حضارة المجتمع، وسطح الجليد

إسلام نصر

الحوار المتمدن-العدد: 5924 - 2018 / 7 / 5 - 02:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

سطح الجليد ظاهره قوي ومتين، وباطنه ماء وهشاشة ولين، والحضارة تحتاج قوة ومتانة ليس ضعفاً ولين.
فالحضارة تتألف من مفهومين:
1 -تنمية المجتمع الإنساني
2 -تنمية الإنسان بحد ذاته
فمن جهة التنمية السياسية والاجتماعية، ومن ناحية أخرى تنمية داخلية أخلاقية.
فالتنمية الاجتماعية: حسب هوبهاويس هي تطور البشر في علاقاتهم المشتركة وهذا ما يسميه بالتوافق في العلاقات الاجتماعية، وأرى في داخل المجتمع الفلسطيني نوعاً من التفكك الاجتماعي على صعيد محافظات الوطن، فمثلاً: ابن قبيلة معينة يستحيل أن يتخلى أبداً عن قبيلته وعشيرته ويفضل أفرادها عن غيرهم من أفراد القبائل الأخرى حتى لو كان الأفراد الأخرين يتمتعون بكفاءة وجدارة وأخلاق أكثر من أفراد قبيلته، ويفصل كذلك مبدأ أهل الشمال ويسميهم البعض "التايلاندية" لا أدري سبب التسمية ومرجعها، وأهل الجنوب وهناك صراع فيما بينهم سواء بجامعات الضفة أو بمؤسسات الحكومة والشركات التي تستضيف الطرفين وتجدها بوضوح إذا ما دققت في جوهر المؤسسات وتبدو من الخارج رصينة علاقاتهم قوية ومتماسكة، وأهل المحافظات نفسها كذلك تفصلهم المناطق الجغرافية والطبقات المجتمعية، فمثلاً: المدنيين كما يسميهم البعض والقرويين "الفلاحين" كما يطلق عليهم أحياناً، تجد داخل الأفراد صراع كبير في داخل الأشخاص فتجد التفرقة والمفاضلة على هذا الأساس بين الطبقتين كمثال غير أهل المخيمات "المخيمجية" هناك فجوة اجتماعية كبيرة داخل المحافظات نفسها واذا ما كبرت أكثر نجد تفرقة وفجوة وتفضيل بين كل محافظة ومحافظة، أهل الخليل مثلاً معاً على أهل بيت لحم، وإذا ما أردنا تصغيرها أكثر تصل لدرجة كما يقال: "أنا وأخوي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب" وأراه مثل يشق كثيراً في أوساط العلاقات الاجتماعية ويمزقها، وتكبر كلما توسعنا بالمناطق الجغرافية، على مستوى الوطن العربي مثلاً: ابن مصر وابن الجزائر وابن السعودية وهكذا، ولا ننسى العامل الديني أحياناً حيث يعتبره البعض حداً يفصل المجتمع وذلك لتفضيل أبناء الدين الواحد حتى لو كانوا شكليين من ناحية دينية على أفراد دين أخر، ويتجاوزون المبدأ الأخلاقي في التفضيل، والتفرقة الحزبية أحياناً، رغم شكلية الوطن الظاهر خارجياً متماسكاً إلا أنه داخلياً مفكك وهش "كمسطح جليدي ما إن تعرض لضغط خفيف تكسر وتفكك وابتعد الجليد بعضه عن بعض" هذا مثال قريب لحالتنا الاجتماعية.
ومن وجهة نظري ورأيي أرى أنه لا بد من حراك قوي يعمل على تكسير الحدود الفاصلة بين أبناء الوطن سواء العشائرية منها والحزبية وغيرها من التفرقة الجغرافية، وذلك حتى يتسنى لنا تكوين علاقة اجتماعية جيدة تكفل التنمية المجتمعية وعدم تفضيل إنسان على إنسان، وتتم من خلال تقوية أواصل المحبة بين أفراد العائلة الواحدة وملاحقة وتتبع العملية بالمدارس والمؤسسات وجميع الأنشطة المقامة والتأكيد على مبدأ الوصل الاجتماعي وتطوير العلاقات وتعزيزها، وتأتي من العائلة لأنها النقطة الأهم في تحضر وتطور المجتمع وتحسينه إن صلحت صلح.
وتنمية السياسة: السياسة ولا يمكن أبداً بأي ظرف من الظروف تطور الوضع السياسي في ظل تكسر الوضع الاجتماعي، ولا يمكن تطور الوضع الاجتماعي وتحسينه في ظل القيادة الحالية إن بقت على سياستها، أنا لا أتكلم من فراغ فالأمر واضح جداً ومن لم يره فهو أعمى ومن يره ويسفق له فهو منافق، وعلينا بكافة قوانا محاولة تغير الوجهة التي نسير فيها وتحسينها.
والتركيز على الإنسان كما أسلفت من شروط الحضارة وذلك من ناحية أخلاقية وعلمية وتطوير العقل البشري وتحسينه وفسح له المساحة للإبداع وتقليص القيود المثقلة التي تحجبه عن عالم الحضارة وتشجيعه، وحثه على الإنتاج وتوفير السبل التي تؤهله تقديم ما يملكه من قدرات في سبيل رفعة المجتمع وتطوره.

#إسلام_نصر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات