أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - خالد عبدالله - آفاق التحول الديمقراطي في البحرين- الاقتصاد السياسي للدولة الريعية















المزيد.....

آفاق التحول الديمقراطي في البحرين- الاقتصاد السياسي للدولة الريعية


خالد عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 86 - 2002 / 3 / 10 - 21:38
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    



يتبنى المتخصصون في العلوم الاجتماعية والاقتصاديون في شكل خاص موقفاً سلبياً من الريع كأحد أشكال الدخل وتالياً من الفئات الاجتماعية التي يتسم دخلها بصفة ريعية. ويأتي هذا الموقف على اساس التمييز بين أشكال الدخل المختلفة التي تنتج كمردود لجهد معين والدخل الريعي الذي يتم تحصيله بغير مجهود.

وتعرّف النظرية الاقتصادية الريع بذلك الجزء من الدخل الذي يفوق الكلفة الحدية للانتاج شاملة هامشاً معيناً للربح. ومن زاوية أخرى يمكن تعريف الريع بكل ما يفوق السعر المطلوب لعرض عناصر الانتاج في السوق. كما يؤكد آدم سميث على أهمية التمييز بين الاجر او الربح كعناصر تدخل في تكوين السعر والريع الذي ينتج عن السعر. وتشترك هذه الطروحات في نظرتها الى الريع كفائض. وقام العديد من الدراسات بالتمييز بين أشكال الريع المختلفة مثل ريع الاحتكار وريع الموقع وريع المناجم الناتج عن الاختلاف في كفاية الانتاج.

ويتفق العديد من الباحثين على الطبيعة الريعية للعائدات النفطية للدول المصدرة للنفط. ويستند هؤلاء على حقيقة ان سعر برميل النفط في الاسواق الدولية يصل الى عشرة اضعاف تكلفة انتاج البرميل او اكثر بكثير اعتماداً على الاسعار السائدة في اي وقت من الاوقات. ونظراً لما تمثله العائدات النفطية الريعية من أهمية بالغة كمصدر اساسي للدخل في هذه المجتمعات تم تطوير مفهوم الاقتصاد/ الدولة الريعية كمدخل لتفسير انماط التنمية في هذه الدول.



الخصائص الاساسية للدولة النفطية الريعية

جاءت المساهمات الاولى في تطوير مفهوم الدولة الريعية من خلال دراسة التبعات الاقتصادية لتأميم قطاع النفط في ايران خلال الخمسينات من القرن الماضي وما ترتب عن ذلك من ارتفاع ملحوظ في العائدات النفطية وتبوؤ الدولة موقع المركز في الاقتصاد من خلال ارتفاع معدلات الانفاق الحكومي بدون الحاجة الى فرض ضرائب. وأفضت الزيادة الحادة في اسعار النفط وتالياً حجم العائدات النفطية للدول المصدرة في اعقاب حرب تشرين الاول 1973 الى اعادة الاهتمام بمفهوم الدولة الريعية. ولعل احدى أهم السمات الاساسية للدولة النفطية الريعية تتمثل في الاعتماد على الريع النفطي الخارجي (external) كمصدر اساسي للدخل. وتطلق صفة الخارجي على الريع النفطي لتأكيد حقيقة ان مصدر الريع من خارج الاقتصاد المحلي، ونتيجة ان العوامل التي تحدد حجم هذا الريع هي بالاساس خارجية وتتمثل في السوق النفطية العالمية. من ناحية أخرى، يشير الاعتماد على الريع الخارجي كمصدر اساسي للدخل الى ضعف هيكل الانتاج المحلي خارج القطاع المنتج للريع (القطاع النفطي) والذي يتسم بضعف علاقات اندماجه مع الاقتصاد المحلي. وتتجلى اهمية القطاع النفطي عند النظر الى الاهمية النسبية للصادرات النفطية مقارنة بمجموع الصادرات او كنسبة من الدخل القومي، حيث فاقت الصادرات النفطية في دول مثل السعودية والعراق وايران والكويت نسبة التسعين في المئة من مجموع الصادرات في الفترة من منتصف السبعينات الى منتصف الثمانينات. كما شكلت هذه الصادرات نسباً تجاوزت الثمانين في المئة من الناتج القومي في السعودية وحوالي السبعين في المئة في كل من قطر والامارات خلال الفترة نفسها.

ويبرز الاعتماد على العائدات النفطية كأهم مصدر لتمويل الانفاق الحكومي من خلال نسبة هذه العائدات الي دخل الدولة والتي وصلت الى ما يفوق 130 في المئة في دولة الامارات و90 في المئة في السعودية وقطر وليبيا في بداية الثمانينات.

وفي الوقت الذي ينتج القطاع النفطي الجزء الاكبر من الدخل في المجتمع فان عدد العاملين في هذا القطاع محدود نتيجة لاستخدام تقنيات الانتاج الكثيفة الرأس المال. ويقود ذلك الى استنتاج ان في الاقتصادات النفطية الريعية تقوم شريحة محدودة من المجتمع بانتاج الثروة فيما تتشغل الغالبية العظمى من المجتمع في نشاطات انفاق الثروة وتدويرها.



دور الدولة في الاقتصاد

تتبع اهمية دور الدولة في الاقتصاد من حقيقة ان الدولة هي الجهة الرئيسة التي تحصل على الريع الخارجي نتيجة لنمط ملكية الحقول النفطية في هذه الدول. ويستتبع ذلك ان تلعب الدولة دور الوسيط بين القطاع المنتج للريع وبقية القطاعات الاقتصادية من خلال الانفاق الحكومي للعائدات النفطية الضخمة، مما يمكّن الدولة من ان تلعب دوراً رئيساً في توزيع الريع على السكان وتحديد النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع مما يساهم في تعاظم دور الدولة في الاقتصاد.

وتتخذ آليات توزيع الريع اشكالاً مختلفة. فالكويت مثلاً إبتدعت سياسة تثمين الاراضي الخاصة بأسعار تفوق القيمة السوقية كأحد آليات توزيع الريع وتم تبني هذه السياسة في العديد من الدول الخليجية. غير ان التوظيف الحكومي مثّل الآلية الرئيسة لتوزيع الريع على السكان ويلاحظ في هذا الصدد انه تم تكوين بيروقراطيات ضخمة لاستيعاب الاعداد المتزايدة من السكان الداخلين في سوق العمل، ولم ترتكز سياسات التوظيف الى الحاجات الفعلية لحجم العمل، وغدا التوظيف الحكومي في العديد من الدول احد الحقوق المكتسبة للمواطنين. وشكل التوسع في السلع والخدمات العامة مثل التعليم والصحة والاسكان والخدمات الاجتماعية الى جانب سياسات الدعم للسلع الغذائية الرئيسة والكهرباء والماء والبنزين انماطاً مختلفة لتوزيع الريع على المواطنين.

ومن جانب آخر، شكلت العقود الحكومية احد آليات توزيع الريع في شكل هبات خاصة ومثلت احد طرق الاثراء. ويشبّه العديد من الدارسين هذا الجانب من دور الدولة الريعية بالأنماط القبلية التقليدية في تأمين التحالفات والولاء من خلال الهبات والعطايا، حيث امتزج دور الدولة الحديثة في توفير السلع والخدمات العامة بدور الهياكل التقليدية في توزيع الثروة.

والى جانب الآليات المباشرة لتوزيع الريع، ساهمت الدولة في تطوير مناخ تسود فيه أشكال مختلفة من الريع الداخلي Internal rent من خلال القوانين والتشريعات المختلفة التي ينتج عنها ريع الاحتكار. ويمكن ان تعتبر آليات غير مباشرة لتوزيع الريع. وأهم هذه القوانين تلك المتعلقة بالوكالات التجارية - لاحظ ارتباط اسماء العديد من العائلات الثرية في الخليج بماركات عالمية من السلع المعمرة مثل السيارات والاجهزة المنزلية - والكفالة والسجلات التجارية والتي ادت الى استحواذ العديد من الافراد والمؤسسات على كميات غير قليلة من الدخل الريعي من خلال استثمار المكانة الاجتماعية والحظوة السياسية، فيما تنخرط الفئات الاجتماعية الاخرى الاقل حظاً في الانشطة الانتاجية بسبب من عدم قدرتها على اختراق دائرة الريع.

ويصور العديد من الدارسين التركيبة الاجتماعية للدولة النفطية الريعية بكونها طبقات من الشرائح الريعية، حيث تحتل الدولة مركز الصدارة في قمة الهرم بسبب العوائد الريعية الهائلة التي تحصل عليها. ويؤهلها ذلك لدور المحرك الاساسي للنشاط الاقتصادي عبر الانفاق الحكومي، فيما تقوم الشرائح والفئات الاجتماعية المختلفة بالاصطفاف في الشكل الذي يؤمن لها أكبر شريحة ممكنة من الريع.

في الحالات الطبيعية تقوم الحكومات المعاصرة بالركون الي الضرائب كمصدر اساسي للدخل.

ويعتمد حجم الوعاء الضريبي المتاح للدولة الى حد كبير على حجم القاعدة الانتاجية المحلية ومدى تقدمها. ويستنتج من ذلك اعتماد الدولة على القطاع الخاص والمجتمع المحلي برمته في تحقيق الدخل. وعلى صعيد الاقتصاد السياسي تتيح مثل هذه العلاقة للمجتمع المحلي دوراً مهماً في عملية اتخذ القرار والرقابة والمحاسبة من خلال الآليات الديموقراطية الحديث المتعارف عليها.

في المقابل، فان اعتماد الحكومات في الدول النفطية على الريع الخارجي قد حررها من الاعتماد على قاعدة الانتاج المحلية في تحقيق الدخل. ليس هذا فقط، انما، ومن خلال انفاق العوائد النفطية الهائلة بات بمقدور الدولة تشكيل النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع كما بيّنا سابقاً، وغدا تطور القاعدة الانتاجية وهيكلها في هذه الدول يعتمد الى حد كبير على نمط الانفاق الحكومي. ومكّن غياب الضرائب الحكومات في الدول النفطية الريعية من قلب الشعار الذي رفعته الثورة الاميركية للاستقلال عن التاج البريطاني "لا ضريبة بدون مشاركة" (No Taxation without Representation) ليغدو "لا مشاركة بدون ضريبة" (No Representation without Taxation). وسمح كل ذلك بهامش غير مسبوق من حرية الحركة للدولة في المجتمع. كما طورت آليات تقليدية خاصة بها من أشكال التظلم والشورى ضمن ما يمكن أن يطلق عليه ديموقراطية الدواوين.



الدولة النفطية الريعية في طورها الاخير

منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي، ونتيجة لتدهور اسعار النفط والازمات السياسية والعسكرية (حربا الخليج الاولى والثانية) وما ترتب عليها من التزامات مالية واختلالات هيكلية في المالية العامة، واجهت الدولة الريعية تحدياً حقيقياً يمس اساس وجودها ويتمثل في تآكل قاعدتها المادية (الفوائض النفطية). كما ساهم استشراء الممارسات الريعية والفساد المالي والهدر غير المبرر للامكانات في تعميق ازمة الدولة الريعية النفطية وعدم قدرتها على مواصلة الدور/ النموذج الذي رسمته لنفسها وحقق لها قدراً من القبول في المجتمع.

وعبرت أزمة الدولة النفطية الريعية عن نفسها في اشكال مختلفة نذكر منها على سبيل المثال تراجع معدلات النمو الاقتصادي ومعدلات التكوين الرأسمالي، وبروز مشكلة البطالة وتفاقهما عبر اكثر من عقد من الزمن، وتراجع مستويات الدخل واستشراء ظاهرة الفقر، وتآكل الطبقة الوسطى.

وتأتي مثل هذه التطورات كتعبير عن عدم قدرة الدولة الريعية في طورها الاخير على الاستجابة للتوقعات العالية التي خلقتها لدى السكان نتيجة للسياسات التي تبنتها في فترة الوفرة.

وفي ظل اجواء الازمة هذه عبرت الفئات والشرائح الاكثر تضرراً عن تململها وسخطها بأشكال مختلفة من الاحتجاج الاجتماعي والسياسي وصلت الى حد استخدام العنف في بعض الدول، وأشكال مختلفة من العصيان المدني والعسكري كما في الجزائر.

وتبرز تجربة البحرين - ذات الموارد المحدودة اصلاً والتي تعتمد الى حدّ كبير على الهبات الخارجية ذات الطبيعة الريعية - في مجال الاصلاح السياسي كأحد اشكال التعاطي الحضاري البناء مع التحديات والازمات التي تواجهها الاقتصادات النفطية الريعية. وتشكل الملكية الدستورية وعودة الحياة البرلمانية وما يرافقها من تفعيل لآليات المشاركة والرقابة والمحاسبة الشعبية أبرز جوانب مشروع الاصلاح السياسي. بالاضافة لذلك تم تطوير هياكل وقوانين للمحاسبة المالية والادارية والدعوة الى تبني قيم الشفافية كما في قانون المناقصات العامة. وعلى الصعيد الاقتصادي، شهدت البحرين سن العديد من القوانين التي تحد من الاحتكار وتعزز المنافسة وترسي دعائم الحرية الاقتصادية. وتعبر هذه الخطوات عن فك الارتباط بالعديد من السمات الريعية في المجتمع.

ويبقى التحدي الاساسي الذي يواجه البحرين على الصعيد الاقتصادي في مدى قدرتها علي تطوير قاعدة انتاجية بديلة من النفط تكون قادرة على الايفاء بمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المدى البعيد.

ورغم استمرار الدولة في الاعتماد على الريع الخارجي كمصدر اساسي للدخل، نعتقد بأهمية اعادة تعريف دور الدولة في الاقتصاد في حدود تقديم السلع والخدمات العامة ودعم البنية التحتية الاجتماعية وتوفير مناخ استثماري يفسح المجال امام القطاع الخاص للقيام بالدور المأمول منه كرافد اساسي للتنمية. وقد يستدعي اعادة تعريف دور الدولة البدء في التفكير بفرض بعض السياسات الضريبية في المدى الزمني المتوسط.

ونعتقد بأن التجربة البحرينية الحالية مرشحة للتكرار في العديد من الدول الريعية وان بصيغ قد تقترب أو تبتعد قليلاً وعلى مدى زمني متفاوت.



باحث اقتصادي



#خالد_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - خالد عبدالله - آفاق التحول الديمقراطي في البحرين- الاقتصاد السياسي للدولة الريعية