أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مليكة حتيم - مقامة الفاتح














المزيد.....

مقامة الفاتح


مليكة حتيم

الحوار المتمدن-العدد: 5983 - 2018 / 9 / 3 - 16:28
المحور: الادب والفن
    


في بلاد نائية، في قرية منسية، من غير ميعاد عاش زياد، في محراب فكره متبتلا، وعلى أدب السلف عاكفا، إلى أن اشتد عوده وأينع وعيه وحسه، فقرر مغادرة صومعته لمعايشة عصره والتتلمذ على يد شعرائه . اعتلى همته، وأعد زاده وعدته، ثم سلك دربه نحو من اعتبرهم نجوما لامعة، في سماء الكون ساطعة، ممنيا نفسه بمنزلة الشرفاء العظماء، ومن يحتفى بهم من السادة والنبلاء. وبعد أيام سفر مديدة تحدوه احلام عديدة، حط رحاله بمدينة، ومن أحد الباعة اشترى جريدة، متلهفا الى إبداع من كانوا القدوة الثلة، من الأدباء والنخبة، فراعه ما وجد، قصيدة يتيمة في ركن قصي محشورة وكأنها يد مبتورة، بل وتعلوها صورة امرأة شبه عارية، يقال أنها للفن راعية. احتار زياد حول السبب، ومن سن هذا المذهب، فأخبروه أنه وافد جديد، ذو بأس شديد، اعتلى العرش وأطاح بكل تليد، لا يدرون أهو عقل يحسن التدبير أم شر مستطير ؟ مليا فكر، وفي الأمر تدبر، وقد استهواه كشف السر، والتعرف إلى ذلك الفهر الذي إلى كعبته توافد الكل، ملقبين إياه بالحكيم المبجل. وعلى أعتاب قصر متعال، قضى أياما وليال، ليؤذن له بمقابلته، ولم لا مسامرته. وبعد وفوده عليه تطلع إليه، فلم يكن ذلك الغريب جذابا ولا جانبه مهابا، بل في زيه ألوانا وألوانا، وذمامة قد علت محياه إلا أن بريق مكر ودهاء وسماه. تفرس الغريب بزياد كأنه أدرك المرمى، وكالطاووس منه دنا، مستفسرا عن حاجته وبغيته. ادعى زياد أنه معجب بسطوته، وتمكنه من العقول بحنكته. وأنه ساع إلى الشهرة، وإلى التذوق من تلك السفرة، لكن لابد له من معرفة سر تلك القدرة التي جعلت من تبوأوا السدرة منبوذين مغمورين. عبس الغريب وتفكر، ثم عبس وتدبر، متمليا في لباسه المهلهل وكلامه المرسل، ثم رد بزهو ناظرا إليه بحنو : لابد أنك تابع نجيب وأنا لرغبتك مجيب، اسمع وع، أول خطوة للسيطرة فكرة، تعزيز إحساس بالعار من المنتمى والجار، واعتبار الأجنبي الغريب من أهل الدار، أما الشرف فهو انغلاق، والانحلال تحرر وانطلاق. كظم زياد غيظه مستفسرا: لكن ما شب عليه شبابنا من المروءة والنخوة سيحول دون تحصيل تلك الشهوة؟ نظر إليه الغريب بحنق قائلا : ياهذا، حروفك تلك غدت أعجمية، وفي حكمهم ألغاز وأحجية، وحكمك منسية، في الصحائف الصفر مطوية. لم يذعن زياد وحاججه متسائلا : ومابناه الأسلاف، من الأدباء والشعراء الأشراف؟ ضحك الغريب ساخرا وقال : ألم تقولوا عنهم غاوون، وفي سمائهم هائمون، فهم بأسمال فكرية محتلون...، ثم أردف : وإن سرت على دربهم ستعيش مغمورا، وشعرك لامحالة مقبورا، وما قد تدعوه رذالة وإسفافا يعلي قصورا. هنا صرخ زياد : من أنت ؟ فأجاب الغريب بمكر : ألم تعرفني ؟ أنا شيطان الشعراء الأحوى، ومن إليهم في زمن غابر أوحى، إلا أنني غيرت زيي ، وزغت عن نهجي وهديي، فأكسبت أنغامهم خفة وسفسفة استساغها الكل، وغدت كطعم مباح لكل دني فكر متاح. أطرق زياد وفي النفس لوعة و في الفؤاد حسرة، مدركا أن زمانه أدبر و أفل ، وأن زمن السفه حل . موقنا أنه لن ينتصر على هذا الدجال الأعور بأتباعه الأغزر، وأن المسار شاق وطويل وعدد أنصاره نزر قليل، فعاد إلى قريته فرارا من هذا الوباء الذي اقتحم حصون العظماء، واستباح القمم الشماء .




#مليكة_حتيم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة : مخاض قلم
- قصيدة محاكمة حلم
- قصيدة نثر : بين الذاكرة والحنين
- قصيدة نثر إذعان


المزيد.....




- قمر كوردستان
- الشارقة... عاصمة الكتاب وروح اللغة
- الفنان المغترب سعدي يونس : مثلت مع مائدة نزهت، وقدمت مسرحية ...
- لبنان.. تقليد الفنان صلاح تيزاني -أبو سليم- وسام الاستحقاق
- فيلم -ذا رَننغ مان-.. نبوءة ستيفن كينغ تتحوّل إلى واقع سينما ...
- -العطر والدولة- لكمال القصير يبحث في تناقضات وتحولات الوعي ا ...
- مؤسسة منتدى أصيلة تفوز بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون ...
- فيلم ”نسور الجمهورية” في مهرجان ستوكهولم السينمائي
- هل انتهى عصر الألعاب حقًا؟.. الشاشات هي العدو في الإعلان الت ...
- -شر البلاد من لا صديق بها-.. علاقة الإنسان بالإنسان في مرآة ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مليكة حتيم - مقامة الفاتح