أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - لبنان الحائر والمحيّر!!














المزيد.....

لبنان الحائر والمحيّر!!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5930 - 2018 / 7 / 11 - 17:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



غريب أمر هذا البلد الصغير في حجمه والكبير في حضوره، المتوافق مع محيطه والمختلف عنه. وإذا كانت مساحة الحرّيات واسعة فيه لكنّ الحقوق الأساسية للإنسان ظلّت منقوصة ومستلبة و"ديمقراطيته التوافقية" عائمة ومنحوسة، حتى وإن حافظت على التوازن فبقلق وتوتر مستمرين مع موجات من العنف لم يكن بعيداً عنها تأثير العوامل الخارجية، ناهيك عن تهديدات " إسرائيلية" حكمتها الجغرافيا السياسية بحكم التصاقه بفلسطين.
وبعد أن كان يطلق على لبنان " سويسرا الشرق" عشية الحرب الأهلية 1975-1989، التي حصدت الأخضر واليابس، وإذا به ينحدر بحيث يجد التعصّب والتطرّف والعنف تربة صالحة فيه، لدرجة أن مظاهر العنف والإرهاب والتداخلات الدولية والإقليمية تعدّدت فيه واتخذت أشكالاً مختلفة .
وعلى الرغم من كل ما قدّمه لبنان للعالم العربي من إبداع وحداثة وتمدّن وأدب وفن وإعلام وتعايش على مدى تاريخه البعيد والقريب، فإن هذه المظاهر تنامت في جوفه أيضاً، فيكفي أن تحدث مشاجرة بسبب المونديال لتنتهي بحادث قتل، ناهيك عن الرصاص الطائش الذي يتطاير فوق الرؤوس بمناسبة وغير مناسبة، وفي الأفراح والأتراح ، الأمر الذي فاقمه احتدام الوضع الاجتماعي وتردي الأوضاع الاقتصادية.
وبقدر ما يتمسّك اللبناني بوطنه ويذود عنه فإنه يضطر للهجرة، بحيث أصبح اللبنانيون الذين يعيشون في الخارج أكثر من هم في الداخل بما يزيد عن ضعفين، ومع ذلك فإن هذا البلد يستقبل أكثر من مليون لاجئ سوري، إضافة جنسيات عربية أخرى، وكان من نتائج زيادة أعداد اللاجئين ارتفاع منسوب العنف وانتشار المخدرات والإتجار بالبشر وعمالة الأطفال، فضلاً عن التسوّل والجريمة المنظّمة.
وإذا كان هذا أحد أوجه الوضع اللبناني، فإن هناك وجهاً آخر هو أقرب إلى المفارقة حيث يبقى لبنان يسبح عكس التيار، فقد دفعت تلك الأوضاع جهات مدنية ورسمية للتفكير في مواجهة ظاهرة العنف وللحدّ من تأثيراته، وقد استجاب مجلس الوزراء اللبناني بأريحية واتخذ مبادرة بتوصية من وزارة الثقافة حين قرّر اعتماد يوم 2 اكتوبر (تشرين الأول) يوماً وطنياً لثقافة اللّاعنف، وحسب علمي فلبنان أول بلد عربي ينحو هذا المنحى وتجري الاستعدادات للاحتفال بالمناسبة في السراي الحكومي .
وإذا كان ذلك ينم عن إدراك سليم بأن العنف الذي عانى منه لبنان لم يترك تأثيره على البنى التحتية الأساسية والمرافق الحيوية ويحصد عشرات الآلاف من الأرواح فحسب، بل إنه انغرس في النفوس وانغمس في الأرواح، الأمر الذي يحتاج إلى معالجة من نوع جديد ليس للآثار الضارة والخطيرة، الواقعة على الضحايا وعلى المجتمع وامتداداتها وتأثيراتها العائلية والتربوية والدينية فحسب، بل لنشر ثقافة اللّاعنف والتسامح، باعتبارها ثقافة بديلة.
وكانت وزارة التربية والتعليم العالي قد قررت إدخال مادة اللّاعنف في المناهج الدراسية والتربوية وعلى جميع المراحل، وتقديم البديل عن ثقافة العنف السائدة والتي لفّت لبنان والمنطقة بشرنقتها، لاسيّما العنف الطائفي والديني والإثني والمجتمعي ولم يعد أمراً عابراً أو نزاعاً محلياً، بقدر ما أصبح جزءًا من صراع دولي باسم الدين أو الطائفة أو التنوّع الثقافي أو العادات والتقاليد أو غير ذلك.
هكذا يدرك هذا البلد الصغير أهمية التربية على اللّاعنف، ولا بدّ أن يكون ذلك جزء من عمل مشترك بتوفّر الإرادة السياسية يفضي إلى تجفيف منابع العنف الفكرية والاجتماعية والسياسية والدينية والمالية، وتلك مهمة طويلة الأمد وتتطلب جهوداً كبيرة ومستمرة ومتراكمة لتحقيقها، مثلما تحتاج إلى تعاون دولي وإقليمي فعّال.
إن إدخال التربية على اللّاعنف في المناهج الدراسية يعني من الناحية العملية تشجيع ثقافة التواصل والتفاعل والتبادل، وثقافة السلام والتعايش بين أبناء الوطن الواحد وبين البشر بغض النظر عن انتمائهم الديني أو الطائفي أو الإثني أو اللغوي أو الجهوي، ويفترض ذلك أيضاً الإقرار بالمساواة التامة ومنع التمييز لأي سبب كان، مع الإدراك إن ذلك لن يحصل بالقوانين وحدها وإنْ كانت ضرورية، بل من خلال الحياة المشتركة حيث تلعب الثقافة والأدب والفن والرياضة والتجارة والسياحة والصداقة كل في مجاله دورها المهم.
وكانت بلدية بيروت قد وافقت على وضع تمثال اللّاعنف "العالمي" (المسدس المعقوف الذي صممه الفنان السويدي كارل فريدريك رويترزفارد) على قاعدة ضخمة في "منطقة الزيتونة"، وتتعاون المكتبة الوطنية لوضع رمز للّاعنف يمثل النموذج العالمي في مدخلها الأساسي أيضاً كجزء من حملة تنوير بأهمية اللّاعنف.
ولبنان هذا البلد الصغير أسس أول جامعة للّاعنف في العالم وهي " الكلية الجامعية للّاعنف وحقوق الإنسان AUNOHR" ، فبأول تفتح لبراعمها بلورت باقة القرارات اللّاعنفية التي تمت الإشارة إليها في أعلاه على الصعيد الحكومي أو في نشر ثقافة اللّاعنف في الساحات والحدائق العامة وفي مجال الفنون والآداب ، وهكذا يغدو لبنان على الرغم من كل شيء معْلماً ثقافياً وحضارياً في نشر ثقافة اللّاعنف. وبقدر كونه حائراً فإنه بلد محيّر وغريب ومتميّز بكل ما فيه.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيليتسيا لانجر شاهدة بأم العين
- سلام عادل ..الشيخ راضي ينفي تعذيب أمين عام الحزب الشيوعي ويؤ ...
- سلام عادل .. عبد الناصر يعيّن هويدي سفيراً في بغداد ويرد الس ...
- مشكلة «أطفال الدواعش»!
- سلام عادل ..الاستخبارات الأمريكية تنصب إذاعة في الكويت لبث أ ...
- سلام عادل ..أهم خدمة تقدم للعدو هو إخفاء أخطاء الحزب والزعم ...
- سلام عادل ..الرجعية جزء من مذبحة كركوك وتراجع الحزب الشيوعي ...
- سلام عادل ..الترهل في جسد الحزب الشيوعي منعه من قرارات حاسمة ...
- سلام عادل .. كلوا فالحزب يريدكم أقوياء - ح2
- سلام عادل .. الدال والمدلول وما يمكث وما يزول ح1
- العنف «الإسرائيلي»ضد الأطفال نموذجاً
- الاستبداد الناعم
- الصين تتغير
- قول آخر في «الدولة المدنية»
- محمد بحر العلوم والرؤية العربية
- الانتخابات .. دلالاتها وسيناريوهات
- حقيقة العنف ولا عنف الحقيقة
- لغز البغدادي
- عن ترامب ومبدأ -فن الصفقة-
- «الهولوكوست» وما يخفيه النفاق


المزيد.....




- هل يفقد الرئيس الصيني شي جين بينغ السيطرة على الجيش؟- مقال ر ...
- مقطع منسوب لحركة -حسم- في مصر يثير الجدل حول هدفه وتوقيت تصو ...
- ترامب يصعد الحرب التجارية.. و14 دولة أمام اختبار التفاوض قبل ...
- إسرائيل تخطط لحصر سكان غزة في -مدينة إنسانية- على أنقاض رفح ...
- استدعاء السفير الصيني ـ بكين تُغضِبُ برلين بعد استهداف طائرة ...
- ما الذي غير موقف ترامب بشأن إرسال أسلحة لأوكرانيا؟
- سوريا تناشد الاتحاد الأوروبي المساعدة في إخماد حرائق الساحل ...
- ماكرون في زيارة دولة لبريطانيا: باريس ولندن تفتحان صفحة جديد ...
- تقرير حقوقي: غزة تتعرض لعملية -محو شاملة- وإسرائيل تهدف لاقت ...
- التنميط العرقي بفرنسا ثقوب في رداء الديمقراطية


المزيد.....

- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي
- صندوق الأبنوس / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - لبنان الحائر والمحيّر!!