|
تضامناً مع إنتفاضة الجماهير العراقية
محمد حسام
الحوار المتمدن-العدد: 5937 - 2018 / 7 / 18 - 18:05
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
في الأيام القليلة الماضية إندلعت مظاهرات واسعة النطاق في جنوب العراق، بداية من مدينة البصرة وإمتداداً لمدن جنوبية أخرى، وصولاً لبعضها في بغداد. جائت تلك المظاهرات إحتجاجاً على تردي الخدمات العامة من انقطاع متكرر للكهرباء وعدم وجود مياه صالحة للشرب و بطالة مرتفعة خصوصاً بين الشباب، برغم أن العراق ومدينة البصرة بشكل خاص -مهد الأحداث- تطفو على بحر من النفط. جائت تلك الإحتجاجات العارمة بعد فترة وجيزة من الإنتخابات النيابية التي فاز بها التيار الصدري وتحالفه المكون من عدة أحزاب أبرزها الحزب الشيوعي العراقي. إن إندلاع تلك الإحتجاجات بعد الإنتخابات له معني واحد فقط أن الجماهير العراقية باتت تعي جيداً لعبة وزيف وحدود الإنتخابات البرجوازية، وباتت تعلم جيداً أن أياً كان الفائز في تلك الإنتخابات فأنه لن يلبي متطلبات و إحتياجات الجماهير بدون ضغط من الجماهير أنفسهم. راحت الجماهير العراقية في تعبيرها عن غضبها من الطبقة الحاكمة إلي حرق عدد من مقار الأحزاب الإسلامية، أنه الفعل الدي دق ناقوس الخطر لدى الإسلاميين، وراحوا يحاولون احتواء الإحتجاجات. ومن غير المفهوم كيف يقف من يسمون أنفسهم شيوعيين ضد الجماهير. يقول الحزب الشيوعي العراقي في بيانه التعقيبي علي الأحداث "إننا ندين ونرفض إستخدام العنف ضد المتظاهرين، وندين أي اعتداء وتجاوز على الملكية العامة والخاصة، ومقار الأحزاب ودور السكن، ونشدد على إحترام منتسبي القوات المسلحة، ونؤكد أن قوة التظاهرات تكمن في سلميتها". بتلك الطريقة يقف الحزب الشيوعي العراقي في الجهة المقابلة من الجماهير وفي صف حليفه الإسلامي. فالحزب يساوي بين حرق المتظاهرين لمقرات الأحزاب الإسلامية لرفض المحاصصة وتقاسم السلطة والثروة فيما بينهم بإعتداء القوات الحكومية على المتظاهرين وقتلهم وإصابتهم واعتقالهم. تلك الأحزاب التي يدافع عن مقراتها الحزب الشيوعي العراقي هي من نهبت العراق طيلة السنوات الماضية من العام 2003 وحتى الآن، تلك الأحزاب التي تحالف بعضأً منها إن لم يكن جلها مع الغزو الأمريكي للعراق ورحبوا به واستفادوا منه، بعض من تلك الأحزاب إن لم يكن جلها شاركت في إشعال فتيل الطائفية في العراق بعد الغزو الأمريكي ورحيل الديكتاتور صدام حسين. تلك هي الأحزاب التي أحرقت الجماهير مقراتها، والتي تفضل علينا الحزب الشيوعي بقوله أنه يدينها، علي الأغلب حتي يبرأ ساحته أمام حلفائه في التيار الصدري، هو يقول لهم أننا كحزب غير موافقين على أفعال الجماهير التي من الممكن أن تؤدي إلى هدم سلطتكم على المجتمع.
نقاط ضعف الحركة الحالية:
إن القوة الدافعة لتلك المظاهرات والإحتجاجات هم العاطلين عن العمل، من لهم مصلحة مباشرة في تحسين الأوضاع المعيشية بجانب بقية شرائح الجماهير العراقية، ما يعني بالنسبة لنا نحن الماركسيين تغيير المجتمع وتغيير النمط الإقتصادي الرأسمالي كأفق وحيد لتحسين الظروف المعيشية، خصوصاً في اقليمنا العربي. إن ما أعطي الإحتجاجات قوة في بدايتها هو عفويتها وتلقئيتها وعدم مركزية قيادتها في شخص واحد أو مجموعة أشخاص، لكن للأسف تلك الميزة أصبحت أو ستصبح نقطة ضعف الحركة الحالية.عدم وجود قيادة واضحة وما يترتب عليه من عدم وجود إستراتيجية واضحة هو آفة ومعضلة جميع الحركات والثورات في التاريخ البشري. وهو ما سيجعل الحركة الحالية تنهزم أو تزوي من دون تحقيق أية مكاسب بالإحتواء أو بالقوة العسكرية.وقد شرعت الطبقة الحاكمة العراقية في احتواء الإحتجاجات من بدايتها عن طريق بعض رجالاتها من أمثال مقتدى الصدر و السيستاني، وقد فشلوا في تلك المهمة حتي الآن، والحق أنهم ما أعلنوا تأييدهم الظاهري للاحتجاجات إلا ليحرفوا إتجاه وبوصلة الجماهير العراقية عن وجهتها الصحيحة، وهي مهاجمة كل الطبقة الحاكمة بجميع مكوناتها، وبالطبع لن تتوقف عن محاولاتها تلك. وقد بدأت الدولة في إحتواء المظاهرات بالقوة المسلحة، حيث أدي التدخل العنيف للقوات الحكومية العراقية إلي مقتل أحد المتظاهرين وإصابة العديد منهم، وحملة إعتقالات واسعة لعدد من الناشطين في الاحتجاجات، أن تلك الأفعال عادة ما تلجأ إليها الحكومات عندما تفشل في احتواء الإحتجاجات بطريقة ناعمة عن طريق الخداع و واهمة بقدرتها علي إخافة الجماهير المنتفضة، ولكن هي لا تعرف أن بفعلتها تلك ستؤدي لإشعال الإحتجاجات وتوسيع رقعة التضامن، وزوال أي أوهام عند الجماهير حول إمكانية تحقيق مطالبها بشكل سلمي ومطلبي وسلس، فستلجأ الجماهير العراقية بالتأكيد لطرق أكثر راديكالية في مواجهة القوات الحكومية. الممسكين بالحكومات في العالم وخاصة في منطقتنا الموبؤة لا يريدون أن يتعلموا الدرس التاريخي أنه من المستحيل تحدي الجماهير الثائرة بقوة السلاح، وأن السلاح في تلك اللحظات -لحظات الثورة أقصد- يصبح عديم الجدوى في يد الطبقات الحاكمة. إن قوة المظاهرات الحالية لا تكمن في سلميتها كما يقول الحزب الشيوعي العراقي في بيانه، وإنما هي تكمن في تنظيمها وتكتيكاتها الصحيحة وإستراتيجيتها الواضحة المعادية للرأسمالية والتي تطرح الحل علي النقيض من الرأسمالية وعلى أنقاضها هي ودولتها. نقطة الضعف الثانية لتلك الحركة هي عدم إتساع رقعة الإحتجاجات حتى الآن في كل المحافظات العراقية بشكل يفضي إلي رضوخ الطبقة الحاكمة لطلبات الجماهير، بجانب عدم وجود تضامن من الطبقة العاملة حتى الآن، وتلك هي مهمة الحزب الثوري، ربط النضالات الجماهيرية المختلفة وإعطائها البوصلة الصحيحة لتجاوز سبب الفقر والبؤس والبطالة في المجتمع، وهو الرأسمالية.
خاتمة:
إن الإحتجاجات الحالية في العراق تؤكد أن جماهير العراق والمنطقة العربية مازالت حية ولم يتم الإجهاز عليها وتكبيلها بالهزائم، و مازالت تتوق لحياة آخرى غير تلك الحياة، ومجتمع بديل عن المجتمع الحالي الرازح أغلبية مواطنيه تحت خط الفقر ويعانون الجوع والمرض والأمية والبطالة. إن مهمة الثوريين في العراق في تلك الهبة هي دفعها لمنتهاها، مهمتهم هي العمل على توسيع رقعة الاحتجاجات عن طريق الدعاية والتحريض الثوريين، مهمتهم هي العمل على خلق حالة تضامن من الطبقة العاملة إتجاه الاحتجاجات الحالية، تدخل الطبقة العاملة العراقية في الأحداث، وبشكل خاص عمال قطاع النفط، كفيل بتغيير المشهد وقلب المعادلة لصالح الجماهير العراقية وتحويل الإحتجاجات الحالية لإنتفاضة عارمة ستغير مستقبل العراق، لو أضرب عمال قطاع النفط في البصرة مثلاً عن العمل لمدة ثلاثة أو أربعة أيام فستركع الطبقة الحاكمة للجماهير العراقية ومطالبها، أما لو أضرب العمال لمدة أسبوع أو أسبوعين فتستقط الرأسمالية في العراق. لكن الحالة الثانية صعبة في ظل الوضع الحالي وغياب القيادة الثورية للطبقة العاملة و الجماهير العراقية، وهو ما يحيلنا للمهمة المشتركة لثوريين الإقليم، وهي إنشاء حزب ثوري ماركسي يهدف لقيادة الجماهير لانتزاع الإصلاحات والمكاسب الجزئية في معاركها اليومية وهباتها الدورية كطريق أساسي لقيادتها وقت الثورة لإسقاط الرأسمالية ودولتها، والشروع في بناء دولة جديدة و نمط إقتصادى جديد يهدف لسد إحتياجات البشر وليس جني الأرباح، نمط إقتصادي يهدف لفك التبعية مع الدول الإمبريالية ورهن مقدرات وموارد الشعوب بها، يهدف لتنمية المجتمع بالمجتمع، نمط اقتصادى بالجماهير وللجماهير.
المجد للشهداء والحرية للمعتقلين ابنوا الخلايا والتنظيمات الثورية تسقط قوات قمع الشعوب(الشرطة والجيش) تسقط حكومات رجال الأعمال لا حل سوى إنتصار الثورة الإشتراكية بحكومة عمالية
#محمد_حسام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حرب سيناء وهيومن رايتس ووتش
-
في الذكر السبعين للنكبة: تحديات وآفاق
-
كيف أن الإصلاحية لن تحميك من الإعتقال: عبدالمنعم أبوالفتوح ن
...
-
الهجرة او العيشه علي الصلبان
-
التعليم في المجتمع الرأسمالي
-
دعماً لنضال الشعب المغربي
المزيد.....
-
اللقاء الجهوي الأول المنظم من طرف المكتب السياسي لحزب التقدم
...
-
الفصائل الفلسطينية:تصعيد العدوان وحرب الابادة شمال القطاع ار
...
-
نجدد المطالبة بالإفراج عن معتقلي التضامن ومعتقلي الرأي وعلى
...
-
«لا للتهجير..سوف نبقى هنا».. إجتماع مجلس عائلات جزيرة الوراق
...
-
المحكمة العسكرية تجدد حبس 42 من أهالي سيناء لمطالبتهم بـ «ح
...
-
مصادر لبنانية: طيران الاحتلال يستهدف بلدة البيسارية واطراف ا
...
-
مصادر لبنانية: شهداء ومصابون اثر غارة للاحتلال على بلدة البي
...
-
مصادر لبنانية: 3 شهداء بينهم طفلان وعدة جرحى بغارة للاحتلال
...
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
-
الفصائل الفلسطينية تعلن خوض معارك ضارية مع القوات الإسرائيلي
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|