أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر سعلي - قراءة في كتاب _من الذي دفع للزمار-الحرب الباردة الثقافيّة_ للكاتبة البريطانيّة ف.اس.سوندرز














المزيد.....

قراءة في كتاب _من الذي دفع للزمار-الحرب الباردة الثقافيّة_ للكاتبة البريطانيّة ف.اس.سوندرز


عمر سعلي
كاتب

(Omar Siali)


الحوار المتمدن-العدد: 5881 - 2018 / 5 / 23 - 23:35
المحور: الادب والفن
    


هذا الكتاب من الكتب الشاهدة على العصر ،و من أشمل الكتب التي تكشف العالم الخفي لتسييس الثقافة والفن والأدب ، خاصّة خلال ما سمته الكاتبة بالحرب الباردة الثقافيّة بين أمريكا والشيوعيّة،وهنا تنبيه على أن انهيار منظومة الإتحاد السفياتي لا يلغي الحرب الثقافيّة ،لأن هذه الأساليب والقواعد إنتاج بشري يصح لمحاربة الشيوعيّة وغيرها وهي باقيّة بقاء اختلاف الأفكار واختلاف الثقافات والأذواق بين الأمم ،خاصّة مع تغول العولمة الثقافيّة وإقران التسويق بالموضة واستبدال ثقافة الشعوب بثقافة القوي المسيطر وهي الثقافة الكونيّة للإستهلاك.

والكتاب يؤرخ بدقّة وإسهاب لحرب الولايات المتحدة الثقافيّة على الشيوعيين الأمريكيين ومحاصرة الشيوعيّة على أرض الولايات المتحدة الأمريكيّة وأروبا ،عبر دعاية احترافيّة تستهدف الأفكار والأشخاص .وتناقض في عمقها مبادئ الحريّة الفرديّة التي تنادي بها أمريكا وغيرها،وأكثر من ذلك يشير الكتاب إلى استخدام المسيحيّة في الحرب على الشيوعيّة ،استخداما رسميّا من طرف الدولة ومؤسساتها في تناقض أيضا مع التبجح بتبني العلمانيّة .

في هذا الكتاب فكرة رائعة ،وهي ما أعتقد اكتشفتها المخابرات الأمريكيّة من أن ضرب أي توجه أو القضاء عليه لا يتم بالصورة المثلى إلاّ من خلال ضربه من الداخل ، أي من خلاله رجاله ومنهجه ،فرجال أي تيار أو معتقد مهما كانت رتبتهم فيه يصيرون جزءا من هذا المنهج وخيانتهم أو ردتهم عنه علنا ومهاجمة تجربتهم السابقة أخطر بكثير على المعتقد من ضربه من الخارج ،وهذا ربما ما جعل بعض الفقهاء في الدين الإسلامي وبعض قادة الحركات الإسلاميّة يصرّون على تنفيذ الحد في المرتد لخطورته المعنويّة لا الماديّة .القصد أن المخابرات الأمريكيّة انتبهت لهذا الشئ في حربها على الشيوعيّة خاصة من خلال تبني شيوعيين مرتدين ومعارضين لنهج ستالين وتمكينهم بالوسائل الكافيّة لصناعة مدرسة يساريّة أخرى من داخل المظلة الشيوعيّة نفسها ولو بالتسميّة فقط .

هذا بالتوازي مع عملهم الحثيث من خلال مراكزهم الثقافيّة ومنابرهم المقادة من الإستخبارات كالمجلات والصحف والندوات والجوائز وغيرها التي تسعى إلى تقديم النموذج الأمريكي كخيار وحيد للبشريّة .

ومن فوائد هذا الكتاب العديدة أيضا كونه يطلعنا على التطور الحاصل في استخدام الطاقات والبشر من قبل المخابرات، موبخا صورة العمالة التي رسمتها الأفلام في مخليّة أغلبنا في صورة أن العميل صاحب مسدس وسيغار ونظارة شمسيّة ،مع أن الحقيقة قد تجاوزت هذا النمط إلى عمالة مقنعة تستخدم العميل دون أن يدري ويعي بعمالته ،فيمكن أن يكون فيلسوف وممثل أو رياضي هو مع نفسه يعتقد أنه يتعامل مع مراكز ثقافيّة مستقلة ووكالات إشهار عاديّة،مع أن المسألة في عمقها وحقيقتها أكبر من ذلك بكثير.

ومن الكتاب تستفاد نتيجة أخرى ما أحوج كثير من المؤسسات إليها ،وهي أن تدبير الثقافة من خلال المخابرات سيعطي نتيجة تكتيكيّة أكيد ،ولكنه لا محالة ساقط في المدى الإستراتيجي ،لكون المال والجوائز لا تعطي شعبا أو ثقافة شعبيّة ،فالأخيرة تنتجها التغييرات البنيويّة والمنهجيّة العميقة في التعليم والبنى القريبة للأسرة ،أي من خلال حركة مناضلة ذات مشروع مجتمعي واضح وإرادة صلبة وليست مجموعة أشخاص أو مثقفين يعيشون في الأبراج العاليّة ،زيادة إلى أن ظهور عمالة أو تعاون أي جسم ثقافي مع الخارج لا محالة يقوي مصارعه وهذا ما بنت عليه الجماعات الإسلاميّة خطابها ضد خصومها حتى تغولت في النهاية بداية التسعينات.

يستفاد كذلك من الكتاب إلى جانب مادته الأرشيفيّة الغنيّة ،استيعاب صور السقوط في المؤسسة الغربيّة ويظهر بوضوح مدى خبرة هذه المؤسسة وذكائها ،وأيضا اختلافها عن المؤسسة الشيوعيّة ،خاصّة في استخدامها لمن يجري في فلكها ،فإذا كان الدخول ضمن الشيوعيّة يستدعي الدخول العقائدي الإيديولوجي والإقتناع بها ،فإن الدخول ضمن المؤسسة الغربيّة أهون بكثير ،فيكفي حتّى أن تكون بلا ايديولوجيّة ومجرد مستهلك فقط تصبح مفيد للمؤسسة الغربيّة ،فهي لا تسأل عن دين العامل أو معتقده في العالم حين يطلب عملا في مصانعها وشريكاتها، فيكفي أن تكون زبونا ومستخدما متقنا لعمله بأن تكون في الواقع محركها وجزء من منظومتها بغض النظر عن معتقدك في العالم وأفكارك ،وهذا سحر المؤسسة الغربيّة وقوتها وقدرتها على احتواء جزء كبير من العالم.



#عمر_سعلي (هاشتاغ)       Omar_Siali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملخص وكلام في كتاب _الرواية والإيديولوجيّة _ للكاتب الجزائري ...
- كلام في فكر ومنهج الأستاذ منير شفيق على ضوء كتابه -في نظريّا ...
- زبدة وأهميّة كتاب -الحداثة والهولوكوست - لزيجموند باومان.


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر سعلي - قراءة في كتاب _من الذي دفع للزمار-الحرب الباردة الثقافيّة_ للكاتبة البريطانيّة ف.اس.سوندرز