أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوسن حسن - فرانسوا مورياك … على خطى دستويفسكي














المزيد.....

فرانسوا مورياك … على خطى دستويفسكي


سوسن حسن

الحوار المتمدن-العدد: 5893 - 2018 / 6 / 4 - 11:24
المحور: الادب والفن
    



اعتادت معظم المدن الفرنسية، ومنذ القرن المنصرم على تنظيم معرض سنوي لبيع جميع الممتلكات المستعملة، ويخص ذلك كل ما يريد الفرد التخلي عنه من أوان، وكتب، وتحف! دعونا لا ننسى الكتب بالذات لأن الشعب الفرنسي شعب قارئ بالدرجة الأولى، إذ لهم في عالم الورق مهارات تواصل خارقة أكثر مما هي في التواصل بين البشر.
شاءت الصدفة أن أحضر أحد هذه المعارض في مدينة أميان الواقعة في الشمال الفرنسي، وأن تقع قدماي على بائع لا يبيع غير الكتب النادرة التي يتعذر الحصول عليها في المكتبات. يصعب عليّ إعطاء تعريف وجيز للكتب القابلة للاندثار في فرنسا، ولكنها تشمل بشكل عام أعمال كل الأدباء والناقدين الأخلاقيين، حيث يرجح هؤلاء أصل الحرف دائماً للخالق ويسعون إلى الدفاع عن القيم الروحية والدينية الضائعة من المجتمع الذي ودّع الكنائس منذ زمن طويل في سبيل الدولة اللادينية.
وأنا في خضم البحث عن ما بإمكانه إثارة فضولي، وقعت يداي على سلسلة مقالات وجيزة لفرانسوا مورياك تحت عنوان “الرواية”. سألت نفسي حينها: لماذا لا نذكر اسم مورياك في الجامعات؟ هل لأنه كاتب أخلاقي نستشعر الله في كلماته؟ هل لأن الدين في فرنسا أصبح فعلاً تابو محرماً الرجوع اليه؟
أخذت أتصفح الكتاب وعيناي تبرقان من شدة الإعجاب، إذ لم أحظ بفرصة قراءة أعماله من قبل. شعرت بروحي عطشى وبنهم للكتاب الذي لم أرَ له مثيلاً في إدراك اضطراب النفس البشرية، وفي دعوته للحب والإيمان. أصدر مورياك هذه التحفة النقدية عام 1928، أي قبل مأساة الحرب العالمية، ووضع في قلب المقالات خلاصة أفكاره عن العمل الروائي، داعياً لما أسماه “التصدي لكتابة الرواية” بالطريقة المتعارف عليها، أي التخلي عن الرواية البلزاكية واكتشاف أفق جديد.
فكَّر مورياك بصورة معمقة في مشاكل الإبداع الروائي داعياً للمقارنة بين ديستويفسكي وبلزاك، أحد أهم أعمدة التاريخ الروائي في العالم، حيث وجد في الكاتب الروسي تجسيداً واقعياً لتعدد أوجه النفس الانسانية التي لا نستطيع اختصارها تحت مسمى واحد على عكس ما فعل بلزاك في معظم رواياته. يرى مورياك على سبيل المثال، أن ديستويفسكي صور في معظم أعماله صراع الانسان مع الله والشيطان والمجتمع، على عكس بلزاك الذي اختصر شخصياته في نطاق محدود لم تستطع الخروج منه والتعبير عن هذا الصراع للعلن.
يحلل مورياك بشكل معلن ظاهرة إخفاء هذا الصراع الإنساني في فرنسا بلوم الرواية الفرنسية التي لزمت وقتاً طويلاً تقتدي ببلزاك حتى أصبحت جميعها بلزاكية، وهذا ما ظهر جلياً لدى المجتمع الفرنسي اليوم، الذي أضحى يتجمَّل بلون واحد لا يغيره، فلك واحد فقط، إذن، هو أن تكون علمانياً وغير معادٍ للسامية أو لا تكون. ليست هنالك مبالغة بهذا الشأن، إذ نشطت قنوات الرئيس ماكرون على وسائل التواصل الاجتماعي لمراقبة كل من يخرج عن المتآلف عليه فيما يكتبه، أو يستعرض آداب الراحلين أمثال مورياك.
يثني مورياك بشكل كبير على دور ديستويفسكي في إعلاء الشعب الروسي، وايقاظ مبادئ الصدق والحب والنقاء ورابطة الأسرة، ليتمنى في نهاية مقالاته أن يتمكن الشعب الفرنسي من عقد معاهدة سلام مع الله ومناجاته، ليس من منطلق ديني لكن من منظور حياتي وكوني. لا يدعو مورياك مجمع الفرنسيين إلى الإيمان بوجود الله ولكن للتعايش مع المؤمنين منهم، وتقدير أهمية المبادئ الإلهية في إدارة المجتمع.
يجدر بالذكر أن مورياك حاز على جائزة نوبل للسلام عام ١٩٥٢ قبل أن يتفرغ للنقد، ووسام شكر من الجنرال شارل ديغول على دعوته للسلام، تاركاً في حوزة قرائه ما يقارب الثلاثين مؤلف في عالم الرواية والمسرح.



#سوسن_حسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هنا رابط مباشر نتائج السادس الإعدادي 2025 الدور الأول العلمي ...
- سوريا الحاضرة من نوتردام إلى اللوفر
- كيف استخدم ملوك مصر القديمة الفن -أداة حكم- سياسية ودينية؟
- موعد ظهور نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. استعلم عن نتيجتك
- عرفان أحمد: رحلتي الأكاديمية تحولت لنقد معرفي -للاستشراق اله ...
- “متوفر هنا” الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور ا ...
- “سريعة” بوابة التعليم الفني نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدو ...
- عرفان أحمد: رحلتي الأكاديمية تحولت لنقد معرفي -للاستشراق اله ...
- جداريات موسم أصيلة.. تقليد فني متواصل منذ 1978
- من عمّان إلى القدس.. كيف تصنع -جدي كنعان- وعيا مقدسيا لدى ال ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوسن حسن - فرانسوا مورياك … على خطى دستويفسكي