أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين الهنداوي - القسّ الذي عجل في اندلاع الثورة الفرنسية















المزيد.....

القسّ الذي عجل في اندلاع الثورة الفرنسية


حسين الهنداوي

الحوار المتمدن-العدد: 5981 - 2018 / 9 / 1 - 04:07
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


القسّ الذي عجــل فــي اندلاع الثورة الفرنسية

لم يكن القس الفرنسي إيمانويل جوزيف سياس (Emmanuel-Joseph Sieyès) المولود في سنة 1748، مجرد رجل دين بل كان ثورياً بكل معنى الكلمة اذ لم يبحث عن مال او سلطة او نفوذ بل دافع عن حقوق الشعب وبالمفهوم المثالي للكلمة لذا سيصطدم بقادة الثورة عندما وجدهم ينحرفون عن اهدافها متسببين بضياعها وعودة الملكية الى الحكم ما اضطره الى المكوث طويلا في المنفى بعد الثورة الفرنسية برغم كونه احد ابرز قادتها فيما يعد كتابه "ما هي الطبقة الثالثة؟" Qu est-ce que le Tiers-État ?، ويقصد "عامة الشعب" بمثابة النص الذي عجل في اندلاع الثورة الفرنسية عام 1789.

وسياس الذي تردّد في شبابه على عدد من الصالونات الأدبيّة التي دأبت على ترويج أفكار التنوير بدأ حياته السياسية بكتابة نشرات ثورية ليصبح لاحقا ضمن أبرز المساهمين في صياغة "إعلان حقوق الإنسان والمواطن"، وفي بعث الجمعيّة الوطنيّة. وقد لعب دورا مهمّا في مجلس طبقات الأمّة سنة 1789، وهي السنة التي اشتهر فيها كتابه المذكور اعلاه والذي جاء موضوعه حول مفهوم الشعب والسيادة الشعبيّة، واعتبر نصّا من أبرز النصوص المرجعيّة والمؤسّسة للثورة الفرنسيّة، إذ قدّم هذا الكتاب أساسا موحّدا للأمّة. وكانت محاولة سياس هذه مستوحاة من فكر جان جاك روسو، وقد طمحت إلى ابتكار علم عقلاني للسياسة... وتؤكّد إحدى النقاط الأساسيّة أنّ السيادة موجودة خارج الأشكال الدستوريّة، إذ تكون الإرادة الوطنيّة أصل الشرعيّة".
وفي سنة 1795 طلب من سياس المشاركة في صياغة دستور جديد للجمهوريّة الفرنسيّة، فتقدّم بعدّة مقترحات لم تجد آذانا صاغية في زمنه، مثل فكرة مجلس المحلّفين الدستوريّ، الذي اعتبره ضامنا لمراقبة مدى احترام المشرّع للدستور؛ أي دستوريّة القوانين، ولم يقع اعتماد هذه الفكرة إلاّ بعد ما يزيد عن قرن ونصف، وذلك في التعديل الدستوري الذي نشأت بموجبه الجمهوريّة الفرنسية الخامسة في 1958.

وقد تزعّم هذا القس الثائر انقلاب ترميدور الذي أطاح بحكومة روبسبيير سنة 1794، وشارك في حكومة الإدارة (أو الديركتوار) سنة 1799، وهي السنة نفسها التي تحالف فيها مع نابليون بونابرت (الأول) للانقلاب على هذه الحكومة، وتعويضها بحكومة القناصل. ومع عودة الملكيّة، عاش سياس منفيّا في بروكسل قبل ان يغادر الحياة في باريس سنة 1836.

وتنبع اهمية كتابات سياس لا سيما هذا الكتاب، وكتاب آخر بعنوان "ما هي الامتيازات؟"، من الاهتمام الكبير الذي استقبل به من قبل الرأي العام الفرنسي قبيل الثورة، ومن دورة الحاسم في التعجيل بها اثر اندلاعها، بعد ان كانت الافكار السياسية والكتابات النظرية لفولتـيـر وروسو وديدرو والانسكلوبيديين الفرنسيين قد هيأت الأرضية والآفاق الإيديولوجية لإحداث 14 تموز 1789، وهو دور اعترف له به معظم قادة الثورة الفرنسية أنفسهم بمن فيهم ميرابو و روبسبير، ويذهب كاتب المقدمة الى حد القول عن سيس : " نادرا ما وجد مثقف ملتزم استطاع عبر نشر كتاب ان يؤثر على إحداث عصره بهذه السرعة وبهذه القوة الفاعلة نظرا لأن كتاب " ما هو الشعب ؟ " يبدو بحق بمثابة الحد الفاصل بين سقوط النظام السـيـاسي الأوروبي القديم وقيام الأنظمة الحديثة " . وكانت الطبعة الاولى للكتاب ظهرت في شهر كانون الثاني 1789 من دون اسم المؤلف، خوفآ من بطش وانتقام سلطة الملك لويس السادس عشر، لكن نسخ الكتاب نفذت خلال أسابيع قليلة .

وكذالك الحـال بالنسـبة الى الطبعة الثانية ثم الثالثة (التي حملت اسم المؤلف هذه المرة ). ثم راحت الطبعات تتوالى بشكل مدهش حتى بلغ عدد النسخ بعشرات الآلاف خلال فتـرة الأشهر الستة الفاصلة بين صدوره للمرة الاولى وبين اندلاع الثورة الامر الذي جلب شهرة سريعة وواسعة لايمانوئيل سياس ادت الى انتخابه بسهولة نائبا عن باريس في شهر ايار 1789، قبل ان يصبح احد ابرز اعضاء الجمعية الوطنية بعد الثورة ثم شخصية رئيسية من شخصيات النظام الجديد .
اذا انتقلنا الى نص الكتاب، نجد ان مخططه "سهل جدآ " كما يقول مؤلفه نفسه. حيث يقسمه الى مقدمة وستة فصول. يطرح في المقدمة ثلاثة أسئلة أساسية مع إجابته عليها مؤقتا، ثم يحاول في كل فصل من الفصول الثلاثة الاولى ان يطور اجابة تفصيلية على كل واحد منها. والأسئلة والأجوبة السريعة هي كما يلي:
• ما هو الشعب؟
- كل شيء.
• ماذا كان مكانه في النظام السـياسي حتى الان؟
- لا شيء.
• ماذا يريد؟
- ان يكون شيئاً.

إما الفصول الثلاثة الأخيرة فتضمنت منظوراته حول الموضوعات التالية:" ماذا حاوله الوزراء؟ وماذا اقترحه أصحاب الامتيازات من اجل الشعب؟ وماذا كان يجب عمله لصالحه؟ وماذا تبقى عمله ليأخذ الشعب مكانــه اللائق؟
ويعرف سياس الشعب بأنه الامة بأكملها، أي "مجموع المشاركين الذين يعيـشون تـحت قانون مشترك وبشكل متساو". ولما كانت طبقه النبلاء تشذ عن هذه القاعدة فأنه يعتبرها غريبة علـى الأمة "لأن مهامها المكلفة بها لا تأتي من الشعب أي لا تأتي من الدفاع عن المصلحة العامة أنما في الدفاع عن مصلحتها الخاصة؟

وبعد ان يبين في الفصل الثاني أن الشعب لم يكن له أي شيء في النظام السـياسي القائم في عام 1788 وقبله، وان حقوقه كانت معدومة تماما، ينتقل في الفصل الثالث الى التأكيد بأن الشعب يريد أن يكون كل شيء. فهو يريد ان يكون له ممثلون في الإدارة والحكم، أسوة بالطبقات الاخرى، على أن يجري اختيار هؤلاء الممثلين عبر الانتخابات المنظمة على أساس العدد وليس على أساس الحصص الطبقية.
وعموما فأن الاقسام الثلاثة الاولى من الكتاب تظل ذات طابع تاريـخي واستعراضي أساسا. إما الفــكر السياسي الحقيقي للمؤلف فنجدة أكثر عمقا ابتداء من الفصل الرابع حتى نهاية الكتاب، حيث يقوم بطرح افكار جديدة ومتبلورة واقتراح أدوات التحليل والعمل التي ينبغي برايه على الشعب استخدامها لينتزع حقوقه. كما انه يطالب الشعب بان يفرض نفسه كمصدر وحيد لكل شرعية عبر أعطاء نفسه دستورا يحمي المواطنين والأفراد ويقرر المصلحة العامة وغيرها من المبادئ التي تضمن قيام نظام سياسي من طراز جديد.

ولقد أستقبل النبلاء ورجال الدين هذه ألآراء كما لو كانت أستفزازآ مباشرا، وهذا ما يفسر السخط الكبير الذي اظهره البلاط ضد الكاتب والكتاب وذهاب المدعي العام الى تقديم اقتراح بحرق الكتاب في ساحات باريس وجنيف، معتبرا ان أي كاتب قبل سياس لم يذهب بعيدا الى هذا الحد الصريح في تعبئة الشعب الفرنسي للثـورة ضد البـوربونية خصوصا وان اللغة الصارمة وقوة الأسلوب وصراحة الأفكار جـعلت من الكتـاب وثيقة تحريضية من طراز خاص لا مثيل لها بين آلاف الكتب والمنشـورات التحريضية التي ظهرت قبيل الثورة الفرنسية، وحيث جمعت بين أسلوب رجل الدين في مخاطبة الجمهور، وسخرية الأديب والسياسي، وعمق ووضوح الفيلسوف..



#حسين_الهنداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الرحمن منيف.. روائي الصحارى المتخيلة
- عام كامل على رحيل روائي الحرية عارف علوان
- في ذكرى يومها العالمي: الفلسفة ليست غير الحرية في تعريفها ال ...
- فتى العراق مظفر النواب
- في ذكرى الشاعر والناقد والمناضل اليساري العراقي الراحل ضياء ...
- خالد الأمين، ذلك الشاعر الشهيد
- ازمة الاسلام السياسي الاخواني بعد خلع محمد مرسي
- رحيل شاعر كردستان الجميل، عاشق الفرات، شيركو بيكه س
- بيادر الصمت
- قصر النهاية.. الرمز الاكبر لفاشية البعث
- حارس اصالة لغة الضاد، الاديب الكبير مهدي شاكر العبيدي
- بغداد منحت الفلسفة اليهودية عصرها الذهبي
- فلسفة الجدل والصراع تفقد رائداً متمرساً
- يا موسم البرتقال
- بعث
- أخاديد
- في المنطقة الخضراء..
- ننسون
- مقدمة لمجموعة صلاح نيازي الشعرية -ابن زريق وما شابه-
- ناوكليكان..* في ذكرى شهداء القيادة المركزية


المزيد.....




- أندر إوز بالعالم وُجد بفناء منزل في كاليفورنيا.. كم عددها وك ...
- بعدما وضعتها تايلور سويفت في كوتشيلا.. شاهد الإقبال الكبير ع ...
- طائرتان كادتا تصطدمان في حادث وشيك أثناء الإقلاع.. شاهد رد ف ...
- بعد استخدامها -الفيتو-.. محمود عباس: سنعيد النظر في العلاقات ...
- لبنان.. القبض على رجل قتل زوجته وقطع جسدها بمنشار كهربائي ود ...
- هل ستجر إسرائيل الولايات المتحدة إلى حرب مدمرة في الشرق الأو ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل 10 فلسطنيين في مخيم نور شمس شمالي ...
- الصين.. عودة كاسحتي الجليد إلى شنغهاي بعد انتهاء بعثة استكشا ...
- احباط عملية تهريب مخدرات بقيمة 8.5 مليون دولار متوجهة من إير ...
- -كتائب القسام- تعرض مشاهد من استهدافها جرافة عسكرية إسرائيلي ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين الهنداوي - القسّ الذي عجل في اندلاع الثورة الفرنسية