أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - تجاهل قوى التاريخ















المزيد.....

تجاهل قوى التاريخ


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 5996 - 2018 / 9 / 16 - 21:22
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الوباء المطبق اليوم على عقول مختلف السياسيين ومنهم عامة الشيوعيين هو تجاهل قوى التاريخ، تلك القوى التي بدونها ما كان التاريخ ليتقدم في سلم التطور .
كيما نتعرف على ماهية قوى التاريخ يقوم السؤال .. ما هو التاريخ ؟
سائر حيوانات القرن الحادي عشر هي نفسها حيوانات القرن الحادي والعشرون باستثناء الإنسان المختلف كلياً، ليس في التكوين النفسي والمعرفي ومقاربة الحياة فقط بل وحتى في التكوين الفسيولوجي الناجم عن الإختلاف في وظائف أعضاء الجسم وفقاً لاختلاف شروط الإنتاج .
الإنسان افترق عن مملكة الحيوان لأنه نجح في إنتاج حياته فكان للإنسان تاريخ هو تاريخ الإنتاج، بينما سائر الحيوانات الأخرى ظلت بلا تاريخ لأنها لا تنتج حياتها .
بفعل الإنتاج حصراً تطور الإحساس الغريزي في الحيوان الإنسان إلى الوعي بشروط الإنتاج المحيطة وبذلك قامت علاقة ديالكتيكية بين الوعي البشري من جهة وشروط الإنتاج من جهة أخرى ونشأت خدمة متبادلة بين الطرفين، وعليه فإن الوعي البشري ليس إلا انعكاس عن تطور الانتاج والعكس صحيح أيضاً .

قوى الإنتاج التي تعمل في الطبيعة تتمثل في طرفين، الطرف الأول هو قوى العمل البشرية (Labour Power) والطرف الثاني هو أدوات الإنتاج التي سماها كارل ماركس (Instruments) وهي المكائن والأجهزة ومختلف الأدوات . تلك هي القوى المحركة للتاريخ وتعبر به إلى تشكيلات مختلفة . فقبل أن يبدأ الإنسان بإنتاج حياته كان يعيش على إلتقاط البذور والإفتراس لملايين السنين في مشاعية أولية (Primitive) قبل أن يبدأ التاريخ . بدأ تاريخ الجنس البشري بالعبودية فكان العبيد هم قوى العمل وكان الرفش المعول هما أدوات الانتاج الأولية وكانت وسيلة الإنتاج الرئيسية هي زراعة البستنة (Horticulture) بالإضافة إلى تربية الدواجن وقد استغرق نظام العبودية أكثر من اثني عشر قرناً . تطورت قوى الإنتاج خلالها فحل محل العبيد الأقنان وحل محل الرفش والمعول المحراث الخشبي تجره الحيوانات فكان النظام الإقطاعي الذي استغرق ستة قرون . وبعد اكتشاف المحرك البخاري في صدر القرن الثامن عشر نهضت الصناعة كوسيلة إنتاج رئيسية وحل العمال البروليتاريا محل الأقنان والمكائن البخارية محل المحراث تقوده الحيوانات فكان النظام الرأسمالي الذي استغرق ثلاثة قرون وانتهى أواسط القرن العشرين .

في الحربين العالميتين الأولى والثانية أكلت الرأسمالية نفسها ؛ في الأولى أكلت الرأسمالية الإنجليزية والفرنسية الرأسمالية الجرمانية وفي الثانية حطمت النازية الجرمانية الرأسمالية في فرنسا وبريطانيا .
الشروط العقابية الفظيعة التي فرضتها الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، بريطانيا وفرنسا، على ألمانيا المهزومة بموجب معاهدة فرساي 1919 من جهة، وجبلة الخيانة التي انجبل منها الحزب الاشتراكي الألماني من جهة أخرى، دفعت بألمانيا إلى الطريق النازي بقياد كاره الإنسانية العنصري أدولف هتلر . الطريق النازي هو توظيف كل قوى الإنتاج الكبيرة آنذاك في ألمانيا في العسكرة بهدف اغتصاب ثروات كل الشعوب التي تصل إليها يد العسكرية الجرمانية . هذا ما فعله هتلر في كل القارة الأوروبية باستثناء بريطانيا التي ظلت تقاوم الحصار وراء بحر المانش، والاتحاد السوفياتي يحرسه الإشتراكيون البلاشفة . وهنا تلزم الإشارة إلى أن الكثيرين من المحللين يعتبرون النازية إنما هي رأسمالية مأزومة وهذا غير صحيح فإنتاج النظام النازي يقتصر على الأسلحة والأسلحة ليست بضاعة وليست منتوجاً رأسمالياً، وكان هتلر صادقا حينما كان يعبر عن عدائه للنظام الرأسمالي .
من دفع هتلر إلى نهايته هو ليون تروتسكي الذي أكد في مقابلتين مع مجلة أميركية (Post-Dispatch) في عدديها لشهري يناير ومارس 1940 أن الاتحاد السوفياتي الذي يبدو مارداً لكن ساقيه من فخار وسيطاح به سريعاً في أية مواجهة مع ألمانيا . هتلر لم يكن يحمل مثل هذه الأفكار عن الاتحاد السوفياتي حيث كان قد إقترح على مولوتوف أثناء المحادثات حول اتفاقية عدم الإعتداء في 23 أغسطس آب 39 تحالف مع الاتحاد السوفياتي يقوم باحتلال بريطانيا وتقسيمها مع مستعمراتها مناصفة بين الطرفين، لكن ستالين لم يصغِ بالطبع لهكذا اقتراح عدواني .
النازية التي هي أولاً وأخيراً من صناعة بريطانيا وقرنسا وشروطهما المجحفة على ألمانيا وفق شروط معاهدة فرساي لم تستطع هاتان الامبراطوريتان الإمبرياليتان مواجهة غلواء عدوان النازية فاستسلمت فرنسا بعد حرب استمرت لبضعة أسابيع فقط وانهزمت بريطانيا من دنكيرك (Dunkirk) لتحتمي في جزيرتها وراء بحر المانش وهو ما رتب على الإتحاد السوفياتي وحده مواجهة ألمانيا النازية تزودها القارة الأوروبية بكل مواردها المادية والبشرية .

لا بدّ من أن نتعرض للمهمة الثقيلة فوق العادة التي ألقيت على كاهل الاتحاد السوفياتي وحده لمواجهة كل الاستعدادت النازية الاستثنائية للحرب والتضحية بأكثر من 25 مليونا من مواطنيه وتهديم وحرق كل الاتحاد السوفيتي الأوروبي تقريباً من أجل سحق النازية ربيبة الإمبريالية الأنجلوفرنسية وجبلة الخيانة للحزب الاشتراكي الألماني .
درج الإعتراف حتى من قبل قادة الدول الرأسمالية على أن الاتحاد السوفياتي استطاع أن يحافظ على الحرية لكافة شعوب العالم .
الحقيقة البلجاء التي انبلجت فيما بعد الحرب وبعد إعادة الإعمار 1946 - 1951 هي أن الإتحاد السوفياتي خسر ما هو أهم من ملايين المواطنين السوفييت وأكثر أهمية من المدن المدمرة والأرض المحروقة، لقد خسر اًلإشتراكية . تعين على الإتحاد السوفياتي من أجل مواجهة ألمانيا النازية المسلحة حتى الأسنان أن يحول اقتصاده الإشتراكي إلى الإقتصاد الحربي . عوائد الإنتاج في النظام الإشتراكي تصب جميعها في التوسع الصناعي المدني الذي يضيف إلى العوائد عوائد أخرى ويطور طبقة البروليتاريا كماً ونوعاً بعكس الإقتصاد الحربي حيث لا يعود إنتاج الأسلحة بأية فوائد وعوائد على المجتمع وفي الإقتصاد الحربي تتعاظم قوى الجيش على حساب طبقة البروليتاريا .

في العام 51 أحس ستالين أن الإتحاد السوفياتي يكاد يفقد الثورة الإشتراكية فكان قراره التاريخي بتحويل الاقتصاد الحربي إلى اقتصاد اشتراكي والإقتصادان متعارضان بالطبع ؛ ودعا الحزب الشيوعي ليعقد مؤتمره التاسع عشر في أكتوبر 52 بعد انقطاع طويل دام لأربعة عشر عاما . في ذلك المؤتمر الذي سيظل علامة فارقة في تاريخ الثورة الإشتراكية العالمية طرح ستالين الخطة الخمسية الخامسة 1951 – 55 التي تقضي بالتحول إلى الصناعات الخفيفة التي تحمل في ثناياها هدفين كبيرين لا يستطيع تحقيقهما غير قائد بوزن ستالين وما اكتسب من وزن شعبي وسياسي لم يكتسبه قائد قبله أو بعده . الهدف الأول هو رفع مستوى حياة شعوب الاتحاد السوفياتي بقدر كبير، والهدف الثاني وهو الأهم ويتمثل بمضاعفة أعداد البروليتاريا لأكثر من الضعفين وهو ما يمكنها من استعادة سلطتها الدكتاتورية التي فقدت جزءاً كبيراً منها بفعل الحرب . لقد وافق المؤتمر على الخطة الخمسية الخامسة بحماس كبير .
القضية الهامة الأخرى التي طرحها ستالين على المؤتمر هي إزاحة قيادة الحزب جميعهم بما في ذلك ستالين نفسه واستبدالها بقيادة شابة متحمسة للعمل الشيوعي إلا أن المؤتمر لأسف ستالين وسوء حظ البشرية جمعاء لم يوافق على اقتراح ستالين .
لم يخف ستالين أبداً عزمه على إزاحة قيادة الحزب المتقادمة . لذلك توعده ثلاثة منهم بالموت الزؤام قبل إزاحتهم وهم لافرنتي بيريا وجيورجي مالنكوف ونيكيتا خروشتشوف . اللغز المحيّر صعب التفكيك هو أن ستالين دعا المتآمرين الثلاث على حياته ومعهم نيقولاي بولغانين لتناول العشاء معه في بيته في مساء 28 فبراير شباط 1953 . ما بات مؤكدا هو أن بيريا دس السم في كأس شراب ستالين فكانت نهاية ستالين . خسارة العالم لم تكن فقط فقد ستالين وهو الشخص الوحيد القادر على حفظ السلام في العالم بتقدير تشيرتشل وروزفلت كليهما، بل ما هو أبلغ من ذلك نهاية الثورة الإشتراكية العالمية والاستمرار في تكريس الاقتصاد الحربي في الاتحاد السوفياتي بعد أن قررت عصابة خروشتشوف صدوعاً لأمر من الجيش إلغاء الخطة الخمسية تجاوزاً لكل القوانين والأعراف في سبتمبر ايلول 53 . الإقتصاد الحربي بدأ في الاتحاد السوفياتي في العام 38 وما زال سائداً في روسيا حتى اليوم حيث باتت روسيا تعتمد على تصدير المواد الخام كما هي بلدان العالم الثالث وتستهلك معظم ريوعها في صناعة الأسلحة فكان أن استخدمت في سوريا 200 سلاحاً جديداً خلال العامين الأخيرين فقط .

جبروت الاتحاد السوفياتي في نهاية الحرب العالمية الثانية تماهى بثورة التحرر الوطني مباشرة بعد الحرب فكان أن أعلنت الأمم المتحدة في العام 72 نهاية الاستعمار في العالم ومع انتهاء الاستعمار ينتهي النظام الرأسمالي بالطبع مما اضطر مراكز الرأسمالية أن تتجه إلى إنتاج الخدمات بعد أن تعذر تصدير فائض الإنتاج الرأسمالي .
إنتاج الخدمات مثله مثل إنتاج الأسلحة لا عوائد له وكلاهما يحاصر قوى الإنتاج ويحول دون تناميها خاصة وأن تقنيات أدوات الإنتاج الحربي في روسيا يتم حبسها بإحكام كيلا تنتقل إلى الإنتاج المدني، وكذلك التقنيات المتطورة في انتاج الخدمات تظل محصورة في اطار الخدمات وهو ما استحدث ما يسمى "إقتصاد المعرفة" .
في شكلي الإقتصاد الحربي والخدمي يتم سلب التاريخ من قواه الذاتية المتمثلة بقوى العمل وبأدوات الإنتاج وهو ما يمنع تقدم التاريخ وتطور البشرية . لقد أثبت التاريخ أن تعلق الانسان بإنسانيته كانت القيمة الأولى والأخيرة لدى الإنسان يحميها بكل ما أوتي من قوة وهو ما جعل للإنسان خلافاً لكل الحيوانات الأخرى تاريخاً .
سيستعيد التاريخ قواه عبر اعتداد الإنسان بإنسانيتة وستتحطم قريبا دون شك فوضى الهروب من الاستحقاق الإشتراكي الذي حققته الثورة البولشفية، الفوضى المتمثلة بالإقتصاد الحربي في روسيا وبالإقتصاد الخدمي في أميركا .



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيوعيون ومع ذلك يعرضون عن التعرّف على الإتحاد السوفياتي !! ( ...
- شيوعيون ومع ذلك يعرضون عن التعرف على الإتحاد السوفياتي !! (5 ...
- شيوعيون ومع ذلك يعرضون عن التعرف على الإتحاد السوفياتي !! (4 ...
- شيوعيون ومع ذلك يعرضون عن التعرف على الإتحاد السوفياتي !! (3 ...
- شيوعيون ومع ذلك يعرضون عن التعرف على الإتحاد السوفياتي !! (2 ...
- شيوعيون ومع ذلك يعرضون عن التعرف على الإتحاد السوفياتي !!
- الشيوعية - المؤنسنة ! -
- ما زال العالم يعيش عصر الثورة الإشتراكية - 12
- ما زال العالم يعيش عصر الثورة الإشتراكية - 11
- ما زال العالم يعيش عصر الثورة الإشتراكية - 10
- ما زال العالم يعيش عصر الثورة الإشتراكية - 9
- ما زال العالم يعيش عصر الثورة الإشتراكية - 8
- ما زال العالم يعيش عصر الثورة الإشتراكية - 7
- ما زال العالم يعيش عصر الثورة الإشتراكية - 6
- ما زال العالم يعيش عصر الثورة الإشتراكية - 5
- ما زال العالم يعيش عصر الثورة الإشتراكية - 4
- ما زال العالم يعيش عصر الثورة الإشتراكية - 3
- ما زال العالم يعيش عصر الثورة الإشتراكية - 2
- ما زال العالم يعيش عصر الثورة الإشتراكية
- يا أيها الشيوعيون المفلسون !!


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - تجاهل قوى التاريخ