التنظّم النقابي.. هو المصلحة العليا للعمال

ماجد أبو يونس

الحوار المتمدن-العدد: 5866 - 2018 / 5 / 7 - 09:56
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    

عنوان حقيقي
علينا تحديد مهامنا النقابية اتجاه العمال وتنظيمهم في الأطر النقابية، وتدعيم هذه الأطر لتكون عنوانًا حقيقيًا لقضاياهم، ورفع مستوى النضال العمالي الطبقي في كافة المستويات المحلية والقطرية. علينا كشيوعيين وجبهويين قيادة هذا النضال بشكل منظم وتكثيف عملنا بين فئات العمال في المصانع والورشات لاحقاق حقوق العمال، ورفع صرخة بناتنا العاملات العربيات في السوق المحلي ، يعملن سكرتيرات في المكاتب والعيادات الخاصة ، وفي محلات الالبسة لتحصيل حقوقهن، ودعم العمال والعاملات في القطاع الزراعي لضمان حقوقهم، ووقف استغلالهم البشع.

لم يكن شعار الأممية الخالد، الذي اطلقه الفيلسوف والمفكر الثوري كارل ماركس - يا عمال العالم اتحدوا – وليد الصدفة، في العام 1848، هذه الكلمات التي تعبر عن الرؤية الثاقبة لثورية الطبقة العاملة، وتميزها عن باقي التشكيلات الاجتماعية الاخرى، وكونها القوة المؤثرة التي باستطاعتها احداث التغيير الاجتماعي، لأن أبناء الطبقة العاملة هم طليعة النضال الطبقي الثوري.
واعتمادًا على ان مصلحة العمال هي التنظم في النقابات المهنية، فعمال هذه البلاد ليسوا قاعدة شاذة عن باقي العمال في العالم، لذلك نحن مدعوون لتقوية وتدعيم النقابات العمالية والانضمام اليها وتحديدًا نقابة العمال العامة الهستدروت، النقابة العمالية الأقوى والأكثر انتشارًا، مقارنة بباقي النقابات في البلاد، رغم ما لدينا من ملاحظات حول ادائها وخاصة في القضية السياسية. فالهستدروت لا تخرج عن الاجماع الصهيوني، ولا تعارض استمرار الاحتلال والتوصل الى سلام مع الجانب الفلسطيني، وقيادتها تؤكد باستمرار عدم تعاملها في القضية السياسية، خاصة انها تضم في صفوفها جميع الاطياف السياسية من اليمين الوسط واليسار، ولهذا لا تقحم نفسها في القضايا السياسية بادعاء ان انشغالها فيها يحول دون المحافظة على وحدة كل القوى في القضايا التي تخص حقوق العمال، ولا يدعم كونها حركة اجتماعية تناصر جميع الشرائح المستضعفة في المجتمع.



إنجازات تراكمية..

منذ حوالي ثماني سنوات، أقامت الهستدروت قسمًا خاصًا يعنى بقضية التنظيم النقابي، وقد نجح هذا القسم من تحقيق إنجازات تراكمية هامة. لقد انضم للهستدروت خلال السنوات الأخيرة ما يزيد عن مائة وخمسون الف عامل وعاملة من جميع القطاعات والفروع الإنتاجية. هذه المكاسب تزيد من قوة العمال في مواجهة ارباب العمل والمشغلين واصحاب الشركات وسياسة الحكومة المعادية للطبقة العاملة. ففي العديد من المجالات تمكنت الهستدروت من الزام الحكومة وارباب العمل في القطاعين العام والخاص من ابرام اتفاقيات عمل وتحسين ظروف العمل وزيادة الدخل، ونجحت برفع الحد الادنى للاجور ليصل الى 5300 شاقل، ليصل أجر ساعة العمل الى 29:12 شاقل.
بالإضافة الى تخفيض ساعات العمل الشهرية لـ 182 ساعة، وتقليص ساعات العمل الأسبوعي للعمال بساعة واحدة، 42 ساعة بدل 43 ساعة، وان كان غير كافٍ لكنه خطوة في الاتجاه الصحيح، وستواصل كتلة الجبهة النقابية الضغط والعمل من اجل تخفيض ساعات العمل الأسبوعية الى 40 ساعة، واستمرار رفع الحد الأدنى للأجور وربطه بجدول غلاء المعيشة، لأنه لا يعقل ان يبقى العامل الكادح تحت خط الفقر، والا ينجح باعالة عائلته رغم شقائه اليومي.
لقد نجحت الهستدروت برفع مستحقات ذوي الاحتياجات الخاصة، وتحويل آلآف العمال من عمال النظافة والحراسة والموظفين في المرافق الحكومية ممن عملوا بواسطة شركات المقاولة، الى التشغيل المباشر. كما نجحت الهستدروت بمبادرة الدائرة الخاصة بتنظيم اماكن العمل، بضم العديد من الشركات وأماكن العمل الخاصة، التي تشغّل آلاف العمال، منها شركات الاتصالات بلفون، سلكوم، اورنج، ومصنع صودا ستريم ومعاهد غسيل الكلى فريزنيوس ونفرو- مور، وكان لكتلة الجبهة النقابية ودائرة تعميق المساواة بقيادتها الجبهوية دوراً مركزياً بتنظيمهما، ودورًا فاعلاً في تأطير وتنظيم العديد من اللجان العمالية وضمها للاطر النقابية.



العمال العرب.. أهمية مضاعفة

اذا كان لتنظيم العمّال عامة أهمية، فلتنظيم عمالنا العرب اهمية مضاعفة، وذلك يعود للعديد من الاسباب اهمها، أن قرانا ومدننا تفتقر لمناطق صناعية ولأماكن عمل كبيرة، فاماكن العمل الموجودة في بلداتنا بغالبيتها صغيرة وبعضها متوسطة الى حد ما، وقسم لا يستهان به من الورشات تقوم بتشغيل ابناء العائلة او الأقارب في المحيط القريب، وهذا الوضع يصعّب قضية تنظيم هذه الشرائح من العمال، لذلك يعيش عمالنا العرب وعلى وجه الخصوص عاملاتنا، ظروف قاسية جداً حيث يتم استغلالهم بشكل بشع، ويحرمون من ابسط الحقوق والضمانات الاجتماعية، ناهيك عن تقاضي اجور مسحوقة بعيدة كل البعد عن الحد الادنى للاجور.
كذلك الأمر بالنسبة للعمال العرب في الورشات الكبيرة، في المصانع وفي مختلف القطاعات، يتم تأجيل منحهم الضمانات الاجتماعية على مدار اشهر طويلة، ويتم استبدال العمال بين ورشة وأخرى وبين مواقع عمل مختلفة، وارجاء منحهم حقوقهم من التأمين التقاعدي والمخصصات الأساسية. بالإضافة الى العمال والعاملات في قطاع الزراعة، الذين يستخدمون غالبًا على أساس العمل اليومي "يومِيّه"، بدون أي حقوق وبدون دفع أي مخصصات.
هذه الاوضاع القاهرة لعمالنا وعاملاتنا، تستوجب وتحتم صحوة وانتفاضة عمالية على هذا الواقع المر والظروف الاشبه بعصر العبودية. فمن اجل النهوض بعمالنا، وتحقيق طفرة في مستواهم التشغيلي والمعيشي، لا بد من احراز نقلة نوعية في وعيهم النقابي والاجتماعي والسياسي، وتعزيز ادراكهم ان تحسين ظروفهم المعيشية والفردية والجماعية مرهون بوحدتهم الطبقية، لان تشتتهم يجعل منهم فريسة سهلة لجشع المشغلين، الذين لاهم لهم سوى ملئ كروشهم وجيوبهم دون الالتفات لجوع وآلام المسحوقين.
لذلك يجب علينا تحديد مهامنا النقابية اتجاه العمال وتنظيمهم في الأطر النقابية، وتدعيم هذه الأطر لتكون عنوانًا حقيقيًا لقضاياهم، ورفع مستوى النضال العمالي الطبقي في كافة المستويات المحلية والقطرية. علينا كشيوعيين وجبهويين قيادة هذا النضال بشكل منظم وتكثيف عملنا بين فئات العمال في المصانع والورشات لاحقاق حقوق العمال، ورفع صرخة بناتنا العاملات العربيات في السوق المحلي ، يعملن سكرتيرات في المكاتب والعيادات الخاصة ، وفي محلات الالبسة لتحصيل حقوقهن، ودعم العمال والعاملات في القطاع الزراعي لضمان حقوقهم، ووقف استغلالهم البشع.
لقد رأينا وشهدنا العديد من النضالات والصرخات الصادقة غير المنظمة في الكثير من المواقع، التي انطلق بشكل عفوي وبدون تنظيم، ولم تفلح باحراز المستوى المطلوب من تحصيل الحقوق والمستحقات. لذلك علينا تدعيم وتعزيز المبادئ الحقيقية للتنظيم العمالي، وإقامة الأطر النقابية وفق الأسس التنظيمية الصحيحة، كي تستمر هذه الأطر في مسارها النقابي بثبات ولا تقع في مطبات العفوية والفوضوية الثائرة غير المنظمة. ويجب علينا جميعًا دعم ومساندة جهود كتلتنا النقابية في الهستدروت ونعمت في كافة الاقضية والالوية لضم المزيد من المجموعات العمالية الى الأطر والهيئات النقابية، وتدعيم حقوق عمالنا وعاملاتنا بالتثقيف الصحيح وحثهم على كسر حاجز الخوف في كثير من الأحيان، والانضمام الى القوة العمالية النقابية من اجل احقاق حقوقهم. والعمل بقول الشاعر، تأبى العصي اذا اجتمعن تكسراً.. واذا افترقن تكسرت آحادا.

#ماجد_أبو_يونس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات