سكتش مسرحي (( أنا انسان ))

عمر قاسم أسعد

الحوار المتمدن-العدد: 5970 - 2018 / 8 / 21 - 23:38
المحور: حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة
    

المشهد الأول
( طاولة مكتب ، شخص يجلس على الكرسي خلف المكتب ويبدو عليه انه مسؤل ، وتجلس بعيده عنه قليلا سكرتيرة علي كرسي خلف طاولة وهي مشغولة بتسريح شعرها ووضع المكياج والنظر الى المرآة )
يدخل شخص ــ ذوي احتياجات خاصة ــ ( مقعد ) على كرسي عجلات

المقعد : السلام عليكم يا بيك
( المسؤول لا يرد ولا يلتفت اليه )
المقعد : سيدي أنا جيت لعندك بعد جهد وعذاب والحمد لله اني قدرت أدخل عندك واقابلك ، والله يا بيك انه ظروفي صعبة كثير ومثل ما انتا شايف حالتي أنا ( مقعد ) وبرقبتي أولاد وأسرة ومصاريف واجار بيت وفواتير مي وكهربا ، والله يا بيك تمر علينا أيام ما معنا ثمن الرغيف ، والله يا بيك أنا الوحيد يلي بعيل اسرتي ، بلكي على الله يا بيك تقدر تساعدني وتعمل معي معروف ـ كمان يا بيك انتا عارف ظروف البلد الناس مش لاقية شغل و ...........
المسؤول : ( يقاطعه بصوت مرتفع وينادي على السكرتيرة ) يا مريم ، مريم
مريم : ( تسرع الخطا نحو المسؤول ) نعم يا بيك
المسؤول : اعطيه عشر ليرات وطلعيه بره
المقعد : يا بيك يا بيك . لو سمحت بس إطلع علي ( ينظر المسؤول اليه بنظرة دونية ونظرة تعالي ، ثم تبدو عليه علامات الدهشة عندما يكتشف ان الشخص امامه مقعد )
المقعد : يا بيك أنا مش جاي اشحد ولا جاي عشان تعطف على وتعطيني حسنة ، انا جاي بدي اشتغل ، لو بدي اشحد ما جيتك يا بيك كان رحت للناس الأوادم

المسؤول : والله وهلا ، وهلا والف هلا ، يا رجل والله فكرتك صاغ سليم مش مظروب ، ولك صحاح ما شغلنا وبدك ايانا نشغلك ، شو هالعالم هاي ؟ ولك انتا عبء على الارض ، عبء على اهلك وحالك ، روح يا ، الله معك يلا اقلب ، احكيلك ـ روح افتح بسطة بيع جرابات ، بيع ترمس ، بيع فول ، اشكالك عند الجوامع بتلم مصاري بالهبل ، وازا تقدر اعملك كمان اكم حركة بجسمك وبتصير مقعد وعاهه ، هيك بتلم مصاري اكتر ، يلا احلق الله معك .
( السكرتيرة ما زالت قريبة وتعطي انطباع انها ستتحدث وتدخل الحوار لصالح المسؤول )
مريم : خلص يا عمو يلا ، ما سمعت ؟ يلا الله معك عنا شغل ومو فاضيين وهاي كمان خمس ليرات مني وعشر ليرات من البييك يلا الله يبعتلك
( وتحاول دفع الكرسي للخارج ، المقعد يصمت قليلا ويرفع يديه للسماء )
المقعد : حسبي الله ونعم الوكيل ، حسبي الله ونعم الوكيل ( الصوت ترتفع وتيرته وينم عن حزن عميق )
المقعد : يا الله ، يا الله أنا راضي بحكمك راضي انك هيك خلقتني ، الحمد لله ، اشكرك يا ربي ، بس يا ربي ليش هيك ؟ ليش قلوب الناس ميتة ؟ ليش قلوب الناس متل الصخر ؟ ليش ما بشعرو معنا وبحسو فينا ؟ ليش يا ربي ؟ ليش ؟ لييييش ؟؟؟
( يحرك وجهه باتجاه الجمهور بحركة مناجاة وببطء )
المقعد : يا عالم ، يا ناس ، يا بشر ، أنا انسان أنا انسان ، أنا انسااااااااان ، يا عالم انا انسان ، من حقي اعيش يا ويلكم من الله ، ربي رح يسألكم عني ، اكيد رح يسألكم ويحاسبكم ، أه اكيد ربنا شايف وعارف ، ( ترتفع وتيرة الصوت مع التعبير اللفظي ) آآآآآآآآآآآآآآآآآه مشان الله يلي خلقكم متل ما انتو بدون عاهات بدون اعاقات ، ولكم حسو فينا أنا انسان من لحم ودم ، ( تبدأ وتيرة الصوت بالانخفاض مع الخروج من المشهد ويردد ) أنا انسان ، انا بشر متلكم أنا بشر ، احنا كلنا بشر
المسؤول : ( يخاطب السكرتيرة ) ولك يخرب بيتك ، ولك مين يلي جابو هون هذا المعاق ؟ هو أنا ناقص ، ولك يومي كلو صار نكد ، يخرب بيتك على بيتو ، بس شاطرة من الصبح تتمكيجي عندي ، هو أنا فاتح شؤون اجتماعية عندي ، هو انا فاضي لهيك أشكال وهيك عالم مضروبة ، يخرب بيتهم قرفوني عيشتي





المشهد الثاني

( طاولة مستديرة وعدة اشخاص يجلسون وعلى الطاولة اوراق وملفات ويبدو انه اجتماع )
المسؤول : اهلا وسهلا فيكم اعضاء مجلس الادارة المحترمين ، ومتل منتو عارفين حسب جدول الاعمال وبنود الاجتماع ،هذا الاجتماع رقم 471 والحمد لله همنا الاول والاخير وسياستنا الأولى والأخيرة ويلي ما بنحيد عنها أبد انو احنا دايما نسعى ونجتهد لتحسين حياة ذوي الاحتياجات الخاصة ، هذول أمانة بأعناقنا ، وكل الدعم والمساعدة الهم ورح نضل معهم وجنبهم لحتى ندمجهم مع المجتمع ، ومتل منو عارفين برامجنا كلها تحت امرهم ولخدمتهم من تدريب وتأهيل وتعليم مهني واكاديمي
شخص رقم 1 : لا تنسى يا بيك انه ما خلينا بيت فيه معاق إلا زرناه وعملنا دراسات عميقة عنه وعن اسرتو ، والله يقدرنا نكون قد المسؤولية بمعيتك يا بيك
شخص رقم 2 : يا بيك أنا من رأيي انه ما نكتب خطة جديدة ، خلينا متل كل مرة نعتمد الخطة القديمة ، مهو كلو متل بعضوا ( يهز الجميع رؤوسهم بالموافقة )
شخص رقم 3 : يا بيك لا تنسى تعمل مؤتمر صحفي متل كل مرة واحكي باسمنا وما في داعي يا بيك نكون موجودين ، ثقتنا فيك كبيرة وانتا كمل الشغل عنا وااحنا خلينا نروح لانو عنا اشغالنا ، وانتا اهل الثقة اعمل يلي بدك اياه
( يلملم كل منهم الاوراق والملفات ويغادر الاشخاص الجلسة )
( يبقى المسؤول جالس وحده ويتحدث كأنه يخاطب نفسه ) : اي والله قرفت الشغل والكلام الفاضي ( ينادي علي السكرتيرة )
يا مريم ، مريم تعالي ، انا تعبت كتير اليوم وحاس اني مش قادر وقف ، تعالي ساعديني خليني اروح للبيت
( تحاول مريم مساعدته للوقوف لكنها لا تستطيع ولا هو يستطيع الوقوف ، تحضر له كرسي متحرك ، وتساعده للجلوس عليه ثم تذهب لاحضار كاس من الماء / تخفت الاضواء ويبدي المسؤل بعض الحركات للجمهور ليوحي لهم انه يتخيل / يدخل المقعد علي الكرسي المتحرك ويدفعه شخص اخر )
الشخص : فعلا انكم ناس بتستحقو انو نكون معكم ، تستحقو نوقف جنبكم ونساعدكم ، انتو اهلنا واخوتنا ، هاي حكم الله وقضاءه ولازم نقبل فيه ولازم نتقبلكم مثل ما انتو .

المقعد : احنا بشر من حقنا نعيش مثلكم ، من حقنا نستمتع بالحياة مثلكم ،احنا ما بدنا شفقة وعطف ونظرة دونية ، ولكم احنا بدنا توخذوا بيدنا ، أنا انسان وعندي مشاعر وأحاسيس ، عندي عقل ، انا انسان بحب وبكره ، بس ساعدوني لحتى اعتمد على نفسي ، انا انسان لا تنبذوني من حياتكم ، لا تحسسوني اني اقل منكم ، ولكم يا عالم انا انسان عندي اطفال متل اطفالكم حقهم يتعلموا ويصيرو متلكم حقهم يشتغلوا ويتزوجو حقهم يكونو متلكم يا عالم .
من حقهم يتنفسو ويعيشو حياتهم ، كل يلي بدي اياه تحسو اني انا انسان وموجود بينكم ومعكم ، اعطوني شوية ثقة وحملوني مسؤولية وشوفو بعدين شو بقدر اعمل
الشخص : ليش الظلم ! ليش القهر ! ليش التمييز ! بعدنا نتعامل معكم انكم معاقين وانكم من طينة غير طينتنا ، لازم يكون عنا اخلاق وانسانية ومبادئ ، مين المعاق !!! مهو ابنك وابني أبوي وابوك اختك واختي امك وامي . بكرة الله يبلاكم بمصيبة ورح تعانوا متلهم واكتر ، هذول اتعودو على مصيبتهم بس انتو كم بدكم وقت لتتعودو ، اتقوا الله ! كل واحد منكم يفكر صح من جواتو من عقلو وقلبو من مشاعرو واحاسيسو ، رح يجيكم يوم ، كل واحد معرض لمصيبة ، حادث سيارة ، وقعة ، حريقة ، اي اشي ، كل واحد منكم معرض انتا وهو ، ابنك ، اخوك ، اختك ، كل واحد فينا بعرف ناس معاقين ، كل واحد بداخلو بعرف انهم اهلنا ، عندهم احاسيس ومشاعر ، يبكو ويفرحو ،،، يحزنو ويضحكو ،،، أنا انسان وهذا انسان وانتا انسان ، عهد علي اني اكون اخ الك ، عهد من جواتي ومن قلبي رح احبك واحترمك ، عهد يا صديقي عهد ـ ( يقتربان من بعضهم ويحضنان بعضهم البعض )
( صوت المسؤول بحركة تبين انه يتخيل ويفرعه عينيه ))
شو كني بتخيل لا حول ولا قوة الا بالله ، اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
((( يحاول النهوض اكثر من مرة ولكنه لا يستطيع واثناء محاولاته يسقط على الارض كأنه مشلول ، يزحف ببطء مع نهاية المشهد وخلفه المقعد والشخص الاخر يحضنان بعضهم )))

النهاية

#عمر_قاسم_أسعد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات