أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد كريم الساعدي - الفنان وجدلية السؤال الجمالي















المزيد.....

الفنان وجدلية السؤال الجمالي


محمد كريم الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 5882 - 2018 / 5 / 24 - 00:27
المحور: الادب والفن
    


عندما يبدأ الانسان بالسؤال عن معنى الحياة وطبيعتها وماهيه مظاهر الخلق والوجود والابداع في هذا المنتج العظيم الذي يحاول تفسيره للوصول الى حقائق ترضي تطلعاته وتجيب عن اسئلته التي لا تنقطع يوما ما ، أذا ما عرفنا بأن هذا السؤال لا يأتي من افق واحد بل يأتي من افاق متعددة وتزداد وتتوسع في فترات من الزمن نتيجة لتغيرات الطبيعة والحياة او قد يتقلص حجمها وتصبح محدودة في ازمنة اخرى ... هذا السؤال الذي يطرح لمحاولة ايجاد اجوبة لما وراء العلامات الاستفهامية التي تتطلب جهد معرفي لصياغتها سواء كانت انية او ممتدة عبر الافاق ، لذا توصل الكائن العاقل الى اساليب متعددة لمحاولة ترويض الصور الكونية ووضعها في اطر محددة ومتنوعة ومختلفة منها ما هو طقسي ومنها ما هو تأملي، يصيغها في رؤى وأفكار ،من الأجل فهمها والعيش معها ، بعد ان سكَن من روعه وخوفه اتجاهها بعد ان توصل الى صيغ تواصلية معها ، واصبحت اغلبها جزء من مظاهر حياته اليومية والتي اراد ان يفهم ما ورائها وما مضمونها وشكلها المترائي، وهل هي متجزأ في مظهر كلي ؟ ام هي كُلية في اجزاء ؟ . وما هو جميلها وقبيحها والرائع فيها والخير المتأتي منها؟ , ولذلك بدأ الانسان من خلال تساؤلاته عن هذه المظاهر والاشياء والبحث في مسمياتها وانتماءاتها ومن هنا بدأ التفكير يتجه نحو فلسفة الاشياء والتي تحولت فيما بعد ,اي الفلسفة, الى تقييم معرفة مظاهر الكون وطبيعة الانسان وتعاملاته مع اقرانه ومع الطبيعة . فقسما الى اقسام ، فمنها مهتم بالمعرفة ، والقسم الاخر بالمثل ،والثالث بالطبيعة ووجودها والرابع بالأخلاق
لم يغفل الفيلسوف في بحثه في الكون والطبيعة عن الجمال وعن نظرة الانسان اليه ومدى شعوره واحساسه بهذا الانطباع الرائع الذي اثر بالفعل والاحساس معاً والذي ولَد شعوراً باللذة المتأتية من الموجودات وما ينبعث منها حتى جعلت اصحاب الفلسفة منبهرين امام هذه الظواهر وهنا يسأل (سقراط) تلميذه (هبياس) عن الجمال اذ يقول ماذا عسى ان يكون الجمال؟ وقد اجاب هبياس على سؤال استاذه سقراط بأن عدد له بعض الاشياء الجميلة , فلم يجد سقراط بداً من ان يلفت نظر تلميذه الى انه لم يكن يسأل عن (الجزئيات)التي تنطبق عليها صفة الجمال , وانما هو قد كان يقصد من وراء سؤاله معرفة ما هيه ذلك المدرك الكلي الذي نسميه بأسم الجمال.
لقد تعددت الرؤى فيه واخذ كل فيلسوف يرى فيه ما يعتقده ملائماً فعرفة (ديمقراطيس)بأنه انتظام اجزاء الاشياء التي تتناسب فيها اجزائها المادية ورأى (افلاطون) بأن الجمال يصدر عن عالم
المُثل والذي يتجسد فيه الخير والحق والجمال , والذي لا يبتعد عن ذلك (افلوطين) الذي رأى بأن جمال الالوهية غير المحسوس اي العقلي , ويرى (الجاحظ) نفس رؤى (افلوطين) بأنه لا تدركه الابصار والذي هو ارق منها , و(توما لاكويني) يربط الجمال بقيم سامية و هي الحب والجمال , اما حديثاً ،فيرى (كانط) بأنه الاحساس بطبيعة الاشياء من خلال اندماج الفكر والمخيلة عند الانسان , وذهب (هيجل) الى ان الجمال هو جمال ذهني وهو لا يظهر في الطبيعة بل ينعكس في اذهاننا.
ان النظرة الجمالية التي فسر بها الفيلسوف الجمال اختلفت بين فريقين فالنظرة الاولى كانت عقلية وهي نظرة ذاتية معتبرين بأن للجمال معناً عقلياً وليس في شيء يقع خارج ادراكنا له ، اما الفريق الاخر فتبنى النظرة الموضوعية والذي يعتبر بأن الجمال شيء قائماً بذاته وموجود خارج النفوس الشاعرة اي انه تكوين خارجي مستقل بكيانه عن ادراكنا.
ان اختلاف النظرة الجمالية من قبل الفلاسفة لم تأتي لغرض الابتعاد عن الحقائق وابعادنا عن طبيعة الاشياء ولكن كانت نظرتهم من اجل المعرفة لا غير فدراستهم للأشياء والاعمال الجميلة سواء كانت فنية ام غيرها هي من اجل الوصول الى المعرفة و بطرق مختلفة لأنه لو تشابه الكل بالطريقة ذاتها لما حصل الاختلاف والذي اوجداه ،اي هو يخدم قضية التنوع الذي اوجدها الخالق في الاشياء وفي نفوسنا , وكذلك لان كل الاشياء المراد تقييمها هي بالأساس متنوعة و مختلفة عن بعضها البعض لذا لم يكن اهتمام الفلاسفة بدراسة الظاهرة الجمالية مجرد اثر من اثار اهتمامهم العقلي بتوضيح معاني المفاهيم المختلفة (على اعتبار ان الجمال مجرد مفهوم من المفاهيم)؟.. الواقع ان الفيلسوف انسان متفتح لشتى التجارب الانسانية , فهو لا يتلقى الجمال على صعيد الفكر المجرد , بل هو يلتقي به في صميم خبرته العادية ,حيث يتذوق الاعمال الفنية , وحين ينفعل ببعض المؤثرات الجمالية , وحين يصدر على هذه وتلك أحكامه التقويمية , ولكن ,ليس من شك في ان الفيلسوف حين يحاول تفهم (الجمال),والنفاذ الى معنى (العمل الفني), فأنه لايرمي من وراء ذلك الى تحديد معايير للجمال , او وضع قواعد للتطبيق في مضمار الانتاج الفني ، وانما يريد لفلسفته الجمالية ان تكون دراسة نظرية غايتها المعرفة .
اذن، فأن فلسفة علم الجمال لم تأتي من فراغ او من محاولة الانسان للعبث بالموجودات من حوله او محاولة ايهام نفسه بأشياء قد لا تشكل له ضرورة حياتية بل جاء بحثه عن الجمال لسعيه لفهم الظواهر في حياته , حتى ان الانسان بادر دون سابق معرفة بالإحساس والشعور به قبل اي عمل يقوم بأي نتاج فني في هذا الاتجاه , على اعتبار ان الشعور بالجمال سابقاً على النشاط الفني , فلقد احس الانسان اولاً بجمال الزهرة او غروب الشمس قبل ان تكون هناك لوحات جميلة او منحوتات رائعة . لذا كان هذا النشاط الفني الذي اتى بعد الاحساس الاول بالأشياء انما هو سؤال عملي طرحه الانسان حول الاشياء وامكانية محاكاتها وبالتالي اصبح لكل من الفيلسوف والفنان ادراك لطرح الاسئلة الجمالية والاجابة عليها, فالفنان برؤيته للطبيعة وانبهاره بها حاول من خلال التأمل فيها تكوين اسئلة عن تكوينها مهتدياً بإجابة عملية من خلال اعماله الفنية المختلفة والمتنوعة بتنوع الكون والطبيعة كما ذكرنا.
اما الفيلسوف الذي وضع رؤيا للشيء وتقليده واختلفت في مدى فهم الجمال الطبيعي للوجود والجمال الفني المحاكي له وبذلك يكون السؤال الجمالي سؤالاً معرفياً مبني على طبيعة الاشياء وماهيتها ومكوناتها للوصول الى جواب جمالي تعددت فيه الرؤيا لفلاسفة الجمال .



#محمد_كريم_الساعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منظرو التلقي والمفاهيم الفينومينولوجيا
- الخطاب الامريكي والفكر المتعالي
- فوكو و سعيد وهيمنة الخطاب
- فوكوياما والنظرة المتفلسفة لنا / معادلة وجودنا نحن العرب.
- الاشتغالات البصرية الجشتالتية
- انطوان تشيخوف والبناء النفسي في الدراما
- المؤثر الصوتي ودوره كوسيلة معرفية للمتلقي
- فن التمثيل والبناء السيكولوجي لدى معلمي التربية الفنية
- الجمهور وقصدية التلقي
- علاقة فن التمثيل بالتربية
- فن التمثيل في المدارس الابتدائية
- التفكيك و الخطاب الثقافي
- ادوارد سعيد وخطابات ما بعد الاستشراق
- سبيفاك والقراءة التفكيكية للمهمش ثقافياً
- هومي بابا والقراءة النفسية بين الأنا والآخر
- تفكيك التمركز حول الذات لخطاب السلطة الكولونيالية
- ادوارد سعيد والقراءات الطباقية للرواية الغربية
- الآراء الفكرية والتمييز الانطولوجي والابستمولوجي في الفكر ال ...
- فكرة البديل عن المواطن المحلي
- الثنائيات الاستشراقية وتشكيل صورة الآخر


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد كريم الساعدي - الفنان وجدلية السؤال الجمالي