أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إيهاب فتحي - (الحلقات المفرغة) لا أري.. لا أسمع.. أتكلم فقط















المزيد.....

(الحلقات المفرغة) لا أري.. لا أسمع.. أتكلم فقط


إيهاب فتحي

الحوار المتمدن-العدد: 5869 - 2018 / 5 / 11 - 22:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كثيرا ما يتحول النقاش مع المسلمين من نقاش عقلاني الى حوار دائري يفتقر الى أدنى رجات العقلانية او ما أطلق متلازمة الحلقات المفرغة.

ففضلا عن التشتيت الذي ينال الحوار بسبب الردود التي تُخْرج الموضوع – قصدا او او بدون قصد – عن مساره، ما يؤدي الى تفرع وخروج عن المسار الفكري لصاحب الموضوع، فإن كثيرا من المسلمين يعمدون الى القص واللصق، وفي احيان كثيرة، دونما حتى ان يقرأوا ما يقومون بلصقه، ما يؤدي الى اغراق أي حوار بالمشاركات الطويلة والمكررة والمملة، حتى ان بعضهم ينسخ مشاركته في الموضع الواحد اكثر من مرة؛ وفي النهاية لا احد يخرج بأدنى فائدة، حيث يصاب الجميع بالملل، اما بسبب فقدان القدرة على التركيز على الموضوع الاساسي او بسبب طول وتكرار المشاركات.

ان المسلم يأتي الى النقاش هنا وهو متسلح بعدد من المفاهيم المسبقة التي تجعل حواره مع اللاديني حوارا عبثيا، فهو يظن ان سبب الإلحاد هو الانغماس في الشهوات، وانه لا روادع اخلاقية عند الملحد. رغم ان الانغماس في الشهوات لا يكون ابدا باعثا على الالحاد بل يكون باعثا الى الفسق، لكن يُفترض ان الملحد لم يترك دينه الا بعد مرحلة طويلة من البحث الدقيق والتفكير العميق، وان دافعه الاول لترك الدين هو عدم اقنتاعه بالافتراضات التي كانت مسلمات يقينية في مرحلة سابقة من حياته.

صحيح توجد طائفة من الملحدين، لا سيما الشباب وحديثي الالحاد، انغمسوا في الشهوات والملذات، لاعتقادهم، الَأ عاقبة لما يفعلون، وان الحياة انما هي نوع من العبث، واقول صراحة: ان وجود فئة من هذا النوع، دفعتني والكثير مثلي، الى عدم المشاركة او تكوين صداقات مع احد من هذا النوع، فعلى كل حال نحن الملحدين كنا مسلمين سابقين، منّا من كان ذلك لفترات طويلة، وما زالت، وستظل، لنا بعض العادات التي تقولبت بقالب البيئة الاسلامية، مثل عدم شرب الخمر او اكل لحم الخنزير، كما اني اعرف كثيرين من الملحدين ممن هم اشد الناس اخلاصا في حياتهم الاسرية.

وعلى ذكر الحياة الاسرية، فإن من الامور التي تدهشني، هو قول المسلم للملحد: وما الذي يمنعك من ممارسة الجنس مع امك او اختك؟ فالجنس هو اول ما يتبادر الى ذهن المسلم تجاه الملحد... تلك النقطة تحديدا هي ادانة للمسلم ولا تدين الملحد، فمضمون كلام المسلم انه لولا حرمة هذا الامر شرعا، لقام هو بممارسة الجنس مع امه واخته، ولكن لأنه مسلم فإنه لا يفعل، رغم ان هذا الفعل امر مقزز تأنفه كثير من الحيونات، فضلا عن البشر، ولا اعلم ما الداعي لذكره سوى الكبت العقلي والنفسي والميل الى الشهوة الحيوانية التي يتصف بها السائل.

كذلك يظن المسلم، ان الملحد لا امانة له، وبما انه ملحد فإنه قد يقتل او يسرق اذا وجد فرصة لذلك... ان الضمير او الوازع الاخلاقي سبق وجود الاديان، (هذه الجملة لا معنى لها لدى المسلم، فالدين لديه جاء مع النبي آدم) وان التطور مثلما حدث للبشر في هيئاتهم وتكوينهم فإنه حدث ايضا لأخلاقهم، فالبشر بشكل عام صاروا أكثر رحمة من ذي قبل، ولذلك انشأوا جمعيات الصليب الاحمر وحقوق الاسرى وعقدوا اتفاقيات ومعاهدات بشأن كيفية تعامل الدول في الحروب، وألغوا الرق والاستعباد وحظروا استخدام الاسلحة الكيمائية والاسلحة شاملة التدمير، صحيح ان هناك خروقات ما زالت مستمرة، لكن لو كانت هي الغالبة، لنال العالم الخراب والتدمير، خاصة مع ما تملكه الدول الكبرى من اسلحة مدمرة.

الكثير هنا يعلم، المسلم واللاديني، بأن الدول الغربية، بشكل عام، اكثر اخلاقا منا، يشعر بذلك كل من سافر الى الغرب وتعامل مع اهله، وان الدول الاسلامية هي الاكثر انحطاطا للاخلاق، وانكار ذلك كحجب ضوء الشمس، ولا يأتي الانكار الا من مسكين لم يُقدّر له الا العيش في تلك المجتمعات الاسلامية شديدة الظلام والانغلاق، ولم يغادرها، اما من سافر فقد اندهش من رقي اخلاق غالبيتهم بالمجمل، واذكر محمد عبده الذي انبهر بأخلاق الغرب ورقيهم، ومع ذلك لم تمنعه اخلاقه هو، من ان ينسب ذلك الى الاسلام، وان يبرره بأن في بلاد الاسلام لا يطبق الاسلام، بل يوجد مسلمون فقط، وياله من قول يصيب بالغثيان، قول يمثل حالة الانكار التي يعيشها المسلم دائما وابدا. ان دولة كاليابان، (التي لا دين لمعظم سكانها، بل مجموعة من المعتقدات الروحانية)، تفوق جميع الدول الأسلامية اخلاقا وامانة... ولكن الطبع يغلب التطبع، وطبع المسلم ان ينفي عن الاسلام كل رذيله؛ فيعمد الى رمي غيره بالتهم التي يتصف بها، معللا ذلك بأن الإسلام الحقيقي السمْح، لا يُطبَق الآن في اي دولة... غير مدرك ان الاسلام الحقيقي السمح، لم يكن له وجود، لا على مستوى الواقع ولا التاريخ، حتى وان سبق المسلمون غيرهم في معايير الأخلاق - في فترات نادرة من التاريخ - الا ان ما قدمه الغرب من قوانين للعدالة والمساواة وحقوق الانسان، تفوق ما قدمه اي دين او اعطته اي حضارة في فترة سابقة او معاصرة... فرجاءً؛ كفْ عن تصور دولة مثالية لم تقم يوما الا في ذهنك، اما في الواقع، فقد قامت طالبان، وكانت لهم دولة اسلامية، لا يستطيع احد ان يقول انها مبتدعة او لم تراع اسس وقواعد الحكم الاسلامي، واتحدث عن طالبان فقط، وليس الدولة الوهابية التي قامت كذلك على منهج اسلامي صحيح، خال من البدع، مستند الى الشرع، وانظر الى حالهم الآن، فهل هم برأيك يطبقون شرع الله؟ وكذلك سيكون مآل اي دولة تقوم على فكرة دينية، بعد ان تخبو شعلة حماس الدعوة، ويكتفي المتعطشون للتنكيل والتشريد بما فعلوا، بل اظن ان السعودية افضل حالا من تصورات اخرى كانت لتحدث لو تمكنت الدعوات الاسلامية من اقامة دولٍ على اساس الشرع.

المسلم يأتي الى الحوار وهو صامٌ لأذنيه، فهو يخشى على نفسه الفتنة، أو أن تعلق بقلبة كلمة او (شبهة) مما يقرأ فتردى به الى الهاوية، فلذلك تراه لا يسمع، ولا يرى... انما يتكلم، او يكتب فقط... يظل ينسخ ويلصق، وينسخ ويلصق، وينسخ ويلصق، حتى يصبح الحديث مع ماكينة النسخ والتصوير افضل من الحديث او الحوار معه، بل احيانا يصبح المسلم مثل ماكينة النسخ الخربة، التي تحاول ان تنسخ من خلالها نسخة واحدة، فتخرج لك العديد من النسخ المكررة التي يكون مآلها الى سلة المهملات، وتصبح تلك النسخ المكررة هي الانتصار الذهني الوحيد في عقل المسلم، والتي يقهر الله بها وبه قلوب المشركين، ولكنهم يجحدون بها رغم ان انفسهم تستيقنها.

اما الطامة الكبرى التي تواجهنا في حوارنا مع المسلم، فهي الدوران في حلقات مفرغة، فكثيرا ما نجد انفسنا في مثل الحوار التالي:

- ما الدليل على ان القرآن من عند الله؟
لأن الله قال ذلك في قرآنه (كتاب انزلناه مباركا).
- ما الدليل على ان القرآن كامل لم ينقص ولم يتغير منه شيء او يضيع منه شيء؟
لأن القرآن نفسه قال ذلك (وانا له لحافظون)
- وما ردك على (الشبهات) التي يكررها الملحدون؟
لقد قال القرآن: ان في قلوبهم مرض لأنهم يتبعون المتشابه من القرآن.
- أليس واردا أن من كتب القرآن قال ذلك حتى يمنع العقل من مجرد التفكير؟
لا، لأن من انزل القرآن هو الله، ولقد امرنا ان نترك المتشابه ونرجع الى المحكم من الايات.
وما هو المحكم من الايات؟
كثير، ومنه قول الله (ومن احسن من الله قيلا) و(ومن احسن من الله حديثا).
- وما الذي احكمته هذه الآيات سوى ان شهدت لنفسها بأن هذا الكلام احسن من اي كلام آخر، وغير انها تستمر في اغلاق العقل ومحاصرته وتغييبه ومنعه من التفكير؟
لقد تحدى الله البشر، ومن هم اكثر منك فصاحة، على ان يأتوا بمثله، فعجزوا، وشهدوا له بالبلاغة.
- أليس هذا التحدي فارغا ولا معنى له، وان الابداع الذي اكتسبته آيات مثل (القارعة ما القارعة) او (الحاقة ما الحاقة) انما بسبب قرون من التقديس، ثم من هم الذين شهدوا للقرآن بالبلاغة؟ أليس التاريخ يكتبه المنتصرون؟ وقد انتصر محمد، وكتب اتباعه ما شاؤوا.
لا، هذا غير صحيح، فلم يكتبوا ماشاؤوا، بل تحروا الدقة في النقل، كما ان النصر كان من عند الله عز وجل، ام تشك في ان الله نصر نبيه ونشر دينه؟
- وهل في انتشار وانتصار الحضارة الغربية على العالم الآن هو نوع من النصر الإلهي؟
لا الحضارة الغربية خالية من الاخلاق ومآلها الزوال، وسوف يسود الاسلام كل بقاع الارض.
- لماذا؟ وكيف سيسود الاسلام العالم؟
لأن الله قال ذلك في قرآنه.
- وما الدليل على ان القرآن من عندالله؟
لأن الله قال (كتاب انزلناه مباركا).

لندور من جديد في حلقات مفرغة، ونعيد ونزيد، ويصبح الحوار حوار طرشان، ولو اننا جالسون في غرفة واحدة نتحدث، (ولم يبادر المسلمون الى قطع رؤوسنا، في لفتة انسانية نبيلة) لاستمر كل منا في الحديث دون ان يلتفت للآخر او يسمع منه، لأن الآخر لايرى ولا يسمع من الاساس.. بل يتحدث فقط.



#إيهاب_فتحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف صلي محمد بالأنبياء في الإسراء ولم يعرفهم في المعراج؟
- الغول والعنقاء والإسلام المعتدل
- رسول الإسلام أم ابراهام لينكولن... من الأكثر إنسانية؟
- تصور السماء في القرآن
- آية تكشف مستوى ذكاء الصحابة
- الاستدلال المنطقي في القرآن .. سورة (الزيتون) نموذجا
- القرآن في الميزان… لهذه الأسباب تركت الإسلام


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إيهاب فتحي - (الحلقات المفرغة) لا أري.. لا أسمع.. أتكلم فقط