الورقة السابعة ....

عامل الخوري

الحوار المتمدن-العدد: 5913 - 2018 / 6 / 24 - 01:08
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    

الورقة السابعة ....
جهاز التزوير ، اعتمادنا الأساسي في الحركة ٠٠٠٠
من طبيعة العمل السري في ظل نظام عسكري يراقب كل تحرك مهما كان صغيرا ، وفي اجواء الحرب العراقية - الإيرانية والتشديد شبه الخيالي على كل من يتحرك ، بل حتى للقابعين تحت سقوف منازلهم ، وملاحقة الهاربين والمتخلفين عن الخدمة العسكرية ، في ظل هكذا ظرف مكاني وزماني ، تكون الوثائق الشخصية من اهم المتطلبات التي كان يجب توفيرها للرفيقات والرفاق ، اهم تلك الوثائق دفتر الخدمة العسكرية ، أوراق إجازات العسكريين ،هذه للرجال بشكل عام ممن يكونون تحت طائلة الخدمة العسكرية او خدمة الاحتياط ، عدا هذا هويات الانتماء للنقابات او دوائر الدولة او الجمعيات وهذه تخص بشكل أساسي الرفيقات او الرفاق الذي تجاوز عمرهم سن الخدمة العسكرية ،
كات التوجيه واضحا لجميع الرفاق ، توفير دفاتر الخدمة العسكرية بشكل خاص ناهيك عن الوثائق الاخرى ، وذلك ( بسرقتها !!! ) وهي سرقة نعتبرها مشروعة لمتطلبات عملنا ، السرقة من الجيوب في الجامعات والحمامات العمومية او الأقارب الأبعد ، او بأي شكل آخر ممكن ، وكان لدينا كمية احتياط لا بأس بها من هذه الوثائق نزور محتوياتها حسب الحاجة ، وفي الاغلب احالة صاحب الوثيقة للجنة طبية عسكرية لأثبات عدم صلاحيته للخدمة وتسريحه لأسباب مرضية ، تختلف الاسباب المرضية التي كنّا نختارها ولكن الطريقة واحدة ، يحال صاحب الدفتر الى مديرية التجنيد العامة ، التي بدورها تحيله الى الى المستشارالطبي في وزارة الدفاع ثم الى مستشفى الرشيد العسكري ، ثم بعد قرار الاعفاء وتثبيت اسبابه ، تعود الدورة الى سابقتها لحين مصادقة المستشار الطبي في وزارة الدفاع على قرار الاعفاء ثم يرسل الى دائرة تجنيده التي تثبت في دفتره إعفائه النهائي ، هذه الدورة تمر بتوقيع وأختام كبار المسؤولين وبأختام ملونه حسب الجهة ، الأسود والأخضر والاحمر، وبأسماء رتب عسكرية من ملازم وصولا الى عميد ركن . كل هذه العمليات نقوم بها في بيتنا ، كيف ؟؟؟
استطعنا عن طريق احد الرفاق الحصول على احرف اللغة العربية كاملة وبأحجام مختلفة من احدى المطابع التي كانت تستخدم بطريقة قديمة ( تنضيد الحروف ) ثم الطبع . فنقوم برصف الحروف حسب الكلمة المطلوبة وتثبيتها بلاصق شفاف مثلا ( مديرية. او تجنيد ...الخ)ونطبعها على ورقة للتأكد من الشكل ثم نختمها في الموقع المطلوب ، اما أشكال الختم الدائري مثلا ، نحاول العثور على سدادات علب يكون حجمها وفق المطلوب ، مثلا كان ختم دوائر التجنيد الدائرية تتطابق بشكل لا معقول مع سدادة علبة مرهم الڤكس ( Vicks ) الصغيرة ، او نلجأ لحفر الشكل البيضوي مثلا على ممسحة المطاط المدرسية ، فنشتري أحجاما كبيرة ونرسمها و نحفرها بدقة عالية تأخذ منا وقتا طويلا او مثلا استخدمنا مكعبات اللعب الخاصة بولدنا مشمش ( مربعة الشكل ) الأختام المربعة ، وطبعا كنّا نشتري احبار الأختام. الملونة لاستخدامها حسب الحاجة ، وجميع الخطوات نستنسخها من أصول واقعية ( الأسماء واشكال التوقيع ، ودوائر التجنيد ... الخ
بما ان هذه مذكراتي فأعطي الحق لنفسي ان أقول ، الوثيقة الشخصية التي استخدمتها لفترات طويلة ، كانت دفتر خدمة معفى من الخدمة العسكرية بسبب تضخم في الشرايين وعجز في عمل القلب ، وكل المراحل التي ذكرتها أعلاه كنت قد كتبتها وختمتها ووقعتها على اختلاف الجهات بنفسي وبمساعدة احد الرفاق كي لا يتكرر الخط كثيرا ، رغم ان معظم الانضباطية والأمن في الشوارع لا يفكرون قطعا بالتطابق شبه المطلق لشكل الخط . اما أوراق إجازات الجنود فكانت سهلة نسبيا ، ختم واحد واسم واحد .
ذات مرة وبطريقي الى بغداد طلب مني الانظباط في نقطة السيطرة دفتر الخدمة العسكرية ، فابرزته. له وبعد قرائته قال لي ( شكو عليك معفو من الخدمة !!) أجبته ، ولكنه عجز القلب وبعد انت تعرف ، أجابني ( دروح اخوي روح ، القلب ولا الجبهة !!!!!)

عامل الخوري

#عامل_الخوري (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل