أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان شيخموس - قراءة شاملة لنصوص الشاعرة نزهة تمار















المزيد.....

قراءة شاملة لنصوص الشاعرة نزهة تمار


عدنان شيخموس

الحوار المتمدن-العدد: 5884 - 2018 / 5 / 26 - 03:46
المحور: الادب والفن
    




نزهة تمار شاعرة متميزة تكتب القصيدة وتهندسها مثل عمارة أنيقة في عالم الشعر و المعرفة ، تكتب بهدوء بعيدا عن ضوضاء الشهرة ، تجتهد في بناء الحرف وصياغة الجملة الفنية الغنية في معناها و رموزها لتجعل من القصيدة لوحة متكاملة الألوان في صورها الشعرية الغير الإعتباطية بل المنصهرة و المتتداخلة فيما بينها وهكذا تفتح اَفاق جديدة للقارئ .

نصوصها تدّل وتشير إلى مقدرتها الفائقة والمتميزة في ترجمة الخيال الواسع لديها إلى سياق شعري متماسك ومتجانس في نسق كامل و متكامل وهذا ما يعطي لنصوصها الشعرية صبغة خاصة لعالمها المعرفي .
. فتجربتها الواسعة في الحياة أعطتها الدّفق المعرفي الذي بلورته بأسلوبها الخاص المتضامن مع مجموعة قضايا إنسانية في العالم.


وهنا وفي نصوص اخرى ندرك تضامنها الفعلي مع الثوار و الثائرات حيث تقول:

” لروح الشهيدة الكردية المقاتلة ببسالة بارين “

نتعرى اَلاف المرات ،
لندرك المغزى في سرّ أنوثتك ..
أنوثتك تضرعت فيضا قبل وبعد رحيلك
من ملاذ الخلاص لبلوغ الدهشة !
وهم كما هم
غباوتهم تحاكي الردى .. يحتدم الجهل فكرهم
أيتها الفارسة النبية في أصول المعنى ..

لاننسى أن الشاعرة تقربنا كثيرا بنصوصها الشعرية لإدراك ماهية الطبيعة حتى ندخل بعمق إلى محتوى الجمال الكوني .

لغتها الشعرية غنية بالرّمزية الجميلة الهادفة لديها وهذا ما يجعل القارئ يفتح رؤاه على شرفة هادئة فضاؤها المعرفة و الدهشة .

تكتب القصيدة بأسلوب خاص بها ، سلس و عميق ، لايشبه إلانفسها في بناء النص .

فالحالة الشعرية لايحدّدها الوقت لديها حيث تكتب القصيدة ثم ترحل إلى عالم المعرفة و البحث عن لغة ثرية لتتجاوز البداية وتجعل القصيدة الجديدة تتموضع في لبوس اَخر وبصور شعرية متجددة.

حين تقول الشاعرة:‏
فصول من مساحتك ،
تشهد أني عانقت وشاحك .. ِزينة لوحة
على طريقي
تبدأ من يديك
تنتهي عند صوتك ..
نسجها ندى موجة
من هواء دمي
نهره دهشة لعمري
يغنيها وجدان لقاء
ويستشعرها إنتظار..

وفي نفس النص تبوح وتقول :‏

منذ أن سافرت ،
إليك منّي
سقيتُ وردتين
واحدة قرب شفاه السماء
وواحدة على جناح نورس
عشقتُ فوضاه ..

حين نتوغل و نسبُر أغوار نصوص الشاعرة ندخل إليها دون إستئذان تشدنا جمالية المعاني القيّمة في نسقها إلى عالمها الخاص ، ندرك و نلامس رصانة الحرف في سياق لغة جادة وهادفة محتوى اتجاه النص النثري ، تبقى الصورة الشعرية لديها نظيفة خالية من الشّوائب لتجعل للحياة هواء أخضر. النص يملك سلطة التحكم بذاته بقيمة حيّة شاملة للموقف الإنساني دون الإخلاء بماهية المضمون الذي يضيف لبنيته توازن موضوعي رفيع .

لقصيدة نزهة تمار وتجربتها الشعرية نستخلص بأن لها نفس طويل في بناء الحرف ولديها مميزات هائلة وعميقة في رحاب النص الأنيق والرشاقة اللغوية من خصوصيتها ، تتميز قصائدها بلحن داخلي وذلك من خلال الصور الشعرية الفريدة وانتقاء الألفاظ وتوظيفها بعناية محكمة، خِدمة لبنية القصيدة في شكلها الإبداعي الجاد .

يتلقى القارئ و يتابع النص دون ملل ،حيث يفرض هذا الأخير وجوده بشكل إنسيابي على نفسية المتلقي ، عندئذ يحلق في وجدان القصيدة بشكل تسلسلي دون اُستهجان أمام دهشة الرؤية الشعرية وصيغتها الفنية لاُستدراك ماهية المحتوى حيث تقول في قصيدة ( يدك التي على قلبك ) :‏

كل أجراس المدينة ،
تعزف لحناً
لإرتجاج بحر ..
ويدك التي على قلبك
منقوشة بماء الورد
ترافق صحواً من نور
تعزف لفصول القمح .. في تربة أرضك ..

تتتجاوز الشاعرة الحالة النمطية و تترفع عن المسائل الروتينة لتتعمق أكثر في القضايا الإنسانية بمجمل أوجاعها ،تأخذنا من صوت الصرخة الى لحن مطر الفصول بروح ينسجها ضمير التفائل و بياض الأمل بمعناه الحقيقي .

الصور الشعرية هي عنوان وفهرس لنص جميل في عمقه ، نسقه ، ودلالاته التراجيديا والعاطفية ،هي من تزخرفه على هيئة لوحة كاملة الأبعاد و الألوان ، تجعله يسمو ويتدفق بعمق لأنها هي هواء القصيدة .
الصور الشعرية التي تقدمها نزهة تمار في سياق نصوصها بشكل عام تتجاوز الرّوتينية و النّمطية ، تؤلف أبجدية لغوية جديدة تتوافق كلماتها وفق لغة حيّة قابلة للتأويل بمعاني عميقة ضمن صيرورة شعرية متفردة ، تُكثف حالة خاصة أو عامة في ومضة قصيرة تضع القارىء على شرفة الخيال والتأمل ، من هنا نستخلص بأن الصورة الشعرية تموضعت و أخذت ركنها وحيزها الأساسي في ذائقة الإبداع الشعري لدى الشاعرة .

لايكفي قدرة الإنسان على التخيل و تصوير الواقع في نص جميل يجمع بينهما ، فهنا نلاحظ قدرة الكاتبة على تسخير الواقع الحسي وتوظيفه من خلال بنيتها الذهنية التي تشخّص مضمون القصيدة في صورة دقيقة ومتميزة وبلغة سلسة متناغمة لا تخلو عن سطوع الرمزية ، يتضح هذا التدفق في مجموعة نصوص لديها ومن ضمنها قصيدتها عميقة رغْوة المِلح
وهي تقول :

عميقة رغْوة الملح ،
حين تُكلل الدّهشة .. بلغة جامحة
تنهمر يانعة في مفردات رمل
تسكن أوتاد أرض
تحرك سكينة فضاءات .. مواسم دلالات
لعبور أخضر ..
عميقة رغوة الملح
لها الأصداف ترتَجل حوارات
سؤالات تلو سؤالات .. تمشي مُنحنية
تستقرّ هادِئة بصدر بُركان ..
يضمحل السُّهاد الأعْوج
ورائحة المَوقف تنتشِر هائجة
من سُباتِ الجُلّنار ودربِ شقائق النُّعْمان ..

يموت النص الشعري عندما يكون الخطاب الشعري فيه بصيغة مباشرة ، غير أن الشاعرة تبتعد ابتعادا كلي عن السرد المباشر وهذا ما يميز نصوصها نحو الإنتشاء في عالمها الإبداعي الفذ وهي تحاكي وتضع القارئ في فضاء معرفي عبر كل الأمكنة والأزمنة .

إضافة الى كل ما ذكرناه وصلتني المجموعة الشعرية للشاعرة بعنوان ( عزفٌ على أوتار التمنِّي ) الذي صدر في عام 2015 يحتوي على اُثنين وثلاثين نص نثري ، تطغى على هذه النصوص اللغة المفتوحة تجمع الصور البلاغية برؤية شفافة وهذا يدل على قدرة الكاتبة على طرح الفكرة بلبوس فني مكثف يضعنا أمام سر تميزها وتشخيصها لمعاناة الإنسان في نص أنيق .
مع حضور الغموض دون منازع في الصورة الشعرية لإفساح المجال للقارىء نحو التأمل والتوحد مع فكرة النص .

حتى لا ننسى فالشاعرة زائد موهبة الشعر، لديها موهبة تمارسها كممثلة على خشبة المسرح .



#عدنان_شيخموس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحياة مراَة الله
- من عامودا الى مملكة الظلم في صيدنايا
- عفرين بنت الله
- سأغني لأبناء الشمس والنار
- واحة آمنة للعصافير
- مملكة البغال
- طلبة الأمس ثوار اليوم
- تراتيل مرتجفة
- زيزفون في حقل الموتى


المزيد.....




- أول فنانة ذكاء اصطناعي توقع عقدًا بملايين الدولارات.. تعرفوا ...
- د. سناء الشّعلان عضو تحكيم في جائزة التّأليف المسرحيّ الموجّ ...
- السينما الكورية الصاعدة.. من يصنع الحلم ومن يُسمح له بعرضه؟ ...
- -ريغريتنغ يو- يتصدّر شباك التذاكر وسط إيرادات ضعيفة في سينما ...
- 6 كتب لفهم أبرز محطات إنشاء إسرائيل على حساب الفلسطينيين
- كفيفات يقدّمن عروضًا موسيقية مميزة في مصر وخارجها
- عميل فيدرالي يضرب رجلًا مثبتًا على الأرض زعم أنه قام بفعل مخ ...
- انقطاع الطمث المبكر يزيد خطر الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائ ...
- إشهار كتاب دم على أوراق الذاكرة
- مثنى طليع يستعرض رؤيته الفنية في معرضه الثاني على قاعة أكد ل ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان شيخموس - قراءة شاملة لنصوص الشاعرة نزهة تمار