|
معالجة ازمة المياه في العراق على المدى القريب والبعيد
وثاب داود السعدي
الحوار المتمدن-العدد: 5894 - 2018 / 6 / 5 - 00:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من الطبيعي ان يهتم العراقيون جميعا بأزمة المياه والتهديد الواضح بشحته على المدى القريب. وان كان الامر يبدو مفاجئا للكثير من المواطنين، الا ان مسالة المياه وشحتها المتوقعة مسالة معروفة منذ زمن بعيد. وقد كتب في ذلك العديد من الاختصاصيين (راجع مؤلف الأستاذ فؤاد الأمير "الموازنة المائية في العراق وازمة المياه في العالم")، منبهين الى ان مسالة الماء في العراق اهم من مسالة النفط. ولكن هذه الإنذارات لم تجد اذانا صاغية. ولعل السبب الرئيس لذلك هو توفر الماء المجاني تقريبا حاليا، وسعة الهموم الانية التي يعاني منها الشعب العراقي. من ناحية أخرى لم تحظ مشكلة المياه باهتمام القوى السياسية والسلطات المتعاقبة في العراق. في برنامج التيار الاجتماعي الديمقراطي، افردت فقرة خاصة لمشكلة المياه والتهديد بشحتها، وطالب التيار في النقطة 9 من برنامجه الاقتصادي بتشكيل المجلس الأعلى للموارد المائية كتعبير عن الاهتمام الأساسي بمشكلة المياه وضرورة وضع كل الإمكانيات لإيجاد الحلول الناجعة لهذه المشكلة على الصعيدين القريب والبعيد، أي الدائم. ومشروع تشكيل هذا المجلس يحظى بدعم الكثير من الاختصاصيين وقد اقترحه د. لطيف رشيد وزير الموارد المائية الأسبق ولكنه اصطدم برفض الحكومة حينها، وربما يحظى أيضا بدعم د. حسن الجنابي الوزير الحالي والخبير الدولي في شؤون الموارد المائية. ولكن مع الأسف لم تطرح مسالة المياه مطلقا في الحملة الانتخابية الأخيرة رغم ان عمليات ملأ سد اليسو كانت قد بدأت منذ الأول من اذار الماضي. كما لم يصدر من هذه القوى اية ادانة واضحة لسلوك الحكومات السابقة المشين في هذا المجال. يبدو واضحا ان معالجة مشكلة المياه تختلف على المدى القريب او القريب جدا، لأننا دخلنا في هذه المرحلة منذ يوم 1 اذار الماضي، وعلى المدى البعيد، أي الحلول الدائمة لمشكلة الماء في العراق. على المستوى الطويل فان موارد دجلة والفرات من المياه متوقع لها النضوب الى حد كبير في حدود سنة 2040. وهذا ما خرج به مؤتمر إسطنبول سنة 2009. الأسباب موضوعية ولا علاقة لها ببناء سد في تركيا. أولا مصادر المنابع المائية في انخفاض مستمر سواء في تركيا او إيران او العراق. ثانيا زيادة عدد السكان، أي الاستهلاك اليومي، في كل من تركيا وسوريا وإيران. وأخيرا زيادة حاجة هذه البلدان للموارد المائية للزراعة وجوانب الحياة الأخرى. النزر اليسير الذي يمكن ان يصل الى العراق لا يكفي سوى الى شريط حدودي ضيق. إضافة الى ذلك، فان البلدين المجاورين، تركيا وإيران، ضربا عرض الحائط بكل الاتفاقيات الدولية والمحلية، بحجة انهما لم يوقعا على تلك الاتفاقيات. واهمها "اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية"، رقم 1229/51 لعام 1977. وهذه الاتفاقية تعرف المجرى المائي الدولي بانه (أي مجرى مائي تقع اجزاءه في دول مختلفة). وفقا لهذه الاتفاقية فان هناك حقوق للعراق في الماء الذي ينبع في تركيا او إيران ويمر بالعراق. وهي تمنع أي إجراءات تحويل للمجرى او القطع لنهائي لتدفق الماء في هذه الممرات المائية. ولكن واقع الامر اختلف كثيرا. فعلى مدى العشر سنوات الماضية، قطعت إيران أكثر الأنهر والروافد التي تنبع من أراضيها وتزود العراق بالماء، واهمها نهر الكارون ونهر الزاب الصغير(مؤخرا). وقامت تركيا بالتسريع في بناء سد اليسو والبدء بملأه، دون الاكتراث بالمعارضة الدولية او بمطاليب العراق. ولكن من المسؤول الحقيقي عن الازمة الحالية وما سينجم عنها مستقبلا. هل هو حكومة اردوغان المتعجرفة التي لا تقيم وزنا للقانون الدولي ولمتطلبات الجيرة. او حكومة إيران التي تعول على قوى سياسية عراقية تقوم بإخراس كل معترض في العراق بإشهار سلاح الطائفية. المسؤول الأول هو الحكومات العراقية المتعاقبة. لنقرأ ما يقوله الدكتاتور اردوغان. في تصريح أخير يقول باننا أخبرنا العراق منذ عشر سنوات بما سيحدث وطلبنا منهم ان يبنوا سدودا ولكنهم نهبوا الأموال. سنملأ سد اليسو خلال خمس سنوات وستعود الأمور الى مجاريها بعد ذلك. بطبيعة الحال هذا غير صحيح، الأمور سوف لن تعود الى مجاريها مطلقا. ولكن مسؤولية الحكومات العراقية المتعاقبة أساسية. فمشروع هذا السد قديم يعود الى 1971. والتخطيط لتنفيذه والحصول على القرض الدولي لتمويله بدأت منذ أكثر من 10 سنوات. ولكن حكومات العراق لم تبذل أي جهد ولم تبدأ باي مشروع تجنيا لهذه الكارثة التي تحيق بالعراق. إذا كانت حكومة العبادي تستطيع ان تتذرع بالحرب ضد داعش، وبخواء الميزانية العراقية التي تركتها الحكومة السابقة، فان العراق حصل على موارد هائلة خلال الفترة منذ 2005 الى 2014، ولكن القابضين على السلطة آنذاك، اضافوا الى جرائمهم جريمة أخرى، وبعثروا أموال الشعب العراقي ونهبوها نهبا، ولم يأبهوا نهائيا الى التحذيرات التي كانت تأتيهم من كل صوب. من المقترحات التي يتداولها الخبراء هو الضغط على تركيا لتمديد ملآ السد الى 10 سنوات لفسح المجال امام العراق لبناء السدود اللازمة. ولكن في اخر المطاف يبدو ان العراق سوف يلجأ مستقبلا الى تحلية مياه البحر التي ستصبح مصدره المائي الرئيسي. السؤال الرئيسي : هل باستطاعة طبقة المحاصصة والفساد القيام بدورها في انقاذ مستقبل العراق وأهله.
#وثاب_داود_السعدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوسط الديمقراطي في انتخابات 2018، الى اين
-
قانون شركة النفط الوطنية العراقية واهدار ملكية النفط العراقي
-
حق الشعب الكردي في تقرير المصير ونتائج الاستفتاء
-
الموصل والمهمات الوطنية
-
قانون الأحزاب السياسية يتعارض مع أحكام الدستور ومبادئ الحريا
...
-
الخلاص من آفات الطبقة السياسية الحاكمة وبناء دولة المواطنة
المزيد.....
-
رجل يخاطر بحياته لإنقاذ مراهق علق داخل سيارة مشتعلة.. شاهد م
...
-
تقرير: إسرائيل تعترض مسار طائرة يشتبه بأنها تحمل أسلحة لحزب
...
-
مظاهرة حاشدة في عمان تطالب بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل ق
...
-
مصادر: فقدان الاتصال مع الزعيم المحتمل لحزب الله هاشم صفي ال
...
-
صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع
...
-
السفير السوري في موسكو يتحدث عن اللقاء المحتمل بين الأسد وأ
...
-
سفير إيران في لبنان: إسرائيل أدخلت أجهزة البيجر بعملية تجسس
...
-
خبير أوروبي يدعو لإرسال ستولتنبرغ للقتال في أوكرانيا
-
حماس بعد عام من طوفان الأقصى
-
غارديان: انتصارات إسرائيل التكتيكية قد يثبت أنها خسائر إسترا
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|