أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد حسين يونس - صالة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة.















المزيد.....


صالة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة.


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 5953 - 2018 / 8 / 4 - 16:19
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    



بعد30 سنة من إنشاءها (21 ديسمبر 1935 ) كنت أجلس في الصفوف الوسطي من الصالة أرقب الرئيس جمال عبد الناصر و هو يخطب فينا ، ثم أتمايل مع الحان عبد الوهاب و غناء أم كلثوم .. لقد كان يوما تاريخيا بالنسبة لي .. أن أستمع للقمتين الزعيم وأم كلثوم في نفس الليلة
عند تكريم الرئيس جمال عبد الناصر لقطبَي الفن بنفس المكان يومها ، قال : لقد استطاع فن محمد عبد الوهاب وفن أم كلثوم أن يجمع العرب من المحيط إلى الخليج.
هذه القاعة شهدت العديد من الأحداث السياسية والفنية المهمة في تاريخ مصر ، فقد القي الرئيس جمال عبد الناصر فيها 26 خطابا سياسيا ، وذهب إليها الرئيس أنور السادات مرتين وزارها الرئيس مبارك خلال احتفالات الجامعة بعيدها الماسي. وخطب فيها الرئيس باراك أوباما في يونيو عام 2009، ليبعث من خلالها رسالة للمسلمين والعالم العربي لمواجهة التطرف، ونشر السلام في العالم...وفي 30 يونيو 2012، قام المجلس العسكري بتسليم السلطة إلى الرئيس محمد مرسي فيها
المرة الثانية التي دخلت هذه القاعة .. لاتبين مدى صدق أخبار الحركة الطلابية التي يتداولها المصريون بتكتم و سرية ..و يشيرون إلي قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة أنها منطقة محررة بعيدا عن يد الطاغية المتلاعب.. كانت تمتليء بالطلبة المعتصمين
امام أبواب القاعة و علي الجدران الجانبية توجد عشرات من مجلات الحائط التي تنطق بيسارية كاتبيها و معلقيها و مشاهديها
و يسد الطريق للداخل شخص لا ينتمي للمكان يفاوض إبنتة الشابة لتترك الاعتصام و تعود معه للمنزل.. الطالبة المعتصمة يحيط بها ثلاثة من الزملاء يساعدونها في إقناع والدها ..((أروى في عنينا يا أنكل ))،(( متخافش عليها .. هنا طالبات كتير ))،((إحنا عاملين مكان لراحة البنات ))
يأس أبو أروى من إقناعها فأخرج من جيبه خمسة جنيهات ( و كانت في ذلك الوقت ذات قيمة ) و أعطاها لإبنته لتستخدمها إذا إحتاجت شيء .. فناولتها لزميلها و قالت من أجل الاعاشة الجماعية يا خالد .. حاول الرجل إسترداد جنيهاته و لكن العفاريت الاربعة كانوا قد إختفوا .. لاحظ أنني أراقب ما حدث .. فضرب كفية و هز رأسة .. و قال شباب اليومين دول .. و مضي دون أن يعرف أن إبنته ستصبح من زعماء الحركة (اروى صالح ) من كلية الاداب و أنها ستتزوج زميلها ( خالد الجويلي ) الذى أعطتة الجنيهات الخمسة
فوق المنصة (المسرح ) وامام منضدة طويلة كان يجلس عدد من شباب جامعة القاهرة يتناقشون مع الطلبة الذين يملأون القاعة والادوار العلوية .. وكان أحدهم يدير النقاش حول الضباب الذى منع السادات من أن يحسم مع إسرائيل
كان الشاب يضع منديلا أحمر حول عنقة .. و يتكلم بحماس رغم صوته المبحوح الذى يعاني من نوبة برد .. همس الذى بجوارى عندما سألته عنه بإنه طالب بكلية الاقتصاد و العلوم السياسية إسمه أحمد عبد اللة رزة من عين الصيرة ثم أردف ((رئيس اللجنة الوطنية للطلاب))
ففي خطابه في 13 يناير 1972 برر السادات عجزه عن الوفاء بوعده في جعل عام 1971 عام الحسم مع إسرائيل باندلاع الحرب الهندية الباكستانية. وادعى أن الحليف السوفيتي كانت تشغله هذه الحرب للحد الذي لا يستطيع فيه تقديم مساعدة لمصر، وأن هذه الحالة كالضباب الذي يعيق القدرة على التحرك)).
كان طلاب كلية الهندسة بجامعة القاهرة ـ بقيادة جماعة أنصار الثورة الفلسطينية ـ قد نظموا قبيل خطاب الرئيس بأيام معرضًا لمناصرة الثورة الفلسطينية بمناسبة الاحتفال بذكرى انطلاقها. و بعد الخطاب والغضب الذي أشعلته حججة الواهية ، قرر الطلاب استمرار معرضهم والدعوى إلى مؤتمر موسع في يوم 15 يناير
وبالفعل تم تنظيم المؤتمر، وشهد تعليق الكثير من مجلات الحائط والملصقات المدونه بتعليقات ناقدة لخطاب الرئيس وللحكومة و التريقة علي (عام الضباب) ..
في المساء تحول المؤتمر إلى اعتصام
مع تصاعد الحركة الاحتجاجية، أوفدت الحكومة أمين الشباب بالاتحاد الاشتراكي د. أحمد كمال أبو المجد في محاولة للتهدئة ولكنه فشل في مهمته وفي الرد على أسئلة الطلاب مؤكدًا أن الرئيس وحده هو الذي يستطيع تقديم إجابات عليها .
ومن ثم خرج ممثل الحكومة من المؤتمر وسط صيحات الاستهجان والصفير. وسرعان ما انتشرت حالة الغضب الجماعي بين الطلاب وعقدت العديد من المؤتمرات التي كانت تختتم في الغالب بطبع وتوزيع بيانات و توصيات
أظهرت كل البيانات الصادرة عن مختلف الكليات عدم قبول موقف الحكومة وفي تجمع عقد بكلية الاقتصاد دعى إلى مؤتمر داخل الجامعة يوم الخميس 20 يناير. واقترح أحد الطلبة دعوة الرئيس نفسه إليه ..(( ما دام هو الشخص الوحيد الذى يستطيع الرد علي تساؤلات الطلبة )).
إتجهت إلي أعلي القاعة فقد كانت الصالة مزدحمة للغاية .. و كانت اللافتات المعلقة في كل مكان مكتوب عليها ( كما ذكرها أحد المتواجدين في مدونته بعد ذلك )
((السادات مخلص، مخ... لص... العسكري مظلوم في الجيش، يا كل عدس ويلبس خيش.. و سرقوا الكستور م العريانين، سرقوا الدواء م العيانين، هنحارب أمتى مش عارفين.. و ما تفرحنيش بكوبري علوى ، والعدو بيبني قبري... أنا مش عايز كباري أنا عايز أعود لداري.. (توقيع شاب من السويس) . يا مصر الوالي بيغشك، عينه على قرشك... عينه على فرشك)).
كان المنظمون يوجهوننا للبلكون .. طلبوا مني تحقيق شخصية ( فقد كنت أبدو أكبرسنا منهم قليلا ) فأخرجت كارنية النقابة الاخضر ليوسعوا لي مكانا بينهم .. مع أهلا يا باشمهندس .. بعد قليل حضر طالب طويل رياضى الجسد و حياني بحرارة ونطق بإسمي ثم قال أنه حضر ندوة كنت أتكلم فيها عن حرب 67 و الاسر ثم عرفني بنفسه (خالد مندور) كلية الهندسة .. جلس بجوارى مرحبا و طلب مني أن أعيد ما قلته في الندوة أمام الطلاب .. و لكنني خجلت أن أواجه هذا الحشد الضخم من الشباب فإعتذرت
أثناء متابعة النقاش في القاعة قص خالد مندور ما حدث:-
((في 17ينايرتم تنظيم مؤتمر لطلاب كلية الهندسة ... في هذا المؤتمر انقسم الحاضرون إلى فريقين أولهما ضم اليمينيين من الإسلاميين الذين كانوا متفهمين للرئيس وداعمين لوجهة نظره. أما الفريق الآخر فقد ضم اليساريين وغالبية الطلاب العاديين. وقد عبر هؤلاء عن غضبهم وحملوا الرئيس مسئولية الأزمة والهوان الذي يعاني منه المجتمع وسرعان ما سادت وجهة نظر هذا الفريق)).
ثم دارت مناقشات بين الطلبة الغاضبين وبعض الاساتذة و أولياء الامور المستدعين بواسطة الامن لردع الابناء .. لم تنته لشيء لذلك قرر طلبة الهندسة عدم مغادرة كليتهم حتي يتم الرد علي أسئلتهم
أستمر الاعتصام ليلة الثلاثاء ويوم الأربعاء... وفي مساء الأربعاء حضر إلينا وفد من طلاب كليات متنوعة بالجامعة ،و إقترحوا نقل الاعتصام إلي قاعة الاحتفالات الكبرى .. لينضم له من يرغب من طلاب الكليات الأخرى ))
ثم تشكلت (( اللجنة الوطنية للطلاب في جامعة القاهرة ))..التي وضعت مسودة بيان تم عرضه علي المعتصمين يلخص مطالبهم ..لقي موافقة من الاغلبية .. أعطوني نسخة منه (و لكن للاسف فقدت ).. وإن كانت كلها تقريبا مطالب تدور حول الهم العام .. و حالة السكون التي لم تكن سلاما و لم تكن حربا
الحوار الدائر بالقاعة .. كان متنوعا .. و يمثل جميع التيارات و الاتجاهات .. و كان الشاب الذى يديرة مدربا جيدا يعرف أين يقف و متي يعطي الكلمة .. و لا يهمش فئة عن فئة .. و كان للطالبات حضور واضح .. و حماس شديد خصوصا عندما تتكلم طالبة من هندسة يناديها الجميع بسهام صبرى
قرب منتصف النهار تشكل وفد لتوصيل البيان إلى الرئيس فى منزله مع دعوته للحضور إلى الجامعة للإجابة عن التساؤلات
دارت مفاوضات بين الطلاب و مندوبي الحكومة وبعد تعنت من الجانبين وافق الطلاب علي إقتراح ممدوح سالم وزير الداخلية بأن يذهب وفد منهم إلي مجلس الشعب لتقديم مطالبهم و إنهاء الاعتصام
أخذتني الحياة التي شهدتها في صالة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة حتي أنني إندمجت بينهم ونسيت عملي و مواعيدى .. و إلتزاماتي في الايام التالية لذهابي .. لقد كان الشباب حولي يختلفون عنا ،من نوع أخر غير الذين أراهم في الشوارع و البيوت و أماكن العمل .. شباب ناضج و فاهم و قادر علي أن يقود ثورة تصحيحية تتعلم من الهزيمة ما لم يتعلمة النظام .. لقد كانوا يناقشون و يكتبون بحرية مفتقدة منذ زمن في مجتمعنا ، كل شيء كان مطروحا هناك حتي ما كنا نعتبرة (تابوه ) ..
كنت أود أن أسترسل في عرض بعض من المواضيع التي أثيرت و لكن أعتقد أن هناك من يستطيع أن يقدمها أفضل مني .. إلا أن إنطباعاتي التي أشارككم معي فيها لازالت ساخنة طازجة لم تتغير عن تلك اللحظات
خرج الوفد الطلابي المتوجة لمجلس الشعب ،تم إختيار أفراده ليمثل جميع الكليات ..وركب أتوبيسات وفرتها له الجامعة التي كان رئيسها متعاطفا معهم .. وذهب الطالبات و الطلبة لعرض وجهات النظر التي تميل إلي فكر تيار اليسار المسمي (حزب العمال الشيوعي المصرى ) .. و مرت الساعات بطيئة تفصلها كل مدة مكالمة تليفونية تبلغ المعتصمين بأخر التطورات.
لم أكن منهم .. فقد فصلتنا عشر سنوات كنت فيها مهندسا و ضابطا .. فلم أشاركهم إلا قليلا .. و لكنني كنت واحدا من بين الالاف الذين تبهرهم شجاعتهم و كونوا حولهم هالة من المتعاطفين التي غطت في الواقع مساحات واسعة من مختلف طبقات و فئات المصريين المراقبين لتطور الاحداث مشفقين عليهم من مواجهة نظام بوليسي شرس مثل نظام السادات
ومع ذلك فرغم فارق السن إلا أنني أصبحت صديقا لعدد منهم ..أستمع إليهم و أساعد قدر جهدى كفرد يؤمن بإتاحة الفرصة لهم .. و كانوا هم يبادلوني نفس الود ويحترمون أن هناك دائما ما يجعلنا لا نمثل فريقا مشتركا
ماذا حدث في مجلس الشعب أنقل لكم أقوال شاهد حضر هذا اللقاء
((ذهبنا إلى مجلس الشعب بشارع القصر العيني... دخلنا إلى قاعة مجلس القرع والكوسة.... وكان رئيس مجلس الشعب في ذلك الوقت هو الدكتور جمال العطيفي... ودارت مناقشات حامية بين قادة الطلاب وبين أعضاء المجلس الذين كانوا يتحدثون بلغة رجال السلطة وحراسها... بينما الطلاب يتحدثون بما جاء بالوثيقة الطلابية وضمير الشعب ... برز دور أحمد عبد الله وسهام صبري فى هذا اللقاء... وإنتزع المتحدثون من قيادات الطلاب التصفيق الحاد حتى من كتلة النواب التي حضرت اللقاء .. و مع ذلك إنتهى النقاش بطلب متواضع من الطلاب.
نحن مستعدون لفض الاعتصام فورًا... إذا أخذنا وعدا بنشر الوثيقة الطلابية في الجرائد الحكومية... حتى يعرف الشعب مطالبنا والتي ليست مطالب فئوية وإنما هى مطالب عامة تخص المواطنين جميعًا عن حالة اللا سلم واللا حرب وحرية الصحافة والإفراج من المعتدلين.
وافق رئيس المجلس والحاضرون معه ... و وعدونا بنشر الوثيقة الطلابية في جرائد الصباح... بل زادوا على ذلك وسنذيع نص الوثيقة في نشرة أخبار الحادية عشرة مساءًا.... وقالوا لنا: أتركوا وفدا منكم من ثلاثة أشخاص كي يرسلها للإذاعة ولرؤساء تحرير الصحف)).
حوالي الساعة الحادية عشر مساء أعلن من علي المنصة بأن الوفد قد عاد .. و من الابواب الخلفية للقاعة دخل صفان من الطالبات و الطلبة يسيرون في الطرقتين الوسطيتين ممسكين أيديهم بأيدى بعض و يرفعونها لأعلي و يغنون بلادى بلادى بلادى .. ثم صعدوا إلي أعلي المنصة لنعرف أن مجلس الشعب قد إستوعب الموقف و أنهم سيذيعون في نشرة الحادية عشر مساء بيان الطلبة .. و بعده سيفضون الاعتصام
أحضروا مذياعا و وضعوه وسط المنصة .. و بدأ المذيع بالملخص ثم النشرة ثم حديث ما .. و لم يف أعضاء مجلس الشعب بما وعدوا . حوالي الثانية عشر مساء .. جاء من يهمس لي أن أترك القاعة لان قوات الامن المركزى تتجمع حول المكان ..
غادرت و أنا أستمع لصوت أحمد عبداللة يزعق في الميكرفون.. أصمدوا لو أصابونا بشر سيخرج عليهم أهلنا من العمال و باقي الطلبة ليؤدبونهم
في فجر 24 يناير 1972هجمت قوات ممدوح سالم لاول مرة في تاريخ مصر علي جامعة القاهرة لفض الاعتصامات الطلابية فإستسلم الطلاب دون مقاومة ومع ظهور شمس الصباح كانوا يحملونهم في عربات الشرطة و الشباب يهتف من داخلها إصحي يا مصر إصحي يامصر ..إحنا ولادكم إحنا إخواتكم ...إصحي يا مصر.
سلوى بكر من تجارة عين شمس و عدد من زملائها ذهبوا إلي جامعة القاهرة لتبادل الاخبار بين الجامعتين .. فوجدوا الابواب موصدة .. لذلك قرروا أن يقفزوا من فوق السور في اللحظة التي بدأ فيها الامن المركزى يهاجم المكان .. كان موقفهم غريب فهم بأعلي السور.. و أسفله من ناحية جنود الامن و الناحية الاخرى طلاب جامعة القاهرة ينتظرون الهجوم عليهم .. تقول سلوى .. ((قفزت للداخل و أهو اللي حيحصل لهم يحصل لنا )).
كان أحمد عبد اللة قد هدأ و إستوعب هو و اللجنة الموقف و بدأ في طمأنة المعتصمين ..((أيها الشباب... لن نقاوم... ألقوا العصى والفئوس القليلة على الأرض... القوة غير متكافئة... نحن عزل وهم مدججون بالسلاح... نحن أصحاب كلمة وقلم وفكر... نحن أصحاب مبادئ... معركتنا مستمرة معهم... سنراهن على جماهير الطلاب وعلى الحركة الطلابية... قد نستسلم في هذه اللحظة أمام جحافل قواتهم... لكن الحركة الطلابية لن تستسلم ولن تلين.
ثم محدثا العقيد الفولي...(قائد الهجوم الذى عرض عليهم الخروج السلمي من القاعة )..(( نقول لك لا تحلف بشرفك... لأن أحنا عارفين كويس أنك معندكش شرف... لا أنت ولا السلطات العليا اللي أعطت الأوامر بإقتحام الحرم الجامعي... لو كان عندهم شرف كانوا نفذوا الإتفاق معاهم بنشر وثيقة الطلاب على الرأي العام)).
أخواني الطلبة... ((مشوارنا لسة في أوله... ومادام بدأنا نكمله))...ورفع أحمد عبد الله يديه إلى أعلى ليشكل أول طابور للمعتقلين.
((خرجنا جميعًا رافعين الأيدي والرؤوس... وسط الجنود المدججين بالسلاح... خرجنا من القاعة إلى الحرم الجامعي في طابور فردي طويل وشابورة الصباح تملأ المكان... وفجأة إنطلق وبدون ترتيب وبشكل تلقائي صفير بالفم من أحد الطلاب فأتبع الجميع، نغمة الصفير لتنطلق من بين شفاة الألف معتقل... بلادي... بلادي.. بلادي... لك حبي وفؤادى)).
إنتهي حديثي عن قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة .
و لم أكن أقصد أن أؤرخ للحركة الطلابية في ذلك الزمن و ما تلاه من إنتفاضة أو لاول إحتلال طلابي لميدان التحرير .. أولمغالطات السادات في خطبتة التي برر بها عمله الاجرامي ..أو لما قام به متخصصون لتدجين الساخطين بواسطة طلبة كانوا يحملون السنج و المطاوى و يدمرون و هم يهتفون ((الله أكبر )) الحياة الجامعية الغنية بالتنوع و يمنعون مجلات الحائط الناطقة بأحلام الشباب.
و لكن ما دمنا نتكلم عن حدث لم يتكرر خلال65 سنة من حكم العسكر إلا مرتين أو ثلاثة فإن علينا أن نضع أسماء هؤلاء الذين شاركوا فيه سواء من جامعة القاهرة أو عين شمس أو الاسكندرية علي نفس لوحة الشرف التي تضم أسماء شباب 25 يناير 2011 الذين تم إغتيالهم في ميدان التحرير بدم بارد من عناصر إجرامية لم تلق بعد جزاء فعلتها .
نعم شباب الحركة الطلابية 72-73 ..يجب أن تعرفهم الاجيال التالية لهم.. ومن كان مشاركا أو يعرف مشاركا فليجعلنا نتعرف علية .. إنها أسماء من الواجب ألا تحجب خصوصا عن الابناء و الاحفاد .. سواء كان الشاب من القيادات السياسية أو من الطلبة الذين جذبهم منطق الحرية و البوح و الشفافية و الاحساس بالصمود تجاه حكومة تستخدم عصاها الغليظة لكتم الافواه
هؤلاء وهؤلاء هم شبابك يا مصر فإذكريهم بالخير مهما كانت الاخطاء التي حدثت منهم بعد ذلك .. شباب كان من الممكن أن يحدثوا فارقا في حياة شعبك لولا تدخل وقهرأصحاب المصالح و الغرض من ذوى اللحي القصيرة و الطويلة غير المهذبة المتحالفين مع حاملي الكابات المحلاة بغصون الغار .
لقد كانوا الكلمة الشريفة الصادقة التي نطقت في الوقت المناسب من بين خرابات المجتمع والركام الاعلامي .ويصبح من الغريب أن ننسي أسماء مثل أحمد بهاء الدين شعبان و كمال خليل وخالد الجويلي و نجيب الجويلي و محمد الجميعي و خالد مندور .. وسمير غطاس و أروى صالح و حمدى صالح وكريمة الحفناوى ..وشوقي الكردى و حسام سعد الدين بالاضافة إلي أحمد عبداللة رزه..وسهام صبرى ..و لا نذكرهم بحب و فخر لما قاموا به في شبابهم من جهد و قدرة علي القيادة لم تتوفر لاجيال تالية دمرها السادات بعد إنتهاء حرب 73 بإطلاق كتائب و فتوات العصي والمطاوى و تقطيع مجلات الحائط .
من الاسكندرية لم تأتيني الاخبار إلا أن الاصدقاء هناك لا يتوقفون عن الحديث عن مقاومة طلبة الهندسة و تيمور الملواني وقد يضاف له أخته مديحة من صيدلة .
أما في عين شمس .. فسنجد أحمد عبد الرحمن .. و حسنين كشك و سلوى بكر و ليلي عوني و ليلي الرملي و العظيمة سوزان فياض و قد نضيف لهم رزق العاصي و احمد حسان ومحمد مندور و سامية صالح.. وأحمد هشام وأحمد سيف النصر و شوقي عقل و سوسن الزنط وفتحي إمبابي وعشرات بل مئات من الشباب الذين إنخرطوا في الحركة الطلابية بدون أى أهداف إلا مصلحة الوطن .
الاسماء التي ذكرتها أعلاه ..قطرة من فيض لشباب هزتهم الهزيمة فعبروا عن رأيهم داخل الحرم الجامعي .. و لاقوا غدر الحكومة و نواب شعبها ..بصدر مكشوف وقدرة محدودة علي الفعل
شباب تم تدريبهم و تعليمهم معني الانتماء من خلال الحرية و الاشتراكية و الوحدة .. و ميثاق عبد الناصر و نظمه التي أرساها في إتحادات الطلبة و منظمات الشباب و التنظيم الطليعي ..أو من خلال التنظيمات السرية اليسارية (الشيوعية ) الفاعلة ذات التوجهات الوطنية التي تبنت الدفاع عن القضية سواء المصرية أو الفلسطينية أو كانت ترى أن الحل هو إدارة حرب عصابات ضد المحتل في سيناء و حشد وطني شعبي للتخلص من الاستعمار الاسرائيلي .
زين العابدي فؤاد أحد الطلاب و في نفس الوقت أحد الشعراء الذين تداول الطلبة أشعارهم بجوار محمد سيف و عبد الرحمن محسن و سمير عبد الباقي و أحمد فؤاد نجم
وجلال الجميعي و سمير حسني و كاد أن يضاف لهم إسمي .. هم من حملهم النظام كل غضبة و فشله لانهم كانوا من غير الطلاب الذين قبض عليهم عند فض الاعتصام .
كلمة أخيرة عندما أقارن الشباب الذين رأيتهم مفعمين بالحماس و الهم الوطني المضحين بجهدهم دون إنتظار عائد وهم يناقشون بجدية في قاعة الاحتفالات الكبرى في يناير 72 .. بهؤلاء الذين كانوا يقهقهون في نفس القاعة عام 2018 علي دعابة الرئيس بزيادة أسعار البنزين لأنهم يرقصون كيكي .. اعرف حجم الجريمة التي إرتكبها السادات ومن تلاه من حكام قاموا بوئد جذوة السخط الشبابي و تحويل الاجيال التالية إلي تلك الدمي التي تشبة عرائس (شاكي ) .



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنكم تتسامحون أكثر مما يجب .
- دوام الحال من المحال ..سنتغير
- الحاضر تحيطة ضبابات الجهالة
- المستقبل علومه أصبحت عصية علينا .
- ماض غير موثوق من صحته
- ضباطنا العظام ..و التكريم بقوة القانون .
- قرنان من الخمول و الإنكسار
- كيف سقط اول و أخر رئيس منتخب في مصر
- دليلك للتعرف علي موظف فاسد
- لبست ثوب العيش لم استشر.
- نعم .. المليونيرات يحكمون ويتحكمون .
- نظرة لما بعد حرق الاعلام .
- ما هي الخطوة التالية يا سادة ؟؟
- بونابرت في مصر..
- نشأة الحضارة (ول - ديورانت )
- 23 يوليو( خمسة وستين سنة مرار )
- خمسون الف سنة حيرة
- قراءة في أسفار التحضر
- مؤشرات الدولة الفاشلة
- من الذى يحكمنا Ruling class


المزيد.....




- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد حسين يونس - صالة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة.