أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد يوسف عطو - كتابات على جدار الفكر والثقافة














المزيد.....

كتابات على جدار الفكر والثقافة


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 5999 - 2018 / 9 / 20 - 07:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كتابات على جدار الفكر والثقافة

تخرج الدكتور علي الوردي ,رائد علم الاجتماع المعاصر في العراق من ارقى الجامعات الامريكية , لم يسير في جنازته وهو متوفي خارج العراق الا رهط قليل من الناس .كتب الطبيب والباحث السوري خالص جلبي في كتابه (في نقد الفكر الديني :النقد التاريخي )عن الدكتور علي الوردي قائلا :
(مصير الوردي يذكر بنهاية – ابن رشد – الذي كوقيء في نهاية حياته بالنفي الى قرية يهودية وحرقت مؤلفاته , واما – الطبري – المفسر والمؤرخ فقد دفن سرا تحت جنح الظلام خوفا من الرعاع الذين اتهموه بالرفض , واما – مالك بن نبي – فهو مجهول في بلده الجزائر اكثر من اي بلد اخر ).

يصف الاعلامي والصحفي سعد البزاز صاحب مؤسسة الزمان الصحفية وفضائية الشرقية علي الوردي بانه :
( اكبر عالم اجتماع في وطنه , وكان حريا ان يودع بجنازة تليق به من خصومه والاصدقاء , ولكن لم يكن الخصوم ليسيروا في جنازته في بلاد :(غابت عنها تقاليد الحوار وبات من النادر احترام الراي الاخر وتحولت الخلافات الفكرية الى سكاكين تقسم الناس , فحيثما ينعدم احترام الراي الاخر يصبح التشبث بالخصام والنزوع الى الايذاء بعضا من مظاهر الانفصام العام في شخصية المجتمع).

اما الاصدقاء فخوفهم من السلطات منعهم من حضور الجنازة . مات الوردي وترك تراثا كبيرا من مؤلفات مثل (وعاظ السلاطين ) و ( مهزلة العقل البشري ) و سلسلة لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث ومنطق ابن خلدون وغيرها ..

ينقل سعدالبزاز عن علي الوردي انه حذر من قدوم العوام من ريف متخلف الى المدن الذي سيؤدي الى اجتياح المجتمع المدني على يد العسكر واغتصاب مؤسسة الدولة وترييف المدينة بقيم الثار والانتقام والعنف والاجتثاث والابادة ( النظام البائد).

وهنالك من يرى بعض انظمة الحكم لاتزيدعن تحالف الريف ضد المدينة ,اي صراع الريف ضد قيم الحضارة والحداثة والمدنية , واستبدال اقطاعيي الاراضي الزراعية بعائلات الاقطاع المسلحة بالميليشيات الحديثة , اي الفئات الرثة من البرجوازية الطفيلية , وبفارق ان مضارب القبيلة امتدت الى كل الدولة والمجتمع ولا ضمانة لاي شيء او انسان في اي زمان او مكان .

ينتهي البزاز الى القول ان اعادة دور المدينة سيؤدي الى سلسلة من التطورات مثل اذابة الفروق العرقية والمذهبية , ورد الاعتبار الى الدولة وفرض النمط السلمي لحل المشاكل واعادة انعاش مجالس الفكر.لقد اصيب العراق بمرض نقص المناعة ( الايدز )وهو مرض يقوم بتدمير الخلايا العصبية لجسم الانسان .

لقد اخترقت فيروسات الطائفية السياسية والعرقية والحزبية والعشائرية ارجاء العراق بعد ضعف الدولة وبعد سلسلة الانقلابات العسكرية وسلسلة الحروب العبثية التي قام بها نظام صدام حسين .وعندما تضعف الدولة يتفكك المجتمع وتتجه المجموعات السكانية الى استعادة ماضيها والانغلاق على نفسها واعتزال المجتمع .

من الفيروسات التي يعاني منها المجتمع العراقي هي العودة الى التاريخ والفكر المتطرف والثار والانتقام والاجتثاث .وهكذا اخترق الايدز الفكري والديني والطائفي والعرقي العراق واصبح عاجزا عن الدفاع عن نفسه .مثالنا على ذلك عداء بعض اصحاب الشهادات للدكتور علي الوردي ومعاداتهم للفنان كاظم الساهر . احدهم وهو يدعي انه مغني ريفي يقول ان الساهر لايغني الاغنية العراقية , بينما انا , اي المغني الريفي ,يغني الاغنية العراقية , لانني ريفي .

نفس الفكرة نجدها عند الوافدين من الارياف الى بغداد حيث سكنوا في مناطق مغلقة عليهم فعندما يريد الذهاب الى وسط البلد يقول لاهله واصحابه( انا ذاهب الى بغداد) باللهجة المحكية الجنوبية ,اي ان منطقته السكنية لاتمثل بغداد بالنسبة اليه بل تمثل مدينة جنوبية مثل العمارة او الناصرية او غيرها .هنا يشعر هذا الانسان الجنوبي البسيط بالاغتراب عن محيط بغداد ويعبرعن الصراع الحضاري والثقافي بين الريف والمدينة .

بعد استقواء الريف على المدينة اصبح الشيوعي يفتحر باصوله العشائرية , وهذا هو التناشز المعرفي , او كما يسميه الدكتور علي الوردي (ازدواج الشخصية العراقية ).ان العرب المسلمون احدثوا قطيعة معرفية مع تراث الدول التي استوطنوها . من هنا تتبدى اهمية الذاكرة الجماعية في صنع الهوية الوطنية والحفاظ عليها .

ان تفكك المجتمعات يبدا بفايروس داخلي ثم ينتشر في الجسم عن طريق الانقسام لينتهي المجتمع الى التفكك والضياع .لقد حارب اليسار العراقي الاقطاع التقليدي , لكنه مالبث ان عاد بثوب جديد ,اي الاقطاع وتم التصالح معه .

ان العودة الى اجتماع السقيفة نوع من الفايروس الطائفي والذي تم تفعيله بعدالغزو الامريكي الى العراق .لقد بدا سقوط الدولة العباسية بفساد وتفكك الدولة من الداخل وصولا الى الخراب التام .الانسان العراقي عاش في العبودية لحقب تاريخية طويلة , الا ان الاحداث الكبرى كانت تحرر الانسان العراقي من العبودية مؤقتا ليعود اليها بشكل جديد . في مجتمعات طرفية متخلفة مثل العراق يتحول الساحر والدجال وقاريء الكف وقاريء فنجان القهوة والطالع والابراج الى (رجل علم ).

يبدا انهيار المجتمعات بالتفكك الفكري والمعرفي وتبديد ثروات العراق المكدسة في البنك المركزي العراقي والبنوك الاجنبية واحتياطي العراق من الذهب والعملات الصعبة عن طريق الانقلابات العسكرية التي بدات في انقلاب 14 تموز 1958 ثم في سلسلة الحروب العبثية التي قام بها نظام صدام وسلسلة الاعمال العسكرية ضد مجموعات سكانية كاملة في داخل العراق .وهكذا تم تصفير خزينة الدولة العراقية وتحول الانسان العراقي الى انسان مغترب في بلده .

الاغتراب في بلدي : مواطن بلا وطن !



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عادل الهاشمي شيخ النقاد الموسيقيين العراقيين
- غزو قيم الرثاثة للمجتمع العراقي
- ذاكرة العراق الفنية ومحاولة طمسها
- كشكوليات على جدار الحرية
- في انثروبولوجية الهوية
- ظاهرة الفاشية الثقافية
- صدام مهزوما رغم ضحكته المدوية
- صناعة البطل ومواصفاته
- صناعة الدكتاتور :صدام حسين نموذجا
- سلطة المثقف ومراكمة راسماله
- تساؤلات مثيرة حول احداث 14 تموز 1958
- انثرو بولوجيا السياسة
- تسليع الشعارات الثورية
- تزوير نتائج الانتخابات واليسار العراقي
- بدايات ظهور الاسلام
- الانتخابات البرلمانية وازمة اليسار العراقي
- محمد من مكة الى المدينة
- موقف العقيد محسن الرفيعي من اداء الضباط الاحرار
- بعض من اسرار حركة 14 تموز 1958
- بعض الخفايا عن حركة 14 تموز 1958


المزيد.....




- السعودية.. ضجة وفاة -الأمير النائم- بين تداول تصريح سابق لوا ...
- مصر.. رد علاء مبارك على تعليق ساويرس عن عمر سليمان نائب حسني ...
- سوريا.. السفارة الأمريكية بعد لقاء مع مظلوم عبدي: الوقت قد ح ...
- أسرار الحياة المزدوجة لـ-السلطان- زعيم المخدرات المولع بالبو ...
- هجوم على النائب العربي أيمن عودة.. كسروا زجاج سيارته وبصقوا ...
- بالفيديو.. الجزيرة نت داخل سفينة حنظلة المتجهة لكسر حصار غزة ...
- إسرائيل تستهدف صيادين حاولوا دخول بحر غزة
- تداول فيديو لـ-الشرع بين أنصاره على تخوم السويداء-.. ما صحة ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي يشيد بعملية -مطرقة منتصف الليل-
- العشائر السورية تعلن إخراج كافة مقاتليها من السويداء


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد يوسف عطو - كتابات على جدار الفكر والثقافة