|
استعمار مصر تأليف تيموثى ميتشل وترجمة بشير السباعى واحمد حسان3
خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب
(Khalid Goshan)
الحوار المتمدن-العدد: 5961 - 2018 / 8 / 12 - 22:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مظهر النظام اتيحت لعلى مبارك الذى شغل لاحقا ناظر للمعارف وناظرا للاشغال العمومية فرصة زيارة باريس والتجول فيها واثار انتباهه انتظام الشوارع وانضباط الذين يتحركون فيها بحيث لايسمع لهم صوتا ولا لغطا
وكيف ان كل واحدا منهم مشغول بامر نفسه سائرا فى طريق وكانهم اجتمعوا للصلاة على عكس الواقع فى شوارع القاهرة والاسكندرية الذى لاتكاد ساعة تمر بالناس بها الا ويحصل فيها تشويش لمخاطر المارين وازعاجهم من كثرة الصياح والصراخ والسب والشتم وسماع الالفاظ الفظيعة
ووضع على مبارك يده مباشرة على جذر المشكلة وهو افتقار المصريين للانضباط والتعليم ، والتعليم الاولى بصفة خاصة لان الفرد يتعود على ما نشأ عليه
وفور عودته الى مصر شرع على مبارك فى تحقيق حلمه حيث هدم مئات البيوت والحوانيت والجوامع وشق طريق محمد على الذى كان يجاوز كيلوا مترين وانشأ مدارس ودواوين بحيث كان الزائر للمنطقة يراها وكانها تعرضت للقصف حيث ازيلت بعض كامل البيوت وانصافها كانت لاتزال كامله مأهولة بالسكان
وقد يبدو الامر عديم الرحمة ولكن وفقا لنظرية العدوى التى كانت سائدة فى اوربا فقد اعتبر البعض ان ضيق الشوارع وازدحامها سببا لانتشار الروائح الكريهة وتفشى الامراض مثلما كان عدم الانضباط وتخلف التعليم المدرسى السبب الرئيسى لتخلف البلاد
وجرى اعتبار القاهرة باعتبارها مكانا للاستهلاك والريف مكانا للانتاج لدرجة قيل ان الهدف من الصرف الصحى اعادة البراز البشرى الى الريف على شكل سماد يعادل ما تحصل عليه القاهرة من مواد استهلاكية واذا كان المكان قد اصبح مرئيا من خلال بناء الشوارع الرئيسية المنتظمة التى تتفرع منها شوارع على خط مستقم
فقد رأى فى نفس الوقت ان هذا الانضباط فى الشوارع يجب ان يتم على عقول المصريين واجسامهم التى هى فى حاجة الى الانضباط والتدريب
وهكذا تغيرت سياسة التعليم من عصر محمد على الذى كان يستهدف انتاج جيش وفنيين متميزين مرتبطين به الى تعليم تبناه ابراهيم ادهم المفتش الحكومى المغرم بالنظارات الطبية الملونة فى الفترة من 1839 الى عام 1849 ومعه على مبارك الى تعليم يهدف الى انتاج مواطن فرد
الطاعة المطلقة وعلى غرار مدارس لانكستر فى انجلترا بدأ فى انشاء مدارس بهدف خلق اعضاء مجتمع منضبطين سميت هذه المدارس بمدارس الملة تميزا لها عن المنشأت العسكرية وخطط لبناء هذه المدارس فى طول البلاد وعرضها
وفى مدرسة لانكستر النموزجية كان التعليم عملية انضباط وتفتيش وطاعة متواصلة وجرى تحديد كل ساعة من ساعات اليوم وكانت كالتالى 15و5 الاستيقاظ 15و5 – 45و6 الاستذكار 45و6- 45و7 تناول الافطار 45و7 – 45و9 التعليم العسكرى 10 – 45و10 تناول الغذاء 50و10 – المنادة على الاسماء 11 – 1 الرياضيات والجغرافيا والتاريخ 15و1 – 15و 3 تعليم اللغة 15و3 - 15و5 علم المدفعية 15و5 – 45و6 تناول العشاء 7 – 9 تمرينات 10 اطفاء الانوار والنوم
اما العقاب فلم يكن عنيفا كما فى المدارس العسكرية ولكنه كان حرمان من الخروج او الاحتجاز فى الغرف بدلا من الضرب بالكرباج كما فى المدارس العسكرية
وكما هو الحال فى مدرسة لانكستر فان جانبا جوهريا كان يتمثل فى التفتيش عند الاستيقاظ وعند اداء الواجبات وكانوا تحت التفتيش الدائم
وللاسف عام 1849 عندما تولى عباس باشا السلطة الغى التعليم الحكومى وحاول على ادهم بمشاركة رفاعة الطهطاوى اعادة الحال الى ما كان عليه ولكن الزمن كان قد تغير
وعلى عكس هذا النظام كان التعليم فى الجامع الازهر كان التعليم هناك كما يقول المفتش العام يثير العجب فهناك اكثر من الف تلميذ من شتى الاعمار ومن كل الالوان يتناثرون فى مجموعات وبرتدون ملابس متباينة والمدرسين لايفعلون سيئا سوى ان يستندوا جالسين الى اعمدة الجامع لالقاء الدروس دون الاهتمام بتسجيل الطلاب وحضورهم او تسجيل غيابهم او تقدمهم فى الدروس عبر الحصص المتوالية والبعض من الطلاب كانوا ينامون على حصرهم والبعض ياكلون والبعض يستذكرون والبعض يتجادلون والباعة يتحركون فيما بينهم فى حالة عشوائية لبيع الماء والخبز والفاكهة والتنظيم غائب والفوضى تخيم على المكان
طبعا يمكن اعتبار ان هذا التعليم كان مرنا ومتحررا من القسر اذا ما قورن بالتعليم الانضباطى
فى عام 1868 تاسست فى القاهرة هيئة اسمها جمعية المعارف لنشر الكتب النافعة على يد محمد عارف باشا احد خريجى المدرسة المصرية فى باريس وكان محمد عارف موظفا حكوميا كبيرا
وقد ساهم فى الجمعية 660 شخص معظمهم من ملاك الاراضى او من موظفى الحكومة كنمط طوعى من عملية تربية المواطن
العمل بدء من الداخل لقد جرى بناء القرى النموزجية فى مصر فى العزب الخاضعة لكبار الملاك وفى عزب الشركات التى كانت خاضعة لسيطرة المصالح التجارية الاوربية ولكنها فشلت
وقد فسر هنرى عيروط ذلك لان اولئك الذين اجبروا على العيش فى هذه القرى المنظمة قد اعتبروها سجنا ذى شكل هندسى
وفسر ذلك بقوله بان الفلاح يتميز بمزاج اشبه بالطفل ولايمكن تقديم منزل نموذجى له دون تعليمه باسلوب رقيق طرائق استخدام المنزل الجديد واسباب تميزه عن منزله القديم التربية اهم من الانجاز المادى وهكذا بدأت السلطة تسعى الى التاثير ليس على ما هو خارج الجسم شوارع وبيوت ولكن ايضا بدأ من الداخل عن طريق تشكيل العقل الفردى والى مقال قادم حول هذا الكتاب البديع
#خالد_محمد_جوشن (هاشتاغ)
Khalid_Goshan#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استعمار مصر تأليف تيموثى ميتشل وترجمة بشير السباعى واحمد حسا
...
-
استعمار مصر تأليف تيموثى ميتشل وترجمة بشير السباعى واحمد حسا
...
-
لماذا تفشل الامم اصول السلطة والازدهار والفقر 13 تاليف دارن
...
-
لماذا تفشل الامم اصول السلطة والازدهار والفقر 12 تاليف دارن
...
-
لماذا تفشل الامم اصول السلطة والازدهار والفقر 11 تاليف دارن
...
-
القصور التشريعى فى القانون المدنى المصرى رقم 131 لسنة 1984
-
الى اليسار قليلا
-
لماذا تفشل الامم اصول السلطة والازدهار والفقر 10 تاليف دارن
...
-
لماذا تفشل الامم اصول السلطة والازدهار والفقر 9 تاليف دارن ا
...
-
لماذا تفشل الامم اصول السلطة والازدهار والفقر 8 تاليف دارن ا
...
-
لماذا تفشل الامم اصول السلطة والازدهار والفقر 7 تاليف دارن ا
...
-
لماذا تفشل الامم اصول السلطة والازدهار والفقر 6 تاليف دارن ا
...
-
لماذا تفشل الامم؟ اصول السلطة والازدهار والفقر5 تاليف دارن ا
...
-
نيكى هالى - العرب - كاميرون
-
لماذا تفشل الامم؟ اصول السلطة والازدهار والفقر4 تاليف دارن ا
...
-
لماذا تفشل الامم اصول السلطة والازدهار والفقر3 تاليف دارن اس
...
-
لماذا تفشل الامم اصول السلطة والازدهار والفقر تاليف دارن اسي
...
-
لماذا تفشل الامم اصول السلطة والاذهار والفقر تاليف دارن اسيم
...
-
تشكيل العقل الحديث – كرين برينتون - خاتمة
-
تشكيل العقل الحديث كرين برنتون 6
المزيد.....
-
برسالة حب.. سعد لمجرد يحتفل بالذكرى الثانية لزواجه وعيد ميلا
...
-
بعض الأطعمة تناولها مجمدة أفضل للصحة من الطازجة.. ما هي؟
-
خطر الإفلاس يُهدّد جزر المالديف.. والحكومة: لا نحتاج إلى خطة
...
-
شاهد: ثعبان ضخم يحاصر سيدة في مطبخها.. معركة من أجل البقاء ف
...
-
إيطاليا: فيضانات قوية تغمر شوارع رافينا وبولونيا وسط تدخل عا
...
-
مجلس الأمن: الجزائر تتهم إسرائيل بـ-جرّ- المنطقة للحرب، وواش
...
-
1300 حالة في 4 أشهر.. ما أسباب حملة إسقاط الجنسية الكويتية؟
...
-
الجيش الإسرائيلي يحقق في مقطع فيديو لجنود يرمون جثثا لفلسطين
...
-
حزب الله في العراق لنصر الله: ننتظر منك إشارة لإرسال 100 ألف
...
-
-يديعوت أحرونوت-: ماكرون اتهم في اتصال مع نتنياهو إسرائيل بد
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|