أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - قول آخر في «الدولة المدنية»














المزيد.....

قول آخر في «الدولة المدنية»


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5888 - 2018 / 5 / 30 - 20:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أن تدعوك وزارة الثقافة الأردنية لتتحدث عن مفهوم الدولة المدنية، فالأمر مفهوم، ولكن حين تدعوك مؤسسة دينية لتلقي محاضرة عن مفهوم الدولة المدنية، فذلك يعني أن الجدل وصل إلى داخلها وتخطّى الحدود حول مفهومها وأنواعها وعلاقتها بالعلمانية، ولم يبقَ مقتصراً على تيارين متعارضين، بل امتدّ الصراع إلى داخل كل تيّار، لأنه يتعلّق بهوّية الدولة وشرعية الحكم فيها.
وإذا كان هناك خلط بين مفهوم العلمانية ومفهوم المدنية، فالأمر له ما يبرّره أحياناً، خصوصاً وأن المصطلح الأول يثير بعض الحساسية بسبب تجارب لبعض البلدان الاشتراكية السابقة، في حين إن المصطلح الثاني يبدو أكثر نعومة، علماً بأن كلا المصطلحين من خامة واحدة وهي منسوجة على نحو متداخل في الشكل والمحتوى، وأيّاً كانت المسألة فالمفهومان يكادان أن يكونا مترادفين.
ومع ذلك فهما يثيران تعارضات شديدة، بعضها إنكاري سلفي يعتبر الفكرة «صناعة غربية» خالصة و«اختراع مشبوه» بزعم مخالفتها لتراثنا وتاريخنا دون الأخذ بنظر الاعتبار تطوّر الفكر القانوني والدستوري والاجتماعي. وبعضها الآخر تغريبي يريد أن يقطع كل صلة بالتراث ليضع المفهوم حكراً على الغرب وحده دون أن يأخذ بنظر الاعتبار تفاعل الأفكار وتطوّرها تاريخياً، بما فيه مساهمة الفكر القانوني العربي بالتراث العالمي، منذ دولة «المدينة» ودستورها المحمّدي، معتبراً أن المفهوم ينتمي إلى عالم الحداثة وما بعدها.
أما الثالث فهو انتقائي يثير إشكالات حول بعض القضايا الخلافية التي تتعلق بحقوق الإنسان وحقوق المرأة ونظام العقوبات وغيرها، فيدعو هذا التيار إلى أن نأخذ ما يتناسب معنا ونرفض ما لا يعجبنا.
ورابع حضاري تواؤمي يقوم على التفاعل مع الثقافات الأخرى، ويأخذ درجة تطور مجتمعاتنا بنظر الاعتبار، ويستفيد من التجربة الكونية على هذا الصعيد، خصوصاً أننا جزء من التطور العالمي ولا يمكننا أن نعزل أنفسنا عمّا يجري حولنا دون أن يعني ذلك التخلّي عن خصوصيتنا الثقافية والدينية.
وبسبب هذه الاختلافات يحتدم الجدل حول هذا المفهوم بعد أن وصلت الدولة العربية المعاصرة إلى طريق مسدود في ظل اهتزاز الشرعية السياسية الذي تعيشه. وكان أحد تعبيراتها هو اندلاع موجة ما سمّي «بالربيع العربي» التي شهدت شدّاً وجذباً بين شعار الدولة المدنية ونقيضها من الشعارات المتعصّبة والمتطرّفة في الغالب، وكانت إحدى تجلياتها «داعش» وقبلها «القاعدة» ومن على شاكلتهما، سواء بتوقير الفكرة أم بتحقيرها، تبعاً للمرجعيات الفكرية والأيديولوجية للجماعات المختلفة.
ومثل هذا النقاش يكتسب اليوم أهمية أكبر، خصوصاً في الحوارات الساخنة، ولاسيّما في مواسم الانتخابات النيابية وبين الكتل المتصارعة والتي يبرز من بينها الدعوة لقيام دولة مدنية، بل إن بعض القوى حمل اسم «التيار المدني» حتى وإن كان دينياً، مثلما هناك من يدعو اليوم إلى «دولة مدنية بمرجعية إسلامية». ويشهد تاريخنا المعاصر أن الدولة العربية الحديثة ظلّت تترنّح تحت مبررات دينية تارة وأخرى علمانية: مدنية أو عسكرية، ببرلمان أو بدونه، وبنظام ملكي أو جمهوري، لأنها لم تستطع أن تنجز عملية التغيير المطلوبة والتنمية المستدامة.
المصطلحان «المدنية» و«العلمانية» يثيران أسئلة ساخنة في تحديد هويّة الدولة، فيحدث الخلط بين الدولة وبين السلطة التي تتغوّل أحياناً على الدولة وتحاول ابتلاعها، وإذا كانت علاقات الإنسان مدنية واجتماعية منذ الأزل، فهناك قواعد دينية احتكم إليها، سواء كانت ذات بعد إيماني أم أخلاقي أم قانوني، وهي جزء من منظومته الحياتية، ويبقى الحكم بين الناس للقانون الذي يقول عنه مونتسكيو «إنه يجب أن يكون مثل الموت الذي لا يستثني أحداً».
وإذا كانت العلمانية طريقة في الحكم فهي غير معنية باتخاذ موقف من الإيمان الديني لأنه ليس مجالها، وحتى وإن كان بين صفوفها تيار ينادي بالإلحاد، ولكنه ظل محدوداً ومعزولاً وقد تراجع هو الآخر. وبهذا المعنى، ففي الدولة المدنية هناك مساحة أكبر للدفاع عن حق الإنسان بالتديّن وممارسة الشعائر الدينية بكل حرّية، مثلما لا يمكن فرض معتقد على إنسان أو إرغامه على قبوله دون قناعاته.
وحتى بعض الدول التي تعلن عن هويتها العلمانية مثل فرنسا والولايات المتحدة وكندا وكوريا الجنوبية والهند، فإنها لم تتّخذ أي موقف من الدين، بقدر ما تعمل على وضع مسافة واحدة من جميع الأديان وتأمين احترامها الكامل والسماح بحرية المعتقد. ففي فرنسا على سبيل المثال فإن جدول العطل الرسمية مقتبس بأغلبيته من الأعياد الكاثوليكية. أما في الهند فإن الدولة تقدّم منحاً للحجاج المسلمين سنوياً، في حين أن دستور استراليا لا ينص على العلمانية، لكنه يحتوي على مبادئ علمانية مع إنه يبدأ بعبارة «نعتمد على نعمة الله»، وهناك العديد من البلدان التي تعيّن دين الدولة إلّا أن دساتيرها تحتوي على مبادئ علمانية، مثل العديد من البلدان العربية.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد بحر العلوم والرؤية العربية
- الانتخابات .. دلالاتها وسيناريوهات
- حقيقة العنف ولا عنف الحقيقة
- لغز البغدادي
- عن ترامب ومبدأ -فن الصفقة-
- «الهولوكوست» وما يخفيه النفاق
- حين تفعل الثقافة فعلها
- حين يختل العمل السياسي
- سكريبال والحرب الدبلوماسية
- «ثقافة السلام» و«سلام الثقافة»
- خريطة الانتخابات العراقية : تضاريس وعرة ومنعرجات ضيقة!
- القدس ومعركة القانون والدبلوماسية
- تيلرسون و«سحر» الدبلوماسية
- حصان طروادة الجديد في الانتخابات العراقية!
- حوار عربي- كردي...
- المسيحيّون في المشرق العربي - نحو دولة المواطنة
- نقض «الرواية الإسرائيلية»
- التسلّح ونزع السلاح
- الصين.. من «الثورة الثقافية» إلى «الثقة الثقافية»
- في مئويته الثانية : ماركس المفترى عليه


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - قول آخر في «الدولة المدنية»