أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ذياب فهد الطائي - لايموت الصبار عطشا - رواية - الفصل الثاني















المزيد.....



لايموت الصبار عطشا - رواية - الفصل الثاني


ذياب فهد الطائي

الحوار المتمدن-العدد: 5877 - 2018 / 5 / 19 - 21:31
المحور: الادب والفن
    


بدأ الناس يعتادون الحياة الجديدة ، يتناقلون الأخبار عن آخر مواقع القصف ،عن البطاقات التموينية، بعضهم استفاد من علاقاته الخاصة ليحصل على حصص اضافية ،انخفض سعر الدينار بشكل لايمكن تصوره ،تدنت القوة الشرائيه وبدا واضحا ان الفقراء والذين لا يعرفون مسالك السرقة سيزدادون فقرا ، تدفقت سلع متنوعة الى السوق ، استغرب خالد "كيف تجد هذه السلع طريقها الى العراق." قيل انها السلع القادمه من الكويت والتي كانت مخبأة في البساتين والمزارع على جانبي نهر ديالى ، لقد خشي الملاك الجدد من تعرضها للقصف .
ـ من يدري قد تقع ثورة أو حركة عصيان واسعه فالتذمر هو السمة البارزة في أحاديث الناس ،والجيش مصاب بالإحباط وبوش يدعو للتغيير.
ـ لعن الله بوش أبو شو ا رب .!
كان خضير النجار ، وغمز بعينه ، كان يتحدث الى ابي شهله الذي راح يمسح شواربه الكثة البيضاء وينصت الى خضير باذن وبالثانيه الى زوجته .
ـ كالعاده يقف عند الباب ليتحدث بالسيا سه !! لقد اتعبني الرجل.
كانت تتوجه بالحديث الى ابنتها متعمدة رفع صوتها ليسمعها .
شهله طويلة القامة شقراء ، موظفة في شركة خاصة تعمل باستيراد المواد المنزليه، لم تك متعجلة في البحث عن عريس , كانت تردد دائما أن فرحتها لم تحن بعد ،لايشغلها شيىء عن زينتها ،تقول ام شهله انها ولدت أنيقة ،
أختها الصغرى" رجاء " رياضية مشدودة القامه اكثر جدية رغم ا ن عينيها الناعستين الخضراوين لم تعطيا يوما هذا الانطباع ، كانت تخطط لغرضها بدقه وبأساليب نسائية ماكرة ولكن خارج الحي .
قالت الام ـ سازور جارتنا ام احمد ، لا تنسى إغلق الباب ورائي ...لن أتاخر
فهم أبو شهله ما تعنيه ، استأذن من خضير ودخل .
ـ حبيبتي ام احمد كيف حالكم وابني احمد كيف صحته و ا لحبوبه ناديه ، لكم وحشة صدقيني المحله بدونكم بلا ناس , كان يعز علي أن أ تطلع الى حديقتكم ولا أرى ابا احمد على كرسيه ظهر الجمعه يقرأ كعادته . أرجو ألا تكرروا الغياب!!
ـ شكرا ام شهله ..ونحن اشتقناكم كثيرا ...كيف حال عروستينا .
هذه المرأة الثرثاره لن تدعها تكمل إعداد الطعام ...ستتحدث بكل شيىء وعن كل شيء، ذهنها محشو دائما بعشرات المواضيع ومئات الاسئله والاستفسارات ،لا تتوقف عند أمر...فكرت فاتن ... كم هو سريع هذا اللسان كأنه في سباق.
ـ بخير ياعزيزتي ،نحن لم نخرج من البيت !أين نذهب ولماذا نثقل على الاخرين! ابو شهله كما تعلمين مريض ولا يستطيع تحمل السفر، ثم من أين لنا بالبنزين !
صمتت لحظة ثم تابعت
ـ قبل يومين جاءت دلال،المدرسة معك كانت تريد الاطمئنان على صحتكم ،كما جاء شخص قال ان اسمه محمد وترك لكم صفيحة بنزين ،لازالت لدينا ...أنتم بحاجه للسياره .
ـ شكرا سأعد القهوه.
ـ لاتتعبي نفسك ،لا اجد بي رغبة ...من يملك اليوم الرغبة باي شيء
ـ لنذهب الى الصالة
في الصاله استمرت أم شهله بحديث متصل لا نهاية له ،تذكرت ايام الجامعه والمعجبين...تفوقها الدرا سي ...أخبار الشارع ، تصوري ان ام سلمان الأرمله بدأت تظهر بأساور ذهبيه، تقول أن الخلخال الذي اشتراه سلمان لها يساوي اكثر من الفي دولار!!
©
سلمان كان بالكويت أول دخولها ، ليس من المعقول انه لم يشارك....
ـ ام شهله القهوة تبرد.
ـ لا أستطيع تناول كامل الفنجان ، لقد بدأت اعاني من الضغط .
في المطبخ ارتفع صوت خالد
ـ فاتن ...فاتن...لقد جئتكم ببعض الحاجيات
وضع ما يحمله على الطاوله وفتح المذياع ، كانت بغداد تتوعد ...نحن بانتظار المعركه الارضيه!!!
قالت ام شهله ـ استأذن أبو أحمد يناديك
في الطريق وهي تجتاز المطبخ قالت
ـ اخوك ابو شهله يسأل عنك ويتمنى لك الصحه
ـ سلامي له واعتذر لاني مقصر معه ...كان الوا جب ان ازوره.
ـ لابأس ...أنت دائما مشغول ...أعانك الله .
أغلقت الباب بهدوء ولكنها شملت الحديقه بنظرة متفحصة ثم حدقت الى النخلة عند الباب .
ـ ما شاء الله !.
رددت فاتن في سرها , قل أعوذ برب ا لفلق ....كانت تؤمن ان حسد ام شهله فعال، خافت على النخله من صاروخ تائه تغريه نظرة الحسد.
ـ أعانك الله كيف تتحملين هذه المرأة ؟
ـ وماذا افعل ،احمد وناديه يهربان لدى سماع صوتها عند الباب وتستفرد بي وحيدة.
ـ لا ليس دائما .
قالت ناديه
تابعت فاتن ـ اسمع منها اخبار شارعنا بيت بيت ، مونت كارلو مشغوله بالقصف الامريكي !!
قال احمد ـ انتبهوا ،كانت تناور على صفيحة البنزين يجب أن نأخذها على وجه السرعه!.
ـ احمد لاتتعجل .
قال خالد ذلك ولكنه كان على يقين انها ستحاول ان تتصرف بنصفها على الاقل.
بدا الشارع ضاجا بالحركه ، الاطفال يلعبون الكرة ، أمام الابواب وقفت النسوة يتبادلن أحاديث شتى باصوات تحاول أ ن تطغى على زعيق الاطفال ....بدأت الحياة تأخذ شكلا مستقرا ولكنه مغايرا لما سبق , الناس بدوا اقرب الى بعضهم وأكثر مودة ربما لان عيون( الاخرين ) باتت مشغولة بمراقبة طائرات الحلفاء،وانهم يمكن أ ن " يتحرروا" ولو قليلا ومؤقتا من كمية الخوف الساكن في غرف النوم.
كان انقطاع التيار الكهربائي وعدم استقبا ل الارسال التلفزيوني قد جعل للحديث طعما آخرا فهو يدور حول همومهم اليومية الصغيرة ، أحيانا يتحول الى ثرثرة لقضاء الوقت ....تعطلت الاعمال واغلقت الدوائر الحكومية ابوابها .
اعتادوا القصف اليومي الذي انتظم بوتيرة شبه ثابتة،فجرا يدوي صاروخان أو ثلاثه ،تهتز المنازل.... ولكن لم يعد الاطفال يستيقظون مذعورين فا سترخاء الصباح لن يعكره لجاجة الام وهي تهيىء ملابس المدرسة ، بعد الظهر تسمع إ نفجارات في أماكن متفرقة ولكن هذا أيضا لم يعد بالامر المثير لقد أصبح الجميع في الشارع رقم 10 على ثقة الان أن الصواريخ لن تطالهم ......كانوا عموما يبدون لامبالاة واضحة.
ـ فاتن ، العراق يحترق ،المقصود هو العراق ، الوطن والإمكانات
ـ لقد تحول ( هو )الى هدف ثانوي، كانوا يقولون إن بإمكانهم إصابة برتقالة في مدينة كبيره ، أنه امامهم فلماذا لايستهدفوه ؟
ضحك خالد ـ يستهدفوه !!
ـ بابا ...هل أستطيع أن أستعير السياره ، لن أذهب بعيدا
ـ لابعيدا ولا سريعا، البنزين شحيح
خرج أحمد مسرعا ....ربما يمكنه رؤيتها ، قد تكون في الحديقة ، منذ عودتهم أصبح اكثر عصبية ولأول مره يتجنب المزاح أو المشاكسة مع ناديه ،هل هو الحب ؟! ناديه ماذا بشأنها ؟!
هي لا تستشعر ميلا نحو أي من زملاء الدرا سة وتتعامل مع الجميع بحذر ، لم تشجع أيا منهم على رفع الكلفه ....استبعدت علاقاتها كليا مع بعضهم لانهم ضيقوا الافق! ,كانت احاديثهم ساذجه وسطحيه واهتماماتهم عموما مبتذلة, كانت تقرأ سيمون دي بوفوار بشغف ,أحبت هذه المرأة المتفلسفه والعمليه , الواضحه والدقيقة...قطعا هي تعرف حدو د حريتها لانها تستوعب وبشكل فعال قيم وأفكار المجتمع ,هنا ك شروط اجتماعية لاتثور عليها ولكنها آثرت أن تتقدمها خطوة واحدة ,المهم السير بخطى ثابتة وباصرار ....ا لخطوه كافية لانها تعني الكثير ....هل ستتطور الامور وتضطرهم الى تشكيل مقاومه!!...هي لاتحب الامريكان، لقد تربت على هذا ولكنها ايضا لاتميل الى النظام ....الاثنان يقفان على مسافة متساوية.
كم هو لذيذ أن يستطيع الانسان تحقيق ذاته يمارس مفاهيم واضحة ومحدده ,هل يمكن أن تلتقي بسارترآخر؟
ـ ناديه اين انت !!
بابا.....نعم ..كنت أفكر بما قلته لامي
ـ لقد تذكرت ، جلبت لك كتابا ربما تتسلين به .....انه زمن الحب وزمن الحرب
ـ الحرب ! نحن نتنفس الحرب والان تريد ان نقرأها ايضا!!
ـ ماما ، لقد سمعت عنه انه دراما رائعه
ـ أعتقد ا ن افضل طريقة لفهم مايدور هو أ ن نقرأ ....كان أول ما أنزل من القرآن الكريم " اقرأ "
نحن الان في قلب الاحداث وقد لانستطيع تشخيصها على نحو واضح ....تجارب الاخرين ستساعدنا .
قالت فاتن قاطعة المحادثة
ـ جاء جمال ظهرا ويود رؤيتك
ـ ألم يوضح لماذا؟
ـ كلا
ـ سأذهب اليه غدا ان شاء الله

نظمت الدائره دوام رؤساء الأقسام واعفت بقية الموظفين من الحضور،كما نقلت مكاتبها الى مبنى آخر تتوافر فيه مخابىء آمنة كما قيل وذلك للحماية اذا ماتعرضت للهجوم. اصبح على خالد ان يذهب مرة واحدة في ألأسبوع ،
كانت غرفته تقع في نهاية سلسله من الممرات ، حين يلتحق بالعمل يقتصر عمله على استلام البريد والعناية بالرسائل المستعجله لتبليغها للدوائر الفرعيه في بغداد والمحافظات وكذلك للرفيق المسؤل عن التنظيم الحزبي في الدائرة .
كان خالد يتحاشى ما أمكنه اللقاء بالرفيق، يشعر دائما نحوه بشيء من الارتياب وعدم الاطمئنان .
يملك الرفيق وجها دائريا ناعم المظهر ....فمه صغير مزموم بشكل يوحي باللؤم ، عيناه أيضا دائريتان بلون البندق حديث القطا ف، صغيرتان لا تنفكان تدوران كانهما تبحثان عن شيء ما ...شيء يقلقهما وتتوقعان اكتشافه , انه مختبىء ولكن لا بد من ظهوره ، يحس خالد معه انه مراقب ،وان هاتين العينان تحاصرانه ...تماما كعيني كلب الصيد المدرب على القتل .
اليوم حضر الرفيق ، أغلق خالد باب غرفته وبد أ يقرأ مجموعه قصصيه لعبد الملك نوري .....سمع اكرة الباب تفتح .
ـ ماذا تفعل ؟ تعال الى مكتبي لدي شاي بالنعناع !
لم يحييه، كان يسد الباب بجسمه فيما راحت عيناه تدوران بأرجاء الغرفه وتشملان الكتاب بنظره متفحصه.
- عفوا , ساحضر....اقرء مجموعه قصصيه لم يقل اسم المؤلف فقد يوحي ذلك للرفيق بفكرة ما
ـ آه ،علمت انك تهوى الادب ....شيىء جميل ...... الثقافه لازمه ...ليتني أملك الوقت الكافي!
- طبعا ,المسؤولية كبيره أعانكم الله
ـ تفضل
ـ شكرا
تقدمه الى الكرسي الفاخر وراء مكتب بيضوي أسود .
جلس خالد على الكرسي المجاور للمكتب وقد بدأ شعور بالحرج يضايقه ....ليس بينهما شيء من أسباب الود وهو بطبيعته يكره مثل هذه المجا ملات .
ـ كيف ترى مايفعله العدو الهمجي؟.
ـ كما ترى ....انهم يستغلون امكاناتهم الجوية فيهاجمون عن بعد
كان حذرا لابد ان يكون الجواب مراوغا وعلى نفس المسافة من السؤال .
ـ نعم ولكن ماجدوى كل هذا , من المعروف علميا ا ن الغارات الجوية لا تحقق إلا نسبة عشرة بالمئه من الاجمالي .....مليون جندي على امتداد الجبهة من جنوب الكويت وحتى بغداد ، كم طلعه جويه سيحتاجون؟؟ عشرة ملايين ؟
إعتقد خالد ان الرفيق يسخر منه ، تطلع في عينيه القلقتين ،وجد انهما تنتظران.
ـ بالطبع مجانين!
ـ من ؟
ـ الامريكان!
فكر أن الجنون حالة معديه في صفوفهم ، لكنه صمم على ألا يترك لحظة شك تراود الرفيق ....تشاغل بالنظر عبر الشباك العريض يرقب جنديا يذرع مكان حراسته ذهابا وايابا .
ـ كيف حال عائلك؟
فاجأه السؤال فقد كان خارج السياق رغم إن نبرة الصوت ظلت كما هي مراوغة دونما معنى محدد .
ـ بخير عزيزي الرفيق
شعر بأن الرفيق يبذل مجهودا ليحدس ما هي أفكاره الحقيقيه .
ـ أرجو أ ن تسمح لي حضرتكم
ـ همم...الى اللقاء
ربما يعتقد الرفيق إن الجنود جرذانا تتخندق في جحورها الممتدة في رمال الصحراء تتغذى على الديدان وتكفيها رطوبة الممر الطويل في باطن الارض، يتجاهل انهم ليسوا بحاجة الى ملايين الغارات ، لقد حسموا المعركة منذ اليوم الاول.
بغداد تغرق كالعادة في الظلام , بدت الشوارع موحشة ,انتابه شيء من الخوف وهو يتقدم الى ساحة التحرير يبحث عن مطعم ليتناول بعض الطعام ...واجبه ليلا وعليه ان يبقى حتى الصباح ، تراءى له المارة على الارصفة اشباحا ، فقد غابت ملامحهم، كانوا يتحركون دونما صوت وفي عمق الظلمة كان السكون موحشا، فرّ طائر من مخبئه فأحدث حفيف جناحيه صوتا مكتوما، عبر الشارع الضيق بسرعة.
على ناصية أحد الشوارع كان مجموعة من الرجال قد تحلقوا حول منقلة فحم كبيره عليها عدة اسياخ شكّت بها قطع من اللحم ، لم يجد في نفسه رغبة باللحم ....طلب رغيفا من الخبز وشيئا من الخضروات ، دفع الثمن وعاد الى الدائرة ، دوى انفجار هائل وتبعه انطلاق مئات الرشاشات الثقيله ، كان التلفزيون في غرفة الخفارة الليليه يبث تعليقا سياسيا ، وجد أ ن الكلمات غير مفهومة ، تفقد الكلمات احيانا دلالاتها، لا تعود أداة للتواصل أو التفاهم .
قال الحارس ـ استاذ ...تسمح لي بالجلوس معك لمشاهدة التلفزيون ؟ لقد أغلقت الباب واذا جاء أحد فانه سيقرع الجرس .
ـ تفضل
ماذا سيشاهد !!! ربما استوحش المكان ويروم تبديد الوحدة والخوف ورعب الانفجارات ، مع الاخرين تخف حدة المشاعر ، تذكر حين حشر في القاهره عام 963 ,كانت صفارات الانذار تنطلق بصوت مبحوح يائس ...الستائر الثقيلة على الشبابيك والاضاءه ممنوعة ، أصوات الانفجارات تهز الشقة وتختلط باصوات

سيارات الاسعاف ....تجمعوا فى غرفة بأسفل العمارة ...ثلاثة عراقيين وعائلة مصرية ورجل وزوجته من السعوديه، كان الشعور بالجماعة يعطي شيئا من الاطمئنان ،
لم يسأ ل أي منهم عن اسماء الاخرين ....كان اللقاء مصادفة... قذيفة ضربت العمارة المجاوره فاهتز كل شيء ، خرجوا في البدء دونما هدف محدد بدافع الحاجة للحماية ، بقوة الغريزة في المحافظة على الذات ، ثم عادوا للدا خل وكأنهم على موعد .
كان المذيع في( صوت العرب) يزعق بصخب مفتعل، في الصباح شاهد أشباح البؤس في عيون أفراد الشرطة المحليه المختبئين في منعطفات الشوارع ، كان ينصت الى صوت القهر في تذرعات زوا ر الحسين ، وأخيرا في صوت عبد الناصر المثقل بالهم والمشحون بالبكاء رغم مهابة الشعور بالمسؤلية وروح الكبرياءالمقهوره.
قال بيكر.....انهم لا يرغبوا بان يعرفوا ماذا سيحل بوطنهم, ربما تتداخل هنا الافكار والمواقف ، حسنا قد يكونوا راغبين بكل هذا.
قال الحارس ـ عمّي نحن نقول الذي لا يعرف تدابيره حنطته تاكل شعيره.
انتبه خالد الى الحارس يحادثه فقال بشيىء من الاستغراب ـ ماذا قلت؟
ـ لاشيىء ....أكلم نفسي
ـ افهم فعلا ماتقصده ...هو كذلك بالفعل ...كيف نواجه الواقع!!
صمت لحظة ثم سأله ـ هل تعرف فوكوياما؟
ـ لا ليس لدي سياره ولا اعتقد أني ساشتريها
ـ ولكنه ليس ماركة " سياره يابانيه "
ـ" بايسكل" !
ـ ايضا لا.....لايهم ، فالرفيق ايضا لا يعرف من هو فوكوياما ، هو لايقرأ ....يكتب فقط !!
ـ يا استاذ ارجو ان تاخذني على "قدّي "
فكر خالد ...ولكن أي " قد "الرفيق أم حارس الدائره
أستغرق أحمد بالتفكير ، لقد باعدت الحرب بينهما وفشلت كل محاولات الاتصال بها ، كان يكفيه أن تعرف أنه موجود وأنه يشتاقها.....ابتسامتها المتفتحة كصباح ربيعي ندي مشرق ...كم يهفو اليها ....شعر انه مرهق ومكبل....عاجز تماما ا ن يفعل اي شيىء ...لم يشأ أن يتحدث مع ناديه فهي إما ستسخر منه أو ستتفلسف ....ستجعله موضوعا للمناقشة ، جادة الى حد الهزل ،عميقة حتى ليحس معها انه يغرق بمتاهات بعيدة ، كيف سيتصرف ،لماذا يستمرّ هذا القصف اللعين ، متى سيعودون الى الجامعة، ولكن ماذا لو استمرت الحرب وأغلقت الجامعات وتعطل كل شيء ! ، كانت كالفراشة الملونة تتحرك بخفة ولكن بهدوء ، صامتة رغم دفق المشاعر في عينيها ، ابتسامتها الدائمة الرقيقه والحالمه تضفي عليها جمالا أخاذا، شعرها الاحمر المنسدل على كتفيها يخبىءاحلاما وردية .
ـ هل استطيع ان اقدم لك شايا ؟
نظرت اليه باستغراب , كانت تجلس وحيدة الى منضدة منعزلة تقلب صفحات كتاب
ـ لماذا ؟
ـ ربما لان الجو بارد!
ازدادت ابتسامتها اشراقا ،انسكب في أعماقه شلال من الضوء الوردي.
ـ شكرا
ـ كم ملعقة من ا لسكر؟
ـ ولكني لم أوافق!
ـ سأجلب السكر ويمكنك ا ن تاخذي حاجتك
حين عاد كان الكأسان يتصاعد منهما خيط رفيع من البخار
ـ تفضلي سحب كرسيا وجلس الى جانبها، نظرت اليه فيما تلونت عيناها بضحكة مشعة .

ـ قلت أ ن تحضر الشاى !!
فهم قصدها ولكنه تجاوزه
ـ وهذا هو الشاى !
ـ أقصد انك لم تطلب الجلوس
ـ لاباس يمكن ان اظل واقفا
ـ لا، يمكنك الجلوس ...لقد أردت التذكير
اذا تأخرت عن المحاضرة يحس ان شيئا ما ينقصه ، وحينما تحضر فان عصفورا فرحا يغرد في اعماقه ويظل يرمقها بين الفينة والفينه ، كانت حريصة أن تفهمه إن هناك حدا يقفان عنده متقابلين .....هل سيفاتحها بحبه ....وجد ان الوقت لم يحن بعد، لازالت علاقتهما في بداياتها ...انه في بغداد هذا المجتمع الشرقي الذي يترسب في وجدانه الحب الهامس ....كان يسمع ابيه يردد....اوشرفتان راح ينأى عنهما القمر....ولكن لم يدرك ما كان يعنيه هذا إلا الان ....غموض آسر وحيرة
عميقة واشراق يلوح من بعيد، الى ان يفيق في عمق النظرات الهادئة والساحره ...كل الاشياء تتغير الوانها وصورها عندما نحب ...تبدو زاهية ورائعه ....دقائق الاستراحات التي تتخلل المحاضرات لا تكفي لايجاد فرصة ملائمة لخلق علاقات وطيدة بالاضافة الى أن العديد من زملائهما قد يشاركوهما الحديث أو قد يجلسوا على نفس الطاوله ربما من باب الفضول,
ـ اعتقد أني سأ تقدم باقتراح سفره الى الحبانيه أو الثرثار قبل امتحانات نصف السنه .
كان يدرك ا ن عليه ا ن يحسم امره وينتزع منها اعترافا بالقبول بعلاقتهما قبل انتهاء العام الدراسي ...انهما في السنة الاخيرة وقد يفترق طريقاهما بعد التخرج .
ـ كما ترى
ـ هل ستأ تين ؟
ـ تبدو واثقا انك ستحصل على الموافقه!
ـ تعلمين أني عضو لجنة النشاط الاجتماعي واني استطيع اقناع اللجنه ...العمادة لا تعترض.
ـ لا ادري ....في العادة الوالد لايحبذ اشتراكي في السفرات .
ـ ولكنه لايمانع
ـ نعم
ـ اذا ساحجز لنا مكانين في نفس الباص .
لم ترد عليه وشعر بالفرح يغمره
كانت السفره ساعتين على مقعدين متجاورين , وست ساعات في الحبانيه ....كانا متلازمين ....تحدث عن عائلته , عن اهتماماته ، كانت تنصت وكان يحاول ان يلمس يدها وان يعطي ذلك طابع الصدفه .
ـ اعتقد انك تدركين مدى اهتمامي بك
ـ واضح
ـ وقد تسألين نفسك ثم ماذا؟
ـ طبعا
كانت اجاباتها المختصرة غامضة تلقي في نفسه ظلا من الشك الذ ي يدفع الى الاحباط ....لكنه لم ييأس ...اندفع بتصميم ولكن بتؤدة الى هدفه
ـ ساقول لك مباشرة ما اريد.
اسهب في الحديث وكأنه يريد أن يسد عليها كل المخارج التي قد تؤدي الى الزوغان ،
ـ احمد ....لقد سألت نفسي منذ مدة عن طبيعة علاقتنا ، وفي الحقيقة فاني أجد نفسي أستلطفك وبعبارة اكثر وضوحا اميل اليك....وأعتقد اننا يمكن ا ن نبدأ حياة مشتركه،
:-ولكني أرى ان نترك كل شيىء حتى التخرج
ـ وعد
ـ نعم وعد .
اندفعت ناديه الى غرفته وهي تتذمر بصوت عا ل
ـ ما هذا ....متى ينتهي هذا الكابوس , تصور أ ن......
انتبهت الى انه مستغرق بعيدا، غيرت لهجتها وقالت
ـ افضل طريقة للتخلص من مآسي الواقع ، أن يفتش الانسان في داخله ....ذكريات، جوانب جميلة يحلم بها
ـ صحيح !
قالها بتسليم مطلق لانه يدرك ا ن الحديث مع ناديه لن يكون سهلا واذا ما كانت مصممة فهذا يعني انها تريد الدخول بمناقشة طويلة
ـ هل رأيت آما ل؟
ـ كلا ، ولكن لمذا تسأ لين؟
ـ لانك تهرب الى ذكرياتها ، حسنا هذا رائع ،هل تعلم ماذا تقول دي بوفوار عن الحب
ـ اسمعي لا اعلم ولا أريد أ ن اعلم.
تشاغل في البحث عن محطة في المذياع ،ا رتفع صوت فؤاد سالم , من كذبك نشفت الشط!!.
قال احمد : ونشّف دمائنا.
*****
كان جمال يرقص وسط الصالة أمام ا لمدعوين في منزله ليلة رأس السنه ، في يده كأس وسكي ممتلىء من دون ماء أو ثلج .
ـ كلنا نصير " هوش " على عناد بوش
كان اشبه بمهرج يشا كس الجمهور بقصد استثارتهم يضرب الارض بقدمه بقوة ويضغط على مخارج الكلمات ، يريد أ ن يفهم اصدقائه المعنى الرمزي لاهزوجته.
حين ذهب خالد اليه بناء على طلبه كان في المطبخ يساعد زوجته على تنظيف سمكة كبيرة قال انه اشتراها من الناصريه .
كانت زوجته ممتلئة ...قصيرة أبرز ما فيها قوة تبدو في ملامحها القاسية وانف كبير كانه وضع خطأ ، كانت تحقق ذاتها في المطبخ وتشعر انها في مملكتها حيث لاينازعها أحد حقوق التصرف المطلقه، جما ل يقول انها محرك سوفييتي جبار يشتغل اربع وعشرين ساعة وبكل الظروف ولكنه لا يتمتع باية مزايا من روح العصر ، ليس فيه لمسة جما ل او رقه .
ـ أبو احمد ، نهاية الاسبوع القادم رأس السنه , نحن بحاجة الى شيىء من الفرح ...لن نستطيع الذهاب الى جمعية الاقتصاديين ولا الى نادي المنصور, السرور يحتاج الامان , دعوت الاصدقاء فقط وبالطبع انت منهم ......أرجو الا تعتذر ، يمكن أ ن يحضر الاولاد ايضا , نكون سعداء بوجودكم انا والعائلة كلها.....كل شيىء قد تم تجهيزه ، تذكر الحضور فقط
كانت طريقته بدعوة اصدقائه اشبه ما تكون با ستعراض حاذق لمهارات زوجته ولكرمه الذي يحاول ان يضفي عليه بساطة.
في مقهى" جزيرة العرب" تعرف عليه خالد ....كان يجلس قريبا من المدخل تهتز بطنه دافعة الطاولة وهو يقرقر بالارجيلة ويتطلع الى المارة بفضول ،
من الواضح انه يعرف جميع الرواد الذين تزدحم بهم المقهى وانهم يعرفوه جيدا .....فيما بعد تعرف خالد على ميزة فريدة لدى جمال ،انه يحفظ الاسماء بطريقة
عجيبة ....يستطيع أ ن يحدثك عن مئات الاشخاص اللذين التقى بهم ،تاريخهم ومشاكلهم وعملهم فضلا عن انه كان قادرا على تحديد مكان انحدار اي شخص من لهجته ، حتى وان اختلطت تهجينا بلهجة اخرى .
يزوغ من عمله القريب من منطقة" علاوي الحله " في الكرخ ويستقر في مقهى جزيرة العرب يشده اليها وجود سوق كبير للمواشي ياتيه الفلاحون من القرى القريبة، يتفرس في الوجوه وكأنه يبحث عن شخص ما وقد يترك الارجيلة ليساوم فلاحا على خروف او بقرة ولكنه في النهاية لايشتري شيئا، ولكن بالمقابل يكون قد عرف كل شيىء عن البائع .
جلس خالد في المقهى وطلب شايا .... جاء ليشتري سمكا من" الشريعة " في الصالحية اعتاد ان يذهب والعائلة الى المزرعة بعض ايام الجمع وحينما لايكون ملزما بعمل ما ...الطعم اللذيذ للسمك النهري يتبدى اكثر عند شويه بالتنور ....
ـ الاخ جديد على المقهى !
ـ نعم
ـ من سكنة بغداد !
لفت السؤال انتباه خالد،لم يقل من بغداد
ـ نعم ، في المنصور
نهض جمال من مكانه ساحبا الارجيلة وجلس على الكرسي المجاور
ـ أخوك جمال موظف ،هوايتي الارجيله ومقهى جزيره العرب وتستطيع القول اني مدمن حضور ، فانا هنا منذ اكثر من ثماني عشرة سنه،منذ ايام الدراسة ،هذا المقهى وسوق الموا شي وازدحام المنطقة يذكرني بالناصريه ،
ضحك ملا طفا وتابع
ـ لاتصدق انها الشجرة الخبيثة ...دعاية استعماريه وقد تكون صهيونية من يعرف!فأبونا ابراهيم من هناك، ثم أليس كل شيىء ممكن ؟
تلفت حوله بجدية مبالغ فيها ليعطي لحديثه طرافة مازحة واستمر.
ـ بالمناسبه ماهو الفرق بين الاستعمار والامبرياليه ؟ سألت مرة استاذ الاقتصاد فتحدث لمدة نصف ساعة ولكني لم استطع ان افهم بشكل واضح الفروق الاساسية، ارجو الا تؤاخذني ، استطيع ان اجزم انك رجل مثقف ...لاتعترض،ان وجهك يعطي هذا الانطباع ،أنا فلاح نفس اللجاجة والتبسط واللف والدوران , أ نت لم تتحدث بشيىء وانا كنت ا لشراع والمجذاف ،آسف ..... قطعا لديك " شغلة " دفعتك للمجيىء هنا !
ـ نعم في الحقيقة جئت اشتري سمكا ولم أ جد طلبي ، قال احد الباعه ان اعود له بعد نصف ساعه
ـ ها.....ضاعت ولقيتها , أنا أحسن خبير سمك في بغداد كلها ،اسمح لي أ ن أساعدك
أشارالى عامل المقهى
ـ حسين.... لاترفع الارجيلة ....الشايات على حسابي ،ساذهب مع الاخ الى الصالحية ، اذا سأل عني أحد دعه ينتظر فسأعود!
كان بالفعل خبيرا بالسمك وباسعاره وبالباعة ايضا .
ـ لم اتعرف على الاخ ,لاتنسى قلت لك اني فلاح!!
ـ خالد عبدالدا يم موظف ايضا، في دائرة التصدير
ـ هل تعرف العبيدي ..انه صديق قديم.... قبل اسبوع كان عندي في البيت ....اذا احتجت لشيىء سأكون مسرورا بمساعدتك
ـ شكرا
ـ سازورك في الدائرة قريبا , العبيدي كلفني بخدمة صغيرة لزوجته , سأوصلها له الاسبوع القادم , أعني الخدمة !
ضحك للطرفه التي اعتقد انها مواربه
ـ لقد سرني التعرف عليك .
بعد ثلاثة ايام كان في مكتبه
ـ كيف كانت السمكات ؟
ـ لقد دعونا لك بالموفقيه ،رائعة ومكانك خال
ـ لااخلى الله مكانك يا أبا احمد....خيرها بغيرها .....هل ستحضر الجمعه الى المقهى .
ـ كلا فأنا لست من رواد المقاهي ...ولكن كيف عرفت اسم ولدي؟
ـ بسيطه الذي يسأل يتعرف،ليس هذا هو المهم ....مادمت لن تحضر الى المقهى ، اذا تشرفني في بيتي.
حاول خالد الا يلتزم بموعد محدد ولكنه أصر
ـ الجمعة القادمه ،سأحضر لاصطحابكم لضمان عدم اضاعه وقتكم بالبحث عن الدار
ـ ولكن....
لم يدعه يكمل أ قسم كالعادة بالطلاق ،تحرج خالد ،رفضت ناديه الذهاب ،فاتن قالت انها لاترتاح لمثل هذه العلاقات ،اما احمد فقد رأى ان الامر لايخلو من طرافة وانه سيحضر.
كان لديه ولدين وبنت ،لكبير هاشم طالب في الكلية العسكرية ، هادىء يبدو عليه انه انعزالي ....كتوم ، كان شديد العنايه بأناقته ، أما الصغير فقد كان في السادسة يصر ا ن يرتدي دشداشة رصاصية وصندلا ازرقا .....لم يكن يبدو عليه شيئا من الذكاء ،البنت كانت شقراء جميلة ،مهيئة لتكون ربة بيت ، تقف على طاولة خشبية تساعد امها في غسيل الاطباق في المطبخ.
الصغير كان يحضر لدقائق، ثم يهرول الى الخارج ،
قالت الام
ـ جمال ...نادي صادق ليجلب الصينية من بيت أم عامر.
كان صادق في الشارع مع مجموعة من الصبية يلعبون الكرة ...لم ينتبه لنداء ابيه.
زعق جمال ـ بطيحان!!
توقف الطفل مشدوها ، كرر جمال
ـ أنت .... بطيحان تعال بسرعه
حضر غاضبا يزم شفتيه زعلا يجاهد ان يكتم ثورته أمام الضيوف،اعتقد خالد انه زعلان لان ابيه قطع عليه استمتاعه باللعب مع أصحابه .
ـ ستعود الى اللعب ...لاتزعل
ـ لا لست زعلانا على اللعب ولكن ابي سيتسبب بإعدامي !
ـ اعدامك ...كيف؟
استغرب خالد وقالت فاتن
ـ ياساتر!
رد الطفل ـ الجميع يعرف من هو بطيحان، كنا في المدرسة اذا خاصمنا احدا نناديه بطيحان.....قالت المديرة من ينادي زميله بطيحان سنرسله الى السجن وقد يعدم!!.
خلال سنة توطدت العلاقة بينهما ،ساعده في العديد من المهام ،بنّاء لإجراء ترميمات في البيت ....فلاح للحديقة ...خادمة للمساعدة في اعمال البيت ....فسيل نخل ...باب حديد ....مصلح كهرباء ....كانت لديه معرفة باصحاب الحرف وبالباعة ولديه معلومات متنوعه مفيدة وعلاقاته متشعبة على نحو مثير للدهشة ، كيف يستطيع ادامة علاقات بهذه السعة ؟، انسياقا مع اسلوبه أ صر على دعوتهم لحفلة رأس السنة.
كان احمد قد بدأ يألف الجو،يتحدث الى شاب بجواره عن الدراسة ، فاتن كانت تتسلى بتناول المكسرات وتستمتع بأحاديث النسوة عن الازياء ،الطبخ ,تربية الاولاد ، الصواريخ وبوش أبو شوارب
قالت ام هاشم ـ صبيحة اعتذرت لان ابن اختها أصيب بشظية في معسكر التاجي ، خساره ! تملك صوتا جميلا
علق احد الحاضرين: ـ المشكلة لا احد يعرف متى سوف ينتهي كل هذا ، يبدو اننا نلعب كهواة .
رد آخر:ـ في الحقيقه الموضوع اكثر تعقيدا , لقد اصبح الوهم واقعا وجرى كل شيىء وفقا لمعطياته ، من هنا فأن كل مايجري هو عبث لانه باختصار بلا جدوى، هل لاحظتم انه رغم الرتابة في حياتنا فأننا كمن يستنزف ، لاتنخدعوا بالإيقاع النمطي الثابت .
قالت ام هاشم ـ لم افهم شيئا !
ـ قالت امرأة :ـ الطائرات " خري مري "أين الوعد بانها لن تدخل؟
علق جمال ـ وعود !!!!
قالت امراة بلهجة متهكمة ـ سيدي لن تدخل ذبابة !!
قال جمال ـ صحيح ولكنه لم يعد بعدم دخول صواريخ كروز ....على اية حال ادعو ا أ ن يخلصنا الله من بوش ابو البلاوي !! وانا سأصلي لله حين أرى تاتشر بعد الحرب تبيع الفرارات يوم الجمعة بسوق الغزل في جانب الرصافة.
دقت الساعة الثانية عشر ، أطفئت الشموع والمصابيح النفطية وصرخ الجميع فرحين....سنة جديده ....انشاء الله سنة سعيده .....دوى انفجار شق سكون الليل وعتمة الظلمة .
:ـ دارت السنة على صاروخ. قا لت فاتن
قال احمد ـ السنة القادمة ستدور على شوارب بوش !!
وقف جمال وسط الصالة ثم انحنى بطريقة مسرحية ـ لقد شرفتموني بالزيارة وهذه السهرة الجميلة التي ستظل في ذاكرة التاريخ رغم شوازكوف , وطائرات الحلفاء العرب ....والان أدعوكم الى المائدة ....فقد لاتتاح لنا مثلها في السنة القادمة !
******
ـ ام احمد ..
كانت أم شهله تنادي من خلف السياج المشترك ، ترفع رأسها متطاولة , في يدها شمعة يتارجح ضوؤها على وجهها فتبدو كفزاعة عصافير بشعرها المنكوش وسحنتها المتعبة .
ـ خاله أم شهله ، ماما ليست في البيت
كانت ناديه ترد وهي تقف خلف شباك المطبخ
ـ وابوك ؟
ـ لايوجد غيري كلهم خرجوا ...هل استطيع مساعدتك ؟
ـ في الحقيقه كنت اريد احمد ليساعد عمه ابو شهله في ربط وتشغيل المولدة الجديده ،
ـ هل اشتريتم مولده ؟
ـ مولده صغيره لمساعدة رجاء على المذاكرة ....المصباح النفطي يتعب عينيها وهي مصرة على مراجعة المنهج .
ـ يمكن أ ن ترتاح الليله وغدا سياتيكم احمد
ـ تصبحين على خير ...اذا احتجت لشيىء نادينا ....كيف تركوك وحدك !!
كان الظلام كثيفا ، تبدو أشجار الليمون والبرتقال على امتداد سياج البيت كأشباح سيئة الطالع تراوح مكانها في حين بدت النخلة وكأنها تتطلع نحوها بصرامة يتحرك سعفها منذرا فتصدر اغصان الليمون الوارفة حفيفا ناعما معلنة الطاعة ولكن النخلة لاتنخدع بمظاهر الاستكانة ، السكون العميق وعتمة الليل يضخمان الاحساس بالوحدة ويبعثان شعورا غريبا بالانكماش، شعرت بانها تشتمل على العالم وأن كل شيىء ينضغط ،لم يعد للعالم الخارجي من وجود.
تأكدت من أن باب المطبخ محكم الإغلاق ...لم تستشعر الخوف...كانت تتصرف بحكم العادة ...على الجانب الاخر سمعت ام شهله تنهر زوجها ألا يخرج لان الجو
بارد وصحته لاتحتمل انتكاسة وهو في فترة النقاهة ...لم تسمع رد أبي شهله .....أين يتحرك " المحترم " الان ! , دوّى انفجار حاد بعد ان اضاء بريق خاطف صفحة السماء ...سمعت خشخشة الشباك وهو يرتجف ...صرخ طفل معولا ،
عادت الى غرفتها وأشعلت شمعة احترق نصفها , فتحت المذياع وراحت تبحث عن شيىء ما يسليها ، يبدد بعضا من هذه الوحشة المقيتة ...تصور لها الظلمة عوالما غريبة , تحاول أ لايشتط خيالها في هذا الجانب كثيرا، لو كانت امراة مثل دي بوفوار هي التي تحكم ؟ !! كانت تتابع كل شيىء عنها ...فكرها ...نشاطها السياسي ...هل قرأ " المحترم " التاريخ حقا كما يدعي ؟ واذا كان قد قرأه فهل استوعبه ....ماذا تعني كل هذه الاخطاء ...لماذا يكره الاخرين!
تمتمت ـ ان افضل رواية استوعبها على نحو فذ هي " العراب"
لم تجد في المذياع غير تحليلات سياسية مبرمجة ...بغداد كانت تتحدث بلغة ساذجة، كانت كأنها في حفلة دراويش يحيون ذكرا ....ممثل الخارجية يعطي انطباعا بأنه مشروخ يخفي وراء عنجهيته .... شخصية ضعيفة وذليلة.
في الكلية تعرفت على حركات الطلبة ....حاول بعضهم دعوتها لتنضم اليهم ...قال بانها بحاجة الى برمجة فكرية ، وتنظيم امكاناتها،حينها قد تتقدم ....رفضت كانت الحجج باهتة ..وتظل السياسة اسيرة حسابات سقيمة ...ستظل تشعر بحريتها طالما لم " تنتمي"...دي بوفوار كانت محكومة بالاحتلال الالماني ولهذا التحقت بالحزب الشيوعي ....لم يك ذاك سياسة ..كان ردة فعل طبيعية ...اما هي فانه يمكنها ان تاخذ جزئية ولو صغيرة من كل فكرة ....حقا هذا موقف توفيقي ...ولكن ما نحتاجه هو فعلا الفكر التوفيقي .
قال والدها ان عليها أن توظف امكاناتها الفكرية بدراسة مخططة للفلسفة والتاريخ و مثل هذا المدخل سيعطيها قدرة على اكتشاف الحقيقة ...قد توافقه على هذا ولكن ...هل السياقات العامة بحاجة الى مثل هذه الجهود ؟ ...نعم لنفسها على الاقل ...للمستقبل الذي يظل شاخصا رغم كل شيىء ...الكلمة لاتموت ....الاعدامات
...الازمات المفتعلة ...الحروب .....وكل الاشياء الاخرى الخرقاء ....لقد عاش نيرودا ....عاش غيفارا......اما الحكام فقد ماتوا.
الاستاذ... اين تضعه في زخم كل هذا .....سيارته مسدلة الستائر .....زجاجها ملون ....اية حكايات غريبة .....قوادوه شديدي التهذيب فقد علمتهم حياة المذلة نعومة مستكانة سرعان ما تنقلب شرا سة قاتلة
أضاءت مصابيح السيارة مدخل البيت وسمعت صرير الباب الحديد وهو يفتح
ـ مازلت صاحية؟......قال احمد
ـ يعني ...كيف كانت سهرتكم ؟
ـ بين بين
ـ اشك في ذلك !
ـ لماذا......كانت فعلا مسلية
ـ غريب !!
ـ آه فهمت
قالت امها انها كانت على اعصابها .....يورطها خالد دائما بمثل هذه السهرات الثقيلة
ذهب كل الى فراشه ....عادت الى الاسترسال مع افكارها ....أين هي وداد الان هل ذهبت مع الصديقات الى الملجأ ام ظلت في البيت ... قا لت وداد وهي تزورها مساء
ـ لماذا لاتاتين معنا , تقولين ان اهلك سيذهبون لزيارة اقاربكم،لماذا تبقين وحدك؟ انها فرجة ....رائحة الدولمه تفوح في القاعات ، طوال الليل يعرضون أحدث الافلام العربية ....استطيع ان اقنع والدتك ........ساذهب وحدي.. اخي في الجبهة وامي مريضة وابي يجد في شتم كل المسؤلين هواية ...انه يشتم المجموعة كلها.

قالت ناديه ـ آسفه أفضل ان ابقى في البيت ،
حين خرج الجميع حاولت ان تقرأ .....لم تستطع الاستمرار ...عاد اهلها مبكرين ...غفت وهي تحلم بايام اخرى.....عند الفجر استيقظت على صوت انفجار هائل ...كان الانفجار قريبا الى حد انها احست البيت يهتز وخرجت امها تتفقدهم ..... ياستار....الحمد لله ....عاودت الاغفاء ...اذاعة بغداد تتحدث عن ملجأ العامرية.ذهبت وداد والى الابد .
تناول احمد طعام الافطار ساهما ، كانت الساعة العاشرة وشمس شباط دافئة تبعث على الاسترخاء وهي تصافح وجوههم عبر الشباك المواجه للحديقة في المطبخ ,رائحة لذيذة تنتشر .....الخبز الساخن وبخار الشاى ...للشاى طعم لذيذ مع" القيمروالكاهي " ,يذهب أبوه مبكرا يوم الجمعة ليؤدي صلاة الفجر ثم يعرج على محل ابو علي الذي يكون قد هيأ له الطلب ، كانت رقائق الكاهي المنقوعة بالشيرة طرية تطويها ناديه ،قطعا صغيرة وتتناولها بطريقة أنيقة ....ترفض ان تاكل معها شيأ من القيمر .
تعايشت بغداد والقصف اليومي المستمر واصبحت اخبارعبور الصواريخ الى هدف ما شانا لايثير الاستغراب.
قال :ـ أ بو شهلة ـ لقد قصفوا اليوم وللمرة الثانية منشاة المثنى ...الامريكان يعرفون خرائط الموقع ....ا ليوغسلاف اعطوهم الخرائط لان الشركات اليوغسلافية هي التى قامت ببناء القواعد العسكرية والمنشا ت الصناعية .....
كان يتحدث بحيادية وكأن الامر يخص " الجيران"، كيف بدأت التحولات ؟
*****
هل يستطيع اليوم ان يرى آمال ,سيعاود الذهاب ....يدور حول بيتهم بالدراجة ....هذا اسهل وسيوفر نصائح ابيه وملاحظات امه ....ناديه اصبحت اكثر انطواء وصمتا ....يعرف ان هذا ليس سلوكها ، هي صاخبة حين تمزح او تعلق على احاديث ام شهله او دعوات جمال,هل اصابتها تحولات الفصول الاربعه هي ايضا !!
كانت ناديه تتحدث الى امها , هادئة لامبالية، لم تلتفت اليه فيما راحت امه تجمع الصحون لتضعها في حوض الغسيل ....كان ابوه قد غادر الى عمله .
شعر أن للجميع همومهم ....حتى الناس في الشارع منكفئون وكأن ذلك قطيعة من نوع ما مع الواقع .....الطائرات المغيرة ...دوي الصواريخ ....سيارات الاسعاف والسيارات العسكرية التي تخترق الشوارع الداخلية تحدث ضوضاء صاخبة ....انقطاع التيار الكهربائي ....توقف كافة الخدمات ...تناقص وسائط النقل بسبب عدم توفر البنزين.....اختفاء الادوية ....كانت كلها أحداث في كوكب آخر ....يتقبل الناس هذا النوع من الحياة بتسليم غريب .....قال محمود..حسنا ..قد يقع زلزال وقد تتغير حتى مواقع الانهار !
ـ ناديه ....هل تسمحين لحظة
سحب اخته الى غرفته .
علقت امه وهي ترى مظهر الجد في سلوكه
ـ بين الحبايب مشوره هذا صدق لو "قشمره "
ـ في الحقيقة
ـ اية حقيقة ......استطيع ا ن أخمن همك ....يا اخ انت كتاب مفتوح
ـ حسنا ايتها الوجودية البغدادية الصغيرة
ـ مكانك احمد .....انا بصرية ....من اباء النخل من فيض العطاء .....ومن الشط ومن تلك السماء
ـ طيب ، لم اشتم العنب الحامض , كالعادة اخذتيني الى ساحة اخرى
قالت متخابثة ـ لاعلينا , ألا زا ل الدفتر ذو الغلاف البني يشغلك .....شبر ماء وتجاهد للخروج ...كيف سيكون حالك في شط العرب ....حسنا هذا على سبيل المثال مرة اخرى لا علينا ، لدي صديقة على علاقة وطيدة باختها ....هل تستطيع الانتظار حتى الغد ؟
قال بعجالة ـ لماذا ...نحن في اول النهار وسارافقك حتى بيتها
ـ بيت من صديقتي أم... !!....يا أخي ماذا سأقول لها .....يجب ان نفكر بهدوء ....عذر مقبول ومشروع لزيارتها ....هل فهمت ايها العاشق في الوقت الضائع
ـ ماذا اقول .....اذا استخدمت لغتك .....ليس امامنا الا ان نفكر بالاشياء الصغيره ....ألا تعرفين أنه ممنوع من الصرف التفكير بالمستقبل
ـ جميل يبدو انك محشو ....لنبقى في قضيتك لان هذا اسهل من قضية الشرق الاوسط.
في اليوم التالي جاءته رسالة ....امسك بالورقة بيد مرتجفة ...تطلع الى الكلمات ...الى الاحرف الناعمه ...غمره انفعال آسر
عزيزي احمد
أرجو أ ن تكون بخير سوف نلتقي قريبا , سوف نعود للجامعة قبل نهاية السنة الدراسية لنؤدي الامتحانات على الاقل .....قالت صبا انك تأمل أ ن نلتقي ، آسفة جدا لان هذا غير ممكن ...اعتن بنفسك ....اطمئن .
آمــا ل

ليس هناك من وعود كبيرة ولكن كان من الواضح انها حسمت الموضوع ...هذاينسجم مع شخصيتها، لقد اصبحت علاقتهما الان محددة وواضحة
قالت ناديه ـ هل اطمأن العاشق !!
ـ لاتسخري
ـ أنا لااسخر ...أتحدث عن حقيقة موضوعية، انظر الى وجهك في المرآة وستجد إن ما أقوله صحيح
ـ شكرا
ـ لاشكر على واجب .....
ربتت على كتفه تم اردفت ـ ماهي الخطوة التالية ؟
ـ انتظر أن ينتهي كل هذا ونعود الى الجامعة
ـ ثم !!
ـ لاادري ولكن لننتظر
ـ اخي قنوع !.....لم اكن اعهدك هكذا !!
ـ انت تعرفين انه ليس بالامكان عمل الكثير
ـ الحالة الممكنة ....الجدلية الفاعلة هي أ ن يكون هناك عامل واحد متغير ضمن ثوابت عديدة
ـ ناديه ....انا لااطيق هذا الهذر....كوني جادة
ـ جيد
اقفلت الباب ورائها
فتح الورقة الصغيرة المطوية ....شعر ان الكلمات تطير امامه كفراشات ملونة ....قرأ اسمها حرفا حرفا ...يستمتع بجرس الحروف يوشوش أذنيه وكانه يسمع بها لأول مرة ....شلال من النور المبهر يتخلل اعماقه برقة وعذوبة وشفافية
كان الباب يطرق بعنف غير معهود , تطلعت فاتن ،كان عسكريا يقف عند الباب , بامتداد السياج كانت شاحنة عسكرية مغطاة .
ـ اللهم اجعله خيرا ....تمتمت فا تن
ـ نعم
ـ هل استطيع الحديث مع احد ...ألايوجد رجل في البيت ؟
ـ ولماذا ؟
ـ لاشيء...في ا لحقيقة, لا شيىء جدي ....
شعرت بان الرجل حائر كمن وقع في فخ
ـ لدي رجاء...طلب صغير
ـ احمد .....انظر ماذا يريد الرجل!
ـ هل من شيىء يمكن عمله
ـ شكرا ...آسف للازعاج ....في الحقيقة انا بحاجة الى كأس من الشاى واذا تكرمتم قطعة خبز ....منذ يوم أمس وانا ادور بهذا " المهجوم " ولم يحضر لي احد الطعام ...ربما نسوني ...لقد خجلت من طرق الابواب ولكني لم استطع التحمل اكثر ...مرة اخرى اكرر اعتذاري .
ـ لابأس دقيقة واحدة .....هل تتفضل بالحديقة أم تفضل البقاء بالشاحنة
ـ بالشاحنه......قد يحضر أحدهم فجأة....ربما لا تعرف كيف يفكرون!...في الشاحنة أ سلم !
أعدت فاتن الشاى على عجل ووضعت في" الصينية " رغيفي خبز وقطعة من الجبن وبضع حبات من الزيتون
صعد الجندي الى الشاحنة يتناول طعامه ،اغمض عينيه وهو يحتسي الشاى
قال احمد يكلم ناديه :ـ قد تكون أي شيء الا انها بالتأكيد لن تكون حربا !!



#ذياب_فهد_الطائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية/ لا يموت الصبار عطشا /حكايات من انتفاضة 1991 /الفصل ال ...
- رواية -ثلاثة اصوات من البصرة /الصوت الثالث -ألأب
- رواية - ثلاثة اصوات من البصرة /الصوت الثاني
- ثلاثة اصوات من البصرة /الصوت الاول -الإبن
- من حي الزنجيلي في الموصل الى حي النصر في بغداد /الفصل الثالث ...
- من حي الزنجيلي في الموصل الى حي النصر في بغداد-الفصل الثاني ...
- من حي الزنجيلي في الموصل الى حي النصر في بغداد /الفصل الحادي ...
- من حي الزنجيلي في الموصل الى حي النصر في بغداد/الفصل العاشر
- من حي الزنجيلي في الموصل الى حي النصر في بغداد -الفصل التاسع
- من حي الزنجيلي في الموصل الى حي النصر ببغداد-الفصل الثامن
- من رواد الصحافة اليسارية في العراق
- من حي الزنجيلي في الموصل الى حي النصر في بغداد -الفصل السابع
- تطور الحركة النسائية العراقية -ملامح سريعة
- من تاريخ الصحافة العمالية في العراق
- رواية /الفصل السادس
- رواية الفصل الخامس
- رواية ا/لفصل الرابع
- رواية /الفصل الثالث
- رواية الفصل الثاني 04-07-2017
- 04-07-2017 الفصل الاول


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ذياب فهد الطائي - لايموت الصبار عطشا - رواية - الفصل الثاني