أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر حميو - رائحة المعطف














المزيد.....

رائحة المعطف


عامر حميو

الحوار المتمدن-العدد: 5880 - 2018 / 5 / 22 - 20:30
المحور: الادب والفن
    


ما من سارد لم يسمع بقول دستويفسكي (كلنا خرجنا من تحت معطف غوغول) والواقع أن زمن العولمة الذي جعل علاقة الساردين فيما بينهم علاقة تحكمها شريعة الغاب، أستوجب منا تكملة لعبارة دستويفسكي، ولأن مثل هذا الاستدراك فيه تجني على قائل العبارة، وهو المبدع الذي مازلنا كلنا وبعد ما يقرب المئة وخمسين عاما على وفاته نقرأ له منبهرين برائحة حبر قلمه، فسنترك الاستدراك ونسأل:
- لكن بعد أن خرجنا من تحت ذاك المعطف، أبقينا على تلّة المعطف، أم ذهب كل واحد منا يحفر جحره في جانب منها؟.
ولتقريب الأمر وفهمه لنتخيل التالي:
لو انك أجلست روائيَين أمامك وقرأت لهما رواية من تأليفك، ثم طلبت منهما أن يكتباها كل وفق المذهب الذي ينتمي له قلمه، فأنك ستستلم بالنهاية ثلاث روايات تتشابه في: محورها العام، وثيمتها، والحبكة الروائية لها، لكنها قطعا ستختلف في اسلوب المعالجة واستحضار الصور لتوصيف أفكار كتابها، لأن كل واحد منكم سيكتبها وفق ما مخزّن في ذاكرته من صور استقاها من التجربة التي مرت به وعاش دقائقها، ولا يمكن لتفاصيل تجربة مهما صغر حجمها أن يتشابه وقعها على اثنين من الناس بالدرجة نفسها، فما يبدو عندي ذا أهمية وشأن، قد يبدو عندك تافها ولا يستحق الالتفات إليه، ووقع اللحظة المعاشة في ابهارها ومفاجأتها عندي ليست مثلها عندك، فلا فرحها ولا حزنها، ولا حنقها ولا استكانتها، ولا غضبها ولا هدؤها تتشابه دراجاتها بيننا.
ومادامت ولادة أي ابداع روائي لا يمكن لها أن تجعل صاحبها يقترب من جحري، لأن جحور الروائيين أُنشِأت على مقاساتهم، وكل روائي سيترك حال دخوله الجحر رائحة قلمه مختلطة بتراب ذلك الجحر، والوعي بطبعه منجذب لرائحة الوعي الذي يشابهه، فسيعاف أي روائي رائحة قلم الروائي الآخر لأنه عُبّئ بغيرها.
وكل الذي مرّ يُوجب علينا أن ننحني لكل قلم روائي جديد، مكتفين بشم عطر حبره الذي سيختلط بتراب جحره ويترك بصمته عليه، ولو حدث خوف من ولادة مبدع جديد، سيُعدّ نرجسية مقيتة، تفعل فعلها في عزل الروائي وتجفف حبر قلمه، فيغدو مثل جذع يابس جميل من خارجه ومنخور من داخله، ومثل هذا الروائي لو وِجِدَ لبقي طيلة عمره قابعا تحت معطف غوغول، لأنه أدلج قلمه على أن كل الروائح تشبه رائحة المعطف الذي يحتمي خلفه.



#عامر_حميو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما تصبح الرواية مُدوَّنة لحلم طال انتظاره
- ( حكايات البلبل الفتّان بين جرأة الطرح وخجل التجنيس الأدبي)
- منعطف الرشيد رواية عالم صاخب بالحياة لقاع مدينة اسمها بغداد.
- رواية عصير أحمر لشذى سلمان...رومانسية موجعة.
- استنطاق الشخصية الروائية ومحاكمتها لقارئها عند إسماعيل فهد إ ...
- (ذاتية العنوان وفلسفة المتن القصصي في أريج أفكاري لفلاح العي ...
- الحكواتي والروائي
- السيدة التي جعلت في بهار إشكالية إقحام وفبركة


المزيد.....




- ملتقى الشارقة للراوي يقتفي أثر -الرحالة- في يوبيله الفضي
- بعد عامين من الحرب في السودان.. صعوبة تقفّي مصير قطع أثرية م ...
- أبرز إطلالات النجمات في مهرجان البندقية السينمائي 2025
- أبو حنيحن: الوقفة الجماهيرية في الخليل حملت رسالة الالتزام ب ...
- ميغان تشوريتز فنانة جنوب أفريقية عاشت الأبارتايد ونبذت الصهي ...
- السنوار في الأدب العالمي.. -الشوك والقرنفل- من زنازين الاحتل ...
- شعوذة.. طموح.. حب.. موسيقى وإثارة.. 9 أفلام تعرض في سبتمبر
- قصة ملك ليبيا محمد إدريس السنوسي الذي أطاح به القذافي
- كيف أصبح مشروب شوكولاتة للأطفال رمزا للاستعمار الفرنسي؟
- المخرج الأميركي جارموش مستاء من تمويل صندوق على صلة بإسرائيل ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر حميو - رائحة المعطف