأكثر شيوعا


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - خالد عبدالله - تطور مدرسة الحيل الشرعية العربية